كتابات عن رحيل عبدالمنعم المكي.. أحمد إبراهيم أبوشوك وآخرون

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 01:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-13-2020, 07:36 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كتابات عن رحيل عبدالمنعم المكي.. أحمد إبراهيم أبوشوك وآخرون

    07:36 PM August, 13 2020

    سودانيز اون لاين
    الأمين عبد الرحمن عيسى-قطر
    مكتبتى
    رابط مختصر



    الأستاذ عبد المنعم عبد الله المكي (ت. 2020م)
    رحيل عميد السودانيين المغتربين بدولة قطر

    أحمد إبراهيم أبوشوك

    يقول ابن يسير الرياشي: "تَأتِي المكارهُ حين تَأتِي جملةً * وأرى السُّرورَ يَجيءُ في الفَلَتاتِ"، ومن مكاره هذا الدهر (2020م) أن أفراحه كانت وحداناً وأحزانه زُرافات؛ لما شهده من انقضاء آجال كثير من الخيرين والخيرات من أبناء وبنات السودان، الذين كان رحيلهم رحيلاً مُراً، وفقدهم فقداً جللاً؛ بالنسبة لأولئك الذين رافقوهم في رحلة الحياة الدنيا، أو زاملوهم في سبل كسب العيش بضروبها المتعددة، أو صحبوهم في مجالس العلم والمؤانسة؛ فأعاد الرحيل المُر شريط ذكرياتهم إلى الوراء، وقلَّب مواجع حزنهم، وصعَّد مناسيب زهدهم في البقاء على أديم هذه الأرض. ومن نماذج أولئك الفضلاء الذين عمروا الأرض أينما قطنوا الأستاذ عبد المنعم عبد الله المكي، الذي حدثت وفاته في عصر يوم الثلاثاء الموافق 11 أغسطس 2020م. كان الأستاذ عبد المنعم المكي يمثل درة تاج الجالية السودانية في دولة قطر، بفضل عطائه المهني المتفرد، وتواصله الاجتماعي المنبسط إلى الناس أجمعين. ولذلك وصفته الصحافية عواطف عبد اللطيف، بعميد "المغتربين السُّودانيين في قطر"؛ لأنه أفلح في جمع شتاتهم باختلاف انتماءاتهم "السياسية، ومستوياتهم الاجتماعية، وبعيداً عن متون السياسة وحبائلها، التي التفت حول رقاب بعضهم، وجعلت منهم عَذراً "لا ينهقون" إلا بها تشرذماً وتناطحناً." ومن إنجازاته البارزة فكرة احتفال السودانيين بمناسبة عيد الفطر المبارك سنوياً بنادي الغزال بالدوحة. وفي العام 2012م بلغت هذه السُنَة الحسنة عامها الرابع والعشرين. إذ رسم الأستاذ فيصل حضرة لها صورة بانورامية رائعة، بقوله: "احتفلت المجموعة السودانية بعيد الفطر المبارك في نادي الغزال بالدوحة، 19 أغسطس 2012م، "وسط حضورٍ متميزٍ لأبناء الجالية السودانية، والروابط المهنية، وكل الطيف السياسي، إلى جانب عدد كبير من الضيوف من السودان ودول الخليج، قضى الجميع وقتًا طيبًا، وتبادلوا التهاني والتبريكات في أجواء سودانية خالصة، زينتها الجلابيب والعمائم البيضاء، وألوان قوس قزح، المتمثلة في ثياب السيدات والأطفال، كما اشتمل الحفل على مأدبة عشاء. وألقى الدكتور أسامة حمور، رئيس رابطة الصيادلة، كلمة ضافية ... هنأ فيها الجميع بالعيد السعيد، وتمنى أن يعمَّ السلام ربوع الوطن العزيز، وحيا الأستاذ الكبير عبد المنعم المكي، صاحب فكرة "معايدة نادي الغزال"، التي دخلت عامها الـ 24، وحافظ عليها السودانيون." ولذلك آمل أن تقوم الجالية السودانية بإحياء سُنَة الاحتفال بعيد الفطر المبارك، التي عطلت حبائل الكيد السياسي دورة انعقادها الموسمية في السنوات المنصرمة؛ ليكون في إحيائها تخليد لذكرى الأستاذ عبد المنعم المكي، واحتفاء بشعار ثورة ديسمبر 2018م، القائم على الحرية والسلام والعدالة.
    ومن إشراقات الأستاذ عبد المنعم الأخرى عمود "نقطة ضوء"، الذي كان ينُشره بصفة راتبة في صحيفة الراية القطرية، متناولاً المشهد السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي في السُّودان، والمشكلات التي تواجه المغتربين السُّودانيين في قطر، وكيفية معالجتها، عملاً برأي الأستاذ عباس محمود العقاد: إنَّ تقدم الشعوب والإفراد يقاس بمدى قدرتهم على فهم التحديات، ووضع الحلول المناسبة لها. فالأستاذ عبد المنعم كان من أصحاب الحلول المناسبة؛ لأنه كان يمتاز بنظرة كليَّة ثاقبة للقضايا الشائكة والمشكلات المعقدة، دون أن يحصر نفسه في زوايا السياسة الضيقة، وإسقاطاتها الحزبية السالبة. لأنه كان يعتقد اعتقاداً جازماً أنَّ السودان ملك للجميع؛ لذلك يجب ألا تُترك فضاءات العمل العام لأصحاب النزوة الحزبية الإقصائية، بل ينبغي أن تكون هناك مدافعة مستدامة، تثبت أن البقاء سيكون للأصلح الذي ينفع الناس، أما الزبد فيذهب جفاءً.
