|
Re: الصادق المهدي متناقض وكذاب ورجل مأساوي (Re: عبدالقادر محمد)
|
بكري الصائغ مقدمة: صبر الناس (٥٣) عام علي خطب وتصريحات وفتاوي الصادق المهدي ، وطوال نصف قرن والصادق يصول ويجول في الساحة السياسية والدينية والحزبية بلا ضابط او رابط، او من نصحه بالاعتدال في خطبه وتصريحاته والتي كانت اغلبها مليئة بالتناقضات احرجت اسرته كثيرآ، وتسبتت تصرفاته في شق روابط اسر آل المهدي، وبسبب تصرفاته ايضآ انقسم الحزب الاصلي الي خمسة احزاب. ١- منذ عام ١٩٦٦ والصادق لا يكف عن الكلام، تكلم في كل شيء تقريبآ، ما ترك علم من العلوم الثقافية او العملية او الدينية او الاجتماعية الا وكان عنده رأي مخالف او نقد غريب لما هو موجود في كتب هذه العلوم!! ٢- اشتهر الصادق في خطبه وتصريحاته وفتاويه، باستعمال كلمات غريبة لم نسمع بها من قبل، وادخلها في كثير من تصريحاته، فهناك مثلآ استعماله لكلمة (السنديكالية)!! (تهتدون)!!(الميثاق السوداني)!!، (الجرتق )!!،(المظاهرات دي بوخة دخان بتاعت نسوان)!!،(دُخان المَرَقة)!!،(دخانا ما دخان مرقة نحن بنتدخن من زمان وبوختنا شغالة طوالي)!!،(دخان المرقة ده بتعملو الست المابتدخن في بيتها طوالي بتدخن لمن تكون مارقة، لكن نحنا بوختنا مستمرة)!!،(السودان عنقاء الزمان)!!،(القراي طعان لعان وتعيينه خطأ)!!،((أنا عندي طواقي كتيرة)!!،(انني اسلامي … اريد ان اندغم مع البشير بدون مظلة اخوانية)!!،(عبد الرحمن تم تعينه مساعد لرئيس الجمهورية بسبب الاسم لان جده المهدي)!!،((أبني عبد الرحمن اختار أن يكون مساعداً للبشير هو رأيه أنه في موقعه هذا استطاع أن يصد عنا أذى النظام)!! ٣- منذ عام ١٩٦٦ ما سلم احد السياسيين الوطنيين او رؤساء واحزاب اجنبية من لسان الصادق، ماترك سياسي صغير او كبير الا وشنع به اشد تشنيع، منذ ذلك العام في الستينات وحتي اليوم ما ترك الصادق عادة القاء الخطب والفتاوي الغريبة!! ٤- كتب الصحفي محمد جميل احمد، مقال بتاريخ/ الأحد 2 يونيو 2019، تحت عنوان (الصادق المهدي… حين يكون التنظيرعبئا)، وجاء فيه: (منذ إصراره، في ستينيات القرن الماضي على حيازة منصب رئيس الوزراء بعد ثورة أكتوبر على حساب انشقاق حزبه (حزب الأمة) والتحالف مع حزب غريم لإسقاط رئيس وزراء حزب الأمة المنتخب آنذاك (محمد أحمد محجوب)، لم يكف الصادق المهدي عن كشف حالات “غرائبية” في شخصه، إذ كان الصادق منذ النصف الأول من ستينيات القرن الماضي “يرى نفسه زعيماً فريداً من نوعه، ليس فقط في السودان، ولكن أيضاً، في الدول المجاورة، العربية والإسلامية”، (بحسب وثائق الخارجية الأميركية عن مرحلة الديمقراطية الثانية في السودان ما بعد ثورة أكتوبر 1964.) وهي حالات بدا فيها أكثر شبهاً بندّه وصهره الراحل د. حسن الترابي، وكان الرجلان يتنافسان على أرضية فكرية وسياسية جعلت منهما الثنائي الأكثر شهرةً في مسرح السياسة السودانية. ظل المهدي يكشف عن مواقف غير مفهومة سياسياً، أمام قاعدة حزبه (حزب الأمة) المعارض حين رفض المشاركة في تظاهرات الثورة بحجج وفذلكات غريبة ومستفزة، فأدى موقفه ذلك إلى ردود فعل غاضبة في أوساط الثوار، لا اسيما شباب الحزب، الذين فاجأهم بحديث عن الاحتباس الحراري في عنوان أول ندوة سياسية له عقب مجيئه إلى السودان قبيل الثورة بأيام، وهي مواقف يحار