مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 01:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-16-2020, 01:46 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عشر ذي الحجة.. اغتنموها ولا تضيعوها
    اختار الله من الأيام أياما جعلها مواسم خيرات، وأيام عبادات، وأوقات قربات، وهي بين أيام السنة كالنفحات، والرشيد السعيد من تعرض لها، ونهل من خيرها، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الطبراني بسند حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده].(حسنه الألباني في الصحيحة).

    ومن هذه المواسم النيرات، والنفحات المباركات، أيام العشر الأول من ذي الحجة الحرام، فقد اختارها الله على ما سواها، ورفع شأنها واجتباها، وجعل ثواب العمل فيها غير ثوابه فيما دونها، علاوة على ما خصها الله به من أعمال فريضة الحج التي لا تكون في غيرها.

    ومن مظاهر اختيار الله لها:
    إقسام الله تعالى بها في كتابه: فهي الليالي العشر في سورة الفجر، وهي الأيام المعلومات في سورة الحج، وفيها يوم عرفة، يوم المباهاة والعتق، وفيها يوم النحر، أفضل أيام الدنيا، وكذلك تفع فيها معظم أعمال الحج وكل أركانه، وكذلك لما فيها من الأضاحي والتزام أمر الله، وإحياء سنن المرسلين محمد وإبراهيم عليهما أزكى الصلوات والتسليم.

    وقد توج النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاختيار لأيام العشر ببيان فضل العمل فيها وتقديمه على ما يعمل في سواها، .. فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء].

    وعند الإمام البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى...].(قال الألباني سنده جيد).
    وروي الطبراني في معجمه الكبير بإسناد جيد: [ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير].

    ما يستحب من العبادات فيها:
    وقد استحب السادة العلماء أعمالا يفعلها المسلم في هذا الموسم الجليل.. فمنها:
    أولا: الحج
    إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة](متفق عليه).

    ثانيا: الصيام
    فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة كاملة، أو ما يقدر عليه منها؛ لأنه من أصلح الأعمال أولا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها ثانيا.. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: [كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر...](النسائي وأبو داود وصححه الألباني).

    ثالثا: صوم يوم عرفة لغير الحاج
    وهو وإن كان من أيام التسع إلا أننا خصصناه بالذكر تنبيها على فضله ففيه زيادة أجر ورجحان مثوبة.. فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ](أخرجه مسلم). فلا يفوتنك أخي المؤمن هذا الأجر العظيم.

    رابعا: الأضحية يوم العيد
    وهي سنة مؤكدة لمن وسع الله عليه وقدر عليها، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: [ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ ،وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا](متفق عليه). والصفحة هي جانب العنق..

    والسنة أن يشهد المضحي أضحيته، وأن يباشرها بنفسه، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز، ولو كانت خارج البلاد.. وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة أو البقرة عن سبعة.

    خامسا: الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير
    فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح، وسائر أنواع الذكر، في أيام العشر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى. ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة؛ قال الله تعالى: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام}(الحج/28). والجمهور على أنها أيام العشر كما جاء عن ابن عباس وغيره.

    وفي المسند عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد] (وصحّح إسناده العلامة أحمد شاكر).

    والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ـ ولاسيما في أول العشر ـ فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

    سادسا: التكبير دبر الصلوات
    وهذا أيضا مما يسن في هذه الأيام ومن صالح العمل فيها، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال: "كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق ثم يكبر بعد العصر"(أخرجه ابن المنذر والبيهقي. و صححه النووي وابن حجر). وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما.

    قال ابن تيمية: "أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة"(مجموع الفتاوى:24/20).
    وقال ابن حجر: "وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود: "إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى. أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم" (الفتح:2/536) .

    أما صيغة التكبير
    أ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرًا.
    ب) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
    ج) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.

    وهذه الصيغ ذكرها كلها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله..
    وقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح أثر ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".

    سابعا: سائر أعمال البر
    كالصدقات ونوافل الصلوات، وصلة الأرحام، ومراعاة الأيتام، وكل عمل صالح سواها، فهي كلها داخلة في العمل الصالح الذي هو في هذا الشهر أفضل من غيره.
    فلنبادر باغتنام تلك الأيام الفاضلة، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل. نسأل الله أن يديم علينا أيام النعم ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
    ------------------------
    إذا سألت فاسأل الله
    في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه ابن عباس قال: [إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ](رواه الترمذي، وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس ولكل مهموم أو مغموم، ولكل مكروب أو مظلوم، ولكل صاحب حاجة، "إذا سألت فاسأل الله":
    حين تشتد بك الخطوب، وتحيط بك الكروب، وتظلم أمام عينيك الدنيا . فقل يا ألله.
    حين يضيق بك الأمر، وتستحكم عليك حلقاته، ولا تجد لك مخرجًا.. فقل يا ألله.
    حين يتبدل الحال، ويقل المال، وتكثر النفقات، وتتراكم على رأسك الطلبات، ولا تجد معك ما تؤدي به الحقوق والواجبات.. فقل يا ألله.
    حين تتبدل الحقائق، وتنتكس الفِطَر، ويُهزأ بالقيم، وتُحارب الفضائل، وتمتدح الرذائل.. فقل يا ألله.
    حين يتطاول على القرآن، ويستهزأ بالنبي العدنان، ولا تجد من يقف ليرد أو ينتصر لله ولدينه ولرسوله.. فقل يا ألله.
    حين يتكالب الناس على أهل العلم ويستهزءون ويستخفون بأهل الدين، فيُلجؤونهم إلى ركن ضيق في مكان مظلم، أو سجن مغلق.. فقل يا ألله.
    حين يعلو الباطل وينتشر وينتفش، وينخفض الحق ويستخزي وينكمش. حين يحدث ذلك فيضيق له صدرك، وتلتاع له نفسك.. فقل يا ألله. واجأر إليه بالدعاء فإنه لا مخرج ولا ملجأ إلا في الدعاء.
    إذا الصَّدرُ ضَاقَ بآهَـاتِهِ .. .. وطَــالَ أسَى قلـبِكَ المُـكْتَرِبْ
    فــنَاجِ الَّذي في منَاجاتِهِ .. .. خَلاصُكَ، وَاسْجُدْ لَه وَاقْتَرِب

    إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ابن عباس ويعلمنا ويعلم كافة المسلمين أن الدعاء نعمة كبرى، ومنحة عظمى، تفضل الله بها على عباده، وجاد بها عليهم، فأمرهم به وحثهم عليه، ووعدهم الإجابة وعلَّقها به، وسيَّرها في ركابه؛ فمتى وُجِد الدعاء فالإجابة معه، قال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداعِ إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}، وقال سبحانه: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}، ولذلك كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء.

    فالموفق من وفقه الله للدعاء، وفتح عليه أبوابه، ويسر له سبله وأسبابه، ووجه قلبه إليه، وحرك لسانه به، فالخلق كلهم محتاجون إلى الدعاء أشد من حاجتهم للهواء، مفتقرون إليه افتقار السمك للماء، لا غنى لأحدهم عنه طرفة عين {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}.

    الله وحده دون من سواه
    يعلم النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وكل صاحب حاجة إذا أراد أن يسأل ألا يسأل إلا الله، وألا يعلق قلبه بسواه:
    . ذلك أن الدعاء عبادة والعبادة لا ينبغي أن تصرف إلا لله:
    فعن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: [إن الدعاء هو العبادة] ثم قرأ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر:60). قال الشوكاني "الدعاء هو أعلى أنواع العبادة وأرفعها وأشرفها» اهـ.
    وقال الشيخ ابن سعدي: «وقال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(غافر:14).. فوَضْعُ كلمة «الدين» موضع كلمة «الدعاء» - يدل على أن الدعاء هو لب الدين وروح العبادة..

    ففي الدعاء يظهر الذل والفاقة والافتقار والحاجة والعجز من السائل للمسئول.. وهي اعتراف من السائل بالعز والعلم والغنى والقدرة والسلطان للمسئول، وهو عين العبودية وقمة الافتقار؛ ولهذا كان الإمام أحمد يدعو ويقول: (اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك، ولا يقدر على كشف الضر وجلب النفع سواك).

    إذا سألت فاسأل الله
    . لأن مصائر الأمور كلها إليه، وقلوب العباد كلهم بيديه، والكون كله خاضع لقدرته، مستجيب لإرادته، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره، وكل ما في الكون إنما هي أدوات لتحقيق قضائه وقدره.. فلا يمكن أن يصل إليك خير قط إلا إذا كان الله قد كتبه لك، ولا يمكن أن يوصل أحد إليك شرا قط إلا إذا كان الله قد قدره عليك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: [وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ].

    فالله سبحانه وحده هو القادر وكل ما سواه عاجز: {ذَٰلِكُمُ اللهُ رَ‌بُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ‌ . إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ‌ونَ بِشِرْ‌كِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ‌ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَ‌اءُ إِلَى اللهِ ۖ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر من الآيات:13-15].
    وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}(يونس:106).
    وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}(الرعد:14)، وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}(الجـن:18).

    فإذا سألت فاسأل الله ولا تسألن أحدا سواه:
    قال طاووس لعطاء بن أبي رباح رحمهما الله: "إياك أن تطلب حوائجك ممن أغلق دونك بابه وجعل دونها حجابه، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ووعدك أن يجيبك سبحانه وتعالى".
    وروى أبو داود والترمذي والحاكم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: [مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ](رواه أبو داود والترمذي والحاكم).
    لا تســـألن بني آدم حـاجـــة .. .. وسـل الذي أبوابه لا تحجب
    الله يغضب إن تركت سؤاله .. .. وبني آدم حين يسأل يغضب

    إذا سألت فاسأل الله
    فإن الله تعالى هو وحده القادر على أن يحرك الدنيا كلها من أجل إجابة دعوة، أو نصرة لمظلوم، كما فعل مع نوح، وإبراهيم، ولوط، وهود، وصالح، وشعيب، وموسى، ويونس عليهم جميعا أفضل الصلوات وأزكى التسليمات، كيف حرك لهم الكون، فأغرق الدنيا لنوح، وأوقف الأسباب لإبراهيم، وشق البحر لموسى، ونجى يونس من بطن الحوت، كل ذلك ليعلم الناس بحق: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض}

    روى البيهقي في شعب الإيمان (2/ 357):
    عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادٍ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي مَنَامِي ذَاتَ لَيْلَةٍ قَائِلًا يَقُولُ: أَغِثِ الْمَلْهُوفَ.
    قَالَ: فَانْتَبَهْتُ. فَقُلْتُ: انْظُرُوا هَلْ فِي جِيرَانِنَا مُحْتَاجٌ؟ فَقَالُوا: مَا نَدْرِي.
    قَالَ: فَنِمْتُ ثَانِيًا، فَعَادَ إِلَيَّ. فَقَالَ: تَنَامُ وَلَمْ تُغِثِ الْمَلْهُوفَ، فَقُمْتُ.
    فَقُلْتُ لِلْغُلام: أَسْرِجِ الْبَغْلَ، وَأَخَذْتُ مَعِي ثَلاثَ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ رَكِبْتُ الْبَغْلَ، فَأَطْلَقْتُ عَنَانَهُ، حَتَّى بَلَغَ مَسْجِدًا.
    قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا أحَسَّ بِي انْصَرَفَ. قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ. فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، فِي هَذَا الْوَقْتِ، فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، مَا أَخْرَجَكَ؟!.
    قَالَ: أَنَا رَجُلٌ خَوَّاصٌ كَانَ رَأْسُ مَالِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَذَهَبَتْ مِنْ يَدَيَّ وَلَزِمَنِي دَيْنُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ.
    قَالَ: فَأَخْرَجْتُ الدَّرَاهِمَ. وَقُلْتُ: هَذِهِ ثَلاثُ مِائَةِ دِرْهَمٍ خُذْهَا.
    قَلَ: فَأَخَذَهَا، قُلْتُ: تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لا.
    قُلْتُ: أنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبَّادٍ، فَإِنْ نَابَتْكَ نَائِبَةٌ فَأْتِنِي، فَإِنَّ مَنْزِلِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا.
    فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ نَابَتْنَا نَائِبَةٌ، فَزِعْنَا إِلَى مَنْ أَخْرَجَكَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، حَتَّى جَاءَ بِكَ إِلَيْنَا.

    لا تخضـعنَّ لمخلوقٍ على طمعٍ .. .. فإنَّ ذلك نقـصٌ منك في الدِّينِ
    لن يقدرَ العبدُ أن يعطيَك خَرْدلةً .. .. إلا بإذنِ الذي سوَّاك مِن طينِ
    فلا تصـاحبْ غنيـًّا تستـعــزُّ بـه .. .. وكن عفيفًا وعظِّمْ حُرمةَ الدِّينِ
    واسترزقِ اللهَ مـمَّــا في خزائنِـه .. .. فإنَّ رزقَـك بينَ الكافِ والنُّونِ
    فاللهم اجعل فزعنا وسؤالنا لك وحدك لا شريك لك..
    ---------------------------------------------------
    بين حسن الظن والاغترار
    من أفضل خصال الخير، وأنواع البر الرجاء في الله وحسن الظن به.
    قال يحيى بن معاذ: "أوثق الرجاء رجاء العبد ربه، وأصدق الظنون حسن الظن بالله".
    قال ابن مسعود: "والله الذي لا إله إلا هو.. لا يحسن أحد الظن بالله إلا أعطاه ظنه".
    وتصديق هذا في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي؛ فليظن بي ما شاء)(رواه أحمد).

    والرجاء في الله وحسن الظن به من مقتضيات التوحيد والإيمان، وهو من أعمال القلوب، وهو قرة عين لأصحابه، فمن أحسن بالله ظنه قرت بالله عينه؛ قال يحيى بن معاذ: "من لم يحسن بالله ظنه، لم تقر بالله عينه".

    وكيف لا يحسن ظننا بالله وما رأينا منه إلا الخير والجميل، وما بنا من نعمة إلا منه.. خلقنا وهدانا، وكفانا وآوانا، وأطعمنا وسقانا، ومن كل ما سألناه أعطانا {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)}(الشعراء:78ـ82).

    ومن جميل حسن الظن ما قاله بعض العباد: "لما علمت أن ربي يلي محاسبتي زال عني حزني. قيل له ولم؟ قال: إن الكريم إذا قدر عفا.
    ومرض أعرابي، فقيل له: إنك تموت. قال ثم ماذا؟ قالوا: يذهب بك إلى الله. قال: فما كراهتي أن أذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه؟

    نظن به الخير بلا شك.. فما جربنا منه إلا الخير.. سألناه فأعطانا، ودعوناه فأجابنا، وعصيناه فسترنا، وبعدنا عنه فأمهلنا، وجهلنا فحلم علينا، شرنا إليه صاعد، وخيره إلينا نازل، نتبغض إليه بالمعاصي ونحن أحوج شيء إليه، ويتودد إلينا بالنعم وهو أغنى شيء عنا، وبعد كل هذا إذا تبنا إليه قبلنا وغفر لنا وتاب علينا.
    وفي الحديث القدسي: [ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة].(رواه الترمذي وقال: حديث حسن).

    وفي صحيح البخاري ومسلم: [أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة].
    وعند مسلم عن أنس قال صلى الله عليه وسلم: [لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ].
    وهذا في كل الذنوب صغيرها وكبيرها، وقليلها وكثيرها.

    إياك وال################:
    إننا حين نتحدث عن الرجاء في رحمة الله والطمع في مغفرته وحسن الظن به إنما نريد أن نقول إن باب التوبة والعودة إلى رحاب الله مفتوح أمامنا جميعًا، وأمام المقصرين في حق الله خصوصا، والعاصين المقل منهم والمكثر، وكلنا ذلك الرجل ـ فكل ابن آدم خطاء، ومن أعظم الظلم أن يفتحه الله أمام الناس ونغلقه نحن، أو أن يغلقه العبد أمام نفسه؛ وذلك حين يظن أنه ارتكب من الخطايا ما لا يغفره الله، فييأس من رحمة الله ويقنط، وهذا ال################ أكبر من كل خطيئة، وأعظم من كل ذنب، أن نعتقد أن هناك من الذنوب ما تعجز رحمة الله أن تحتويه، أو عفو الله أن يغفره، وقد قال تعالى: {فلا تكن من القانطين} وقال: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}. وقال: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.

    فمهما بلغت ذنوبك ومهما كثرت خطاياك، وعظمت رزاياك، فماذا فعلت: زنيت، سرقت، شربت الخمر، اسمع إلى حديث شطب الممدود أبي طويل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه فهل لذلك من توبة؟ قال: هل أسلمت؟ قال: أما أنا فاشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأنك رسوله. قال: نعم. تفعل الخيرات، وتترك السيئات، يجعلهن الله لك كلهن خيرات. قال: وغدراتي وفجراتي. قال: نعم. قال: الله أكبر... فما زال يكبر حتى توارى.
    وهذا في كتاب الله في سورة الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثامًا * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا}.

    ورجاء الرحمة في الآخرة أعظم وأكبر إن شاء الله؛ فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: [إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، منها يتعاطفون وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها... وأخر الله تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة].

    رجاء لا اغترار
    والرجاء المحمود المطلوب هو الذي لا يتجاوز به صاحبه إلى الاغترار، فبينهما فارق:
    قال النسفي: "وفرقوا بين الرجاء والاغترار فقالوا: الرجاء يكون لمن مهد أسباب المرجو، والاغترار لمن أخل بها".
    وقال قتادة الظن نوعان: ظن منج وظن مرد، فالظن المنجي هو ظن المؤمنين، والظن المردي هو ظن الكافرين والمعرضين.

    وقال ابن القيم في مدارج السالكين: الرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان ونوع غروز مذموم.
    فالأول: رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثوابه.
    والثاني: رجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها، فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه.
    والثالث: رجل متماد في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب.
    ولهذا قد قال ابن القيم أيضا في المدارج: "أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل".

    وسر المسألة أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع العمل والإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعة وقدره وثوابه وكرامته، فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ويرجوه ألا يكله إليها، وأن يجعلها موصلة إلى ما ينفعه، ويصرف ما يعارضها ويبطل أثرها.
    ولذلك لما قيل للحسن: إن قوما أساءوا العمل وقالوا نحسن الظن بالله. قال: كذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.

    والناس في حياتهم يعلمون هذا ويقبلونه ويعدون مخالفه مطعونا في عقله وفهمه، فمن رجا ولدا بغير زواج اتهم في عقله، ومن رجا ثمرا بغير زرع وبذر قالوا مجنون، حتى من جاع أو عطش فرجا الشبع بغير طعام، أو الري بغير شرب اتهموه على عقله.
    ولو أنك استأجرت أجيرًا ليؤدي لك عملاً، فأخذ يومه في اللهو واللعب أو النوم والخمول والكسل، وما أدى عمله ثم جاءك آخر النهار يطلب أجره فماذا ستصنع فيه؟!

    وكذلك هنا، من رجا منازل الأبرار بأفعال الفجار، أو رجا الفوز بالجنة وهو يعمل بعمل أهل النار، أو رجا القرب من الله بغير عمل كان رجاؤه من قبيل الأماني والغرور لا من قبيل الرجاء الممدوح المرغوب.

    يقول معروف الكرخي: طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب، وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور، ورجاء رحمة من لا تطيعه جهل وحمق.

    ويقول يحيى بن معاذ: إن من أعظم الاغترار التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير توبة، وتوقع القرب من الله بغير طاعة، وانتظار الجنة ببذر النار.
    ثم قال: عمل كالسراب، وقلب من التقوى خراب، وذنوب بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب؟! هيهات هيهات، أنت سكران بغير شراب.
    يا ناظـــرًا يرنــو بعيــني راقــد .. ... ومشــاهدًا للأمر غير مشاهد
    تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درج الجنان ونيل فوز العابد
    ونســيت أن الله أخـــــرج آدمـــا .. ... منــها إلى الدنيا بذنب واحد

    فالذي يرجو رحمة ربه لابد أن يبذل وسعه في طاعة الله ثم يرجو رحمة أرحم الرحمين؛ هذا الذي ذكره ربنا في كتابه فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة:218]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}[فاطر:29]، وقال: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}[طـه:82].
    -------------------------------------
    ابتسامة.. وكأس شاي
    أعظم هدية يمكن أن تقدم إلى إنسان غير مسلم هي أن تدعوه إلى دين الله بحكمة وموعظة حسنة، وتعرض عليه الإسلام عرضا جميلا متقنا، وتغلفه له بغلاف منمق مزوق بطريقة مهذبة تجعل قلبه يقبل عليه ويقبله دينا، فينجو من النار.

    ونحن المسلمين مطالبون بدعوة العالم لهذا الذين، فليس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي يبلغ دينه للعالمين؛ فهو خاتم الأنبياء {مَّا كان مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رجالكم وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(الأحزاب:40).. فأصبح تبليغ دينه للخلق واجبا كفائيا على أمته من بعده يلزمهم القيام به، وإذا لم تقم به طائفة منهم أثم الجميع.
    وقد ألزمنا القرآن بذلك في قوله تعالى على لسان رسوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}. ولقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران:110).. وأعظم المعروف الذي يدعى إليه هو الإيمان بالله وتوحيده سبحانه، وأعظم المنكر الذي ينهى عنه هو الشرك بالله واتخاذ آلهة تعبد من دونه.

    وكون الأمة مبعوثة لهداية الناس ودلالتهم على الطريق الحق ـ وهو طريق الإسلام والإيمان ـ أمر كان مفهوما عند الأولين من هذه الأمة، وهو واضح في قول ربعي بن عامر لرستم: "الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه".
    فأخبره أنهم مبتعثون من قبل الله تعالى، والابتعاث هو الإرسال، وهو أن يذهب الدعاة إلى المدعوين لدعوتهم وعرض الإسلام عليهم، أو عرض ما هو مطلوب منهم في دينهم. وهذا كما قلنا واجب على الأمة ضيعته وفرطت فيه.

    لكن أن يأتيك المدعو إلى بلادك وإلى بيتك ويعيش معك ليلا ونهارا سنين طويلة ثم لا يعرض عليه دين ولا يدعى لإسلام، فهذا لعمر الله هو التضييع بعينه، وهو التفريط بذاته، وهو التقصير الذي سيسألنا الله عليه يوم القيامة، وسوف يمسك كثير من هؤلاء المساكين الذين أتوا إلى بلادنا كافرين وعاشوا فيها سنين ثم عادوا كما جاءوا كافرين، سوف يمسكون بتلابيبنا يوم القيامة ويسألون الله أن يعاقبنا أشد العقوبة على تفريطنا في حقهم، وقصورنا في دعوتهم، وعدم عرض الإسلام عليهم وتوضيحه لهم وتركهم على حالهم حتى استحقوا دخول النار.

    في بلادنا بلاد العرب، وبلاد الإسلام، خصوصا في بلاد الخليج، يأتي مئات الآلاف بل ربما ملايين من هؤلاء الكافرين والمشركين والملحدين وغيرهم من غير المسلمين، يأتوننا طالبين للعمل وتحصيل لقمة العيش ورغد المعيشة، وأحوالهم تدل على حاجتهم إلينا وعدم استغنائهم عنا، وهو أمر معاون ومساعد على سماعهم لنا، وعدم إساءة الرد على الأقل، فنحن نعرض دينا ونأمن أذى ولو حتى بالكلام..
    والعجيب أنه قد ثبت فعليا أن بعض الجاليات تقبل على الإسلام بصورة عالية، ويدخل كثير منهم هذا الدين بمجرد أن يعرض عليهم عرضا طيبا، أو يعاملوا معاملة حسنة تجعلهم يسألون عن الدين وفي النهاية يدخلون فيه.

    إن كثيرا من المسلمين في إداراتهم وفي شركاتهم وفي أعمالهم أناس كثيرون غير مسلمين، ولكن الغريب أنهم تمر عليهم سنوات دون أن يسمعوا كلمة تدعوهم لدخول الإسلام وترك ما هم عليه من الشرك والكفر وموجبات النار. وأعجب من ذلك أن يكون معك هذا الإنسان في بيتك يعمل عندك، سائقا أو طباخا أو عاملا أو حتى خادما، ويعيش معك، وربما يربي أو تربي أولادك ثم بعد سنوات طويلة يرجع إلى بلاده كافرا كما جاء.

