الفنانة ستونة: عفواً لتقصيرنا نعم لقد كنا مقصرين نحو ستونة.تعاملنا وتعامل بها إعلامنا تعاملاً هامشياً ردحاً طويلاً من الزمن..
ان الراحلة ستونة تستحق اكثر من مجرد تعليق عابر أو كلمات رثاء، او نعي مؤثر،أو سيرة موجزة.
إن سيرة الراحلة أكبر و ما أنجزته أكبر من كونها مغنية شعبية.فعلى الصعيد الشخصي بالتأكيد تحملت ستونة مكابدة الغربة و آلام البعد عن الوطن
والأهل والأحباب..كما تحملت و قاست بالتأكيد التواجد في بلد له مقاييسه الصارمة الخاصة به نحو علاقاته الاجتماعية ونحو تقييمه للأشخاص الغريبين عنه.
كما أن له كذلك مقاييسه الصارمة وانطباعاته الراسخة نحو مختلف الشعوب الأخرى والثقافات والتقاليد والسحنات، سلبا أم ايجاباً ،بما يحدد لذلك المجتمع
ملامح هويته الخاصة به. وهي خاصية طبيعية تُميّز شئنا أم أبينا ، مختلف الشعوب والإثنيات.. ومن الخطل بالطبع إن ظننا أننا في مقام الذم، كما لا نستطيع، و لا يحق لنا أن نحكم على ذلك حكماً قيمياً ..فلكل بلد ولكل منطقة و قبيلة شئنا أم أبينا
ظروفه الاجتماعية وتكويناته الداخلية وخلفيته التاريخية التي تحدد ثقافته وملامح هويته ورؤيته للعالم الخارجي و للآخرين، و كذا انطباعاته عنهم..
فإذا نظرنا إلى تواجد ستونة في ذلك المجتمع الذي هو بلا شك مجتمع صلداً، ومتماسك هووياً، إلى حد بعيد، قد يستعصي على الكثيرين الولوج إليه وقد يجد
الغريب صعوبة في التعامل معه ومع مفرداته، وعلى وجه الخصوص للقادمين من الجنوب على إطلاقه، خاصة إذا نظر إلى ذلك المجتمع تعاملاً سطحياً و
تعامل معه وفقاً لذلك. وإن كان إذا وجد من الوقت والشجاعة وقوة الشكيمة لينفذ إلى داخله سيجد أنه لا يختلف عن معظم شعوب الأرض إذا يمكن التعامل
معه، وفهمه. فاعتقد ذلك ما هو بالضبط ما قامت به ستونة .فقد استطاعت الراحلة أن تنفذ إلى عمق ذاك المجتمع و أن تكتشف مداخله وتسبر أغواره.
فهي رغم اختلاف نشأتها، وتكوينها، وثقافتها، وبرغم اختلاف ملامحها المميزة عن ذلك المجتمع، إلا أنها أن تجد لها مكاناً فيه، وأن تثبت وجودها الشخصي بكل
جدارة، وأن تختط لنفسها طريقاً للإنجاز المهني الشخصي، بدليل مكوثها في مصر لأكثر من ثلاثة عقود، وبدليل نجاحها المهني، ونجاحها الفني من خلال مرافقتها
لنجوم مصر السوامق.
أما على الصعيد العام ،فقد استطاعت ستونة بجدارة أن تكون صوتاً للسودان في الخارج من خلال وجودها في عاصة الفن العربي. كما أنها نجحت في أن تنفذ
إلى المجتمع المصري وتجد الإعجاب والقبول والاستحسان، و تمكنت بكل صبر وعزم أن تشق طريقها مصحبة فنّها ذي الملامح والخلفية المميزة، محملاً بأدوات
ومفردات الثقافة الأفريقية التليدة.و استطاعت بكل شجاعة أن تفرض ذلك النوع من الفن ولها الحق في أن تفتخر بأنها استطاعت المزج بجلاء و بصيرة بين الفن
العربي و الفن الأفريقي..وهي شجاعة و رؤية يغبطها عليها كثير من اصحاب المواهب الفنية.
إن سيرة ستونة في مصر تعلو على كثير من أوجه التناول..فهو لعمري نجاح لم يحققه الكثيرون ..فقد حققت نجاحاً طباقياً ،على المستوى الشخصي وعلى المستوى
الفني و نجاح على المستوى الثقافي و الإجتماعي..
رحم الله ستونة..فكلامنا في حقها يطول و يطول ، و لكنه يقصر عن قامتها وعن ما قدمته..و إن كان عزاؤنا أن ذلك قد قد يكون حافزاً ودافعاً للآخرين .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة