لماذا إغلاق الجامعات فى زمن كورونا ؟

Quote: بسم الله الرحمن الرحيم لماذا إغلاق الجامعات!! طبعا كثير من الناس لو قرأوا العنوان فقط سوف يستنكرون الامر! ولكن هنالك فرق بين إغلاق الجامعات وتعليق الدراسة.. للعلم مع هذه الجائحة معظم الجامعات تضاعف نشاطها بل اصبحت تعمل بطاقتها القصوي إلا في السودان أغلقت تماما (إتطبلت عدييل كدا)!! دور الجامعات أو رسالتها (الغرض من وجود الجامعات) ينحصر في ثلاث ادوار متفق عليها عالميا وهي (التعليم.. البحث العلمي.. خدمة المجتمع) ووفقا لهذه الأدوار الثلاثة تصبح الجامعات هي المؤسسات الوحيدة التي لا تغلق في كل الظروف ولكن يمكن ان يعلق دور من ادوارها وهو عملية التعليم (حتي هذا الدور في الجامعات المتقدمة ظل متواصل لكترونيا).. اما دور البحث العلمي وخدمة المجتمع فهي ادوار مستمره كما هو الحال في جائحة كورونا.. هل تعلم ان كل التقارير عن كورونا في امريكا تصدر من جامعة... والسبب وراء ذلك ان هذه العملية تندرج تحت عمليات البحث العلمي وتحديدا البحوث الوصفية حيث توصف واقع الظاهرة (الوباء) وصفا دقيقا عبر التحليل العلمي وتقدم نتائج تساعد الجهات المختصة في اصدار القرارات المناسبة (يعني مثلا من خلال تحليل البيانات إتضح ان معظم الحالات كوادر طبية فهذه النتيجة تقود الي ان هنالك قصور في تلك النقطة ومن ثم يقود الجهات المعنية لاتخاذ قرارات إحترازية اكبر للكادر الصحي) وهكذا كل القرارات تصدر بناءا علي تلك التقارير البحثية التي تقدمها الجامعة.. لذلك في معظم دول العالم المتقدم تعتبر الجامعات مراكز لصناعة القرارات.. وعشان الناس ما تقول لي دي امريكا! مصر القريبة دي التقارير بتطلع من جامعات وهذا ما يعرف بدولة المؤسسات حيث تكون جميع القرارات مبنية علي أساس (بناء علي معلومات وتحليل) وصادرة من مؤسسات متخصصة اما إتخاذ تلك القرارات يتم وفقا للسلطة الممنوحة بمعني هنالك فصل بين من يصنع القرار ومن يتخذ القرار (مثلا ترامب يتخذ قرارات بحكم وضعه الرئاسي ولكن هذه القرارات الأصل فيها مصنوعة من جهات متخصصة) وهذا هو الفرق بين المؤسسية والشخصنة.. حيث الشخصنة تعني ان المؤسسة رهن الشخص الذي علي رأسها وبالتالي يصبح الشخص هو الذي يسير المؤسسة وليس المؤسسة هي التي تسير الشخص من خلال (النظام).. وللأسف هذا ما تفتقر له مؤسساتنا حيث تظل رهن الأشخاص وليس النظام (اذا تغير الشخص يتغير النظام لأن الشخص هو الذي يتحكم في النظام عكس المؤسسية التي يتحكم فيها النظام علي الاشخاص).. كذلك الجامعات حاليا تنشط في جانب البحوث المختبرية (التجريبية) لدراسة طبيعة الفايروس وإختبار الامصال والعلاجات وكذلك جانب البحوث التاريخية للتتبع التاريخي لظهور الفايروس وتطوره للتوصل لطبيعة الفايروس ودورة حياته وتحولاته.. الخ.. غياب دور الجامعات في السودان فيما يتعلق البحث العلمي وهنا يجب توضيح بان البحث العلمي المقصود ليس البحوث التكميلية والدرسات العليا حيث تلك تعتبر ضمن العملية التعليمية ولكن البحوث العلمية المعنية هي تلك التي تخرج نتائجها بمعالجات ذات أثر مجتمعي ملموس وغالبا ما يقوم بها اعضاء هيئة التدريس وتخصص لها ميزانيات ضخمة.. غياب هذا الدور البحثي وخدمة المجتمع وكذلك غياب المؤسسية في الدولة يجعل من الجامعات تنحصر في العملية التعليمية فقط وبالتالي تصبح جامعات منقوصة الدور والرسالة !! (إغلاق الجامعات في تلك الظروف يبين غيابها في البحث العلمي وإنفصالها عن مجتمعها)!! د. عاطف عوض