المرء في تأويلها، فلا يجد لها من وجاهة إلا في أسباب ذاتية غامضة للرجل لا تعبأ بخيارات الآخرين وتوافقاتهم. لقد عمم الصادق المهدي طوال تاريخه السياسي، مساراً ذاتياً متجاوزاً في مقاربة قضايا السياسة بطريقة لا يمكن القول فيها سوى أنها تجسيد لحالة “ما ورائية” يظنها الرجل في نفسه، مهما كانت نتائج الواقع مخالفة لصوابه السياسي واليقيني ذاك، وهو بهذا المعنى ربما كان آخر شخصية سياسية غرائبية، بعد محمود محمد طه وصهره حسن الترابي في تاريخ السياسة السودانية. وللأسف، في كل منعطف تاريخي يتاح فيه للصادق المهدي تسجيل موقف وطني مسؤول، يقف الرجل على الجانب الخطأ من التاريخ.). – انتهي – ٥- كل ماسبق ذكره (اعلاه)، هو مدخل للحالة الجديدة الفريدة التي فاجأنا بها الصادق المهدي وكشف عن معجزة يتمتع بها يندر ان تكون عند احد غيره. ٦- جاء خبر اليوم السبت /٧ ديسمبر ونشر في جريدة “الجريدة” تحت عنوان: (المهدي : ثلاث محاولات لاغتيالي ..كشف عن رؤية غيبية بشأن سقوط نظام الإنقاذ)، وجاء فيه: (كشف رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي عن رؤية غيبية جاءته بشأن سقوط النظام عبر انفجار من داخله، وقال الصادق المهدي في خطاب أمام الآلاف من أنصاره في الجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض عن “رؤية غيبية” جاءته بشأن سقوط نظام الإنقاذ بانفجار في داخله، مضيفا أن ذلك قد كان، مشيرا إلى رؤية سابقة جاءته بأن نظام مايو سوف يسقط يوم كذا وكذا.)!! ٧- لقد تحملنا الكثير من عذاب الصادق المهدي طوال نص قرن الذي عذبنا بخطبه وفتاويه وتصريحاته التي ما توقفت من زمن (بيعة الشجرة) عام ١٩٦٥، وهي “البيعة” التي ادمت آل بيت المهدي وحزب الامة حتي اليوم !!، تحملنا بسببه ضياع السودان وحكم العسكر، ولكن اخر ما كنا توقعه ان يقول الصادق عن نفسه ما لا يقبله العقل، وانه فريد زمانه يتمتع برؤية غيبية، ويعرف مسبقآ من خلال هذه “الرؤية الغيبية” ما سيقع لاحقآ!! ٨- عينة من شطحات الاسلاميين: (أ)- الرسول الكريم اجتمع بالبشير ونافع وعلي عثمان ومسح شعر كمال عمر!! (قال كمال عمر”عندما تدمرت عندي قدرة مركز الكلام؛ وجئت المدينة المنورة؛ جاني حسن الترابي في المنام ومعه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ومسح على رأسي؛ وقعدوا جنبي في السرير مدة من الزمن؛ وتاني يوم تكلمت في ندوة بالمدينة المنورة لمدة ساعة ونصف كأبرع ما يكون”.)!! (ب)- النائب في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم كمال حمدنا الله، استغل مداخلته في جلسة البرلمان المخصصة لمناقشة تقرير لوزارة الصحة، كي يوجه الكلام إلى وزير الصحة في ولاية الخرطوم، بروفيسورمأمون حميدة، ويقول له: “عندما ذهبت إلى الحج قبل عامين التقيت أحد الأطباء وذكر لي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وطلب منه أن يبلغ مأمون حميدة السلام بالنيابة عن أمته”!!!