    ومن أهم القضايا التي كانت تشغل بال صاحب نقطة ضوء ترقية أداء الجالية السُّودانية في دولة قطر؛ لأنه كان يهتم بشؤونها، ويعتبرها جالية متفردة بفضل قطاعاتها المهنية المتميزة، وتعدد ألوان طيفها السياسي الذي لا يفسد لود أعضائها قضية. يؤكد ذلك قول الصحافي محمد المكي أحمد: كانت فترة قيادة الأستاذ عبد المنعم المكي "للجالية السودانية في الدوحة من أكثر فترات الجالية استقرارًا وتميزًا. كان يدرك بعقله، ووعيه، وسماحة نفسه أنَّ الجالية مظلة للجميع من دون أية تصنيفات سياسية ضيقة". كما كان يؤمن بديمقراطية العمل الاجتماعي، وتشهد على ذلك إحدى مقالاته التي نشرها في نقطة ضوئه الساطعة بصحيفة الراية القطرية، بعنوان "انتخابات الجالية ... ومهام المرحلة". وجاء في أحد مقاطع ذلك المقال النابضة بالوفاء: "نكتب اليوم وانتخابات أعضاء الجالية في مراحلها النهائية. فلقد سعدتُ بزيارة مركز الانتخابات مرتين، الأولى للتسجيل، والثانية للاقتراع، حيث لمستُ جوّاً من الثقة، والتعاون، والانضباط، يسود المكان، دليلاً على الوعي والتحضر. ولابد من الإشادة بلجنة الإشراف العليا، ورئيسها الأستاذ أمين سعد. هذه اللجنة التي عملت بتعاون تام مع السفارة، بحضور الأستاذ محمد الحسن، الذي أدى مهمته، كقنصل يرعى شؤون الجميع، بصبر واقتدار. ولاشك في أن لجان الروابط والأشراف والمراقبة والمتابعة كلها كانت على درجة من الوعي والمعرفة، مما سهل استكمال مراحل الانتخابات عن نحو مُشرَّف. وإننا إذ نهيئ الأعضاء الجدد على نيلهم ثقة فئاتهم، فإننا نثق أنهم يدركون واجبهم القومي المتمثل في تأكيد روح التعاون مع السفارة التي لم يفوِّت سعادة السفير إبراهيم فقيري فرصة إلاَّ ودعا إلى الوحدة، والتكاتف، والتضامن، كما أكَّد سماحة وعدالة تعاونه مع الجميع دون تميز أو محاباة." لعمري! أنَّ هذا النصَّ يكتنز قيمة معيارية مهمة، يتشكل بُعدها الأفقي في ممارسة أعضاء الجالية لاختيار ممثليهم بطريقة ديمقراطية وأسلوب حضاري، وبُعدها الرأسي في رعاية طاقم الجالية لمبدأ الحياد والشفافية في الإشراف والرقابة على الإجراءات التحضيرية للانتخابات، وبُعدها المرجعي في الدستور الذي ينظم تلك الإجراءات التحضيرية، ويرعى الحقوق والواجبات المناطة بأعضاء الجالية. ولترشيد هذه العلاقة الثلاثية، كتب الأستاذ عبد المنعم المكي خطاباً إلى الأستاذ عمر حيدر، سفير السُّودان بدولة قطر بتاريخ 22 يونيو 2006م، مقترحاً حزمة من المبادئ العامَّة التي كان يرى أنها ستُسهم في صون عمل الجالية، ونذكرها نصاً للتذكير والاقتداء:
    أولاً: "إقرار أن يتم اختيار أعضاء الجالية من أشخاص يكون في مقدورهم تقديم ما يفيد مجموعة السُّودانيين.
    ثانياً: أن ينبذ أي توجه سياسي، وأن تكون الجالية مكاناً للقاء الجميع ولخدمة الجميع.
    ثالثاً: أن ترتفع كل الفئات عن النعرات الضيقة، وأن تتوجه في اختيار ممثليها من أهل الدراية والاستقلال في الرأي.
    رابعاً: أن يكون الاختيار من جيل يقدر على العمل والعطاء.
    خامساً: ربما يكون من المناسب أن يعدل دستور الجالية، بما يسمح بتكوين مجلس للحكماء، يعاون أعضاء الجالية فيما يَشْكل لديهم من صعوبات، أو يلتمسون لديه النصح.
    سادساً: أنني غير سعيد لأي نشاط سياسي للأحزاب والجماعات في بلد كريم مضياف، ربما لا يكون مرتاحاً لهذا التوجه. وعلى الذين يرغبون في ذلك أن يقرروا الوسائل والمكان والزمان المناسب. ذلك أن هذا العمل- داخل الدولة هنا- قد يثير حفيظة الآخرين، ويخلق جواً من النفور والأزمات."

    آمل أن تكون هذه المؤشرات نقطة انطلاق لسفير السودان الجديد لدى دولة قطر سعادة الأستاذ عبد الرحيم الصديق، ليعيد للجالية السودانية سيرتها الأولى في ضوء القيم المعيارية التي حملها خطاب الراحل عبد المنعم المكي، والتي يمكن أن تحكم العلاقة التلازمية بين المحورين الرسمي والشعبي، والمحور المرجعي الثالث (الدستور/ النظام الأساس)، وتوضح أهمية الدور الرسمي في إرساء دعائم الديمقراطية، والحفاظ على المرجعية الدستورية. ويتضح من هذا العرض أن الهدف المقصدي للأستاذ المكي كان يتبلور في ترسيخ دور السفارة الداعي للوحدة، والتكاتف، والتضامن بين أبناء الجالية السُّودانية؛ لأن وحدتهم تضيف رصيداً إيجابياً إلى كل الأطراف، وتصب في معين رصيد نخبهم المهنية المبدعة. وكل ذلك يمكن أن يُوظف لصالح السفارة السُّودانية في دولة قطر، والجالية السُّودانية الرعاية لشؤون المغتربين، والقضايا القومية التي تهم أبناء السُّودان في المهجر، بعيداً عن الصراعات القطاعية الضيقة، وإسقاطاتها السالبة التي تؤثر سلباً على كل أبناء السُّودان، وأغلبتهم غير الحزبية.






