|
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� (Re: النصرى أمين)
|
في عصرِ تطوُّرِ العلومِ الفيزيائيَّة، خصوصاً علم أصلِ ونشأةِ وتطوُّرِ الكون (كوزمولوجي)، وفيزياء الجُسيماتِ المُتناهيةِ الصِّغِر، وميكانيكا الكم، بدأ الجدارُ القائمُ بين العلمِ والشِّعرِ في التَّصدُّع، لا لشيءٍ سوى أنَّ مُكتشفاتِ العالَمِ تحت المِجهريِّ والكونِ المُنتاهي في الابتعادِ والكِبَر قد أخرست ألسنةَ العلماءِ من الدَّهشة، فاتَّخذتِ الظَّواهرُ الباديةُ للعيانِ من خلال التِّلسكوب أو المِجهر موقعَها من غيرِ أن تتَّشحَ بثوبِ اسمٍ أو شهادةِ ميلاد؛ لذلك، لجأ العلماءُ إلى غريزتِهم اللُّغويَّةِ الفطريَّة أو معينِهم الإبداعيِّ الكامن. فأطلقوا اسمَ "الانفجارِ العظيم" في غيابِ الفضاء الذي يسمِحُ في الأساس بحدوثِ التَّفجير (وهو ما أشرنا إليه في حينِه في صُلبِ الرِّسالة)؛ كما أطلقوا اسمَ "الثُّقوبِ السُّوداء" على منطقةٍ في الزَّمكان (إسبيستايم) لا يهربُ من براثنها حتَّى الضَّوء المرئي، كما لا يُمكِنُ التَّكهُّنُ بوجودِها إلَّا بأثرِ اسنتاجاتٍ مأخوذةٍ من أجرامٍ غيرِها. أمَّا العالِمُ الفيزيائيُّ الأمريكي، مراي غيل-مان، فقد استفاد من اطِّلاعه على رواية "السَّهر على جثَّة فينيغان" (فينيغانز وِايْك) للرِّوائيِّ الإيرلندي، جيمس جويس، وهي من أصعبِ الرِّواياتِ التَّجريبيَّة، ولا يُمكِنُ بتعبيرِ حَسَنٍ أن يُدرَكُ منها "التَّكتح"، حتَّى إذا عُرضِت على أفضلِ النُّقاد؛ ومع ذلك، فقد استقى منها غيل-مان كلمة "كوارك" فأطلقها اسماً أصبح سائراً لجزءٍ من مكوِّنات الذَّرة، أي الهيدرونات؛ وكانت في الأصلٍ "كوورك"، إلَّا أنَّ جويس قد عدَّلها إلى "كوارك" لتتلاءم في التَّقفيةِ مع "مارك"، في عبارة "ثري كواركس فور مَسْتَرْ مارك" الإنكليزيَّة. أمَّا بخصوص جبلِ النُّور، وما إذا كان المسلمون قد انتظروا قروناً طويلة حتَّى يأتي إليهم ألبرت آينستاين ليفهموا منه قربً النَّبيِّ إلى السَّماء، فإنَّ لا أحدَ قد ادَّعى هذا الادِّعاء؛ بلِ الأصح أنَّ العالمَ قد انتظرَ أربعَ سنواتٍ فقط للاستيقانِ من صِحَّة النَّظريَّة النِّسبيَّة العامَّة، وهو ما حدث في أعقاب كسوف الشَّمس في عام 1919، حيث تبيَّن جليَّاً انحناءُ الضَّوء بالقربِ من أحدِ النُّجوم التي تقعُ في نطاقٍ نجميٍّ مُحاذٍ للشَّمس (وهو ما سبق أن أشرنا إليه في إحدى المشاركات)؛ كما انتظر العالمُ أكثر من مئةِ سنةٍ حتَّى يتمَّ تصنيعُ ساعاتٍ ذرِّيَّة يكون بمقدورِها تسجيلُ الفروقِ في الزَّمانِ التي تحدَّثت عنها النِّسبيَّة، بحيث أصبح الآنَ بالإمكانِ تسجيلُ قراءتين مختلفتين لِما هو فوق المِنضدة وما هو في أرضيَّةِ الغرفة، ولِما هو فوق الرَّأس وما هو تحت القدمين، ناهيك عمًّا هو في قمَّة جبل النُّور وما هو في سفحِه. عِلماً بأنَّنا حينما تحدَّثنا عنِ القربِ وسَعةِ الوقتِ، وعزونا ذلك إلى التَّأثيرِ المُضاعَفِ لنتائجِ نظريَّتَيْ آينشتاين الشَّهيرتَيْن، لم نفعل شيئاً سوى أنَّنا قرَّرنا حقيقةً، يُمكِنُ لأيٍّ شارٍ من أمازون لساعتينِ ذرِّيَّتين أن يُقرِّرَ ما هو مُقرَّرٌ، بأن