، وعوضاً عن تأنيب النائب لحرف انتباه النواب عن أجندة الجلسة بأموره الخاصة، تعالت أصوات النواب بالتكبير والتهليل، وأجازوا تقرير الوزير بالاجماع ، لا بل سارع بعضهم للمطالبة بمنح حميدة وسام رئاسة الجهمورية لانجازاته في الحقل الصحي.). (ج)- في إحدى المناسبات الجماهيرية، خرج أحد أعضاء الدفاع الشعبي، الذراع العسكرية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، ليقول للناس إنه رأى النبي في الحلم بمعية الرئيس السوداني عمر البشير، وإثنين من كبار قادة الحزب هما علي عثمان طه، ومساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع. وقال عضو الدفاع الشعبي، إن الرسول أمسك بيد د. نافع، وتلا قول الله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ}. وكانت ردة فعل الحاضرين، تكبيراً، وتهليلاً، واستبشاراً بأحاديث “المجاهد”، اللفظة المتدوالة بين أفراد مليشيا الدفاع الشعبي لوصف أنفسهم، لكون ذلك تأكيداً على أن قادتهم يمثلون ظل الله على الأرض!! (د)- للسودانيين تاريخ مع المنامات. قديماً، تم فصل المحاضر في جامعة جوبا السودانية، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الأستاذ فاروق كدودة، وقيل إن السبب حلمٌ راود مدير الجامعة إبان فترة تمكين الإسلاميين من مفاصل السلطة في السودان. حينذاك، جاء المدير حاملاً خطاب فصل كدودة ، وقال له بكل برودة أعصاب إن القرار صدر لكونه رأى في المنام أن عليه فصله. فما كان من كدودة إلا أن جمع أوراقه وبدأ بإخلاء المكتب. وقال قولة شهيرة حمد الله فيها ثم أخبر المدير أنه سينفذ القرار الصادر بحقه خوفاً من أن يأتيه في اليوم التالي ويقول له: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}. ٩- واخيرآ: بعد (١٨) يوم من الان، وتحديدآ في يوم الاربعاء ٢٥/ديسمبر الجاري تجي الذكري (٨٤) عام علي ميلاد الصادق المهدي، وقد تعودنا منه دائمآ في اعياد ميلاده، ان يفاجئنا ب(كارثة) في شكل تصريح او كلام طويل، فهل ياتري ستكون مفاجأة الصادق القادمة بانه قد تخطي مرحلة “الرؤية الغيبية”، واصبح هو الوحيد الذي يعلم بما لا يعلمه احد غيره ما في الكون من امور ستاتي لاحقآ؟!! بكري الصائغ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق المهدي متناقض وكذاب ورجل مأساوي (Re: عبدالقادر محمد)
|
كذب الصادق على الشعب
في مؤتمره الصحفي وهو ضمن سلسلة حلقات كذبه قال الصادق المهدي: ابدا لم نشارك مع النظام، مع ان رموز حزبه اول من شاركوا مع النظام. في حين حزبه تقسّم لصالح النظام للمشاركة معه بحجة الانقسام والنتيجة واحدة بل المشاركون هو الاقرب اليه وهم المقتنعون بطرحه لذلك ارسلهم للمشاركة مع النظام الى حين اقناع الاخرين الرافضين للمشاركة، ومن رموز حزبه المشاركين: عبدالله علي مسار وله جناح اسموه حزب الامة الوطني وهناك الامة الاصلاح والتنمية ، وحزب الامة المتحد وخرج منه حزب الامة الموحد، ومنه الفاضل ادم اسماعيل. واما ابن الصادق اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد لرئيس الجمهورية، ومن حزب الامة دكتور الصادق الهادي وزيراً لوزارة تنمية الموارد البشرية، ووزير العمل والاصلاح الاداري احمد بابكر نهار من حزب الامة، واخرين وكلهم شاركوا مع النظام في حكومة النفاق الوطني. وابراهيم موسى مادبو من انصار الصادق بل ومخابراته كان يزعم المعارض ثم لحق بهم، فهل يصدق الصادق نفسه ان الشعب يصدقه؟ ولا يدرك ذلك، ان الاخف من كذبه لو قال اشارك في الحكومة فهذه قناعته، لكن يكذب فيفقد مصادقيته عند الشعب اكثر، والخطا الاكبر من كذب الصادق هو تصديق البعض للكاذب ممن ادمنوا الانقياد والتسليم.
وكان من حديث الصادق يتضح انه يحاول تحسين صورة وتخاذل قيادة الحزب بعد ان وقف مواقف مخذية فكان الصادق يتحدث عن تاريخه وانهم فعلوا كذا كذا اغلبه تدليس وينسب له مواقف الوطنيين اسماعيل الازهري وزروق ويحي الفضل. مع ان سلفه ورئيس الوزراء سابقا من حزبه عبد الله خليل سلم السلطة للفريق عبود ثم تباكوا عليها كما سلم هو السلطة لانقلاب الترابي والبشير ثم زعم معارضته، وكلما راى فئة جدت في المعارضة لحق بها او تزعمها ثم عاد لحليفه النظام ويشارك برموزه ويقول لم نشارك، فانه ادمن الكذب ولن يترك عادته ولكن موضوعنا ان يترك الاخرين تصديقه فيما يكذب وان يتابعوا عامة الشعب ويتخيروا من يصدق فان الصدق يهدي الى البر، وان القوى الحديثة زاخرة بالكفاءات، وادارة اليوم هي التكنوقراط والمهنيين والمستقلين الذين لا تسيطر عليهم تكتلات النفعيين في الاحزاب واما الوطنيين من كل حزب وحدب وصوب هم من ضحوا وخرجوا لاجل الوطن والشعب الا من ابى وآثر الدفاع عن النخب فلا تصغوا لمن ادمن الكذب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق المهدي متناقض وكذاب ورجل مأساوي (Re: عبدالقادر محمد)
|
عبد العظيم سر الختم البشير الأربعاء 3 تموز 2019
لا نستطيع فهم مواقف الصادق السياسية والفكرية دون حفر معرفي يقودنا إلى الجذور. الصادق ببساطة أسير! أسير سياسي وأسير تاريخي معرفي! وكل تاريخه السياسي عبارة عن مراوحة غير منتجة في مساحة محكومة تماماً بقيود هذين الأسرَين ولذلك هو في الحقيقة ضحية وظالم في آن واحد!
- في الجغرافيا التطبيقية ثمّة ظاهرة معروفة تُسمّى «الأسر النهري» تحدث من اشتباك نهر رافد يجري الهوينا بأرض منخفضة بمجرى نهر انحداري يجري في أرض أعلى، فيسلب الأول ماء الثاني ويأخذه (يأسره) بمجراه. من دلالة هذه الظاهرة وقياساً على مفاعيلها، عرفت علوم الاجتماع ظاهرة (الأسر) الثقافي، حيث تنتصر الحضارة الأقوى ولو كانت مهزومة عسكرياً على حضارة الغازي البربرية فتأسرها فيتمثل المنتصر البدائي ثقافة المهزوم. (انظر كتابات المفكّر والمؤرّخ البريطاني أرنولد توينبي وغيرها). حالة الصادق المهدي تمثّل ظاهرة نموذجية لحالة الوقوع في الأسر ولسلوك الأسير. سياسياً لطالما كان الصادق أسيراً لابتزاز حركة الإخوان المسلمين، ومعرفيّاً لطالما كان (وسيظلّ حتماً) أسيراً للأكذوبة التاريخية المتعلقة بحقيقة «مهدية» المهدي جدّه.
في الأسر السياسي الإخواني إن المتتبع الحصيف للتاريخ السياسي للصادق سيكتشف خلف كلّ موقف من مواقفه ابتزازاً إخوانياً ما، ورُعباً مرضياً من استحواذ إخواني وشيك على قواعد الحزبَين الطائفيين الكبيرين «الأمة» و«الاتحادي». فمنذ أن أفسد «الإخوان» الحركة الوطنية السودانية غداة الاستقلال بنجاحهم في جرّ السجالات السياسية والاجتماعية حول بناء الوطن إلى صراع ديني تضليلي مفتعَل حول «الدستور الإسلامي» مروراً بتشرين الأول/ أكتوبر ٦٤، ثم مسألة حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان ومذبحة القضاء وعصيان السلطة التنفيذية لقرار قضائي واجب التنفيذ، ما أدى إلى ضرب النظام الديمقراطي وإصابته بمقتل في أقدس أقداسه. بعدها وصف الصادق ما حدث ببساطة عجيبة بأنه «انفعال يمكن أن يتكرر»! ثم مروراً بالمطلب الأول لثورة آذار/ مارس ٨٥ المتمثّل في إلغاء قوانين أيلول/سبتمبر والتي وصفها الصادق نفسه بأنها «لا تساوي الحبر الذي كُتبت به»، لكنه تحت ضغط «الإخوان» وابتزازهم وخوفه التاريخي المزمن من استحواذهم على قاعدته (الدينية) أبقى عليها برغم تمتّع حكومته بأغلبية برلمانية، ورأي عام خارج البرلمان يكاد يجمع على أن إلغاء قوانين أيلول/ سبتمبر كان شرطاً جوهرياً لإمكانية بناء دولة المواطنة التي بشّرت بها ثورة آذار/ مارس - نيسان/ أبريل ٨٥. ثم كانت الطامة الكبرى في موقفه من اتفاقية الميرغني قرنق الذي أدى لإجهاضها ولكلّ ما خلفه هذا الإجهاض من كوارث أوصلتنا في النهاية إلى انقلاب حزيران/ يونيو وانفصال الجنوب. استمرّ تردّد الصادق بين ما يقوله وبين ما يخشاه من استحواذ الكيزان يشكل كلّ مواقفه من النشاط المعارض وعلاقته بكل أشكال التحالفات المعارضة طوال حقبتَي الإنقاذ وأيار/ مايو. الآن وطيلة مسار ثورة كانون الأول/ ديسمبر المجيدة لم ينفك الصادق عن ضلاله القديم وواقع الأسر الذي يطوقه. فقد أراد الصادق دوماً إسقاط نظام الإنقاذ بدون أن يُسقط حزب «الإخوان» وأراد دوماً ديمقراطية بأسنان ديكتاتورية! لكن الأهم والأخطر في حقيقة شخصية الصادق أنه أخ مسلم، يخرج فكره الديني والسياسي من ذات المعين وإن اختلفت العناوين والرايات. هذه الحقيقة هي التي جعلت الصادق يتماهى ويخضع لظاهرة الأسر الإخواني إلى هذا الحدّ الذي فاق تأثيره ما يُعرف بمتلازمة استوكهولم.
الأسر التاريخي المعرفي: المهدية وما أدراك ما المهدية في غمرة انشغالنا بثورة كانون الأول/ ديسمبر خطب الصادق يوم ٢٦ كانون الثاني/ يناير فعلّقت حينها «بعيداً عن السياسة ثمة مغالطة فكرية مهولة وردت بخطبة الصادق المهدي أثبتها هنا لأعود إليها لاحقاً.. قال في وصفه المهدية إنها ملتزمة بقطيعة «معرفية» من اجتهادات التراث على أساس لكلّ وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال».
أزمة الصادق أنه يعرف أن عرشه من قش وأن حقيقة مهدية المهدي قد سقطت
فهل كانت المهدية كذلك؟ بل هل كان هناك ثمة «مهدي» من أصله؟! وهل كانت قطيعة «معرفية» أم قطيعة سياسية لضرورات سياسية؟! وإن كانت كما ادّعى الصادق قطيعة معرفية فأين ذلك الإنتاج المعرفي المغاير؟ واليوم وبسبب تصريحات الصادق وابنته وبعض سدنته وحاملي ختمه كصلاح جلال فلقد أصبحنا في حلّ من وعد انتظار سقوط النظام، بل صار الحديث المفتوح واجباً من أجل أن تصل الثورة إلى غاياتها ولا تُختطف. بدون خوض لا داعي له حول قضية المهدي والمهدية في الفقه الإسلامي، فإن واقعة ادّعاء محمد أحمد للمهدية قد حكم التاريخ عليها، فلم نعد بحاجة لأقوال السلف لبحث أسانيد صحة الادعاء من عدمه. والغريب أنه برغم هذه البديهية إلا أنه محظور علينا كسودانيين أن نتجرأ حتى بمجرد السؤال المعرفي عن حقيقة مهدية المهدي. وظلت مناهجنا تُكرس الخرافة والدجل وسخف التفسير الميتافيزيقي للتاريخ. إن حظر العقل النقدي والقراءة المنهجية النقدية للتاريخ قد حرمنا من وضع الثورة المهدية في سياقها التاريخي الإنساني والوطني الصحيح، كحركة تحرر وطني قادها بشر عاديون في ظروف تاريخية معينة وانطلقت من بيئة حضارية وثقافية واقتصادية محددة (غرب السودان)، فمنحتها هذه البيئة ملامحها العامة وفرضت توجّهاتها في الإعلام والدعوة وفي طبيعة المنطلقات والأساليب والغايات، ثم ربطتها بالسماء ففارقت حقائق الأرض فراق الطريفي لجمله، وكان طبيعياً أن تنتهي على يد الخليفة التعايشي بأكثر مراحلنا التاريخية ظلاماً وتوحشاً ومفارقة كليّة للعقل والضمير ومسلمات الدين وحقائق الجغرافية والتاريخ. السيد الصادق يتعامى بشكل قصدي وممنهج عن كلّ ذلك، وتواطأت مع هذا التعامي مناهجنا الدراسية وثقافتنا وأشعارنا وأغانينا، حتى بتنا نجترّ تاريخنا ونتباهى به باستدعائه تلقائياً من أعمق مصادر الوعي الزائف بؤساً وظلامية. وحتى تغنّى شاعر ثائر في أنصع لحظاتنا الثورية الحداثية «بأسياف العشر» فطربنا بها واحتفينا دون أن يخطر ببال أيّ منا سؤال عن حقيقة «أسياف العشر»*** فلماذا يصرّون على الإبقاء على الوعي الزائف ليمتدّ ظلامه إلى المستقبل؟ الإجابة ببساطة لأن هذا الوعي الزائف وحده، وأكرّر وحده، هو الذي يمنح أسرة كأسرة المهدي كل هذه الهالة التي تصنع بها مجدها التالد في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع. أزمة الصادق المهدي الحقيقية وإشكاله الوجودي أنه يعرف أن عرشه من قش. وأن حقيقة مهدية المهدي قد سقطت. بل إنها كانت ساقطة منذ بدايتها بكل مراكز الوعي النسبي (الشمال والوسط النيلي)، ويمكن للجميع مراجعة مراسلات المهدي مع شيوخ الطرق الصوفية والفقهاء وإنكارهم لمهديته، ولذلك كما كتب محمد أبو القاسم حاج حمد في سفره العظيم «السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل» كتب عن مبايعة الشمال والوسط النيلي للثائر محمد أحمد باعتباره المهدي «المنتصر» وليس المهدي «المنتظر»! إنكار الصادق المهدي لأكذوبة المهدي هو «إنكار إبليسي» إنه إنكار الاستكبار لا إنكار من جهل. تماماً كإنكار إبليس لتقديم الإنسي على الملائكي لأن الإنسان هو المختص دون خلق الله بالعقل والإرادة فاستحق تبعاً لذلك أن يتصف وحده دون سائر الخلق بمن فيهم الملائكة بالحرية. لذلك عصى ربه استكباراً وليس جهلاً فرفض السجود لآدم برغم كونه أعلم الملائكة. هذا الإنكار المرضي القسري هو الذي ظلّ يطارد الصادق