                  

08-13-2020, 07:41 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابات عن رحيل عبدالمنعم المكي.. أحمد إبر (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    ومن زاوية أخرى كان الأستاذ عبد المنعم المكي من أوائل الداعين لقيام مركز ثقافي سوداني في الدوحة، يكون مقراً دائماً للجالية السودانية وأنشطتها الثقافية والاجتماعية. ويبدو أن العمل في بناء المركز قد تعثر بعض الشيء بعد أن صادقت الحكومة القطرية بقطعة الأرض الكائن في منطقة الريان. وبناءً على ذلك، كتب الأستاذ عثمان محجوب مقالاً ، مثمناً فيه جهود الأستاذ عبد المنعم ورفاقه، وحاثاً إياهم على تنفيذ المشروع بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005م، كما طلب من الأستاذ عبد المنعم شحذه همم السودانيين عبر عموده نقطة ضوء على تنفيذ مشروع المركز في ظل الانفتاح السياسي-النسبي الذي شهده سودان ما بعد نيفاشا. فردَّ عليه الأستاذ عبد المنعم قائلاً: "نشكر الأخ عثمان على متابعته لموضوع المركز الثقافي، وقد كان له شرف المساندة للفكرة عندما طرحناها قبل عدة سنوات، ونحن نقدر دعم الجهات بقطر والسودان لهذه الفكرة الطيبة، والتي من شأنها رفع شأن السودان. أما وإن المطلوب الآن التنفيذ على أرض الواقع، فأنني أقترح تكوين هيئة تأسيسية يوكل إليها التخطيط والتنفيذ بالتعاون مع الجهات الأخرى. ولما كان أمر الثقافة يحتاج لمتخصصين، فأنني اقترح أن يتولى أمر هذه الهيئة الأستاذ عثمان سيدأحمد [البيلي]، ويعاونه الدكتور مصطفى المبارك، وكثيرون غيرهم من أصحاب الكفاءات.... لكن حتى لا يبتعد التفكر عن الجوانب العملية فإن من شأن هؤلاء الإخوة أن يبادروا بضم الكفاءات الأخرى المناسبة لذلك. وإن الأمر تكليف هام وعاجل، ونحن نعلم حرص سعادة السفير واهتمامه أن يرى هذا الصرح المشرق [النور]، وقد اكتملت له كل عناصر النجاح." الآن فكرة الأستاذ عبد المنعم قد رأت النور، واكتمل صرح المركز الثقافي وافتتاحه عام 2007م؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل المركز يقوم الآن بالدور الذي تصوره له جيل المؤسسين، أم الأمر يحتاج إلى مراجعات، ترتقي بالمركز إلى مصافي الدور المناط به؟ الأمر متروك لأهل الفطنة والزَّكَانَة من أبناء الجالية السودانية وسفير السودان الجديد.
    كان الأستاذ عبد المنعم المكي يهتم بتعليم أبناء الجالية السودانية، ويدرك بأن تعليم الأبناء هو أغلى وأفضل وأنبل استثمار، ولذلك أضحى يأخذ حيزاً كبيراً ومتعاظماً من اهتمام الأسر المقيمة في دولة قطر وغيرها، والتي تنفق المال والجهد والاهتمام والرعاية ليحصل ابناؤهم على درجات تؤهلهم لمزيد من التعليم والتخصص. ولذلك عندما كان رئيساً لجنة التعليم بدول الخليج أجهد نفسه في الحوارات مع العميد يوسف بدري، مدير كلية الأحفاد الجامعية آنذاك والبروفيسور ميرغني حمور، مدير جامعة الجزيرة، لتحديد نسب قبول أبناء المغتربين في الجامعات السودانية. وفي هذا يقول: "إن قضية التعليم كانت ولا تزال من صميم اهتماماتنا، وأذكر بالخير والعرفان جهود البروفيسور ميرغني حمور عندما دعم وجهة نظرنا خلال فبراير 1989م، وجاهد أن يرفع الظلم عن أبناء العاملين بالخارج، وقدم اقتراحاً من جامعة الجزيرة لاستيعاب الطلاب طالما توفرت لديهم المستويات التعليمية المطلوبة."
    وإلى جانب ذلك ظل الأستاذ عبد المنعم يحتفى بنجاحات أبناء المغتربين في عموده نقطة ضوء، ونذكر على سبيل المثال عندما أحزرت الطالبة ميساء عبد الحفيظ محمد الحسن نجاحاً باهراً، كتب قائلاً: "اليوم نحتفل نحن أبناء السودان بابنتنا ميساء عبد الحفيظ محمد الحسن الطالبة بمدرسة آمنة بنت وهب لحصولها على الترتيب الأول في الشهادة الثانوية. فقد وضعت على رؤوسنا تيجاناً مرصعة بالفخار والعز والشموخ. وأكدت تميزنا. ولا بأس بالتذكير أن هذه الريادة ليست جديدة علينا، ذلك أن سجل الفخار والتميز قد شمل من أوائل الشهادات خلال فترات متعاقبة، وضم أمل تاج السر، وخالد محمد أحمد عبد الرحمن، وهند يوسف ترير، وأريج مجذوب بابكر، وسوالين هاشم عبد اللطيف وغيرهم، مما لا تسعفني الذاكرة على حصر أسمائهم، ولكنهم كوكبة رائعة، عطروا أيامنا ومنازلنا ببهجة النجاح. وإذا كان الفرح قد عمَّ الجميع وهم يتناقلون تفوق ميساء، فإنَّ فرحتي مزدوجة، ذلك أنني تشرفت برئاسة لجنة التعليم لدول الخليج في وقت عصيب وشاق، وأحسست بمرارة الأسر، وهي تكابد كي يواصل أبناؤها التعليم الجامعي. هذا التجربة الشخصية هي التي عمَّقت إحساسي بحلاوة النجاح، والذي استأثر على مشاعري في زاوية اليوم رغم هموم الوطن والمواطن."
    هكذا كان الأستاذ عبد المنعم يفرح بأفراح الجالية السودانية في دولة قطر، ويحزن لأتراحها. والدليل على ذلك نعيه الحزين إلى زميله الأستاذ جعفر حسن عباس، بتاريخ 8 يونيو 2001م، حيث كتب قائلاً: "في رحاب الله .... جعفر أبا وضاح. كان يوم السبت قد أسدل حزنه على جموع السودانيين. فقد تجمعوا داخل وخارج منزل عهدناه دائماً منزلاً للضيوف، وبيت الندوة والفكر، منزل يحج إليه من يحتاج إلى سكينة البال أو قضاء حوائج الدنيا، أو الباحث عن الرأي السديد، أو التوجيه الصائب. توفي جعفر حسن عباس، رجل القانون، الذي لم يمتهن العدالة كمدخل للمال أو السلطان، بل حرصاً منه على إشباع رغبة الحرص على الوقوف إلى جانب الملهوف والضعيف، وقناعة منه للمشاركة الفاعلة في تطوير مفاهيم المجتمع، والأخذ برفعته إلى الدرجات العليا من الرفعة السؤدد." رحم الله أبا وضاحاً وغفر له، وأثاب أبا أحمداً (عبد المنعم) بجزيل ثوابه ومغفرته.
    هذه مجرد شذرات من سيرة الأستاذ عبد المنعم المكي الذي فقدناه في يوم ثلاثاء حزين، حيث أرتحل عنا في صمتٍ، بعد معاناة طويلة مع المرض، ورحل يحمل معه ذكريات ممتدة وخبرات متنوعة. تبدأ بمسقط رأسه بقرية بقنتي، عند منحنى النيل بالولاية الشمالية. تلك القرية التي كانت تقوم حياة أهلها على البساطة، وتكافل المعاش، وتواصل الأرحام الذي يبسط الرزق ويمد العمر بالصحة. بدأ عبد المنعم المكي مسيرته التعليمية بمدرسة كورتي الأولية، ثم مدرسة القُولد الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية. وبعدها آثر الهجرة إلى قاهرة المعز، حيث درس القانون في جامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة لاحقاً). وبعد تخرجه عاد إلى السودان في خمسينيات القرن العشرين، حيث بدأ حياته العملية بمكتب المحامي أمين قرنفلي بالخرطوم، وبعد انقضاء فترة التدريب فتح مكتباً للمحاماة باسمه في الخرطوم. وفي سبعينيات القرن العشرين هاجر إلى الجماهيرية الليبية، وعمل مستشاراً قانونياً لشركة النفط الليبية، وفي بداية الثمانينيات حط رحاله بالدوحة، حيث عمل مستشاراً قانونياً بشركة قطر للبترول، ثم مؤسسة قطر التعليمية.
    كان الأستاذ عبد المنعم يحتفي بكل الزمالات والصداقات والمعارف التي أسسها على طول مسار حياته الممتد، وظل يكنّ لها وداً واحتراماً مستداماً ومتبادلاً مع الآخرين. ويتجلى ذلك في قول الأديب الراحل الطيب صالح "تركتُ قطر أواخر عام ثمانين. أحسست أن مهمتي قد انتهت، وعليَّ أن أبدل أرضاً بأرضٍ، وأفقاً بأفقٍ. وأشهد أنني لم أفارقهم عن قلبي، ولا هم فرّطوا فيَّ عن ملالةٍ. وإنما هو ذلك الداء القديم الذي عكّر على أبي الطيب صفوه، داءُ الرحيل." وفي مناخ الدوحة البديع، عشتُ "في كنف إخوتي وأصدقائي بشير محمد صالح، وعبد المنعم المكي، وعثمان سيدأحمد، وإبراهيم الصلحي". فلا عجب في أن كل هؤلاء المضيئون كالنجوم، واللامعون كالأحجار الكريمة قد رحلوا عند هذه الدنيا الفانية، بعد أن تركوا بصماتهم واضحة في المجتمعات التي عاشوا بين ظهرانيها. فالأستاذ عبد المنعم من هؤلاء الأفاضل الذين فيهم نُعزي وفيهم نُعزى. نُعزي أهلنا القولداب بقنتي، وآل العمدة سليمان ود جانقبة بكوري، وآل طمبل بأمدرمان؛ ونُعزي أرملة الفقيد المكلومة ماريا طمبل، وابناءه الحَزَانى المهندس أحمد، والدكتورة طاهرة، والدكتور طلال، والدكتور أمجد، وصهرهم الدكتور عبد الرحمن دقق؛ وكما نعزي أبناء وبنات الجالية السودانية بدولة قطر. و نسأل الله العلي القدير أن يجعل الأستاذ عبد المنعم ود عبد الله ود المكي ود مسيكة بنت سليمان جانقبة من أَصْحَابُ الْيَمِينِ، فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ، وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ، وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ، وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ، لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ، وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ. ويكرمه بجنة الفردوس الأعلى مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. ويغرس البركة في ذريته وعقبه، ويلزم آله الصبر الجميل والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.
                  

08-13-2020, 07:48 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابات عن رحيل عبدالمنعم المكي.. أحمد إبر (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    وكتب عنه الصحفي محمد المكي أحمد في صحيفة التحرير الإلكترونية الصادرة بلندن..
    ..
    محمد المكي أحمد

    انتقل الى رحمة الله مساء اليوم (١١ أغسطس ٢٠٢٠) الأستاذ، المستشار القانوني ، وصاحب القلم الرصين ، عبد المنعم عبد الله المكي.

    تلقيت خبر رحيله بمزيد من الحزن ، اذ نعاه (سودانيو قطر) وعددوا خصاله الجميلة .

    عرفت الرجل في الدوحة قبل سنوات عدة، وجمعتنا علاقة احترام متبادل ومودة.

    كان شخصية متميزة بكل المقاييس، خلقا ورصانة، وموقفا وطنيا شجاعا في زمن عاش فيه السودانيون أسوأ أوضاع القمع، خلال الثلاثين عاما الماضية.

    الأستاذ عبد المنعم كان كبيرا بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات، عرفناه خلال سنوات مضت رئيسا للجالية السودانية في العاصمة القطرية الدوحة،وكان حتى لحظة رحيله عميدا للجالية بعطائه وأدواره التاريخية،وقد احتفى به (سودانيو قطر )وكرموه تقديرا لعطائه .

    فترة قيادته للجالية السودانية في الدوحة كانت من أكثر فترات الجالية استقرارا وتميزا.

    كان يدرك بعقله ووعيه وسماحة نفسه أن الجالية مظلة للجميع من دون أية تصنيفات سياسية ضيقة كما جرى الحال في زمن الديكتاتورية المبادة في السودان التي مزقت شمل السودانيين في الداخل والخارج وقمعتهم .

    يعرف أبناء وبنات السودان في الخارج أن هناك سفراء استخدموا السفارات السودانية في دول خليجية وعربية ولجان الجاليات استخداما سيئا لخدمة الطغيان لا الشعب .

    الذكريات كثيرة في هذا الشأن ، لكن ليس هنا ميدانها أو توقيتها المناسب، اليوم أترحم على الفقيد الراحل العزيز عبد المنعم ، وأذكره بكثير من المحبة والتقدير.

    كانت الجالية متماسكة في زمنه الجميل بسبب وعيه وروحه النبيلة، وأيضا كانت كذلك في أزمنة الحرية (قبل انقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩) ساحة لتكاتف السودانيين لا شوكة أو خنجرا في ظهر هذا الشخص أو ذاك، أوهذا الصحافي أو الكاتب .

    بعد الانقلاب المشؤوم هناك رجال ونساء في الدوحة من السودانيين وفي دول عدة لم ينحنوا للطغيان ولم يؤثروا الصمت والسلامة الشخصية والوظيفية.

    كان عبد المنعم خبيرا قانونيا ممتازا في مؤسستين من أهم المؤسسات القطرية ،وفي الوقت نفسه كان مهموما بهموم شعب السودان ومنحازا لحقوقه المشروعة في العيش الكريم .

    عمل الراحل قبل سنوات عدة مستشارا قانونيا في مؤسسة ( قطر للبترول) ثم مستشارا قانونيا في (مؤسسة قطر ) قبل أن يتعرض لوعكة صحية أقعدته عن العمل خلال السنوات الأخيرة.

    لكنه ترك بصمات لن تنسى بعطائه وفكره وخبرته، فقد كان وسيبقى رمزا شامخا من أبرز رموز العلاقة السودانية القطرية (الشعبية) التي تقوم على المودة والاحترام المتبادل والتفاعل الانساني الحميم .

    عاصرت الراحل في عالم الكلمة ، فقد اشتهر اعلاميا بكتابة عمود في صحيفة قطرية ، اتسم بالرصانة ووضوح الرؤى في زمن صعب، والأهم أنه كتب حروفا انحازت لخيار الشعب السوداني في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم.

    رحيل الأستاذ عبد المنعم عبد الله المكي فقد كبير ليس لأسرته فقط، بل لسودانيي قطر ، والسودان، ولكل أحباب وعشاق الكلمة الرصينة الشجاعة الصادقة، خصوصا في زمن الديكتاتورية.

    أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة ،والتعازي لأسرته وأهله وأحبابه وعارفي أدواره ومواقفه الوطنية الرائعة كروعة قلبه وانسانياته، التي تجلت في نبض تعامله الانساني، المتواضع، الودود .


    لندن – ١١ أغسطس ٢٠٢٠
                  

08-13-2020, 07:58 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابات عن رحيل عبدالمنعم المكي.. أحمد إبر (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    تربطني بالمغفور له عبدالمنعم علاقة خاصة، فالمكي هو أحد طلاب مدرسة القولد الوسطى التي كانت إحدى محطات الوالد الأستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى إبان عمله في حقل التعليم. عمل الوالد عليه رحمة الله في العديد من مدارس السودان لما كان معلما فقد درّس في كل من الأبيض الأميرية وفي بورتسودان وفي الدويم الريفية ثم في القولد الوسطى التي كانت قد أنشئت حديثا بجهد شعبي وكانت أول مدرسة وسطى في تلك الديار.

    عرفت مدرسة القولد بتفوقها على مدارس السودان قاطبة، وفي ذلك الزمان كان الطلاب المقبولون بالمدارس الثانوية الثلاثة وادي سيدنا وحنتوب وخورطقت تتم إذاعتهم في الإذاعة السودانية، وما يميز تفوق طلاب القولد على غيرهم أنهم كانوا يأتون في المقدمة وليس بعضهم، بل جميعهم، لا يتخلف أحد عن القبول، وتستمر إذاعة أسمائهم من الأول إلى الأخير دون أن يسمع إسم طالب من مدرسة أخرى بينهم، ثم بعد إكتمالهم جميعا يتحول المذيع إلى إذاعة أسماء الطلاب المقبولين من المدارس الأخرى.. واستمر ذلك الحال إلى أن غادر الوالد المدرسة منقولا ومترقيا إلى وظيفة مفتش التعليم في مديرية بحر الغزال في واو.

    ولم أحظ أنا بأن أرى القولد، فقد أتت بي والدتي رحمها الله تحملني في رحلة طويلة بالباخرة من القولد إلى كريمة وبالقطار إلى الخرطوم، ثم بالقطار مرة أخرى إلى الأبيض، لأرى النور في مدينة الأبيض.. لكن ذكرى القولد كانت دائما على لسانها فهي تذكر المدرسة الحديثة والطلاب المجيدين والمجدين، وشدة وصرامة الوالد في تحصيلهم العلم وتدريسهم.. ثم تذكر بكثير من الفخر نجاحهم ونجابتهم..

    أما الوالد فلم يكن يصف طلاب المدرسة في القولد بغير صفة أبنائه.. وكان كل فرد منه إبنه حقا، لا مجازا.

    ثم لما قدمت إلى مدينة الدوحة.. زرت عبدالمنعم المكي.. لم أكن أعرفه من قبل.. قمنا بزيارته مع شقيقي الأوسط فاروق عبدالرحمن وكان على صلة ومعرفة طيبة به، منذ القولد، ثم خلال فترة عمله بالدوحة في التسعينات قبل أن يغادرها إلى بريطانيا..وخلال وجود فاروق بالدوحة زار الوالد دولة قطر.. وقضى أياما جميلة في دوحة الخير، وكان في غاية السعادة أن التقى بالعديد من أبنائه ومعارفه ومن بينهم المكي.. غير أن عبدالمنعم كان أكثر سعادة وإحتفاءَ بلقاء أستاذه وناظر المدرسة التى خرجته ومعه العديد من النابغين..

    ظل عبدالمنعم في تلك الأيام يداوم على زيارة الوالد وأقام على شرفه العديد من الدعوات..وأجزل في تكريمه والإحتفاء به.. كما رحب به في مقال مطول نشر بإحدى الصحف القطرية..ظل طلاب القولد الأهلية الوسطى في الحقبة الزمنية من1948 وحتى 1953 يذكرون الوالد بكثير من الود والحب.. ولا تمر مناسبة لمقابلة الوالد أو الحديث عنه إلا واغتنموها بكثير من الفخر.. كتب عنه سيد أحمد الحردلو الشاعر والدبلوماسي.. قال كان ناظرنا بالقولد الأهلية الوسطى الأستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى حاسما حازما صارما، كان جميلا نبيلا.

    ولما توفي الوالد إلى رحمة مولاه.. ووواريناه الثرى في مقابر برى صباحا. إنبرى أحد المشيعين متحدثا عنه ذاكرا أن للأستاذ أبناء عديدين غير أبنائه الذيم يحملون إسمه، وعرف نفسه وكان عبدالعاطي المكي الأخ الشقيق لعبدالمنعم المكي.. تحدث عبدالعاطي معددا مآثر الوالد ذاكرا مدى حبهم وتقديرهم له.. وفي صحيفة الأيام.. كتب عبدالحفيظ باشري مقالا شغل صفحة كاملة عن دراستهم في القولد الأهلية إبان تولي الوالد لإدارتها.

    ثم كما أسلفت لما قدمت إلى الدوحة تشرفت بزيارة عبدالمنعم المكي.. وتشرفت بترحيب غير عادي منه.. إذ قال لي " يا أمين أنا أخوكم.. والدكم كان والدنا أيضا.." وسعدت بكلماته الجميلة.. سعدت لأن أكون أخا لشخص مثل عبدالمنعم المكي..

    واليوم وري الثرى وغادر إلى جوار غفور رحيم عبدالمنعم المكي، مضى مزودا بالجليل من الأعمال المتقبلة بإذن الله، فأسأل الله أن يوسع مدخله وينير قبره.. وأن يبارك في ذريته وأهله، أسأله رحمة واسعة له ومغفرة وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.. واتقدم إنابة عن أسرة الأستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى بخالص عزائي لأسرته وأبنائه وبناته وأصهاره سائلا الله أن يلهمهم الصبر الجميل. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    الأمين عبدالرحمن عيسى، الدوحة.

    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 08-15-2020, 01:11 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de