لصديقي ود الاصيل سوف أسرد لك سفاهة العامة وسخف بعض المثقفين !!!#

●عندئذٍ وجدتُ تفسيراً منطقياً لسر تجهُّم صويحبات أمي حينما يسألنها
عن هواياتي فتجيبهم بأنها تقرأ و تنجم كثيراً في عينَي ؛ لكنها لم تعرف أبداً
فنجانا أتعس من فنجاني، و لم تشهد أبداً أحزاناً أعمقَ أو تُشبه أحزاتي . و إنما
تشتَمُّ في أثوابي رائحةً لمشروع شاعرٍ أو ناثر ثائرٍ صغيرٍ؛ فتتمعر وجوه سائلاتها
و تقشعر أبدانهن فيتصبّب العرق البارد من جباههن ، فيلتفتن إلى بعضهنَّ تافلاتٍ
على جنولهن فمتعوذات بالسُّبَّق في أهل الله. حتى أتوجس بدوري خيفةً من كون
الثورة لم تعد حكراً على اسم أنثى (ثور ) جاموسٍ هائجٍ ؛ و إنما هي رديف لكل كارثةٍ
و نذير شؤمٍ بحدوث كل طامة كُبرى ؛ و أن مسَّاً من الشيطان يوشك يتلبسني إذا ما أنا تعاطيت جرعةً من من هذا الصنف. ذلك إن ربط الإبداع بعفاريت الجن الأحمر و (ركوب) بنات إبليسَ تكتيك سلوكٍ عدواني متعمَّدٍ بقصد و غاية الترهيب و التخويف من عواقبه.

♤ فالمتضرّرون من الإبداع كثيرٌ ما هم ، والمتربصون به الدوائر كُثرُ ، والمرتعشون
خوفاً منه حشفٌ و سوءُ كيلة. ذلك ليس لأنه يجنح للصبابة؛ بقدرما أنه ينادي بقيام
انتفاضة تغييرٍ مناخيٍ في ملامحنا و نبشٍ جيواستراتيجيٍّ لخارطة عالمنا الخَرِف.

♤ فرجال الدين واقفون سداً منيعاً بوجه الإبداغ ..و العلمانيون يشكلون مصداً قوياً
لرياحه؛ و كذا الماركسيون كانوا و لا يزالون يناصبونه أشد العداة و البغضاء كما أن الرأسمالية الوطنية هي للإبداع ألد الخصام والمحافظون كانوا ضده ؛ كما التقدميون
أيضاً ضده.. و حتى الفلاسفة الأفلاطونيون يحذرون منه و العلماء فضلاً عن الجُهلاء
و السفهاء منَّا على حدٍّ يصدرون فتاواهم بحقه بغير علمٍ و لا هدًى و لا كتابٍ منيرٍ.

♤ وحدهم الأطفال، والنواعم و المجانين نجد لدين ميلاً عاطفياً لقرين الشعر والأدب. فهؤلاء دون سواهم يعيشون الإحساس ببيت الشعر مثلما يعبق الرَّوْح والريحان من
قنينة عطرٍ فوتحٍ، كلما تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا يرجون و لا يدركون. فنحن
أمة نتنفس الإبداع ملءَ ضلوعنا و أطفالها يتلمظونه مع الحليب من أثداء أمهاتهم .

♤ في نظري شخصياً أن أثر المرأة في الإبداع نابعٌ من كونها ملهِمةً لقرينه ربما أكثر
منها مبدعة لنمطٍ إبداعيٍّ أنثويٍ بعينه فهل كتاباتنا عن الحب و اتخذانا من بنت حواءَ أيوقنةً لإبداع الفنون و لضبط نواصي القوافي بأوصاف الغيد الحسان و ترصيع المتون
إلأ تعويضاً لففداننا الحنان لشقائق النعمان ، و انتقاماً من مجتمعٍ يرفض عذرية العشق
و يكتم أنفاسه بالصوشيال ميديا. لعل تلك تهمة لا نستطيع نفيها و مثالية لا ندعيها،
و لكن مصرع كلِّ عاشقٍ ملتاعٍ مثخناً بجراحه عند باب محراب ليلاه يظل يهشِّم صوراً
ماثلةً بدواخلنا، و يترك على لجة بحيرة طفولتنا دائرةً تنداح بأكثر من علامة تعجُّبٍ.