♧ ناس عايشة و ناس دايشة £

● دخل هارون الرشيد مرة مخدع إحدى جواريه ،
فوجدها تغتسل.فلما رأته قبالتها لم تجد ماتستر فيه نفسها
سوى شعرها الأسود الطويل، فأعجب الرشيد بما رأي منها و
من تصرفها المحتشم و عاد إلى قاعة عرشه منبهراً بما لمح
من مفاتن الجارية ، فقال لحاجبه : من بالباب من الشعراء؟
قال الحاجب بشار بن بُردٍ و أبو النواس الحسن بن هانئ، فقال الرشيد : إلي بهما ، و لما حضرا قال الرشيد رأيت كذا و كذا فمن يستطيع أن يصفه لي ؟ فأنشد بشار بن برد ما أنشده ولما انتهى قال له الرشيد: أحسنت و لكن لم تصب ما في نفس يعقوبي ،
ثم طلب من أبي نواس أن يُدلي بدلوه فقال :

_نضَّت عنها القميص لصبِّ ماءِ.. فورّد خدّها فرط الحياءِ
_و قابلت النسيم و قد تعرّت .... بمعتدلٍ أرقَّ من الهواءِ
_ و مدّت راحةً كالماء منها ....... إلى ماءٍ معدٍّ في إناءِ
_فلمّا أن قضت وطراً و همّت .. على عجلٍ لتأخذ بالرداءِ
_رأت شخص الرقيب على التداني.. فأسبلت الظلام على الضياءِ
_ فغاب الصبح منها تحت ليلٍ .. و ظلَّ الماءُ يقطر فوق ماءِ
_فسبحان الإله و قد براها .. كأحسن ما يكون من النساءِ

● فلما سمع الرشيد ما قاله أبو نواس صاح بأعلى صوته :
اجدع أنفه و اقطع رأسه أيها السياف ، فقال أبو نواس؛ و لِمَ
يا أمير المؤمنين ؟ فقال الرشيد : ويحك ! هل كنت معنا؟ ، فقال
أبو نواس: لا يا أمير المؤمنين إنما خمنت ذلك تخميناً، فضحك
الرشيد حتى لانت نواجذه ثم أمر له الرشيد بألفِ دينارٍ.