خرج علينا جهاز تنظيم الاتصالات و البريد ببيان هزيل تقنيا و سياسيا بتاريخ ١٧ سبتمبر٢٠٢٠مؤكدا ما قد ذهبنا إليه سابقا في مقالاتنا عن رزوخ هذا الجهاز الحيوي للغاية تحت وطأة فلول النظام المباد و العقلية الأمنية التي تحد من أن يلعب هذا الجهاز دوره المناط به بعد ثورة ديسمبر المجيدة في النهوض بقطاع الإتصالات و بالتالي النهوض باقتصاد السودان. و قال الجهاز في البيان أن قطع الإنترنت تم بالتشاور مع الجهات ذات الاختصاص والرجوع للجهات العليا ان من حق الشعب السوداني ان يتساءل من هي الجهات ذات الاختصاص و من هي تلك الجهات العليا! و في تبرير أقرب إلى الرياء و في محاولة فاشلة من قيادات تنظيم هذا الجهاز بالهروب إلى الأمام من واجباتهم و هي تقديم النصح و الشورى بتبني تقنيات اتصالات معروفة ومجربة من شأنها أن تحجب خدمات الانترنت فقط عن مراكز الإمتحانات بدلا عن حرمان جموع الشعب السوداني من حقهم في التواصل و الولوج الى الشبكة العنكبوتية و هو حق أصيل انتزعه الشعب السوداني بثورته المجيدة و المنتصرة هذا الحق تم التأكيد عليه في الوثيقة الدستورية. إن الحجج الواهية التي قدمها الجهاز على شاكلة مصلحة الوطن وسمعة الشهادة السودانية لا تنطلي على الشعب السوداني و قد ألحقت الضرر بسمعة الشهادة السودانية والتي تعد إحدى ركائز أمن السودان القومي و ذلك بسبب تسرب خبر قطع الانترنت لمنع الغش في الشهادة السودانية الشيء الذي كان بالإمكان تفاديه كلياً عن طريق استخدام التقنيات المعروفة و المجربة لحجب الإنترنت عن مراكز الإمتحانات فقط و ليس ربوع السودان والتي سنسردها مرة أخرى لمن فاته قراءتها: ١-تمليك إحداثيات مواقع مراكز الإمتحانات في عموم السودان إلى شركات الإتصالات بحيث يتم تعطيل خدمة الإنترنت فقط في محطات البث/ الابراج القريبة من مراكز الإمتحانات. ٢- استخدام تكنولوجيا حجب الإتصالات التي تستعمل لحماية مواكب الشخصيات الهامة يمكن وبكل سهولة و في غضون دقائق معدودة تركيب الجهاز داخل مراكز الإمتحانات نفسها و سعر الجهاز الواحد لتغطية مركز كامل بتكلفة زهيدة للغاية ( التكلفة الإجمالية تعتبر نقطة في محيط الخسائر التي تريدها المواطنون خاصة الدستورية منها٠ الحديث عن الدفاع عن مصلحة الوطن حديث واهي و مردود عليه فهل منح جهاز تنظيم الاتصالات لرخص تشغيل خدمة الانترنت في السودان الى ثلاث شركات ذات صلة بالنظام البائد بغير مزاد علني في مصلحة الوطن؟ وهل تم تغريم اي شركة من شركات الإتصالات بسبب رداءة خدمة الإنترنت و الامثلة يستعصي حصرها. إذا هناك احتمالان لا ثالث لهما : إما أن العزوف عن اتباع الطرق المعروفة والمجربة المذكورة آنفا تم عن قصد والهدف منه إثارة البلبلة و الرجوع بالشعب السوداني الى قطوعات الإنترنت في عهد النظام المباد وإما عن غير قصد ، ما يعد مؤشرا على عدم إلمام هذا الجهاز بأحد أبسط قواعد و تكنولوجيا الإتصالات. إن الواجب الأصيل لجهاز تنظيم الإتصالات هو التأكيد على استمرارية خدمات الإتصالات بل و جودتها في ذات الوقت و ليس العكس كما فعل جهاز تنظيم الإتصالات. من المؤسف أن ينحصر تعديد المناطق التي لم يتم قطع الإنترنت عنها في بنوك وأجهزة صرافات آلية و لم يشمل البيان المواطن السوداني علما بأن السودان حاله حال دول نامية كثيرة لا يتعدى فيها من يملكون حسابات بنكية أكثر من ٥%، هل تعلم القيادة الحالية للجهاز هذه المعلومة؟ و بالنظر إلى ترتيب أولوية استخدام الإتصالات في ذهن الجهاز تأتي اولا مؤسسات الدولة ثم البنوك و نقاط البيع..... لا يوجد للمواطن اي مكان من الإعراب في ذلك الترتيب في حين أن معظم الدخل لهذا القطاع يأتي من محمد أحمد المغلوب على أمره لذا وجب المحافظة على حقوقه التجارية و الدستورية. و في تبرير يائس يشير الى استمرارية عقلية النظام المباد و الأمنية علل جهاز تنظيم الإتصالات في بيانه الصادر يوم ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠ أن قطع الانترنت عن جموع الشعب أثناء جلسات إمتحانات الشهادة الثانوية هوعرف متبع في بعض الدول العربية و الإفريقية ( عددها اقل من اصابع اليد الواحدة) إن لتلك الدول القليلة خاصيتها وهذا شائنهم أما نحن هنا بصدد الحديث عما يجب أن يكون بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة التي أبهرت شعوب و حكومات العالم بأجمعه بما فيها الدول التي لا تقطع الإنترنت . ضرب المثل بتلك الدول هي نفس الحجة التي تم الاستشهاد بها حينما قرر المكون العسكري ايلولة جهاز تنظيم الإتصالات الى وزارة الدفاع في قرار معيب بتاريخ ١٥ أغسطس ٢٠١٩ (أي قبل أيام من تكوين الحكومة الانتقالية ) وبعدها من وزارة الدفاع إلى المجلس السيادي في سبتمبر ٢٠١٩. هنا لنا أن نتساءل لماذا فشل جهاز تنظيم الإتصالات في الحذو بتلك الدول التي لا تقطع الإنترنت علما بوجود الحلول التقنية المعروفة والمجربة المذكورة اعلاه. أن تغول المكون العسكري على سلطات الحكومة المدنية و هنا نقصد جهاز تنظيم الإتصالات بحجة الحفاظ على الأمن الوطني كلمة حق اريد بها باطل لأنه من المعلوم و المعروف بكل الدول التي تمنح تراخيص اتصالات أن هذه الرخص تتضمن بند التصنت القانوني بامر قضائي يتيح للأجهزة الامنية التصنت و مراقبة مرتادي الجريمة والارهابين من مبانيهم مستفيدين من أجهزة و تكنولوجيا التصنت المركبة في مبانيهم و الموصلة بشبكات شركات الإتصالات من على بعد. لم ولن نمل من فضح نوايا وخطط فلول النظام المباد و شركائهم من الاستمرار فى السيطرة على قطاع الاتصالات و التسلط على الشعب السوداني العظيم. ما حدث يعضد مما كنا قد ذهبنا إليه من ضرورة ايلولة جهاز الإتصالات الى المكون المدني ليطلع هذا الجهاز بمهامه من أجل تطوير قطاع الاتصالات وليس الحد من نموه. عمر عبد الخالق محجوب ١٩سبتمبر ٢٠٢٠
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست