السنجك ، وجن والبقية0لماذا قال الاجانب في السعودية ما لم يقله مالك في الخمر

Quote: عزيزي عطبراوي : لك التحية و التقدير أولا يشرفني جدا أن تكون عطبراويا ، فأنا عطبراوي حتى النخاع ، مواليد القيقر ، ثم من سكان الحصايا قبل أن ننتقل إلى العاصمة القومية. موضوعك شيق جدا ، و قلمك مقتدر و متمكن بدليل هذا التسلسل الفكري المنظم و السلس. و كل ما جاء في حديثك هو أمر واقع و حاصل. و لكن : دعني أقول لك مثلا يقوله أهل الرياض ، و خاصة البدو ( لو جاك واحد عينو مفقوعة يشتكي ، لا تتعجل بالحكم ، يمكن التاني عينيهو اتنتين مفقوعات ). أسوق إليك هذا المثل ، لأن واقع الحال أملى عليك و على الكثيرين قراءة ما يحدث و كأنه تواطؤ بين الأسرة الحاكمة و المواطنين السعوديين حتى يتمكن المواطن السعودي أن يفش غبينتو في الأجنبي. و لكن يا إبني ، بحكم تواجدي اللصيق مع الأسرة الحاكمة و مع البدو ، طوال خمسة و عشرين عاما متواصلة ، تجعلني أسوق إليك هذه النقاط التي قد تكون خافية على الكثيرين : قبل تولي الملك عبد العزيز زمام الأمور ، كانت المملكة تعيش في فوضى يعيث فيها القوي بطشه و جبروته ، لذا تشرذمت القبائل و عاشت كل قبيلة في خندق القلبية الضيق ، و هي عادة موروثة منذ القدم في البدو بالجزيرة العربية. لم يكن منفتحا على العالم الإسلامي إلا أهل جدة و مكة و المدينة و الطائف ، بحكم قدوم الحجاج لهذه المناطق أو عبورها عن طريق المنافذ البرية المتاحة آنذاك. و إلى الآن نجد أن أهل جدة و مكة و الطائف مختلفون في طباعهم و تعاملهم عن أهل نجد المعروفين بالغلاظة و عدم الثقة في أي أجنبي. حتى أهل الدمام أو المنطقة الشرقية مختلفون بحكم إحتكاكهم بالتجار الحضارم و الهنود منذ قديم الزمان. و بعد أن تولى الملك عبد العزيز الحكم ، إنصاع له البدو صاغرين و مرغمين ، و لولا إستمالته لهم عن طريق التزاوج مرة و الترهيب مرة أخرى ، لأختلف الأمر كثيرا و إنقسمت الدولة إلى دويلات قبلية. الملك عبد العزيز و المعروف بدهاءه الفطري ، قرب إليه مستشارين أجانب ، و على رأسهم الدكتور رشاد فرعون ( فلسطيني سوري ) تربى في أحضان الإنجليز ردحا من الزمن. و عندما ظهر البترول ، نصحه مستشاروه المقربون و أكثرهم من المنتفعين من الشوام و المصريين ، بعمل فجوة بين السكان و بين الأجانب المتوقع تدفقهم على المملكة باحثين عن العمل و الذين ستحتاجهم المملكة. و كان الغرض من هذا هو ( إستمرار التعتيم ) على الأهالي و إستمرار الغشاوة و الظلامية عليهم حتى لا يفكروا في الحكم أو حتى التظلم و الشكوى. و بعد أخذ و شد و جذب ، و حتى لا تتفتح عيون البدو و السكان و يستطيع هؤلاء المنتفعون من الهبش و الخم أطول مدة ممكنة ( و للأسف هذا يحدث إلى الآن ) فكان التوقيع على نظام الكفيل. نعم أنا معك قلبا و قالبا أنه نظام تعسفي لم تر له الدنيا مثيل. و لكن : الأسرة الحاكمة لم تقصد بتاتا أن يكون هذا النظام التعسفي هو كبديل لظلمهم للمواطنين السعوديين ، و لم يخطر على بالهم ذلك ، فهم يفعلون ما يشاؤؤن و يمتلكون من الأراضي ما يشاؤؤن و المال مالهم و البترول بترولهم و البلد بلدهم و هم أسيادها ، لا يخافون من أحد و ينظرون لهم نظرة دونية جدا، و لا يحتاجون إلى صرف نظر عن ظلمهم بأن يجعلوهم يظلمون الأجانب ، و لكن نظام الكفيل جزئيا إمتص جانبا من إنفعال المواطنين ، و لو قصصت عليكم القصص التي عايشتها شخصيا عن الأجانب المظلومين الذين أخذ لهم بعض الأمراء حقوقهم من السعوديين و الكيفية التي تم بها تأديب هؤلاء الظالمين لأمتلأ البوست لعدة أيام بهذه القصص.و لا ننسى أن معظم أعمال آل سعود الخاصة بالسعودية و الخارج يديرها أجانب. قد يقول البعض لماذا لا يكون هناك مكتب لتلقي الشكاوي و المظالم كمكتب العمل أو القضاء و خلافه ، و لكنه موضوع يطول لأن أغلب الدول العربية لا زالت تعيش بمنطق ( اللي عندو ضهر ما ينضربش على بطنو ).