في كل حياته السياسية والفكرية حتى انطبعت بطابع الإنكار المرضي، فصار بهذه الحالة التي نراه عليها اليوم. رجل مجبر على العيش بكذبة. والكذبة المعرفية القسرية بالنسبة له، لأنه يستمد وجوده منها، ستجعل الكذب طابع حياته، فيبدو هكذا متردداً عند كل منعطف. لا أمل إذن .. لا أمل البتة في هذا الصادق برغم أن الهتاف المفضل لديه والذي يدغدغ مشاعره ويصحي أحلامه الدفينة هو، ويا للمفارقة المذهلة، «الصادق أمل الأمة». عند دراسة الفترة المهدية علينا أن نتجاوز المحرمات الغبية والتمييز جيداً: بين رمزيتها الوطنية التي تشكل في الوجدان السوداني قيم البطولة والاستقلال والكرامة الوطنية؛ وبين القداسة الزائفة التي تكرّس الوعي الزائف وتنتج ثقافة الخضوع والإذعان للطبقات المستغلة وتجار الدين. تثبت الوثائق التاريخية ومراسلات المهدي أنه لم يعلن عن مهديته قبل عام ١٨٨١ ولم يعلنها إلا بعد التقائه بالتعايشي. والتعايشي كان مسكوناً بوهم المهدية ويبدو أن أسباباً ما تتعلق بتقديره الشخصي لذاته هي التي جعلته يعرضها على الغير؛ فعرضها أولاً على الزبير باشا رحمة، لكنه وبّخه وهدّده بالسيف إن عاد لمثلها - ثم وجد الخليفة عبدالله ضالته في الإمام المهدي، وهنا ثمة حكاية تستحق أن تُروى. للإمام علي بن طالب قول حكيم بليغ في النفاق والمنافقين لعله أبلغ وأحكم وأجمع وأجمل ما قيل لفظاً ومعنى، يقول: «إنهم يتقارضون الثناء ويتراقبون الجزاء». ويشرحها الباحث حسن المالكي «أي أن كلّ واحد يثني على الآخر قرضاً ليثني عليه قضاء». وهذا بالضبط ما حدث في حكاية التواطؤ بين الخليفة والمهدي: -دخل الخليفة عبدالله التعايشي على مجلس المهدي، نظر إليه، ثم ارتجف جسده وارتج حتى خرّ مغشياً عليه! لأنه رأى في المهدي سراً وتجلياً روحياً لم يحتمله جسد فخرّ صعقاً! أدرك المهدي مضمون الرسالة، فالخليفة يقول إن المهدي شخص غير عادي، لكنه في ذات اللحظة يُثبت لنفسه درجة أقل من «غير العادي» هذه، لكنها كافية ليبصر في المهدي ما استخفى على الجميع، فإذن هو أيضاً «فيه سر» وإن قل عن سر المهدية. الرجل إذن «أقرض» محمد أحمد مقام المهدي فجازاه المهدي بمقام الخليفة! هذه ببساطة حقيقة مهدية المهدية التي استطالت بها أسرة الصادق على رقاب الناس ومسكوا بها ذمام أمرهم. هي حقيقة أخفى إنكارها أو تزييفها ملايين الحقائق في تاريخنا السياسي المعاصر (وقد يكون من بينها سر الموت المفاجئ للمهدي بعد فتح الخرطوم مباشرة وتولي الخليفة عبدالله بعده). وهي الحقيقة التي لا يمكن لأحد تفسير شخصية الصادق معرفياً وسياسياً إلا من خلال الكشف عن محنة من بنى كل حياته السلطوية والمالية والفكرية وحتى الوجودية على (إنكار) حقيقة بديهية.
* عنوان المقال مستوحى من عنوان كتاب للصادق المهدي «ويسألونك عن المهدية»
** باحث وكاتب سوداني
*** العشر: نبات طفيلي معروف في السودان وتمتاز سيقانه بدرجة عالية من الهشاشة وتقول أسطورة المهدية إن سيقان العشر هذه قد تحولت لسيوف في يد أنصاره وهم يقاتلون المستعمر التركي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق المهدي متناقض وكذاب ورجل مأساوي (Re: السنجك عثمان)
|
يا عبد القادر انت أخرجت كلام منصور خالد عن إطاره. الرجل محاوره قال ان الصادق ذكر انك تدعم الدكتاتوريين و الطغاة.. منصور قال له هذا كذب و لم يكن صادقا.. فماذا تتوقع ان يقول. لا اريد مقارنة دعم الصادق للنميرى و موالاته للإتحاد الاشتراكى.
| |
|
|
|
|
|
|
|