ما هو العدد الحقيقى للذين أصيبوا بالكورونا فى السودان؟

Quote: نموذج وبائي مهم بأيادٍ سودانية خبيرة د. محمد قرشي نُشرت نهاية الشهر الماضي، ورقة بحثية جميلة بتعاون بين خبراء سودانيين بالوبائيات والنمذجة الرياضية من معهد الأمراض المستوطنة بجامعة الخرطوم، وكلية العلوم الرياضية جامعة الخرطوم، ورئيس قسم النمذجة الرياضية بجامعة النيلين، أما التنفيذ فكان بحواسيب المعهد الأفريقي للعلوم الرياضية برواندا. تتمثل أهمية الدراسة في أنها تنتبه لظروف السودان الخاصة من حيث ضعف الفحوصات ومشاكل الإغلاق والتركيبة السكانية، بحيث تقدم تنبؤات وتقديرات في غاية الأهمية لواضعي السياسات، كما تجاوب على سؤال الذروة وكيف يتأثر بالظروف المختلفة من الإغلاق والفحص. بينت الدراسة أن عدد الحالات المكتشفة رسمياً أقل بكثير من عدد الإصابات الكلية التي تقدر بخمسة أضعاف العدد المكتشف حالياً، النقطة الأخرى الهامة هي أن الحالات غير المكتشفة تنشر المرض بشكل أكبر بكثير من الحالات المكتشفة! مما يعني أن الخوف من إيجابيي الفحص أمر غير مبرر، فاحتمال الإصابة من شخص غير معروف الإصابة أعلى بكثير من سواه! كما وجدت الدراسة أن نسبة الوفاة بين المرضى غير المكتشفين أعلى من نظرائهم المكتشفين، بينما تتعافى الحالات المكتشفة بشكل أسرع. هذا يعني أن الكثير من حالات الوفاة المشخصة كأمراض أخرى هي في الغالب حالات وفاة بسبب الكورونا، وتتفاقم هذه المشكلة بسبب بطء استجابة الوبائيات وضعف الفحص، بالإضافة للوصمة الاجتماعية التي تجعل المرضى ينكرون احتمال المرض ولا يسعون للفحص والعلاج. نقطة أخرى ذُكرت بالدراسة، هي أن نسبة نجاح كل إجراءات الوقاية من إغلاق وتباعد اجتماعي وغيرها (حكومية وشعبية) لا تتجاوز 23.1% فقط! هذا يعني أن كل الضرر الاقتصادي والنفسي بالفترة الماضية لم يكافأ بنتيجة جيدة، بسبب سوء التطبيق وقلة الالتزام. النقطة الأهم هي أن معدل الانتشار الوبائي يتأثر بشكل أساسي بمعدل المخالطة للحالات غير المكتشفة، وبدرجة أقل مع معدل المخالطة للحالات المكتشفة، ثم أخيراً مع معدل الإغلاق. هذا يعني أن التباعد الاجتماعي هو صاحب القدح المعلى في السيطرة على الوباء. فترة الحضانة للمرض في السودان هي أربعة أيام في المتوسط، وهذا يعني أن فترة العزل بعد المخالطة يمكن تعديلها للأخذ في الحسبان هذه الفترة القصيرة التي تشابه المعدل العالمي، بالذات للفئات الأكثر أهمية في الأعمال الأساسية (الطب، الكهرباء إلخ). أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه حالياً، فسنصل الذروة بمنتصف يوليو، حيث سيكون هناك 150 ألف حالة مؤكدة بالفحص و390 ألف حالة غير مكتشفة. احتوت الدراسة على دراسة سيناريوهات مختلفة للمتوقع حسب درجات مختلفة من الفحوصات والإغلاق، وخلاصتها هي أن التباعد الاجتماعي ومعدل الفحوصات هما أكثر العوامل أهمية في السيطرة على الوباء، ولابد من الوعي بتأثرهما ببعضهما، فإن تحتم مثلاً إرخاء الإغلاق بنسبة 10% فلابد حينها من زيادة عدد الفحوصات اليومية بنسبة 30% على الأقل، لتعويض أثر تقليل الإغلاق. أخيراً، لابد من ملاحظة أن نتائج هذه الدراسة تتفق لحد بعيد مع دراسة مركز النمذجة الرياضية بمدرسة لندن لطب المناطق الحارة، في توقع وقت الذروة وعدد الإصابات، وأثر الإجراءات المختلفة. لذا بالرغم من وعي الباحثين بحدود النمذجة الرياضية، إلا أن التجربة التاريخية تثبت أن الواقع عادة ما يكون قريباً من التوقعات النظرية في حالات الأوبئة. . المصدر : جريده الحداثه