لقد مارس آل سعود نظرية العصا و الجزرة ، و نظرية شد الحبل و إرخاؤه ، و العين الحمرا و التدليع. يعني بمعنى آخر قالوا للمواطنين( أكفلوا الناس ) و لكن لو جاني متظلم ذنبك على جنبك. و النقطة المهمة في تطبيق نظام الكفيل هو أن آل سعود يريدون أن يظهروا للعالم أجمع بأنهم بريئين مما يفعله المواطنين بالأجانب ، بدليل أنهم يحترمون الأجانب في السعودية و يتعاملون مع الأجانب في بلادهم التي يزورونها سنويا بكل كرم حاتمي و أدب جم. و كل شيء سيء ينسب لعامة الشعب الشعب ، أما آل سعود فهم من طينة أخرى ، فمثلا ( جهيمان العتيبي ) صاحب إقتحام الحرم المكي ، قالوا إنه ليس سعودي ، بل من أصول مصرية. و المعارضين السعوديين في الخارج ، هم من أصول حضرمية ، أما ما يحدث للأجانب بالداخل ، فهي بفعل الرعاع من البدو. لذا ، لا يتوانى الأمراء من أخذ حق أي أجنبي متظلم ، و بسرعة ، و خاصة لو كان غربي. طبعا الغربي سينقل الصورة بأن السعوديين شعب ظالم يحكمه طبقة من آل سعود عادلة لا ترضى بالظلم. أريد أن أقول أن بعض الجنسيات المستقدمة للملكة أجبرت السعوديين على الحذر و بعض تصرفات بعض الأجانب أخافت السعوديين ، و يمكننا القول بأن السعودي الآن لديه خبرة واسعة بكيفية التعامل مع كل جنسية ، و هم في الغالب يتحاشون السودانيين لأسباب قد يطول شرحها.، و كما قال عطبراوي ، الحذر كان خوفا على مذهبهم الوهابي و خاصة فيما يتعلق بالمرأة ، و عاداتهم و تفاليدهم. حتى الجامعات ، لا يتم قبول أجنبي فيها إلا إن جاء بتوصية من أمير نافذ ، و ذلك خوفا من نقل مذاهب سياسية لطلبة الجامعات من خارج البلد. و رغم هذا هناك تأثير واضح على بعض العادات التي إخترقت البيئة السعودية. و هناك إختراق واضح بفعل الدش و القنوات و الإنترنت. و كما سمعت و سمع الناس هنا ، فقد تم إنشاء مكتب لتلقي مظالم العمالة الأجنبية تابع لمكتب العمل و هو يؤدي دوره الآن و قد تابعت موضوعا لسائق ليموزين إلى النهاية ، و كان سعيدا جدا بنهاية مظلمته. لقد حدثت مظالم كثيرة ، و تضرر أناس كثيرون ، و بالرغم من التكنلوجيا المتطورة التي تمتلكها أجهزة الأمن في السعودية ، إلا أن نظام الكفيل ما زال يشكل نسبة متعاظمة في تعقب المكفولين ، و بالرغم من الأجانب هم من المفروض أن يكونوا تحت مسئولية الدولة ، إلا أن نظام الكفيل يجعلهم تحت رحمة الكفيل ، إلا من رحم الله. مرة سألت ضابطا سعوديا كبيرا : لماذا لا تتبعون نفس النظام الأمريكي في نظام الإقامة ؟ حيث يعتمد الأمريكان على المعلومات السكنية و ملفات الكمبيوتر و رخص القيادة. يعني أي شخص أجنبي ممكن معرفة بياناته و موقع سكنه و عمله في ظرف ثواني. فقال الضابط الكبير : التكنلوجيا وحدها لا تعمل ، لا بد من أشخاص مفتحين و متابعين.هنا ما عندك أحد. و فهمت قصده ، فالعسكري السعودي ( مزاجاتي ) فمرة صاحي و يفتش كل شيء بدقة ، و مرة يقول لك ( إتوكل على الله ، رح ). و هذه هي الطريقة التي بواسطتها يتسلل الحجاج ( الزوغة ). أذكر و نحن راجعين من الحج ، البص كله سودانيين ، وصلنا لآخر نقطة تفتيش قبل الرياض الساعة الرابعة صباحا ، جاءنا العسكري و هو يتثاءب و قال بالحرف الواحد : معاكم ناس زايغين من الحج ؟ فقال له المسئول عن الرحلة ( لا ) فقال ( توكلوا على الله ). يعني لو كنا زوغنا كم واحد ما كان جاب خبر. من كل هذا عزيزنا عطبراوي ، إن نظام الكفيل لم تكن خطة ذكية من آل سعود ، و لكن ما حدث بعدها ، كان من إفرازاته السيئة. و الآن هناك نظام في مجلس الشورى ، و هو نظام أشبه بالنظام الأمريكى و لكن ستقوم عليه مؤسسات حكومية سيستحدثونها ، و هي تحت الدراسة. ختاما إبني العطبراوي ، لك التحية الصاخبة صخب صفارات ورش عطبرة و صافية زى موية العطبراوي بعد الدميرة. تسلم.