عيونك يا حمادة فيها حاجة .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 01:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-16-2021, 05:14 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    30

    عندما تُكور العانس النوبية شفتيها وتصرخ
    - الوطن مُحتاج لينا .
    أشعر بانقباض حاد فى صدرى
    هل ما زال هناك من يتحدث عن الوطن ؟ , من يُحبه الى درجة الوله المتصوف ؟ , عن اى وطن يتحدثون ؟
    وانا اُشاهد تحول الامور الى سيرك كبير , الجميع يرتدى فيه ملابس المهرجين الملونة , يضعون ذلك الانف الاحمر المستدير , وطراطير زاهية الالوان فوق رؤوسهم وهم يهزون اردافهم الرخوة بعصبية , لكن لا احد من الحضور يضحك , الجمهور واجم كأنهم يُشاهدون مراسم دفن مصحوبة بايقاعات جنائزية
    اعرفهم فرداً فرداً , شخصيات بارزة فى الحياة الفكرية والسياسية يبيعون ويشترون ويوشون ياقات قمصانهم برباط السكوت , أصحاب صحف يتحدثون عن حق التعبير المقدس وهم اول من يقمعون العاملين عندهم لو عبروا عن المطالبة بحقوقهم المادية , فساد شامل مُستشرى ضرب الجميع بدون اى استثناء , من امام مسجد فى بقعة منعزلة الى صاحب منظمة مجتمع مدنى يُدافع عن حقوق الاطفال المشردين , كلهم يلعبون على نفس الحبل , عندهم قوانين محسوبة فى الكر والفر , اللغة تختلف , والشعار يختلف , اسلامى .. ليبرالى .. اشتراكى , او بين بين , الهدف واحد , المصلحة الفردية وتأمين مستقبل مادى جيد للانجال , اى شعار نبيل تحول بين ايديهم الى سلعة , واى نزاع مسلح تحول عبر فوهات اسلحتهم الثقيلة والخفيفة الى سلعة
    وامثال " اخلاص وهبة " هم من يدفعون ثمن تصديق الشعارات , والايمان برموز هى فى نهاية المطاف نمور من ورق خفيف
    كان لدى " حافظ ابراهيم " لكنة عراقية لطيفة وهو يتحدث باللغة الانجليزية
    - Clowns on the stage .
    يضع النقاط على الحروف وهو يتحدث عن المعارضة العراقية , يعرفهم , ويعرف الدولة التى تدفع لهم الثمن
    - ابن القـحبة هذا ربيب الجمهورية الاسلامية الايرانية , والثانى ابن المخابرات البريطانية المُدلل , والثالث رغم انه يكتب عن تاريخ الطبقة العاملة العراقية الا انه عميل قديم ومُزمن للـ CIA .
    وانا عرفت قواعد اللعبة , واعرف ان الانهيار قادم , اعرفه فى عيون الناس , فى الامبالاة التى انتشرت , فى الشوارع التى تحولت الى برميل قمامة كبير , فى بصاق الناس على الاسفلت , فى الأشياء التى تفقد البريق والمغزى .. الانتماء يتفكك , يسرقون الكهرباء وماء الشرب الملوث , الفهلوة والشطارة , والخوف من المستقبل , المستشفيات وهى ترفض تسليم الجثمان الا بعد دفع الثمن , التحول الى بيت دعارة كبير , اللحم البشرى فيه بثمن معلوم
    والسياسة التى اصبحت وظيفة , ووظيفتى اصبحت فى خطر , اندمج الملياردير اليمنى المعتوه فى لعبة القناة الفضائية , خبراء اعلام واقتصاد , وبيوت خبرة اقليمية .. مُنهمكون فى عمل دراسة جدوى لمنظومة اعلامية ضخمة ومُتكاملة , والمطلوب منى ان اتحرك بالضغط فى الشق السياسى من اجل الحصول على التصريح النهائى لعمل القناة
    اعاد على مسامعى للمرة الالف بعد المئة قواعد تكتيكاته النظرية الجديدة
    - مفاهيم اللعبة اتغيرت يا مهدى , تعرف اهم وسيلة تضغط بيها اليومين ديل عشان مصلحتك التجارية هى القناة الفضائية , مش الحزب السياسى , تقدر تعلن فيها مجاناً عن انشطتك التجارية , تقدر تدى فيها شخصيات مهمة انتا محتاج ليها برامج عبيطة تقدمها , تقدر تشغل فيها اولاد الناس المهمين وبكده تكسب رضاهم , وفى كل الاحوال انتا كسبان مادياً , اهم حاجة فى الزمن ده يكون عندك قناة فضائية , ده سلاح فتاك .
    قلت وانا احاول ان ابدو مُبتسماً لمعرفة كيف تهب الرياح والى اين ستقود
    - يعنى خلاص .. فى القرن الواحد وعشرين قصة الحزب السياسى دى خلاص بح ؟ .
    اشعال سيجار كوبى ضخم بُنى اللون , انبعثت منه رائحة كريهة خانقة , ارجع راسه الى الخلف , انزلقت يده اليسرى الى وسط رجليه , وحجبها عن نظرى المكتب الخشبى الفخم , كانت هناك حركة خفيفة من يده , اشك انه يُمارس طقوس العادة السرية فى حضورى
    - مش بالظبط كده , الحزب برضو ضرورى عشان البرلمان .. لكن الاعلام يا مهدى الاهم طبعاً فى العصر ده , والاقل فى الاهمية هو وجود ناس ليك فى مطبخ التشريعات الاقتصادية والسياسية , لانك ممكن تشترى نواب بقروشك زى ما بيحصل فى امريكا .
    مفتون برواية (الاب الروحى) , وجدت النسخة الانجليزية والعربية والفرنسية منها فى مكتبته الخاصة , يتصرف مثل شخصياتها فى طريقة الحركة والكلام
    - يعنى اطمئن انو الحزب ما حـ يكون فى هامش اهتمامات السيد مصطفى غالب ؟ .
    ضحك , وضع السيجار فى فمه بطريقة مسرحية , جعلها مائلة بين شفتيه وقرصها باسنانه , كانت تهتز عندما تكلم
    - ما تخاف , انتا المهم والناس جميع ما تهمنى , افرد شراعك ضمنى .
    واصل الضحك من جديد
    تذكرت اننى سمعت هذا المقطع ذات يوم فى أغنيةً ما , هل يسخر منى ؟ .. هذا اليمنى المخبول
    كان لدى " حافظ ابراهيم " لكنة عراقية لطيفة وهو يتحدث باللغة الانجليزية
    - Clowns on the stage .
                  

06-16-2021, 02:35 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

06-19-2021, 05:03 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    31

    ادور فى مقعدى الجلدى الدوار دورة كاملة , فراغ ووحدة داخل دار الحزب
    على الباب الخارجى لمكتبى لوحة نحاسية انيقة صغيرة الحجم (رئيس الحزب)
    وعلى الحائط بالداخل لوحة مُقلدة لـ " بابلو بيكاسو" , وملفات بلاستيكية يعلوها غبار خفيف , ملفات موجودة من اجل الايحاء باهميتها رغم انها تحتوى على تفاهات
    صوت " ام كلثوم " يأتى خافتاً من جهاز اللاب توب الموضوع على سطح مكتبى
    - اغداً القاك ؟
    يا خوف فؤادى من غدِ
    يا لشوقى واحتراقى , فى انتظار الموعدِ .
    ادور فى مقعدى , دوران طفل يلعب فى ارجوحة عيد الفطر
    فى عزاء " نوارة " حضر زوجها الطبيب البشرى , طويل القامة مثل لاعبى كرة السلة , ازداد نحافةً , وتحول لون بشرته الى اسمر برونزى , اطلق لحية بيضاء طويلة وجميلة تتخللها شُعيرات سوداء بصعوبة , وظهرت تباشير تجاعيد واعدة فى كامل الوجه الوسيم , يحمل فى يده سبحة كهرمان لطيفة , ويُردد آيات من الذكر الحكيم بصوته الهامس الورع , تغير كثيراً , ادركت ان الزوجة الثانية قد سحبته الى طريق الدروشة , فى ازمنة الازمات والانهيار ينتشر التدين الشعبى
    كنت ادقق النظر اليه طيلة أيام العزاء , يرفع عينيه نحوى عندما يشعر اننى انظر اليه , واهرب من نظراته عندما تتلاقى العيون لمدة ثانية , اعرف ان هذا هو اللقاء الاخير بيننا , ويعرف اننى اعرف
    - الاولاد كيف ؟ .
    - تمام ما تقلق , ديل اولادى برضو يا دكتور .
    لم ينجح فى حياته العملية , وظل مُجرد طبيب محلى مغمور ذو دخل مادى جيد للغاية , طبيب ناجح ومعروف فقط فى محيطه الجغرافى الضيق الذى يتحرك فيه , دون اى اسهامات تُذكر على مستوى البحوث الطبية المنشورة والمؤتمرات ذات الوزن , يعمل طيلة النهار فى المستشفى الحكومى , وينطلق منذ بدايات الليل الاولى الى عيادته الخاصة , ثور فى ساقية يدور بلا توقف , اسقط من اجندته الخاصة رومانسيات المهنة التى تتحدث عن المهام الانسانية للطب فى خدمة البشرية التعيسة , وصار موظف يقوم باداء عمل روتينى بروتينية بغيضة
    - اتغيرتا كتير يا دكتور عبد السلام .
    قطع همهماته الروحانية الهامسة بابتسامة باهتة
    - كلنا مصيرنا نتغير يا دكتور , ربنا يهدينا جميعاً .. مرتضى وباسم بيسألوا عنك بشدة .
    كانت تتمنى انجاب انثى تُصبح صديقتها عندما تكبر
    - انشاء الله ما بنقطع منكم , ولازم كل سنة اجى بورسودان اسلم عليهم .
    يعرف اننى أكذب
    - ان الله مع الصابرين يا دكتور مهدى , صلة الرحم دى وصية ربنا ورسولنا .
    انتابتنى رغبة شريرة فى مُضايقته
    - وزوجتك الجديدة مش كان مفروض من الذوق تجى بكاء نوارة ؟ .
    رد فى هدوء شيخ صوفى
    - علياء حامل فى شهرها التاسع , والسفر صعب عليها من بورسودان لحدى هنا , والاولاد عندهم أمتحانات , ما عايز اكلمهم هسع انو امهم اتوفت .
    " مرتضى " و " باسم " ابناء اختى الاعزاء , كانا معنى وجودها فى الحياة .. اخذ يعبث بحبات سبحته فى صبر , اقتربت مواعيد صلاة المغرب , وهذا هو اليوم الثالث والاخير للعزاء , وهو الحوار الاخير بيننا
    - عارفك زعلان منى يا دكتور عشان اتزوجتا .
    - زعلان منك عشان اهملتا نوارة يا دكتور , نوارة دى كانت انسانة عظيمة , وانتا بصراحة ما كنتا بتستحقها .
    وضع يديه على جبينه وانخرط فى بكاء مسموع
    - اللهم اغفر لها ولنا , وارحمها وارحمنا يا غفار الذنوب , يا رب يا غفور يا رحيم .
    تركته يبكى دون كلمة شفقة واحدة
    - اعفى لى يا دكتور مهدى , الناس ظروف .
    - مافى زول يا دكتور بيجدع زوجته عشان اتعرضت لمرض عقلى الا هو ذاتو يكون مجنون .
    - الحاجة دى كلها عشان الاولاد يا دكتور , وانا ما عندى طريقة اتنقل هنا الخرطوم , المنافسة صعبة والدكاترة هنا بقوا اكتر من العيانين , الناس ظروف يا دكتور ما تحكم عليهم من المظاهر .
    كان بيننا اصرار على استخدام القابنا العلمية منذ اول يوم تزوج فيه من " نوارة "
    - دكتور عبد السلام .
    - دكتور مهدى .
    لم يكن هو نفس الشخص الجالس امامى الان , كان مرحاً , يعشق " عثمان حسين " , له صوت شجى عندما تسرى الخمر فى لسانه , كان راوية قدير لأشعار " المتنبى " , احتفظنا بمسافة بيننا , لم يسمح لى بالاقتراب منه الى حد الصداقة الحميمة , ولم اسمح له
    عند انتهاء الصلاة , انطلق بصوته الشجى , صوت ايام زمان , يتلو آيات بينات من سورة البقرة , فاتحتها وخاتمتها
    - صدق الله العظيم .. الفاتحة .
    اخذ الناس الذين لا اعرفهم ينصرفون فى هرولة
    - خليك معاى الليلة يا دكتور عبد السلام .
    عزومة مراكبية , اعرف سلفا انها ستُرفض
    - بارك الله فيك يا دكتور مهدى برجع الفندق وبسافر بكرة الصباح بدرى , لو اذنت مشيئة المولى .
    جاء لخيمة العزاء فى منتصف اليوم الاول , وجاء فى الصباح الباكر فى اليوم الثانى والثالث , يأتى فى الصباح وينصرف لفندقه قبل انتصاف الليل , لم يشهد دفن الجثمان
    - ما تنقطع مننا يا دكتور , خليك على صلة بالاولاد.. الخال والد .
    - انشاء الله .
    - اعفى لى .. والدم البينا عمرو ما حـ يكون موية باذن الله .
    - باذن الله .
    اعطانى ظهره وانصرف بقامته الطويلة النحيفة فى انكسار , اخذت انظر اليه حتى اختفى عن مرمى بصرى , كان من المفترض ان اقترب منه اكثر , ان اتبادل معه احاديث اطول , والان قد ضاعت الفرصة , وضاع هو فى دروب الدروشة الى الابد
    دكتور " عبد السلام مرتضى " اخصائى امراض الصدر المغمور , فى مدينة حارة ومغمورة .
                  

06-20-2021, 07:15 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    32

    رجل الحزب الذى يعرف كيف يتجنب وضع العُقدة فى المنشار
    اكلت فى بيته دكر بط مُحمر , وشربت شوربة دسمة
    غمست اصابعى فى صحن ضخم مثل طشت الغسيل , بداخله كمية مهولة من الفتة بالتوم والخل
    تجشأت , وشربت شاى صعيدى ثقيل يصعد للرأس مباشرةً بعد الرشفة الاولى
    دخنت معه الشيشة بمعسل صُنع له خصيصاً فى القاهرة كما قال لى
    ونمت ونحن نتحدث عن علاقاته الراسخة بالحزب الوطنى الديمقراطى الذى كان يحكم ويتحكم فى مصر
    استيقظت مع اصوات اذان المغرب , ناديت عليه , فدخلت الى الغرفة زوجته " مبسوطة " بلونها الابيض الناصع , ترتدى جلباباً منزلياً شفافاً يُظهر سروالها الداخلى الرجالى الطويل ونهديها المتدليان فى بؤس , واخبرتنى انه قد خرج لبعض شؤونه الخاصة , وضعت امامى مرة اخرى طبقاً به معلقة كبيرة
    - دى ام على , بالسمنة البلدى وحياتك يا دكتور , مرشوش عليها فضلة خيرك زبيب وقرفة .
    - يا مبسوطة انتى قايلانى دكر بط بتزغطى فينى .
    - يا عم , الاكل ده نعمة ربنا , والناس دى شقيانة فى الدنيا عشان بس تأكل لقمة نطيفة .
    عندما استدارت لاحظت دائرة من التراب حول مؤخرتها العملاقة من اثر الجلوس على الارض
    هذا هو مخبائى السرى الثانى , مع هذه الاسرة القادمة فى الاصل من صعيد مصر , من مدينة قنا تحديداً , الحاج " ابراهيم القناوى " , نصب نفسه عمدة على كل البصاولة الموجودين فى العاصمة , يحتفظ بلهجته الصعيدية ويفتخر بها فى اعتزاز
    - دى كلام اهلنا , واصلنا , وفصلنا , عاد نخجل منه كيف ؟ , امال ايه يا بويا .
    وجدته امامى ونحن مُنهمكين فى تأسيس الحزب الذى يقدم الحل السحرى بالخلطة السرية مثل دجاج " كنتاكي "
    اندهشت من لهجته , من جلبابه الصعيدى , قصير القامة , فى منتصف الستينيات من عمره , راسه اصلع حتى المنتصف تماماً , شبه امى حيث انه يعرف كيفية رسم حروف اسمه على دفاتر الشيكات , هو الوحيد من اعضاء مكتبى السياسى الذى احبه بصدق انسانى محض دون اطماع او مطالب
    - أيام ما كنت لسه تلميذ يا دوب بقول يا هادى فى التعليم , ضربت المدرس بتاع الحساب بطوبة فى راسه , والدم ده يا لطيف يا ولد عمى تقلش نافورة بترخ من راس المسكين , ويا فكيك نطيت م السور وجرى ع الشارع وتانى مرجعتش , ولحدى النهاردة لما اشوف مبنى بتاع مدرسة بجرى من الخوف , عقدة نفسية بعيد عنك يا دكتورنا .. هاهاهاهاها .. ربنا يرحم ايام الشقاوة ويرحمنا , تعرف لو كنت اتعلمت كنت يمكن اكون رئيس حزب زيك بلا فلوس بلا كلام فارغ .. هاهاهاهاها .
    له ضحكة مُجلجة , تهتز معها كرشه الضخم , شق طريقه بنجاح فى تجارة غامضة , وعرفت بعد ان توطدت صداقتنا انه اول من قام باستيراد الاطعمة الغذائية الفاسدة مُنتهية الصلاحية الى البلاد , حدثنى عن علاقة قديمة له بـ " عصمت السادات" شقيق الرئيس المصرى السابق فى ايام سلطانه وصولجانه , علاقة مهدت له طريق الثراء
    - نعمل ايه يا بويا , اكل العيش مُر , اهو بديت بالصلصة , اشترى من مصر بالجملة وفى اسوان فى شقة صغيرة اغير فى التواريخ واشحن على وادى حلفا والمكسب مية المية , بعد كده الشغل احلو مع عمك عصمت السادات , وحياة ربنا كافة حاجة , جبنة , سردين , مُربة , بسكويت , فسيخ , اغير الديباجة واشحن على وادى حلفا , انشاء الله ما حد حوش , والفلوس نزلت زى الرز .
    خاتم ضخم من الذهب الخالص فى يده اليمنى , وسبحة قال لى انها من البلاتين
    - على الطلاق بالتلاتة من مبسوطة , السبحة دى بلاتين حر .
    - والبلاتين ده كمان شنو يا كافى البلاء ؟ .
    - ده حاجة اغلى من الدهب يا ولد العم يا بتاع الكاملين , اتفضلها متغلاش عليك , بس انتا ملكش فى الكلام بتاع ربنا .. هاهاهاهاها .
    - يعنى انتا خلاص شيخ طريقة وبتاع ربنا يا حرامى .
    - هاهاهاهاها .
    اخبرنى ان جده الكبير جاء هارباً على قدميه من اهدار دم
    - الله يكرمك الظاهر المرحوم الحاج قناوى الكبير الله يخرب بيته , كان بينام مع مرأة العمدة , مرأة العمدة دى يا سيد كانت بنت صغيرة وزوُزة عمرها بتاع 19 سنة والعمدة عنده بتاع 88 سنة , وقناوى الكبير الله يخرب بيته مطرح ما راح وقتيها كان عنده بتاع 22 سنة , ويا لطيف كانت عينيه زايغة ع النسوين وعامل زى محسوبك العبد الفقير لله يموت فى الحرام .. هاهاهاهاها , لما الحكاية اتعرفت والبت حبلت منه يا فكيك عـ السودان , واحنا اللى بندفع التمن فى بلدكم الزفت دى .. هاهاهاهاها .
    بيننا صراحة ووضوح , نعرف ماذا نفعل ولماذا , جاء لصفوف الحزب بتوصية خاصة من الملياردير اليمنى المعتوه , بينهما شراكة تجارية فى مصنع للمياه المعدنية فى مدينة اسوان ومخزن ضخم لقطع غيار السيارات فى المنطقة الصناعية بـالخرطوم بحرى
    فى بدايات ايام تعارفنا ونحن نقوم بوضع البرنامج السياسى لـ (حزب التنمية الاجتماعي) انحنى علي هامساً
    - يا ريس عايزين نخلص ونروح بدرى , انتا واخد المسألة بجد خالص , ما تستحقش التعب ده والله , انتا حرامى وانا حرامى والريس الكبير مصطفى غالب حرامى , والحكاية كلها تمثيلية , والنهاردة الخميس معايا قرش حشيش والله العظيم يستاهل خشمك , والولية الحاجة مبسوطة عويدها بتنام بدرى , وانتا عارف النسوان لما تتحرم من الحاجات دى يوم الخميس , بتولع نار فى البيت يوم الجمعة والعياذ بالله .. هاهاهاهاها .
    استطاع الفوز بكل سهولة فى إنتخابات المجلس الوطنى عن دائرة فى جنوب الخرطوم , ثم كرر الفوز فى الدورة الثانية بطريقة اذهلتنا , واصبح بالنسبة لنا تميمة الحزب البرلمانية , لم يذهب هناك الا لاداء القسم او لمناقشة موضوع ترخيص القناة الفضائية مع بعض النافذين , لم يحضر اطلاقاً اى اجتماع لهيئة المكتب السياسى للحزب
    - يا عم , كبر مخك , ربنا يخرب بيت السياسة واللى اخترعوا السياسة , انا عضو برلمانى على الورق , وعضو حزب على الورق , وكلنا حرامية اولاد ستين فى سبعين .. هاهاهاهاها .
    انجب نصف دستة من البنات , كلهن مثله الخالق الناطق باستثناء الصلع , تزوجت منهن من تزوجت , والباقيات فى انتظار على احر من الجمر
    يغمز لى بعينه
    - تعرف يا مهدى لو كان ليك فى النسوان , كنت خليتك تتجوز واحدة من بناتى , تنقى واحدة منهم كده يا بويا على كيف كيفك , دول بنات عاملين زى البط البلدى على الفرازة .. هاهاهاهاها .
    هو يعرف اذن ! , ولذا يتركنى وحدى احياناً كثيرة فى بيت اللحم هذا
    اجمل ما فينا اننا نعرف عيوب بعضنا البعض دون اى رتوش او عمليات تجميل فارغة
    مررت عليهم فى طريق الخروج , وجدتهم يتحلقون حول التلفاز فى بلاهة , يُطرقعون حبات التسالى بين اسنانهم , وصوت المسلسل المصرى يرتفع عالياً
    - تعال يا دكتور احضر معانا مسلسل حلو بتاع ليلى علوى واستنى الحاج ابراهيم .
    - لا شكراً عندى اجتماع مهم , يلا مع السلامة .
    اسرة تعشق الاكل , وكلما دخلت عليهم المحراب وجدت عندهم رزقاً يأكلون منه ويعزموننى عليه بحرارة , معهم اشعر ان الحياة سهلة وليست بالتعقيد الذى اتخيله .
                  

06-22-2021, 04:21 AM

عبدالغني محمد الحاج

تاريخ التسجيل: 06-25-2005
مجموع المشاركات: 320

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    حكي طاعم
    الله يديك الفي مرادك يا شاهين
                  

06-23-2021, 05:12 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    33

    يا عصر الاحلام الوردية , والاقوال الصاخبة الطنانة , هل تعود من جديد ؟
    الضجة قائمة على قدم وساق , يوم الاربعاء القادم مؤتمر صحفى فى السادسة مساءً بفندق سلام روتانا , وانطلاق البث التجريبى للقناة الفضائية فى التاسعة مساءً من نفس اليوم
    اختاروا لها الاسم الخالد الغبى (السودانية) , واختارونى انا ضمن ضيوف للحديث عن مستقبل الاعلام البديل فى دول العالم الثالث فى اولى حلقات برنامج للـ Talk Show فى العاشرة والنصف مساءً
    الذراع الاولى لماكينة المنظومة الاعلامية الجبارة بدات العمل لغسل عقول الناس , واعلانات مساحيق الغسيل فيها ستتكفل بغسل ملابسهم
    شعرت بدوار خفيف وانا اصعد لشرنقتى عبر درجات السلالم للدور الثالث
    توقفت بُرهة التقط انفاسى المتقطعة , هل تقدمت فى السن لهذه الدرجة ؟ , يجب ان اهتم بوجباتى الغذائية , انا المشهور بالفوضى فى مواعيد الاكل , وضعت جدول تخطيطى على ورقة صغيرة , الافطار بعد الاستيقاظ مباشرةً , التقليل من الشاى والقهوة , التوقف عن تدخين سيجارة الصباح الوحيدة , الغذاء فى الرابعة عصراً يحتوى على شريحة لحم , والاكتفاء بكوب حليب او كاس صغيرة من الزبادى وبيضة مسلوقة للعشاء فى العاشرة مساءً , ولكننى كالعادة كسرت كل هذا التخطيط العبقرى , التهم ما تيسر عندما اشعر بالجوع فقط
    وجدتها تقف امام باب شقتى
    - حمد الله على السلامة .
    نبرتها فيها تهكم , او غيرة .. مُحرك التاريخ عند " ماركس " هو الصراع الطبقى , ومُحرك التاريخ عند " ارسطو " هى السياسة , اما عند " مونكو " فانه الحب , الحب الذى ساهم فى القضاء على الوثنية وانتشار المسيحية
    العانس النوبية اللعينة , المُعجبة الوحيدة بشخصى الكريم على السطح الكوكبى !
    - اخلاص ؟ .. اهلاً سهلاً .
    تصنعت نبرة ترحيب , خرجت جافة غصباً عن ارادتى
    توقفت , لا اريدها ان تدخل معى , احست هى بالحرج من هذه الزيارة غير المفهومة , وتلعثمت كعادتها
    - مـ مـ مـ مشتاقين .. وتلفونك مقفول .
    تعللت لها بعدم الشحن , والمشغوليات الجسام , واكتشفت اننا يجب ان ندخل الى الشرنقة بعد ان اقتربت منى لدرجة الالتصاق .. اين المفر ؟
    اخرجت مفاتيح عرينى وفتحت الباب , جاءت ورائى دون دعوة
    - بتحبنى يا دكتور ؟ .
    احتضنتى , وقبلتنى بقوة حتى شعرت بطعم احمر الشفاه لاسعاً فى لسانى , مشهد ساذج من مشاهد السينما العربية , ابعدت شفتي عن شفتيها الجافتين
    - انا جعان يا اخلاص , وعندى دوخة .
    نظرت لى فى دهشة , هذا اخر ما كانت تتوقعه منى
    - بالجد جعان شديد .
    ما زالت تتشبث بى , تُحرك يديها خلف ظهرى فى نعومة , نائبة الرئيس الناطقة الرسمية باسم حزبى , وحزبى الناطق الرسمى باسم شعبى , وشعبى مقطوع اللسان
    قالت فى صوت هامس مثير
    - عندك شنو فى المطبخ ؟ .
    - والله ما عارف .
    دون ان تعرف ماهو موجود فعلاً فى ثلاجتى , قالت فى وعد انتخابى
    - خلاص انا الليلة بعمل ليك عشوة مندكلة .
    فكرت قبل فترة ان اتحول الى شخص نباتى , ونفذت الفكرة لمدة اسبوع كامل , اكلت فيه كمية من الخضروات الخضراء الطازجة حتى اوشكت ان اُصبح حصان يصهل فى اسطبل
    وضعت حقيبتها البلاستيكية الرخيصة على المقعد الذى اجلس فيه لمشاهدة التلفاز , اخرجت منها كتاب
    - بتحب احسان عبدالقدوس ؟ .
    - يعنى .. كنتا زمان بقرأ ليهو .
    رواية (لا انام) , ذكرتنى بالمرحلة الثانوية من مسيرة دراستى الاكاديمية
    - الرواية دى انا بحبها موت , وهى هديتى ليك عشان تعرف انى بفكر فيك طوالى .
    - شكراً ليك كتير يا اخلاص .
    - مكان الحمام وين فى شقتك دى ؟ .
    اخذت اقلب فى الصفحات دون اهتمام , انتهى عصر القراءة بالنسبة لى , ودخلت فى عصر احلام اليقظة والهذيان والتفكير والتحدث مع نفسى بصوتاً مسموع , صوت ارتطام المياه على أرضية البانيو الملساء كان واضحاً , تُدندن بكلمات اغنية نوبية غامضة , تلعب باقتدار دور الزوجة فى بيتها !
    - هذا العالم السعيد بتعاسته .. التعيس بسعادته .
    خرجت ترتدى قميص نوم احمر شفاف دون مشد الصدر , صدرها كان نافراً وجائعاً بحلمات بُنية داكنة , جسد بديع فى وجه دميم , جلست على ساقي فى دلال انثوى لطيف
    - داير تتعشا شنو ؟ .
    كانت مُبتلة بالماء البارد وتنبعث من فمها رائحة معجون أسنان بالنعناع
    - والله ما عارف .. اى حاجة , بتعرفى تلعبى شطرنج ؟ .
    رائحة الجوع البشرى مُخيفة .. من القائل , هل هو " مُظفر النواب " ؟ .
                  

06-24-2021, 05:12 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    34

    قلت : فليكن العدل فى الارض
    عين بعين , وسن بسن
    قلت : هل يأكل الذئب ذئباً ؟ , او الشاه شاةً ؟
    ولا تضع السيف فى عنق طفل وشيخ مسن .
    الله عليك يا " امل دنقل " , و " يسوع المسيح " لن ينزل من برجه العاجى السماوى لنغتسل من اوساخنا
    - الو , حبيب قلبى طالب الصيدلة الفاشل .. صحيتك من النوم ؟ .
    - دكترة كيفك ؟ , انا صاحى , عاش من سمع صوتك .
    - والله فى البال طوالى يا غسان , انتا بتعرف معزتك عندى قدر شنو ؟ .
    - عايزنى اجيك ؟ .
    - لا , شكراً يا باشا , المكالمة دى عشان بس اطمئن انو الامور ماشية معاك كويس .. ماشية كويس ؟ .
    - تمام .
    - تمام التمام , ولًا تمام ساكت ؟ .
    - تمام التمام .
    - افتكر المرتب الشهرى بـ يوصلك باستمرار مع اخلاص وهبة .
    - بـ يوصل .
    - وافتكر انو مبلغ معقول لواحد صايع زيك وعندو عربية .
    - مافى داعى لقلة الادب .. ده حقى .
    - وانا عايز ازيد ليك حقك , عندك مانع ؟ .
    - بمعنى ؟ .
    اجابات تلغرافية رائعة , يستحق بها هذا الفحل الزنيم درجة وظيفية عليا فى هيئة البريد والبرق
    - المعنى فى بطن الشاعر .. هاهاهاهاها .
    - فى شنو يا دكتور ؟ .
    - فى شنو يا دكتور ؟ .. فى شنو يا دكتور ؟ .. فى شنو يا دكتور ؟ , ايوه اتذكرتا , فى انى داير بديعة تتعين مستشار اعلامى لى .
    - بديعة منو ؟ .
    - بديعة منو ! ده كلام يا راجل , بديعة حبيبتك .. الصحفية بديعة تاج السر الامين .
    صمت فى الطرف الاخر
    - الو , الو , يا ولدنا .. الشبكة وقعت عندك ؟ .
    - داير شنو من بديعة ؟ .
    - كل خير .
    - عرفتا العلاقة البينا كيف ؟ .
    - مشكلتك يا غسان انك ما عارفنى كويس , ما عارف انو يدى بتوصل للمكان العايزه فى اى لحظة , واساساً الخرطوم مدينة لا تعرف الاسرار يا ولدى .
    - مهدى الماحى , بديعة دى هى الحاجة الوحيدة النضيفة فى حياتى تعرف لو قربتا منها انا ممكن اعمل فيك شنو ؟ .
    - حـ تعمل حاجة واحدة بس صغنونة , حـ تنزل التسجيلات بتاعتنا فى الانترنت , تانى حـ تقدر تعمل شنو ؟ .
    - مهدى زح من الزولة دى , سامع الكلام ده , الزولة دى مسكينة ومن اسرة مكافحة وشريفة .
    - كلام زى الورد , بتعرف حاجة اسمها توازن الرعب النووى ؟ .
    - عليك الله الدنيا ليل ما داير فلسفة فارغة .
    - لكن داير قروش يا غسان , انتا شاب فاشل ووسـخان , وسـخان يمكن اكتر منى , وانا عارف انو عندك حاجات نضيفة فى حياتك داير تحافظ عليها , وانا برضو بيهمنى انك تحافظ على الحاجات النضيفة دى فى حياتك , ده بيضمن لى انك ممكن تفكر الف مرة قبل ما تسرب التسجيلات , ولو سربتها حـ تخسر برضو , لكن لما ما يكون عندك حاجة تخسرها انا بكون قلقان , ده مبدأ توازن الرعب النووى فى العلوم السياسية .
    - وفى النهاية ؟ .
    - فى النهاية بديعة تكون شاغلة عندى , وتتزوجها على بركة الله , تفتحوا بيت عائلى مثالى ويكون عندكم اطفال زى العسل , البيت المفتوح ده بيضمن لى انو التسجيلات ما تتسرب , والتسجيلات عندك بتضمن ليك انو البيت يستمر مفتوح .
    - طيب ممكن الكلام ده يكون بدون ما بديعة تشتغل عندك .
    - لا يا فالح , لا يا حبيب قلبى , خليك مع الزمن يا حبوب , شرطى الوحيد بديعة تكون شغالة معاى لحدى ما اموت عشان اكون عارف اخبار اسرتكم الصغيرة واخبار اسرتها الكبيرة المكافحة الشريفة اول باول , وعشان تكون انتا بالذات تحت عيونى باستمرار .. على العموم فكر فى الكلام ده كويس لانك لو رفضتا فى حاجة تانية فى العلوم السياسية اسمها حافة الهاوية , ده اخر كلام لى فى موضوعنا السخيف , يا موافق يا يفتح الله , ولو ما موافق على شروطى دى من بكرة يا حبوب نزل تسجيلاتك فى النت .. تصبح على خير .
    اصبح العدل موتاً , وميزانه البندقية
    ابناؤه صلبوا فى الميادين , او شنقوا فى زوايا المدن
    قلت : فليكن العدل فى الارض
    لكنه لم يكن ! .
                  

06-25-2021, 05:00 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    35

    كل 30 ثانية هناك طفل يموت من الملاريا فى ارجاء العالم
    اعشق جمع ارقام هذه الاحصائيات , اقوم بالجمع والضرب والطرح والقسمة
    كان الكون يعيش فى سلام وتناغم , وعندما ظهر الانسان وخرج من كهفه اختل هذا السلام والتناغم
    قلت سوف تلعب معى لعبة التأخير , ثم الاعتذار بالمشغوليات الجمة التى لا تنتهى .. لكنها خيبت توقعاتى وهلت بطلعتها البهية فى تمام الثامنة مساءً
    لديها درجة الدكتوراه فى الاعلام من واحدة من الجامعات الامريكية غير المعروفة , وخبرة ادارية كبيرة فى فضائية (الحرة) الامريكية الناطقة باللغة العربية , لعبت هى وفضائيتها المشبوهة باقتدار فى عقل العالم العربى بجعل الغزو على العراق مُجرد مُهمة انسانية محضة لانقاذ العالم من خطر الارهاب والديكتاتورية , وبناءً على رغبة الجمهور / الجمهور العراقى بطبيعة الحال /
    والان ها هى هنا , مُديرة فضائية (سودانية) , الاب سودانى لحسن حظنا , من الطبقة الفقيرة التى تمسكت بالسير فى طريق التعليم ثم الهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية , والام من سوريا , السورية كانت فتاة ريفية فقيرة وجميلة فرحت بالزواج ممن يحمل الجواز الذهبى وبالسفر للدنيا الجديدة , وتزوجته
    لهجتها السودانية اكثر من ممتازة لكنها فى بعض الاحيان تقوم بالصمت لثوانى اثناء الحديث ربما لترجمة ما تريد قوله فى ذهنها اولاً
    منذ الاسبوع الاول لتدشين القناة والصحف تتحدث عن الخلط فى الاسم بينها وبين الفضائية الرسمية الحكومية , هناك جناح فى الدولة لا يُعجبه ما يحدث , هو والدولة الاقليمية التى تحتضنه
    كتبت لها رسالة فى هاتفها المحمول بان يتم حذف آداة التعريف من الشعار على الشاشة ويكون الاسم (سودانية) بدلاً عن (السودانية) , وان تتم استضافة دورية راتبة بحافز مالى مُحترم لكل الاسماء الصحيفة التى بدات فى مُهاجمة القناة منذ ميلادها حتى لا يقوموا بتشكيل خلايا نائمة ضدها
    ردت فعلها ادهشتنى , هاتفتنى وشكرتنى لمدة ربع ساعة ثم ناولت الهاتف للملياردير المخبول والذى كان مُتواجداً معها بمحض الصدفة اثناء المكالمة ! , وقام بتوجيه الشكر الى مُرشح الإنتخابات الرئاسية القادمة , الى شخصى الضعيف !
    نهضت من على مقعدى
    - دكتورة لينا .
    - اهلين دكتور مهدى اوعا اكون اتأخرتا عليك .
    - لا بالعكس , مواعيد خواجات .
    فيها هذا الهجين , الغباء السودانى والطموح الشامى للنجاح المادى باى طريقة , طويلة القامة فى تناسق , كاكاوية فى لون بشرتها , انف عربى مُستقيم من جهة الام , وشعر راس من جهة الاب , شعر زنجى قصير وخشن تخجل منه وتخدع الناس بشعر مُستعار ناعم وطويل , ستعرف الحقيقة لو دققت النظر خلف اُذنيها
    تهالكت على المقعد بجوارى فى ارهاق حقيقى
    - احى انا يا امى , بلدكم دى متعبة شديد .
    نظرت لها فى استغراب
    - معقول انتى بتعرفى الحاجات دى يا دكتورة .
    ابتسمت وهى تشعل سيجارتها الاجنبية ذات الماركة المعروفة للقاصى والدانى , مارلبورو .. اين راعى البقر الان ؟ , ذلك الذى كان يظهر فى اعلانات هذا النوع من السجائر بحصانه الشهير وخلفهما برارى امريكية شاسعة
    - حاجات شنو ؟ .
    - حاجات احى انا , وسجمى , وسجم خشمى .
    - هاهاهاهاها .. انا سودانية , وبعدين انا تربية حبوبة , بابا الله يرحمه كان بيعتز جداً بناسه واصله , وكان عندو اصرار اننا نتكلم اللهجة السودانية .. بالمناسبة اوعا اكون ازعجتك بدخان السيجارة .
    - لا ما عندى مشكلة , انا برضو بدخن , لكن سيجارة واحدة فى اليوم لما اصحى من النوم .
    - خايف من سرطان الرئة ؟ .
    - السن واحكامه .
    - لا.. ما تقول كده , لسه شباب ماشاء الله عليك .
    لم اعرف حتى الان سر هذه الدعوة الغامضة للعشاء , لماذا تود التودد لى ؟ , هى الان اعلى منى فى مرتبة الاهتمامات والتصنيفات الهرمية للملياردير المخبول
    - انا بحب اشرب soft drink قبل العشاء .
    قالتها فى نعومة ابناء الذوات
    - okay , انا برضو ممكن اجرب الحاجة دى .
    - بشكرك تانى انك حليت لينا قصة اسم القناة .
    انتابتنى الريبة
    - دى حاجة بسيطة يا ستى وما اظن بتستحق عزومة عشاء فى مكان خمسة نجوم .
    - لا بالعكس يا دكتور مهدى بتستحق اكتر من كده , تعرف لما تشعر انو فى ناس حولك بتمد ليك يدها فى اى مشكلة تقابلك , ده بيكون شعور رائع ويستحق الامتنان .
    وجهها طويل , وشفتيها مُكتنزتين
    - احنا ممكن نبقى اصحاب ؟ .. أ ؟ .
    - بالتأكيد يا دكتورة .
    - شوف يا دكتور مهدى , انا عايزة انجح فى القناة دى , عايزة اسمى يلعلع فى عالم الفضائيات , وعشان ده يحصل عايزة انسان يكون عندو خبرة كبيرة فى محيط السيد مصطفى غالب , انسان يحذرنى يقول لى اعملى حسابك من فلان وما تثقى فى علان , يعنى أأأ صديق حقيقى , الصداقة الحقيقية والثقة بين الناس فى البيزنس راسمال ما بيقل عن التعاملات النقدية فى الاهمية .
    صفقة من الصفقات الصغيرة , ما العالم الا مسرح كبير لعقد الصفقات التجارية
    - حسب ما عرفتا انتا عندك دكتوراه فى العلوم السياسية عن القرن الافريقى .
    - أأأم .. لكن هسع لحسن الحظ اى عربجى حايم فى السوق العربى عندو دكتوراه فى العلوم السياسية .
    - الشهادات العليا مهمة بس فى المنظرة , ديكور عشان الناس تحترمك .. تعرف يا دكتور انتا لازم تتعلم الـ marketing , تتعلم تسوق نفسك بحرفية وانا عندى علاقات ما بطالة مع عدد من الفضائيات العربية ممكن اقدمك ليهم باعتبارك خبير ومفكر فى شؤون القرن الافريقى عشان ما تكون معروف بس فى النطاق المحلى الضيق , لازم تعمل breakthrough للمحلية الانتا حاشر فيها روحك .. فكرة كويسة ؟ .
    كانت تلوح بيديها فى الهواء ورماد سيجارتها الاجنبية يتطاير فى كل الاتجاهات , تلوح تلويحات خطيب على منبر فى يوم جمعة , وكانت كرتى اللحم متوسطتى الحجم تحت مشد صدرها ترتجان فى تناغم مع حركات يديها
    - فكرة ممتازة .
    سوف اقوم بالجمع بين وظيفتين فى خرق واضح للوائح الخدمة المدنية , سكرتير لملياردير مخبول , ومُخبر سرى لمديرة قناة فضائية مخبولة
    كل 30 ثانية هناك طفل يموت من الملاريا فى ارجاء العالم , من سوف يبدأ الحرب النووية التى ستقضى على العالم ؟ , من سوف يبدأ حتى نرتاح ؟ , وكل 30 ثانية هناك طفل يموت ! .
                  

06-26-2021, 05:36 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    36

    بالامس رأيت فى المنام انى اذبحك , فانظر ماذا ترى
    وهذه الصالات مُحكمة الاغلاق دون اى منفذ للنجاة , لو اشتعلت فيها النيران لتحولنا الى قطع هشة من الفحم النباتى
    مُكبرات الصوت هى واحدة من اسخف الاختراعات البشرية , والمُغنى خليع يتراقص بمؤخرته فى ميوعة وخفة مثل انثى فاجرة وهو يطرح على الحضور اسئلة لا يعرف الا الله اجاباتها
    - حبيبى وين ؟
    وينو نور العين ؟
    مالو خلانى ؟
    ونحنا كنا اتنين , أأأأيا .
    وحيد فى هذا الزحام الراقص , تجنبت بكل جهد " اخلاص وهبة " , وانشغلت فى لعبة مُصافحة من لا اعرف من اهل العريس والعروس , البعض منهم عرفنى لحسن حظى واراد الدخول فى مُناظرة عن الوضع السياسى الراهن !
    بحثت بعيوني عن الحاج " ابراهيم القناوى " , وجدته براسه الاصلع وجلبابه البلدى الصعيدى وهو مُنهمك فى مناورة مكشوفة بهزات الراس والاشارة والابتسامات مع امرأة بدينة غطت المشغولات الذهبية كل ساعدها الايمن ونصف جيدها , بعد قليل تظاهرت البدينة فى استهبال واضح بالحديث فى هاتفها المحمول وهى تتجه نحو بوابة الدخول والخروج الوحيدة حتى يقتنع الجميع انها تبحث عن مكان اقل ضجيجاً للحديث , وبعد اقل من دقيقة تحرك الحاج " ابراهيم القناوى " نحو ذات البوابة , غمز لى بعينه فى فرح طفولى عندما وجدنى اراقب تحركاته من بعيد , رسمت له علامة النصر فى الهواء فنحن جنود نحارب على ذات الجبهة المُلتهبة , جبهة البحث عن معنى حقيقى لمغزى وجودنا انا وهو على سطح كوكب الارض
    - تحية كبيرة للعريس دكتور غسان , والاستاذة الصحفية بديعة .
    نقلت لنا الكاميرات الخارجية ما يحدث فى الخارج على الشاشات الكبيرة , عربة بيضاء مُزينة باوراق مُلونة وحرفين كبيرين باللغة الانجليزية B .. G , انطلقت سحابات من الدخان الازرق والاحمر وفقاقيع من الصابون وزغاريد , دخلا الى الصالة فى خطوات بطيئة للغاية على انغام موسيقى شرقية مرحة , ثم توقفا فى منتصف الممشى المفروش بالسجاد الاحمر لتبدأ طقوس الـ SLOW DANCE العبيطة مع انتقال تراجيدى للنغمات المُنبعثة من الشرقى للغربى
    تركتهما حتى يجلسان وينفض زحام المهنئين من حولهما , ثم توجهت نحوهما فى خطوات واثقة وسريعة
    - الف مبروك يا غسان , ده اليوم الدايرنو ليك .
    ظهر الضيق جلياً على تعبيرات وجهه وهو ينهض لمصافحتى
    - الله يبارك فيك يا دكتور , نقول عقبالك للمرة التانية ولًا حـ تزعل من سيرة الزواج والنسوان ؟ .
    ضربة تحت الحزام فى هذا اليوم المُفترج ! , لم اهتم بالرد عليه
    ممدت يدى نحو العروس وهى تتصنع الحياء
    - مبروك يا بديعة , بيت مال وعيال , بعدين اعملى حسابك الاجازة شهر واحد بس , عشان قدامنا شغل كتير .
    همهمت فى صوت مُنخفض بكلام لم اسمعه وهى تبتسم وتنظر للارض
    كان ما زال واقفاً , ضربته على كتفه فى رفق , قلت وانا انظر نحو عروسه
    - اقعد يا غسان , اقعد ارتاح , قدامك بلاوى كتيرة نهاية الليل , رغم انى عارف كويس انك ما بتتعب وصحتك ماشاء الله عليها , هاهاهاهاها .
    نظر لى فى قلق واضح .. ضربة تحت الحزام فى هذا اليوم المُفترج , النتيجة تعادل ايجابى !
    عُدت لمقعدى وجلست اتفرج على هذه القرود وهى تقفز وتهز اكتـافهـا فى حلبة الرقص بشكل هستيرى , قرأت ذات مرة ان الزار هو واحد من افضل الادوية لعلاج المشاكل النفسية , مشاكل الكبت والحرمان وعدم تحقيق التطلعات الفردية ومشاكل عدم الارتواء الجنسى , والرقص هو نوع حديث ومُهذب للـزار
    لمحت المرأة البدينة تدخل الى القاعة , وهى تعرج عرجة خفيفة وتتظاهر ايضاً بالحديث فى هاتفها المحمول , بعدها جاء الحاج " ابراهيم القناوى " وهو يُهرول مُبتهجاً فى اتجاهى والعرق يُغطى كامل وجهه
    - كلو تمام يا صعيدى ؟ .
    - تمام يا بتاع الكاملين .. الواحد برضو يا دكتور مفروض يحتك بالجماهير كل فترة والتانية , واحنا بتوع الجماهير يا ريس.
    (الجماهير) , (الشعب) . (الناس) , (النضال) .. هذه الكلمات حمالة اوجه , مُبتذلة , تعبيرات لا معنى لها عندى على الاطلاق , عندما اسمعها اشعر بالحزن واليأس وبانقباض حاد فى صدرى
    - يا معـرص براحة على الجماهير , شوية شوية , ما كده , قربتا تجيب للولية شلل اطفال .
    كان جسمه كله يرتج من ضحك مكتوم
    بالامس رأيت فى المنام انى اذبحك يا " غسان " .
                  

06-26-2021, 05:48 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

06-27-2021, 05:15 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    37

    ساعات الصباح الاولى هذه ماكرة وشريرة
    هدوء يسبق عاصفة عاتية , قبل ان يخرج الناس للشوارع القذرة يبحثون بين ركام الوطن عن لقمة عيش مُلوثة بالبكتيريا ويتدافعون بالمناكب فى غلظة ووحشية , يظلمون بعضهم البعض ويموتون تحت آطارات السيارات المندفعة , علم تواضع الامال فى ابهى تجلياته المُزركشة البهيجة ان تخرج من باب منزلك فى الصباح وانت تمشى على قدمين وتتنفس , وان تعود مساءً وتدخل من نفس الباب وانت تمشى على قدمين وتتنفس !
    اصوب نظرى نحو اللوحة الزيتية التى تزين جدار غرفتى , يُجسد فيها القطار المعنى العبثى الحقيقي للحياة , المرور العجول من على القضبان مُخلفاً ورائك عاصفة هوائية صغيرة تتطير بفعلها اوراق الاشجار الجافة , ثم يهداء كل شيء وينساك الناس بعد المرور !
    همهمات تحيات الصباح غير الصادقة , اداءً لواجب اجتماعى ومظهرى سخيف
    - صباح الخير .
    - صباح النور .
    لمن اصادفهم من الجيران على المصعد او عند الهبوط والصعود عبر السلالم المُرهقة , نعرف اسماء بعضنا البعض عن طريق اللوحات المعدنية الموضوعة على ابواب الشقق الخارجية , الاسماء والألقاب العلمية دون اى تفاصيل حميمة اخرى
    - صباح الخير يا دكتور .
    - صباح النور يا بشمهندس .
    السجانة القديمة كانت غير , الجيرة فيها مثل القرابة , معرفة لادق ادق التفاصيل , دم ولحم وعيب ومُحافظة على عرض الآخر , كانت صح وغلط , كان الناس ناس , وكانت الطبقة الوسطى السودانية تبنى اساس قوى فى المسرح والقصة والرواية والشعر والمقال الصحفى , قبل ان يتم الاجتياح الهكسوسى الغادر لجحافل الريفيين للعاصمة الواعدة , اجتاحوها بغبائهم وسلوكياتهم الاجتماعية والصحية والثقافية الرثة , جاؤوا اليها من خلف المحاريث الزراعية البدائية ومن خلف الابقار والابل , احكموا قبضتهم على العاصمة ببصاق تمباكهم , بتبولهم وتبرزهم على الحوائط الخارجية للمدارس والمستشفيات , سادوا وحلوا محل الطبقة الوسطى المستنيرة صانعة التاريخ والتغيير والعلم والتحضر , قتلوا الحداثة فى مهدها بنصل جهلهم ورعونتهم وتدينهم الشكلى السطحى الاجوف
    ساعات الصباح الاولى , والفراغ ينهش جسدى مثل خلايا سرطانية
    - فلا صديق تسر النفس طلعته
    ولا أنيس يرى ما بى فيكتئب .
    اوقفت سيارتى فى مكانها المعتاد بجوار اللافتة الحديدية الاعلانية الضخمة , وجدت ان المفاجأة الكبرى التى بشرتنا بها لمدة شهور تمخضت عن اعلان لمشروب غازى جديد , تماماً كما توقعت , مشروب غازى خالى من الكحول كالمعتاد , رغم ان الكوب الزجاجى المُغرى على الاعلان يُعطى الانطباع اننا امام اعلان عن نوع من انواع البيرة الجيدة بتلك الرغاوى الكثيفة التى تُغطى سطحه
    بعد كل هذه السنوات الطويلة من الاستقلال السياسى الباهت اصبحت صناعة البسكويت والمياه الغازية وتعبئة الصلصلة و تغليف المكرونة وتكديس اكياس الشيبسى الضارة بصحة الاطفال والكبار هى المراد من رب العباد , ماتت احلام الوطن العاتى باذرع نهوضه المفترضة , الزراعة والثروة الحيوانية والتصنيع الثقيل الحقيقى , عكس كل العالم نحن نتراجع للخلف بصورة تدعو للشفقة , يجب ان يتم الحكم على كل من يحمل الجنسية السودانية بالاعدام شنقاً حتى الموت
    - فسوف تصفو الليالى بعد كدرتها
    وكل دور اذا ما تم ينقلب .
    وضعت قدمى اليمنى على اول عتبات دار حزبى , (حزب التنمية الاجتماعي) , هنا يسكن الشيطان بصحبة تفاصيله الشهيرة , قلت لنفسى ضاحكاً
    - منزل احرار , لا تُخبت هذا الباب .
                  

06-29-2021, 03:09 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    38

    هل الانسان مُسير ام مُخير ؟
    ماذا لو عثرت فى مخزن مهجور على آلة الزمن ؟ .. هل اعود بها الى بدايات حياتى واختار مسار مُغاير ؟ .. ام اهرب بها نحو الامام , نحو النهايات فى مرحلة شيخوختى العطنة وانا مُحاط برائحة تبولى الا ارادى وتخبطى الذى لا ينتهى فى دهاليز ومغارات الزهايمر ؟
    وشك صرخ فيك
    - انتا مين ؟ .
    رديت
    - غريب , داير استريح .
    وشك قفل باب وشو فى وشك
    وبقيت براك
    انسان وحيد .. مهجوم من الامطار .. حزين
    موعود تكون فى الغربة يا بحار هجين .

    و" نوارة الماحى " تجثو الان بين قدمي الرب , فى هذه اللحظة بالذات
    تطلب منه التوفيق لابنائها وشقيقها الوحيد
    لها اجنحة شفافة اعلى كتفيها من الخلف , ثوبها الارجوانى وجسدها الذى يشع بالضياء , تنهض وتنطلق فى الابدية الخضراء بعد الموافقة الالهية
    ترتدى حذاء " سندريلا " الفضى وتُطادر الفراشات الملونة , تقرأ للملائكة اشعارها البديعة , حولها اشجار فواكه مُثمرة وشلالات تنهمر منها المياه العذبة فى همس مؤدب , درجات حرارة ربيعية , وزقزقة عصافير الجنة الملونة تُعطى للمكان الاجواء الاسطورية المطلوبة
    - مرتضى عبد السلام مرتضى .
    قلتها فى فرح حقيقى صاخب , وقال الواقف امام باب شقتى فى ارتباك
    - ازيك يا خالو .
    عيون " نوارة " الجميلة المستديرة الحائرة , وقامة ابيه الطويلة النحيفة , وسيم بطريقته الخاصة , يقف على عتبات المراهقة , كان ينظر لى بقلق خوفاً من عدم الترحيب به
    - الغالى ود الغالية .
    اخذته فى حضنى بقوة , سالت دموعى , قبلته فى راسه , زاد هذا من ارتباكه
    سحبته من ذراعه الى داخل عرينى الملعون
    - تانى مرة ما تضرب الجرس وتنتظر زى الضيف , لازم يكون عندك نسخة من المفاتيح , جيت متين من بورسودان ؟ , شنطتك وين ؟ , باسم اخوك ما جاء معاك ؟ .
    اجلسته على اول مقعد صادفنى
    - خالو , انتا الظاهر جنك اسئلة زى المرحومة ماما .
    هززته من كتفيه
    - كبرتا يا مرتضى , كبرتا ما شاء الله عليك , عينى باردة يا ولد .
    - انا هسع فى اولى ثانوى يا خالو .
    ازال عنه الارتباك والقلق هذه المشاعر المتدفقة من جانبى , علمت منه انهم فى رحلة علمية لمتحف التاريخ الطبيعى وبعض المواقع الاخرى , وانه رئيس الجمعية العلمية فى المدرسة , حجزوا استراحة حكومية لمدة اسبوع
    - يعنى دكتور زى ابوك ؟ .
    - ناوى ادرس علوم احياء فى الجامعة .
    - ما شاء الله , ما شاء الله عليك , فى اسرتنا عالم احياء , عايزك تبقى عالم احياء مشهور زى عمك داروين .
    اعتذرت له بخجل عن عدم السؤال عنه وعن اخيه , نظر الى الارض بعينيه فى حزن , وضعت يدى على فخذه
    - معليش يا مرتضى , اعفى لى .
    - ما مشكلة يا خالو , انا وباسم برضو مقصرين شديد فى حقك .. المرحومة كانت بتحبك شديد وبتتكلم عنك طوالى .
    - نوارة دى انسانة ما بتتعوض .. عارف انها كانت شاعرة ممتازة ؟ .
    - الله يرحمها .
    - ما بتحب الشعر ؟ .
    - لا .. بحب الاحياء والسياسة .
    خفق قلبى بشدة , ها هو مهر جامح يُريد الانطلاق فى سهوب العمل العام اليابسة بفعل الجفاف والتصحر , ليعود فى نهاية الرحلة مهزوماً بالعطش ومُثخناً بجراحات نفسية لا تندمل
    - مالك ومال السياسة يا مرتضى ؟ , احسن تركز فى دروسك وبعد كده تشوف الباقى .
    - لو كل زول ركز فى اموره الخاصة البلد دى ما بتتصلح , مش كده يا خالو ؟ .
    وضعت راسى على كتفه وانا اضحك بقوة
    - البلد دى يا ولد ما بتتصلح , لو الناس ركزت او ما ركزت , دى بقت خردة , مفيش فايدة زى ما قال سعد زغلول .
    جذبته من مقعده
    - ادخل مع خالو المطبخ عشان نعمل واحد فطور مظبوط .
    بحثنا سوياً عما يصلح للأكل , وجدنا جبن افرنجى , وحبات طماطم حمراء شهية , و برطمان زجاجى به عسل اسود ثقيل , وبعض الخبز , ونصف بطيخة
    قال لى وهو يقوم بتقطيع حبات الطماطم الى مربعات هندسية
    - اقول ليك حاجة يا خالو وما تزعل منى ؟ .
    - قول يا سيدى .
    - البرنامج بتاع حزبك ما عاجبنى .
    - وانتا قرأيت البرنامج بتاع حزبى وين ؟ .
    - فى الانترنت .
    - عندك برنامج معين عاجبك ؟ .
    - عندى برنامج مؤمن بيهو ؟ .
    - برنامج شنو ؟ .
    - مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية .
    يا الله , انقذ مُطلقك الكامن فى الانسان
    - عندكم جبهة ديمقراطية فى المدرسة ؟ .
    قلتها فى احباط ساخر
    - النشاط السياسى ممنوع فى المدارس يا خالو ! .
    قالها فى اندهاش , كيف لا يعرف رئيس حزب هذه المعلومة ؟ , انا اعلم ما لا تعلم يا صغيرى , واعرف لماذا ابتدعت الراسمالية النشاط الحزبى والاحزاب وهى تنهض كعنقاء الدمار من رماد الاقطاع
    توقفت عن غسيل الصحن الزجاجى متوسط الحجم
    - مرتضى , مش مفروض تكون صغير على الحاجات دى ؟ .
    رد فى تحدى رجولى ممزوج بالعناد
    - الحاجات دى ما عندها سن معين .
    - مرتضى انا بالجد بقيت اقلق عليك من الكلام ده , مفروض تعيش سنك .
    - اعمل شنو يا خالو عشان اعيش سنى ؟ .
    - يعنى , تسمع اغانى , تحب ليك بت , تتفرج على افلام , تلعب رياضة .
    - بسمع اغانى , وبحب لى بت , وبتفرج على افلام , وبلعب كرة , وبرضو بتابع اخبار السياسة .
    شعرت بالاعياء والهزيمة
    - زوجة ابوكم بتعاملكم كويس ؟ .
    - هى فى حالها مع اولادها , وانا وباسم فى حالنا .
    - عايزك توعدنى بحاجة .
    - جداً يا خالو .
    - من الليلة احنا اصدقاء , واى اجازة فى المدرسة انتا وباسم حـ تكونوا معاى هنا فى الخرطوم .
    - مافى مشكلة , دى امنيتنا انا وباسم , أأأأ بس خايفين نزعجك .
    نهرته فى محبة
    - ازعاج شنو يا ولد , ده بيتكم .. وبعدين لو جنك سياسة تعال ابقى عضو معاى فى حزبى .
    - هاهاهاهاها .. خالو والله بدون زعل الحزب بتاعك ده حزب بتاع خستكة .
    - يا ود الكلــب , الناس اساساً اخترعوا الاحزاب عشان يخستكوا .
    ارتفعت اصوات ضحكاتنا عالية , نظرت لنا الجدران فى استغراب , الجدران التى لم تعرف غير الصمت .. تمنيت ان يبقى معى , ان يبقى الى الابد , وان يضع الملح على ايامى الماسخة
    - والبت البتحبها حلوة ؟ .
    ابتسم فى حياء
    - يعنى , شكلها عادى , بس زولة ظريفة ومؤدبة .
    - ممكن اشوف صورتها ؟ .
    - بوريك صورتها فى الموبايل , وبخليك تتكلم معاها .
    كنت انظر له فى حب ابوى مُخلص , سوف احميه يا " نوارة " من هذه اللوثة , سوف احميه , لن اتركه يضيع من بين يدي فى خزعبلات (الناس) , و (الجماهير) , و (النضال) , و (الوطن) .
                  

06-30-2021, 09:39 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    39

    الوحدة عذاب
    الوحدة جنون
    الوحدة اعتياد
    حصرت نفسى فى اضيق نطاق ممكن من الاجتماعيات , ما يتعلق فقط بالانشطة الحزبية
    خططت لقضاء ساعات وحدتى المجيدة فى الكتابة , كتابة الروايات , احتفظ فى كمبيوترى الشخصى بعشرات الافكار لروايات تقوم بتشريح الواقع السياسى والاجتماعى فى آطار بوليسى مُشوق .. لكننى كالعادة توقفت وفقدت حماسى بعد فترة قصيرة
    تركت للامواج العاتية تحديد اتجاهاتى وارتفاعاتى وأمكنة هبوطى الاضطرارية !
    قرأت / ايام عشق القراءة الجادة العميقة / , قرأت كثيراً عن التخيير والتسيير , هل الانسان مُخير ام مُسير ؟ , لو كانت كل الخطوات منذ لحظة الميلاد معروفة بدقة فى اللوح المحفوظ الموجود فى اعلى السماوات السبع , فلماذا العقاب والنار ؟ .. واذا كانت ارادة الانسان هى التى تصنع مصيره , فكيف تجهل الذات الالهية الاقدار والمصائر وهى القادرة على كل شيء ؟ .. زهدت وتوقفت عن القراءة الجادة قبل ان اعرف الاجابة الصحيحة !
    اشترى كل الصحف السياسية التى تصدر فى الصباح , وامر عليها بعيونى مرور الكرام فى عُجالة عند المساء واتوقف عند اعلانات النعى الاليم وانذارات المحاكم الصارمة , ثم اقوم بإلقائها فى برميل القمامة البلاستيكى فى اليوم التالى مباشرةً , صدمنى فيها اليوم مقال طويل توقفت عنده على غير عادتى وقرأته بامعان , عن الذكرى السنوية الثانية لكاتب صحفى توفى فى شقته الصغيرة بعد اسبوع من اجرائه لعملية دقيقة فى القلب , مات مُتأثراً بمضاعفات العملية الجراحية , مات كما قال المقال وحيداً دون اسرة ولا اصدقاء , المقطوع من شجرة " حمادة الحاج نور العليم " اكتشفوا موته بعد ان اوشكت جثته على التعفن , صورته الملونة المُرفقة فى المقال كانت وسيمة ارستقراطية بعيون خضراء , عيون تعود لحقبة العهد التركى او الاستعمار البريطانى , كاتبة المقال " نجوى كمبال " شاعرة وفنانة تشكيلية تعيش فى فرنسا كما عرفت نفسها فى نهاية مقالها الشجى , كان هناك حب واحساس صادق فى كل حرف وكلمة , هل كانت عشيقته ؟ .. قالت ان قيمة " حمادة " الاساسية تمثلت فى انه لم يفهم الحياة بطريقة صحيحة , وقالت ان من يفهم الحياة ويعرف كل الاجابات بشكل دقيق ولجميع الاسئلة المطروحة , سوف يتحول الى محض انسان آلى كريه , لذا فان علينا ان نستمتع بحل الاسئلة وان ننتحر اذا عرفنا الاجابات , قالت فى رعونة ان الحياة قاعة امتحان وامامك ورقة الاسئلة , قمت بكتابة الحلول , فما عليك الا الخروج فوراً واخلاء مقعدك لطالب جديد !
    اهرب الى منزل الحاج " ابراهيم القناوى " عندما تشتد علي نوبة الاسئلة الفلسفية القلقة , نوبة مثل نوبات الربو ومنزلهم بخاختى
    منزل كبير مُتعدد الطوابق , هنا المخبأ الارضى الاسمنتى المنيع من غارات طائرات الحياة التى تدك بلا رحمة
    منزل به اب وام ونصف دستة من البنات واحفاد فى مراحل عُمرية مختلفة , وكلهم متشابهون الخالق الناطق مثل الصينيين ! , لو حاصروا بلدة صغيرة ستسقط فى ايديهم فى اقل من ربع ساعة , فى منزلهم العامر بالحياة والحيوية اسمع الضجة ووقع الاقدام , وصوت المسلسل التلفزيونى المصرى , وصوت الاذان فى الاوقات المختلفة من المسجد القريب , اشم روائح طعام شهية وعطور نسائية شعبية مُثيرة , واُشاهد اعمدة دخان ضعيفة تتراقص مع حركة الهواء وهى تنبعث من مُبخرة طينية فيها قطع مُشتعلة من الفحم النباتى وعليها نثروا بخور حجازى قادم من الارض الطيبة
    الضد يُظهر حسنه الضد , انا المثلى جنسياً والمقطوع من شجرة , جذورى تبحث عن المياه الجوفية بيأس .. والحاجة "مبسوطة " راسخة , ثابتة الاقدام على الارض وفروعها فى السماء , بمؤخرتها الضخمة العجيبة ولون بشرتها فاقع البياض وطيبتها الرائعة الصادقة مثل انسان الصعيد الاول الذى صنع الحضارة واكتشف الاديان , رغم انها لا تقرأ ولا تكتب الا انها استطاعت رعاية هذا الفيلق العسكرى بكل همة وتفانى وفخر , انسانة تعرف ماذا تفعل فى حياتها دون لف او دوران , دون سفسطة وادعاء التذاكى .. عكس كل نساء العمل العام الشهيرات , والشهيرات بخبثهن وطموحهن الجامح فى الشهرة والمال , وشهوتهن للنفوذ وطلب اللجوء السياسى لهن ولأسرهن فى الدول الغربية , ولسانهن الزفر وشتائمهن الرخيصة فى المنتديات الالكترونية والندوات الجماهيرية المفتوحة , مثل ساكنات زقاق صليب القديم
    والحاجة " مبسوطة " تسير فى زحام سوق النخاسة هذا مُبتسمة وراضية بالقسمة والمقسوم , تسير صلبة ومُتماسكة دون ان تنخدش .. علاقتها بما يدور خارج جدران منزلهم لا تعنيها قليلاً او كثيراً , فقط تزويج من تبقى من بنات الفيلق العسكرى ورعاية ابناء من تزوجن منهن وحل مشاكلهن الزوجية الصغيرة التـافهـة التى لا تنتهى , وصنع الطعام على مدار الـ 24 ساعة دون توقف
    طقوسها فى الصلاة شاعرية , بعد الوضوء تمسح وجهها وعنقها بقطرات ماء قادم من بئر زمزم , ترتدى جلباب ابيض ناصع و طرحة بيضاء , وتجلس على كرسى بلاستيكى عريض , تغمض عينيها وترفع يديها الى اعلى
    - الله اكبر .
    وتغيب عنا , ترحل بجسدها وروحها الى هناك , تصعد بثبات الى حيث الله , حيث لا سياسة ولا فقر ولا حقد ولا اطماع , حيث الجميع سواسية مثل اسنان مشط , ترسم بايقاع رشيق من راسها حركات الركوع والسجود , وعندما تتلو جهراً قصار السور القرآنية ترتكب فيها اخطاء نحوية فادحة , وتخلط بين آيات السور المتشابهة
    - السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله .
    تفتح عينيها من جديد وتعود لتهبط فى دنيا البشر الزائلة , وعندما تجدنى انظر لها فى صمت واحترام , تبتسم فى اشراق ومحبة اخوية
    - ربنا يهديك يا دكتور .. ويهدينا .
    اشترت كفنها الخاص بها قبل شهور , وفرجتنى عليه بفخر
    - ده لبس العيد بتاعى يا دكتور يوم الحشر الاعظم , حلو ؟ .
    على الحافة كان هناك تطريز على كتابة بخط اليد صنعته واحدة من بناتها .. ؛؛ انا الحاجة مبسوطة صعيدية من نواحى قنا .. عبدة من عبيدك ؛؛ .. ضحكت واخبرتها انها ليست فى حاجة لتعريف نفسها يوم القيامة لانها سوف تندهش من كمية المعلومات التى يعرفونها عنها يوم الحساب , يعرفون عنها معلومات واخطاء هى نفسها قد لا تتذكرها .. تتنهد فى حيرة
    - مين عارف يا دكتور .. برضو الاحتياط واجب , اصلو اليوم ده حـ يكون زى يوم المولد والناس عرايا بلابيص , ولازم الواحدة مننا تستر نفسها فى يوم زى ده وتكون عارفة اصلها وفصلها واسمها .
    عندما انام فى غرفة الضيوف عندهم , انام بعمق , بدون كوابيس , وتحرسنى هى بكل همة مثل اخت شقيقة
    - يا بنات وطوا صوت التلفزيون شوية , الدكتور نايم جوه .
    والضد يُظهر حسنه الضد
    - سامية زى ثورة بلدنا
    وشامخة زى قاعة الصداقة .
                  

07-01-2021, 00:09 AM

صباح حسين طه

تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 1313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    هذا البوست يستحق عندي جائزة أفضل ما كتب في المنبر منذ بداية السنة الماضية
                  

07-02-2021, 07:55 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    40

    صيف .. وساعات منتصف النهار
    ساعات قيلولة ربات المنازل , وارباب المعاشات , والشباب الحائر الضائع الباحث عن فرص الفرار المستحيلة الى اراضى الاحلام
    هى الساعات التى يتصاعد فيها قلقى واحباطاتى التى لا تنتهى , وتتدهور فيها عادةً حالتى النفسية
    ماذا لو تحول الواقع الى مسلسل رسوم مُتحركة للاطفال , يصغر حجمى واتحول الى " نيلز " جديد , امتطى ظهر أوزتى " مورتون " واطير عند الشفق الى تلك الامكنة المصبوغة بالوان تُدغدغ مشاعرى , اتحدث مع الطيور وابتعد عن البشر الاشرار الاوساخ
    والجمعة
    الجمعة , هى يومى القاتل بلا رحمة او شفقة , الجميع فيها يحتمى بشرنقة عائلاتهم المُمتدة , يتبادلون الزيارات العائلية البغيضة , يتبادلون النميمة مع رشفات اكواب الشاى السادة الممزوجة بالقرفة , يتفننون ويتفانون فى صنع الاطعمة الشعبية
    تتصاعد رائحة تركين نفاذة وحبيبة من شقة مًجاورة لشقتى , ربما كان لاصحابها جذور تعود لاقاصى الشمال , اسمع فيها اصوات اطفال يتصايحون فى صخب مُتعمد قبل ان يكبروا وينتقلوا مثلى لمراحل الوقار الزائف والصمت الغبى , اصوات مدائح نبوية وبرامج دينية تنبعث بقوة من اجهزة تلفاز ومذياع
    الجمعة , وساعات منتصف النهار , الشمس عمودية تحرق فروة الراس والبشرة , والاشجار المتناثرة دون تنظيم على الرصيف كأنها منحوتة من الصخر لا يهتز فيها غصن او اوراق .. هذا الانتقال العنيف غير المفهوم بين الفصول المناخية المختلفة , عذبتنى مادة علم الجغرافيا فى مرحلة دراستى الثانوية بخطوط الطول والعرض الوهمية
    وقفت فى شرفتى مواطن مدنى اعزل يشعر بفراغ مُرعب , عندها اندلعت مُكبرات الصوت من المساجد المُجاورة تدعو للصلاة فى النداء الاول , بينى وبين الايمان والصفاء الروحى دروب وعرة ترقد فى ظلال حوائطها كلاب ضخمة مُصابة بالسُعار
    هل يُحبنى الله ؟
    وقفت اُحصى اعداد البشر المارين فى الشارع , نساء مُحجبات ونساء مُنقبات , رجال يهرعون بخطوات سريعة الى اين لا اعرف , كل واحدة منهن وكل واحد منهم لديه ذلك الايمان الراسخ بالجنة والنار وعذاب القبر , وانا وحدى الوحيد المتخبط فى هذا اليوم المقدس , ما اوصلتنى قراءتي المتبحرة فى الازمنة القديمة فى كتب الفلسفة المادية المعقدة الا لمزيد من التخبط
    الانزلاق الغضروفى هو الصديق الجديد فيما تبقى من العمر
    شعرت بألم شديد فى اسفل العمود الفقرى وتنميل فى الساقين , هذه المرة كان اشد من المرات السابقة , وبشرتنى صورة الرنين المغنطيسى بالصديق الجديد , اجلستنى الطبيبة المختصة مثل تلميذ وهى تُعلن نتيجة صورة الاشعة
    - عندك مشكلة غضروف بين الفقرة الرابعة والخامسة , ومشكلة غضروف برضو بين الفقرة الخامسة والفقرة الاولى العجزية .
    حملقت فى وجهى لمدة ثوانى كأننا فى مسابقة تلفزيونية وانا سوف اربح المليون , ضربت المنضدة التى امامها بطرف قلم تحمله بين يديها عدة ضربات سريعة احدثت اصوات مكتومة
    - لكن الحمد لله الحالة ما بتحتاج لعملية .
    ابتسمت هى لا ادرى لماذا ؟ , وبادلتها الابتسام لا ادرى لماذا ؟
    - حـ تكون محتاج بس لجلسات بتاعت علاج طبيعى , عبارة عن تدليك بالاشعة تحت الحمراء وتمارين رياضية بطريقة معينة , ومسكنات عند اللزوم , عليك الله اهم حاجة فى الغضروف الراحة والمحافظة .
    وقامت بتلاوة الوصايا العشر , عدم الجلوس لساعات طويلة , عدم حمل الاشياء الثقيلة , عدم وعدم وعدم .. استمعت لها فى حزن , جسمى يتداعى ويتفكك فى خمسينيات عمرى , نزيف مُتقطع من فتحة الشرج , وانزلاق غضروفى , وشعورى باننى فى حاجة لمراجعة طبيب عيون فى نوبات الصداع المفاجئة , رعاف من الانف يختفى لمدة طويلة ثم يزورنى على استحياء .. جسدى يهرب منى نحو محطته الاخيرة , قطار لوحة شقتى اوشك على اطلاق صافرة النهاية , يا جسدى الطينى الرخو , من طين والى الطين تعود
    - لو كان يدرى ما المحاورة اشتكى
    ولكان لو علم الكلام مُكلمِ .
    اعادنى رنين هاتفى المحمول الى داخل الغرفة , قمت بالرد دون ان انظر لشاشته
    - الو .
    - ايوه يا دكتور مهدى , معاك بديعة .
    من نبرات صوتها الباكى شعرت بالخوف
    - خير يا بديعة .
    - غسان زوجى اختفى يا دكتور .
    - ده كلام شنو يا بت ؟ .. اختفى كيف ؟ .
    ازدياد ضربات القلب عن المعدل الطبيعى دليل على الخوف والتوتر النفسى
    - من اول امبارح الخميس بالليل ما ظهر , وانا بحاول اضرب ليهو فى الموبايل بتاعو , والموبايل مقفول .
    - يا بديعة بيكون كان سكران ونام فى بيت عرقى , او ناس الكشة قبضوها والموبايل اتسرق او وقع منه .
    - لا .. لا .. لا , الحكاية اكبر من كده , صدقنى الحكاية اكبر من كده , من يوم زواجنا غسان ما حصل نام بره البيت , وانا قلبى ما بيكذب علي .
    وبدات فاصل طويل من الندب والنحيب
    - مفروض اعمل بلاغ فى الشرطة .. مش كده يا دكتور ؟ .
    قشعريرة , احسست معها بالبرد وتنميل فى الساقين , تنميل مثل حشرات صغيرة تزحف فى اصرار من الاصابع حتى منطقة المثانة .
                  

09-18-2021, 05:26 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

07-07-2022, 09:19 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    41

    اشتاق اليك الان
    فى هذه اللحظة بالذات
    لا , ليس الجنس بالمعنى الحرفى
    اشتاق ان تضع يدك اليمنى القوية حول كتفي , وان اضع يدى اليسرى داخل جيب معطفك
    نرفع علم قوس قزح بالوانه الستة , ونمضى فى مسيرة "برايد" طويلة , نتجول فى شوارع عاصمة الضباب , ونحتسى اكواب بيرة كبيرة
    انت علمتنى ان لا اخجل من نفسى
    ضجرت انت من الكتمان , ضجرت من ان تُصبح خفاش ظلام غامض
    - كله كان فى السر يا مهدى , انضمامى لصفوف الحزب الشيوعى العراقى , كان سراً حتى على افراد عائلتى , ميولى الجنسية كانت سراً لا يعرفه الرفاق او العائلة.
    طار الصقر العراقى , حلق بجناحيه
    خرج الخفاش لضوء الشمس , كتب مقالات عن انتمائه للفكر الماركسى اللينينى , وعن ميوله الجنسية
    عذاب , وسياط معنوية , فصل من الحزب وتخوين , مقاطعة من الاهل . وحفلات شواء للحم شخص يُحب بلده وفكره بصدق
    يتحول الناس الى الله صغير , يحملون صكوك دخول الجنة , لديهم ذلك الكاتلوج البغيض عن كيفية التعامل مع اعضائك التناسلية بدون معلم
    وقف وحيداً فى معركة شرسة , جسدى ملكى
    من تعاطفوا معه من المعارضة العراقية , همسوا له عن ترتيب الاولويات
    لماذا انا بالذات ؟
    لماذا اخترتنى انا بالذات لتمنحنى حبك واهتمامك ؟
    قررت ان اطرح عليك هذا السؤال بعد عودتك من رحلة الكمين , لكنهم اصطادوك بكاتم صوت
    انت مثقف حقيقى , وانا اكاديمى اجوف
    انت عاشق لاشياء , اصبحت الان محل احتقارى , شعب , ونضال , وتضحية , وتنوير , وحتمية انتصار
    طلاسمك الكلامية , كتبك الفلسفية المُعقدة , رائحة تبغك , فحولتك العراقية
    لماذا احببتك انت بالذات , ولماذا احببتك كل هذا الحب ؟
    اتذكرك فى لحظات ضعفى
    واشتاق اليك.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de