يُثبتَ ما هو مثبتٌ أصلاً؛ أمَّا أن يأتيَ اِمرؤٌ بدحضٍ للنِّسبيَّة بعد نيفٍ من السِّنينِ أو القرون، فذلك لا يقدحُ في صِحَّةِ حديثِ السَّماء أو واقعةِ الإسراءِ والمِعراج؛ فالعلمُ والدِّين، كما استقى النَّبيه محمَّد عبد المنعم فوكس، "لا يتبادلانِ (على أقلِّ تقديرٍ) مشروعيَّة الإثبات، إذ إنَّ كلَّاً منهما حقلٌ بذاتِه ودالٌّ على نفسِه"؛ وهي نظرةٌ متطابِقة مع رأي إستيفن جاي غولد، ولكنَّنا سنمضي أبعدَ من ذلك، بترجيحِ كفَّةِ الحقِّ، ولا تماثلِه مع الحقيقة. كان من المفترض أن نتناولَ أوَّلاً مساهماتٍ وصلتنا من عبد الواحد ورَّاق، والسِّر السَّيِّد، وفوكسَ نفسِه، إضافةً إلى عددٍ من التَّعليقاتِ الإيجابيَّة الأخرى، ولكنَّنا ارتأينا التعجيلَ بتناولِ الرَّأيِّ الحَسَنيِّ لمحمولاتِه السَّلبيَّة المفيدة، وحتَّى لا تكونُ تلك التَّعليقاتِ حجاباً حاجزاً يمنعُ الانتفاعَ بمردودِه النَّقديِّ السَّالب؛ ولكنَّ عزاءنا الوحيدَ أنَّ تعليقَ ورَّاقٍ قد وجد طريقه إلى موقع "سودانيزأونلاين"، حيث نشر النَّصري أمين علي النَّصري، ابنُ أمِّيَ الثَّانية، صفيَّة بنت البدوي سليمان كركساوي، خيطاً (أو بوستاً) يعقدُ مقارنةً شيِّقة بين محمَّد أمين وبائعةِ زهورٍ التقاها عبد الواحد على قارعةِ الطَّريق في كولمبس، بولاية أوهايو الأمريكيَّة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّاعة: تأمُّلاتٌ في زمنٍ مُستعاد(محمد خلف) | النصرى أمين | 04-12-20, 02:20 AM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | نعمات عماد | 04-12-20, 07:40 AM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-12-20, 02:49 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-12-20, 04:26 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | نعمات عماد | 04-13-20, 01:29 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | محمد على طه الملك | 04-13-20, 03:08 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-14-20, 04:05 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | نعمات عماد | 04-15-20, 05:06 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-18-20, 03:55 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-18-20, 03:55 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-20-20, 03:19 AM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-28-20, 12:43 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-28-20, 12:44 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | بدر الدين الأمير | 04-28-20, 12:59 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 04-30-20, 00:42 AM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 05-01-20, 04:34 AM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 05-06-20, 09:24 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 05-06-20, 09:26 PM |
Re: من الحقيقةِ للحقِّ، ومن السَّاعةِ للسَّا� | النصرى أمين | 05-06-20, 09:27 PM |
|
|
|