    إن سلعة الله غالية، ولو أن دعوة هؤلاء إلى الإسلام كانت تكلفنا مالا وبذلا، لكان ديننا يستحق أن ننفق عليه من أموالنا لننشره بين الخلق، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسأل على الإسلام شيئا إلا أعطاه، وهو القائل عليه الصلاة والسلام: [لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم].
    غير أن بعض هؤلاء المساكين لم تكن دعوتهم تكلفنا شيئا، بل ربما كانت تكفيه كلمة طيبة، أو معاملة حسنة، أو موقف طيب يتعرف من خلاله على محاسن الدين ويكون مدخلا له إليه، فينجو به مما هو عليه، كما في قصة هذا المدرس المسلم مع فراش المدرسة، وهي قصة فقط تساق للاعتبار لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.. ولنعلم قدر تفريطنا في هذا الجانب:

    بسمة وكأس من الشاي
    يقول أحد المدرسين:
    وأنا في غرفة المدرسين صببت كأس شاي لأشربه، فضرب الجرس..
    مدير المدرسة شديد جدا، يحب أن يتوجه المدرسون للصف عند قرع الجرس فورا..
    والشاي حار جدا.. فرأيت فراشًا (فلبينيا) ابتسمت في وجهه وأعطيته الكأس.

    في اليوم التالي جاءني الفراش وقال لي: إنه متفاجئ، فلأول مرة يرى ابتسامة مدرس في وجهه، بل ويعطيه كأسا من الشاي – كأن هناك خطأ ما -.
    قلت وأنا محرج: أردت أن أكرمك ونحن مسلمون وهذا من خلقنا..
    قال: بقي لي هنا عامان، لم يكلمني أحد منكم بكلمة، ولم يُعبرني بابتسامة.
    ثم قال إنه يحمل شهادة الماجستير في العلوم، وأن شدة الفقر والحاجة جعلته يقبل بهذه الوظيفة.
    لم أصدقه، وأردت أن أختبره، فدعوته للبيت.
    كانت.. ابنتي في الصف الحادي عشر، عندها سؤال في العلوم، عرضته عليه فأجابها عليه.
    ثم أطلعته على موسوعة العلوم باللغة الإنكليزية فأجاب بطلاقة ما بعدها طلاقة، تأكدت حينها من صحة كلامه.

    كان يزورني بعد ذلك كل جمعة.
    ثم بعد فترة أعلن إسلامه.. ثم أقنع أكثر من عشرين من أصدقائه بالإسلام.

    والسبب "ابتسامة مع كأس شاي".

    اللهم اغفر لنا تقصيرنا وتفريطنا، واستخدمنا ولا تستبدلنا.. يا عفو ياكريم.
    إسلام ويب...







                  

العنوان الكاتب Date
مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب... سيف اليزل برعي البدوي07-08-20, 11:52 AM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:03 PM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:05 PM
    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-09-20, 12:13 PM
      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-10-20, 10:42 AM
        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-11-20, 12:23 PM
          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-13-20, 12:32 PM
            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-14-20, 03:42 PM
              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-15-20, 01:05 PM
                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-16-20, 01:46 PM
                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-17-20, 12:47 PM
                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-18-20, 03:53 PM
                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-19-20, 02:58 PM
                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-20-20, 05:18 PM
                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-21-20, 03:01 PM
                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-23-20, 00:52 AM
                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-24-20, 01:11 AM
                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-25-20, 01:58 AM
                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 01:41 AM
                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 12:20 PM
                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-03-20, 03:17 PM
                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-04-20, 02:10 PM
                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-05-20, 02:06 PM
                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-06-20, 02:56 PM
                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-07-20, 12:27 PM
                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-08-20, 01:04 PM
                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-09-20, 01:12 PM
                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-10-20, 01:07 PM
                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-11-20, 03:28 PM
                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-12-20, 05:15 PM
                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-13-20, 01:28 PM
                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-14-20, 01:58 PM
                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-15-20, 12:34 PM
                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-16-20, 02:47 PM
                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-18-20, 11:36 AM
                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-20-20, 01:39 AM
                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-22-20, 00:20 AM
                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-23-20, 11:50 AM
                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-27-20, 03:28 AM
                                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 02:22 AM
                                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 10:21 PM
                                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-30-20, 04:49 PM
                                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-31-20, 11:16 PM
                                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-02-20, 00:30 AM
                                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-03-20, 06:00 PM
                                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-05-20, 02:42 PM
                                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-28-20, 02:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de