♧ شُعَراءُ الفُصْحى بِأَدَواتِ زَمانِ الحَداثَةِ £

π و لا نزال لسنا ببعيدين عن مدينة الضَّباب
تلك الامبراطورية التي لم تكن شمسها لتغرب ، إلى أن
جاء اليوم الذي خرجت فيه طوعاً أو كرهاً عن سرب السوق
الأوربية المشتركة،ربما لكون السباق لم يعُد يحتمل العواجيز.
فلا بد لنا من تعريجة وقفة هناك نقطع فيها سلسبيل الإرسال
لنرفع عماماتنا ونحيي و نقول سلام لرجل من بلادي هو/
شاعرنا والإعلامي الأكاديمي πحسن عباس صبحي ¢
«السوداني الذي أتقن لغة الفرنجة وٱدابها أكثر
من الناطقين بها ،فكان أدرى من أهل مكة بشعابها»
«وها أنا ذا إذ أتشرف شرفاً گبارا و واتقلد شارته
π نعاه قبلنا البروف عبد الله الطيب قائلا عنه:
كان شرفاً للسودان ولنا مع الفرنجة وكان المرجعية لكل الجامعة
في الأدب الإنجليزي .عندما مات قطعت ال BBC برنامجها وإذاعة
الخبر فبكاه كل متابعي ال BBC وأساتذة وطلاب الأدب الإنجليزي
ببريطانيا. اللهم ارحم ابن نهر النيل و شندي الدكتور حسن عباس
صبحي واجعل قبره روضه من رياض فردوسك الأعلى .
∆ «في يوم رحيلك د.صبحي شفنا كل الگون مسافر»
ناحت عليك و بكتك لندن و لم تتذكر الخرطوم من تكون
ولا «ماذا يكون حبيبتي» ؛و نحن من عرفنا بأننا لا نعرف
لرموزنا قدرهم إلا يوم تأبينه، و قد حرمناك حتى من هذه.

∆ في صباح ندي ماطرٍ. من خواتيم القرن الماضي و في
و في باحات الحرم الجامعي للقاهرة فرع الخرطوم گان يومَ
حشرٍ جامعا ً للطلاب من گل حدَبٍ و صَوبٍ من كافة التخصصات
..و قد تنادوا خلافاً فتقاطروا زرافات و وحدانا گنا تتداعى الأكل
إلى قصعتها في مدارج من مدراج السالكين إلى كلية الآداب حتي
ضاقت بهم بنشاتها بما رحبت.. مع براحتها فتسلقوا النوافذ و«غُلِّقت
الأبواب وقالوا هَيْتَ لگ ». وغصت الممرات فتساءل الناس: ماذا هنالك
فقيل لهم : لابد إنها محاضرة الدكتور حسن عباس صبحي نابغة الأدب
المقارن بالجامعات السودانية.. ألمع من عمل في هيئة الإذاعة البريطانية
BBC والتي تركها إنتصاراً لعروبته أثناء العدوآن الثلاثي على مصر ..
قائلاً: بلادي وإن جارت عليّ عزيزة... وأهلي وإن ضنوا علي كرام!!

∆ ولد الدكتور حسن عباس صبحي وترعرع في شمال السودان
..عند مدينة شندي لأسرة عُرفت بالعلم والمعرفة وحسن السيرة حتي
سمى أهل شندي حي باسم والده الحاج عباس صبحي«ديم عباس»

∆حفظ شاعرنا القرآن مبكرا علي يدي والده وكان مولعا باللغتين
العربية والإنجليزية.. والسيرة النبوية العطرة..! تنقل بين وادي سيدنا،
القاهرة وجامعة أدنبره ببريطانيا لينال منها شهادة الدكتوره في الأدب
المقارن.. وكان مولعاً بالأدب والمقارنات الشعرية .. بين شعراء الفرنجة
والعرب (شكسبير.. و أمرؤ القيس.عروة بن الورد.. و ود ضحوية .

∆ ترجم العديد من الأعمال الأدبية والفنية.. من الإنجليزية إلى
العربية ومن العربية إلي الانجليزية. خاصة شعر ومسادير شاعرنا
الضخم الحردلو سيد أحمد : الخبر الأكيد قالوا البطانة إترشت
سارية تبقبق للصباح ما تفشت
ترجمها بأنجليزيته السلسة قائلا:
The certain news was said the Butana had showered
and the lightening bubbing till morning never stopped !)
لاحظ استخدامه لكلمة (showered) قمة الدقة والروعة.

∆ترأس عام ١٩٧٦ إتحاد أدباء السودان.. قدم العديد من البرامج لإذاعة
امدرمان.. مثل (أديب في دائرة الضوء).. له ديوانُ شعرٍ مطبوعٌ (طائر الليل ).

∆عرف شاعرنا بالتفاني وكان يحلم بخلق جيل عربي مسلم.. خلاق لصنع مستقبل
باهر لأمتنا العربية والإسلامية.. كان سلس العبارة والمفردة.. مما جذب إليه الطلاب
من كل التخصصات حتي أحبوه و وقروه.. و لقد حكي أحد طلابه في جامعة أم درمان
الإسلامية.. يقال : دخل علينا ذات مرة وفي نهاية المحاضرة أخرج لنا من حقيبته عقد
عملٍ قائلاً.. اليوم استلمت عقد عملي في دولةٍ خليجيةٍ.. فإنفجر الطلاب بين باكٍ و صائحٍ
قائلين لمن تتركنا يا دكتور حسن فانهال الدمع من عينيه حتى بلل نظارته السميكه. فما
كان منه إلا أن أمسك عقد العمل.. ومذقه في مشهد أبكى حتي إدارة الجامعة..
قائلاً سوف ابقى معكم أبنائي وبناتي حتي تكملوا هذا العام وقد فعل...!!

∆ولكن.. صائد النجوم والعباقرة الملك فيصل عليه رحمة الله كان له بالمرصاد
حتي تمكن من ضمه إلي إدارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية في جامعة
تبوك والتي قضي بها حتى قضى نحبه إذ وافته المنية فيها و قُبر بمدينة تبوك في
عام 1990 حيث قطعت إذاعة لندن برامجها لتعلن وفاة أحد فرسانها النوابغ.

∆ بل ولقد حكي مدير المركز الثقافي البريطاني المستر وليم هوست أنه
شاهد البريطانين الذين عرفوا الدكتور حسن عباس صبحي خلال فترة إقامته
في لندن وعمله في BBC وجامعة ادنبره.. والمواعين الثقافية الاخري في لندن
.. شاهدهم يزرفون الدمع الهتون علي فراق.. عالم عرف الأدب الإنجليزي أكثر
منهم. كما قال البريطاني الأكاديمي البروفسر هانزر .. كنا حينما يتحدث د.صبحي
عن شكسبير ودكنز نصمت تأدباً لعلمه الغزير وإدراكه الواسع خاصة بقدراته الخارقه
في مجال المقارنات الشعربية والأدبية.. له الرحمة والمغفرة والقبول الحسن.

∆ تغني له عبقري الغناء السوداني الصناجة.. الأستاذ عبدالكريم الكابلي أعذب
وأروع قصيدة كتبت في القرن الماضي إبتدرها بسؤال إستفهامي مقلق:
ماذا يكون حبيبتي.. ماذا يكون
حسرات لحظات تولت في وجل
كصدى يطير مضيعاً عبر السنين
ماذا يكون حبيبتي ماذا يكون
π ويقول الأستاذ عبدالكريم الكابلي.. لقد افتتنت بهذه القصيدة
والتي أهداها لي الدكتور الإعلامي.. المتميز عمر الجزلي.. وظللت
احتفظ بها حتي اكتمل لحنها في عشرة أعوام.. حتي لقبها بعض النقاد
بالعشريه.ومن فرط إعجابي بمضمونها حيث جمع فيها بين حزنٍ يعقبه
فرحٌ.. وإحباط ٍ يسرجه أملٌ وثَّابٌ ،ذلك فضلاً عن مفرداتها الجزله و
جرسهاالموسيقي العذب وبشاعرها الرقيق المفوه أستاذنا الدكتور حسن
عباس صبحي.. مما حدا بي أن أضفت لها بيتان في خواتيمها..
وهذه خاتمة القصيدة الجميلة:
بعد الوعود وقد تلاشت وانطوت
بعد البراعم في أكمتها زوت
بعد العناد وقد توشح بالظنون ومع السلام...
لك من فؤادي باقة الحب الحنون
لك من عيوني دمعة المزن الهتون
ولك السلام ولهفتي وتساؤلي
ماذا يكون حبيبي ماذا يكون..؟

∆ويقول أديبنا الروائي العالمي الكبير الطيب صالح
والذي تزامل مع د.صبحي في BBC قال كان دكتور صبحي.
حينما يتحدث يصمت الفرنجه.. وكنا نتدرق ونلوذ به في ح
لقات النقاش الأدبي خاصة مع الفرنجه لإلمامه الواسع
وقدراته الأدبية الخارقة المدهشه..!!

∆ وكم تجلت الصانع في عبقريته حينما ترجم مسادير شاعرنا
الكبير الحردلوإلي اللغة الإنجليزية والتي وجدت صدًى واسعاً في
الأوساط الأدبية الغربية.. خاصة قدرته الخارقه في التصوير الفني
مثالاً، لاخصراً صور:
الشمس خوخت وبردن ليالي الحره
ومشهد : «الصقير بجناحو كفت الفرة»

لشاعرنا د.صبحي الرحمة والمغفرة والقبول
الحسن .. ولكل عباقرتنا الذين شرفوا سوداننا
الحبيب في شوى المحافل رضوان الله.