♧ القومة ليك يا بلد£

♡ من وحي غفوتك الأنيقة في خاصرة نيل ثائر توشَّح صدر مياهه
الزرقاء بضفاف خضر وادعة،ثم بحق الذي خلق، دعوناك ، بل إننا نطيل
الوقوف حين دعائك حتى نلم الشوق عن أجفانك ، فهلا دنوت منا يا بلد ،
فشملتنا بفيض حنانك ، لتبقى أنفاسك الدافئة من عبق الغابة و الصحراء .
كأنك تتقاصر لي عمداً ثم تدعوني طوعاً أو كرهاًلأ جالسك القرفصاء لنشرب
شرابَ مودِّعٍمن نطف مدادك، و نبحث عن بيادر أفسح لارتياد مقاهي البوح المباح .
فلعلني لم أعد ذاك الفتى لأستحق أن تنكس البيارق لغيبتي أو تدق الطبول لمقدمي.
و أنا لا أعدو كوني رجلاً فقدت ظلي ثم ظللت أهيم على وجهي كنعش غريقٍ محمول
علة أكتاف رهطٍ متشاكسين بين ضفتي نهر و روحي غائبة لعلها في حنايا حويصلات
طيرٍ خُضرٍ, و لا أحلم بفردوسِ أعلى مفقودٍ ؛ و لا أعشم بأكثر من عيشة بسيطةٍ كفافٍ
لا تكلف أكثر من كسرةٍ خُبزٍ نضيفة ممرغةٍ في سلقة غبار ملح ،نتذوقها في ضل
راكوبة حاحاية, فقط بهامة رفيعة لا تعرف الهوان. و هذا بحد ذاته ترفٌ
يُشتهَى وربما يغفل عنه رعاة قومي ، من نفر لا ينظرون لأبعد من
أرانب أنوفهم , و لا يخططون إلا لإسكات كل من قال
"بغم" و لمد الجزرة إرضاءً لكل من رفع العصا.

● فكم هو مرٌّ هجرانك يا بلدي ، إذ نتجرعه و لا نكاد
نسيغه كجرعة حنظلٍ، و نلوذ به كمستجير من الرمضاء
بالنار. و لا يغرنك تقلب الذين اغتربوا في البلاد؛ متاع قليل
ثم مردنا جميعاً إلى أشد اللهاث و ويلات الضياع، و كل عام
ترذلون ؛ و عاقل جداً من اتعظ بغيره و جاهلٌ من ينتظر حتى
يعتبر بنفسه و أشد منه جهلاً من لا يجدي الوعظ معه نفعاً.