♧ شُعَراءُ الفُصْحى بِأَدَواتِ زَمانِ الحَداثَةِ £

(**^^(26)^^**
مأساة فرعون عاشق يتغنى
ب{معزوفة درويــش متجــول)
"أنا زنجي..قلها لا تجبن
قلها في وجه البشرية
أنا زنجي وأبي زنجي الجد
و أمي زنجيةانــــــا أســــود
أسود لكني حرامتلك الحرية..."
منذ بدايته الشعرية أظهر محمد الفيتوري
إنتمائه الثقافي والعرقي و المصيري لإفريقيا السمراء ،
كما تعبر القصيدة أعلاه من ديوانه الأول "أغاني أفريقيا" بوضوح.
و لا غرو أن بشرته الداكنة كانت الدافع لبلورة الهوية الإفريقية كردة فعلٍ عفوي
على ما لقيه من مواقفَ عنصريةٍ تجاهه خاصًة في مدينة الإسكندرية، المدينة الساحلية
التي كان يعيش فيها ذوو سحنةٍ سمراءَ يشتغلون حواشيَ و خدماَ فقط ضمن بطانة باشواتٍ
بيضٍٍ في عِزبهم و قصورهم .يتحدر محمد الفيتوري من جدة زنجية عاشت في قرية الجنينة
بغرب السودان. و والده من ليبيا.أما أمه فتعود أصولها إلى تاجر إفريقي كان يتاجر في الرقيق
و العاج. وقد أثرت فيه هذه الجدة الزنجيةتأثيراً كبيراً إذ كانت تروي له القصص و الأساطير
الأفريقية. وانتقلت عائلته إلى الإسكندرية، التي نشأ وحفظ القرآن فيها، ثم انتقل إلى القاهرة
حيث تخرج من كلية دار العلوم بجامعة الأزهر. أفريقاحاضرةً بشكلٍ كبيرٍ في شعر
الفيتوري منذ نعومة أظفاره كان هاجس القلق يلازمه. و يوماً ما قال له والده:
"ستقضي حياتك غريباً عن وطنك الأم و مسقطِ حبلِ سرتك"، وهو ما
عايشه الفيتوري حتى وفاته. شغله الهم الأفريقيخاصة في ستينيات
القرن الماضي، بجلاء الإستعمار من قارتنا السمراء .