|
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين (Re: ابو جهينة)
|
أشكرك كثيرا أبا جهينة مبدعنا القدير
لماذا يموت الإنسان؟
أخيرا، توقف ديريك أمام باب المكتب الخارجي.
أخذت أرقبه، هذه المرة، من خلال عدسة كاميرا مثبتة هناك، أعلى الباب. يخرج حزمة مفاتيحه من جيب بنطال البحرية الأيمن القديم، من قبل أن يعثر على المفتاح رقم 14. يديره في ثقب الباب. كان عليَّ تاليا أن أنتظر دهرا ريثما يطوي ديريك تلك الأقدام القليلة للطرقة الداخلية المعتمة، بينما يتقدمه لهاثه، لأراه بعدها سادا فراغ باب المكتب الداخلي، الذي يطل على بابي دورتي المياه، بينما يجاور إلى اليمين باب غرفة عمال النظافة المجاور بدوره لباب غرفة التهوية، التي درجت أصواتها، على أن تعلو، أو تسكن، على حين غرة. لم يخطر على بالي قطُّ أن ديريك مولر قد أقبل هذه المرة لوداعي.
لحظة أن وقعت عيناي عليه، ظننت أنه جاء كعادته لإستخدام دورة المياه، وفي عزمه أن يلقي عليَّ من باب كسر رتابة العمل شأن الأيام المنصرمة كذلك بضعة تساؤلات عن سير الأحوال في نطاق مسؤوليتي كحارس يراقب الأحداث عبر شاشات المراقبة، وربما أخبرني طرفا من حكاياته التي عادة ما لا يسندها كما رأينا من حقائق الواقع سوى طريقة حكيه الجاد لها، من قبل أن ينصرف عائدا بالخطى الزاحفة نفسها لمتابعة عمله، في مرآب السيارات هناك، أسفل المجمع.
لم يبدُ أنّه في مزاج طيب للحوار "هذه اللحظة"!
مع ذلك، سألته مبادرا وهو لا يزال يسد باب المكتب الداخلي بجسده الضخم وثمة رائحة عطنة تفوح منه عن سير الأوضاع في مرآب السيارات، بينما خطر لي خطفا أن مهنة "الحارس هذه" ظلت عامةً تجتذب إليها الكثير من غريبي الأطوار في هذا العالم. كما لو أنني سألته عن أمر يتعلق بنظرية الجاذبية. قال: "انتظر"، وغاب هناك داخل الحمّام قليلا.
كانت المشاهد المتعاقبة أمامي لا تزال تتبدل عبر شاشات المراقبة في رتابة وضجر بالغين. كذلك لا شيء يحدث في العادة هناك، في عالمي المقبض هذا، سوى ما ظلّ يحدث، بملل، أو من دون ملل. ثم هذا الشيء، الذي يدعونه أحيانا بعبارة:
"تكاثف الذكريات، أو الحنين".
فور عودته، أخيرا، من الحمّام، أجابني، بأثر رجعي، قائلا: "لا شيء ذو بال يحدث هناك في مرآب السيارات، يا هاميد".
رأيته بعدها. يقلّب في اسطوانات زميلتنا كيتي سام الغنائية دونما أي اكتراث. كيتي تحب النقائض القديمة. هي تجمع في آن مثلا ما بين أسطوانة لا أذكر اسمها الآن لأمّ وابنتها تتشاركان غناء الريف الأمريكي المترع الشجيّ وأخرى للعم كراكر وثالثة للأخوين الأمريكيين الخالدين رايتوس اللذين يدفعانك في كل مرة تسمعهما من دون حتى إرادة ما واعية منك إلى سؤال الخالق: "لماذا يموت الإنسان"؟ وأسطوانة رابعة للبيتلز "بالطبع"، وهكذا. قلت متابعا تقليب ناظري ما بين شاشات المراقبة المعلّقة هناك على الحائط قبالتي: "الأحوال تكون هادئة هنا، داخل هذا المجمع التجاري الضخم"، في مثل هذا الوقت من العام، يا جيري". قال وقد جلس أخيرا على ذلك المقعد الدوار: "نعمْ يا هاميد. الهدوء! هو على الدوام ما يرجو أمثالنا نحن الحرّاس". ممعنا النظر في إحدى نلك الشاشات التابعة لمنطقة بنك إسكوتشيا، وجدتني أتابع الحوار بآليّة تامّة، قائلا: "بالطبع، زميلي العزيز ديريك، لا أحد هناك قد يرغب في حدوث مشكلة ما". قال: "تعلم أن الأحوال تسوء هنا خلال فصل الشتاء". قلت: "نعم، المزيد من السكارى والمشردين وطالبي الدفء وما لا يعلمه سوى الله".
https://www.youtube.com/watch؟v=uOnYY9Mw2Fghttps://www.youtube.com/watch؟v=uOnYY9Mw2Fg
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-04-20, 08:50 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | جمال ود القوز | 09-05-20, 00:07 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-05-20, 05:30 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | Osman Musa | 09-05-20, 07:35 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-05-20, 11:22 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | osama elkhawad | 09-05-20, 02:29 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | نعمات عماد | 09-05-20, 03:57 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | ابو جهينة | 09-05-20, 05:27 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-06-20, 10:38 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-05-20, 10:12 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-06-20, 02:12 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | elsharief | 09-06-20, 02:51 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | محمد عبد الله الحسين | 09-06-20, 10:52 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-07-20, 00:01 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-06-20, 06:18 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | أبوذر بابكر | 09-06-20, 06:44 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | ابو جهينة | 09-06-20, 08:02 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-07-20, 10:26 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-07-20, 05:32 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | أبوذر بابكر | 09-08-20, 05:44 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-08-20, 09:59 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-09-20, 01:28 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-09-20, 10:19 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | ابو جهينة | 09-11-20, 02:23 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-11-20, 06:44 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | ناذر محمد الخليفة | 09-11-20, 08:09 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | elsharief | 09-12-20, 00:43 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-12-20, 06:10 AM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | عبد الحميد البرنس | 09-12-20, 08:20 PM |
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين | ابو جهينة | 09-12-20, 08:49 PM |
|
|
|