|
|
 عذابات إنسان عطبرة المقيمة00مهانة شركة الأسمنت في ظل قبضة الراجحي السعودية
|
وكأن إنسان عطبرة لا تكفيه كل الدمامل والقروح التي ألصقتها به الأنظمة الشمولية التي تعاورت الحكم على السودان حتى يأتيه البلاء هذه المرة من خارج الحدود!!0
فعطبرة بخصوصية وضعها كمدينة مصنوعة تأطرت إمكانياتها ومقدرات أهلها وفقاً لذات الغرض الذي من أجله وجدت ، وأي خلل في ذات هذا النسق إنما يعني سيادة ظروف لا قبل لأهلها بها0 وهي نقطة ضعف طالما استثمرتها الأنظمة السياسية الفاشستية بدءاً من مايو التي مارست تحطيماً وتهميشاً مؤسسين للسكة الحديد – عصب المدينة والقطر- رغم أهميتها القصوى كشريان حيوي وذلك بغرض الابتزاز السياسي والتركيع حتى وان دعى الأمر التضحية بمقدرات البلاد مروراً بالإنقاذ التي قطعت خطوات مقدرة في هذا الاتجاه التعسفي، حيث قضت تماماً على السكة حديد لوجستياً وبشرياً0 وفي حين كانت مايو قد بدأت التشريد المنتظم للعمال والموظفين بغية العصف باستقرار المدينة ، أتت الإنقاذ بأكبر عملية "إبادة وظائفية" في عهد الوالي محمد الحسن الأمين "الشعبي حالياً" حيث تم فصل أكثر من ثلثي العاملين بها0
وعطبرة بقلة مواردها وضيق فرص الحياة بها - وهي المؤسسة تماماً على "الوظيفة" - تجعل من الحياة في ظروفها الطبيعية نوعاً من المجاهدة0 أما في الأزمنة الاستثنائية فيتحول الأمر إلى صراع بقاء على المدار اللحظي 0 كل ذلك وانسانها لا يملك سوى أن يداوي أوجاعه سوى بمزيد من الحب والتكافل الاجتماعي بشكل يدعو إلى الدهشة والإعجاب معاً0
ولأن عطبرة ونسبة لتضافر ظروف تاريخية وموضوعية باتت مركزاً للوعي السياسي كان لا بد أن تدفع ثمن ذلك حنظلاً في كل أزمنة التيه التي دمغت مسيرة الوطن والتصقت بحقبه الفاشستية ، وكان آخر هذه الدفعات من البلاء ما نحن بصدد التطرق له في مقالنا هذا0
ظلت شركة أسمنت عطبرة "ماسبيو" نافذة أمل مشرعة واستقرار لابناء عطبرة بجانب السكة الحديد ومنهما تتواطد أواصر الارتباط الحيوي بين الإنسان والمكان وفق علاقة تناغم حميمة قائمة على الحب والامتنان0 ولأنها واحدة من أنجح مؤسسات القطاع العام القليلة في البلد كانت وما زالت مطية للفاسدين ومحجة للنافذين من سلطة المركز، ولم يزدها ذلك الا متانة ورسوخ بفضل غيرة أبناء المنطقة عليها وتفانيهم في تطويرها وفاءا بوفاء من حيث ارتباط مصائرهم بها0 ولكن بما أن إنسان عطبرة على رأس قائمة المستهدفين "كما أبنا" كان لابد أن تكون "ماسبيو" هدفاً استراتيجيا هذه المرة في مخطط هدم استقرار إنسان عطبرة والمنطقة ككل0 وكعادة التكتيكات السياسية في مثل هذه المواقف، كان لابد أن تمرر المؤامرة من خلال غطاء شرعي، والذي تمثل هذه المرة في "الخصخصة"0
وسأترك الفرصة لأحد النقابيين الذي أفنى عمره في خدمة هذه المؤسسة التي تعني له ولزملائه كل شيء ليكشف أبعاد المؤامرة وتجلياتها: ( توافد المستثمرون من وطنيين وأجانب على الشركة فور علمنا بخبر بيعها الذي كان إرهاصات تناهت إلينا منذ فترة0 وقتها تيقنا أن الخصخصة باتت أمراً واقعاً لا محالة0 ورضوخاً للأمر الواقع تبلورت رؤانا هذه المرة في المحافظة بشدة على مكتسباتنا أياً كان الأمر الذي ستؤول إليه المؤسسة0 وقد سعينا جهدنا لإيصال هذه الرسالة لكل من سنحت لنا فرصة مقابلتهم من المستثمرين، ومحفزنا على ذلك كان وما زال الموقف الراسخ للشركة0 عقيب هذه الجولات المكوكية للمستثمرين نما إلى علمنا خبر رسو العطاء على المستثمر الوطني المعروف "أسامة داؤود" ، وبالفعل تأكد ذلك بحضوره شخصياً وإتاحته لنا الفرصة لمقابلته0 وفي اجتماع ناجح طمئن به الجميع على أن كل شيء في الشركة سيسير كما كان وحقوق جميع العاملين محفوظة وأن الأمور ستسير مستقبلاً نحو الأفضل طالما أن الشركة رابحة0 فجأة وفي غمرة هذا التفاؤل الذي ساد المصنع وعامليه ودون أدنى مقدمات تم إبلاغنا من مقبل المسئولين بالدولة وفي اقتضاب شديد أن المصنع آل إلى شركة الراجحي السعودية!!0 ويقال أن مرد ذلك التغير المفاجئ هو دين قديم يعود إلى أيام "صيف العبور" تمثل في تمويل الراجحي لصفقة أسلحة، وها قد حان سداد الدين0 وكان القربان هذه المرة شركة أسمنت عطبرة!!0
لم يستغرق الأمر طويلاً لافتتاح عروض العبث والمعاناة ، فما هي الا وأيام قليلة حتى وصل "المندوب السامي" ممثلاً للشركة السعودية متأبطاً برنامجاً كاملاً "السعودة"** للشركة على قرار الذهنية السعودية في هذا المجال وعلى نسق قانون العمل والعمال المعمول به في السعودية والمؤسس على استعباد العامل والعمل بقوة على تسخيره بأقل أجر ممكن والحط من قدره وكرامته قدر المستطاع0 أولى خطوات هذا البرنامج "المبارك" كان فصل عمال وعاملات النظافة بحجة عدم الحوجة إليهم في إطار سياسة التقشف والعمل على دمج الوظيفة مع المهام الأخرى للعاملين بحيث يقومون بأعمال التنظيف من مسح وكنس لمكاتبهم قبل أداء العمل الرسمي المنوطين به0 كذلك البدء في بيع المشاريع التعاونية للعاملين بحجة أن صاحب الشركة لم يأذن بذلك وأنها بالمقابل تدخل في صميم ملكيته للشركة0 العمل على سحب كافة الامتيازات المكتسبة من حوافز إنتاج وحصة سنوية من الأسمنت ، والإبقاء على مرتب مقطوع لا يقابل الحد التدني من أساسيات الحياة ولا يتفق مع ظروف شركة ربحية بحجم ماسبيو. وآخرة الاسافى فصل وتشريد العشرات من العاملين بحجة العمل على ضغط النفقات والعمل في نفس الوقت –للمفارقة- على استقدام عمالة هندية!!!0 ولا تكتمل فصول المأساة دون الإشارة إلى الفظاظة والسب العلني الذي يقابل به مندوب الشركة العاملين كل يوم والعمل على إشاعة جو من الرهبة داخل بيئة العمل0
لم يجد العاملون أمام هذا العسف منقطع النظير من حل سوى الاحتجاج وتصعيد الأمر لذوي الاختصاص في الحكومة والتهديد بالإضراب في حالة استمرار هذا الظلم الصراح، ولكن المدهش أن الحكومة وحتى هذه اللحظة تتعامل مع الأزمة بليونة وهشاشة في غير موقعهما وتجد نفسها في حيرة ومأزق إذا هذا الوضع الشاذ الذي أدخلت فيه الشركة منذ البداية بفكها الحبل على القارب للمستثمر الأجنبي دون وضع الحد الأدنى من الضوابط المتعارف عليها في مثل هذا الخصوص والمتمثلة حتما في مراعاة التقاليد الإدارية والحفاظ على الحقوق المهنية من جانب الآخر المستثمر)000 انتهى كلام المسئول النقابي!!!0
كوميديا سوداء:
أبدأ "المندوب السامي" – فلسطيني-أمريكي- اندهاشه بشأن ردود الفعل والمتمثلة في الاحتجاجات المتزايدة إذا سياسة "السعودة" التي شرع فيها، وكذلك وقوف النقابات المهنية المختلفة بجانب حقوق العاملين بماسبيو ووصفها بالفوضى معلقاً باستنكار: (كيف تكون هناك نقابات مهنية في بلد إسلامي يحكم بشرع الله!!!!!)000 ولا نملك في هذه اللحظة سوى أن نقول: "اتصنتي يا مدينة" !!0
** "السعودة" اصطلاحاً هي برنامج إحلال المواطن السعودي مكان الأجنبي، ولكنها تعني هنا المفهوم "الدونوي" للذهنية السعودية إذا العمل والعاملين0
عبد الخالق السر/ ملبورن
10/11/2004م
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عذابات إنسان عطبرة المقيمة00مهانة شركة الأسمنت في ظل قبضة الراجحي السع (Re: Ash)
|
العزيز عطبراوي...
أنا بت عطبرة طبعا... وباختياري الحر ....كان أن اخترتها لنرحل ونعيش فيها ....
كنت أعشق صفارة السكة حديد التي كانت توقظنا صباحا لنبدأ يوما مليئا بالحياة.... لا زلت أحلم باليوم الذي أعود فيه اليها... ويبدو مما كتبت أنها لازالت عطبرة المناضلة التي عهدناها... ذات الجو والانسان الاستثنائيي الحرارة... لن تبقى الانقاذ طويلا بعد الان.. لا هي ولا أذنابها... فات الكتير وباقي القليل...
امنح تحاياي لكل ذرة تراب في عطبرة اذا كنت لازلت تعيش هناك....
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عذابات إنسان عطبرة المقيمة00مهانة شركة الأسمنت في ظل قبضة الراجحي السع (Re: سماح سيد ادريس)
|
شكرا عادل لرفع البوست
آش
استغرب ان يكون هذا ملخص فهمك للمقال0 لأنه ليس هناك من طالب الراجحي بالرحمة كما ابنت0 هذا المقال يمثل (عرض حال) ان صح التعبير0 وهو لم يعفي الحكومة من مسئوليتها اتجاه ما حدث ويحدث في هذه المؤسسة العريقة0 أما مفهوم المنافسة والمتنافسون فحسب علمي المتواضع فهو لا يعني المهانة والاستغلال بأي حال من الاحوال0 خصوصا في بلد مثل السودان له تاريخ لا يستهان به بروقراطية الادارة والوعي الطبقي0 وليس من الطبيعي أن يعيده أحد الىأزمان البدواة وعقلية "الشوكة والغلبة" الا ان كان هناك تواطوء حقيقي من دولة يجب أن تكون مهمتها الاساسية حماية مواطنها0
الاخت سماح
شكرا للمشاركة ولمشاعرك النبيلة اتجاه عطبرة وأهلها0 ورسالتك ستصل عبر هذا المنبر الى أهلها الذين يمثل بعضهم رقم لا يستهان به من زوار هذاالموقع0
لكم الود
عبد الخالق السر
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عذابات إنسان عطبرة المقيمة00مهانة شركة الأسمنت في ظل قبضة الراجحي السع (Re: atbarawi)
|
Eid Mubark
I would like to comment on Brother A. ElKhalig’s article. The statement about the profitability of Maspio is not precise. The cement company is profitable ONLY because of the monopoly and protection provided by the government. Though the international price of a tone of cement is less than US$ 30 the prevailing domestic price is around 450’000 Sudanese pounds (US$ 180). The annual production of Atbra factory has tremendously decreased in contras to a sharp increase of the manpower.
A direct impact of the taking over of Atbra Cement Factory by the Saudi company is the remarkable availability of cement on the domestic market. Obviously the factory production has increased dramatically.
We need to depict full picture when come assess such projects.
Thanks Abd el Khalig
| |
|
|
|
|
|
|
| |
atbarawi
Abdel Aati
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست