_____ الناس تنظر لمن تجاوز مصاعب الحياة وفقرها إلى حياة الغنى والترف، أنه ناجح، أما أولئك الذين كانت مصاعبهم أكبر وفرصهم أقل فإنهم فاشلون!! إن هذه الفكرة خاطئة كليا لانها اختزلت النجاح في افق محدود وضيق وفق نظرة محدودة قاصرة تنظر للنجاح على أساس مادي وليس قيمي، الناجح هو من استطاع أن يحافظ على قيم الدين والأخلاق والحق والخير والصدق والصلاح والتقوي، دون أن يتنازل عنها لأجل شيء دنيوي، إلا في حدود الضرورة التي تحفظ وجوده الحسي وليس المعنوي ( الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) سواء عاش فقيراً أو غنياً، مشهوراً أو مغموراً، لكنه في النهاية عاش لقيمة سامية رفيعه عالية وقطع تذكرة عبور لحياة أخرى هي الأطول عيشا لافيها نصب ولا تعب ولاصخب ولاجوع ولافقر ولا مرض ولا خوف لانه عاش من أجل قيمة عليا صعبة جداً، ولا يصل لها إلا العظماء، أما التنازل عن كل قيمة لأي شيء دنيوي فأمر سهل وبسيط وهذا هو الفرق الكبير بين الناس الذين نظرتهم مشرئبة نحو افاق ارحب واوسع من ضيق الدنيا وحطامها الزائف الزائل، ربما هذه الحقيقة توقظها لدي الناظر طوارق الايام والكوارث والحروب قد يشقي الانسان ويعمل ويجتهد سنوات طويله من عمره قد تتجاوز الاربعون سنة، وتأتي قارعة او تحل قريب من دارهم تدمر وتفني كل حصاد السنين في طرفة عين، ان الحرب التي اشتعلت وطننا السودان قدمت لنا دروسا وعبر، حيث رأينا كثير من الناس فقدوا كدهم وتعبهم وشقائهم بل حصاد كل حياتهم في طرفة عين اثناء هذه الحرب، في ظني ان هذه الحرب اعطتنا فرصة لاعادة النظر في نظرتنا وتفكيرنا وتعاطينا مع الحياة وعلمتنا ان النجاح الحقيقي هو الحفاظ علي الدين القيم والاخلاق والمبادئ لان الحياه الحقيقية تبدا بعد الموت مباشرة حيث ندخل حياة البرزخ كنهها وكيفيتها مختلفة عن الحياة الدنيا، وطريقة حساب الزمن والوقت فيها مختلف كليا عن طريقة حسابنا للوقت في هذه الدنيا فمهما خسرنا في هذه الحياة الدنيا فهي لا تسوي خسارة الدار الاخرة، لهذا يجب ان يقاس النجاح والفشل بموازين الايمان باليوم الاخر والبعث، فمهما خسرت في الدنيا فانك لم تخسر شيئا طالما كان قلبك ممتلئ بالايمان وراسخ في تحقيق العبوية لله الواحد الاحد وعش نزيها كريما امينا صادقا فهذا هو النجاح والفلاح الحقيقي الذي لا تهلكه الحروب ولا كوارث الدنيا المدلهمة.
العنوان
الكاتب
Date
النظرة القاصرة للنجاح كتبه عبدالرحمن محمـــد فضــل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة