للسى اي ايه تاريخ تليد فى توظيف الثقافة لخدمة اهدافها و تحقيق مرامى القوى الامبريالية فى السيطرة على موارد الشعوب يرجع تاريخها الى بداية الحرب الباردة و سقوط النظام النازى. فقد لعبت الحكومة البريطانية ,و اتحاد العمال الامريكيين دور اساسى فى انقسام الاتحاد العالمى للنقابات فى العام 1949 و تكوين اتحاد النقابات الحر ليتم تقديمها كبديل و منافس لاتحاد النقابات الديمقراطى العالمى. و و لاحقا بدأ الاستخدام و التوظيف الواسع لمنظمات المجتمع المدنى تحت اشراف الليبراليين الجدد بغرض ترسيخ المفاهيم الاصلاحية و اضعاف دور الدول و اعلاء قيم الفردانية و تمكين القطاع الخاص لخلق مؤسساءت راسمالية مرتبطة بالاستعمار و وكيلة لراس المال العالمى. فشهد اواخر السبعينات ظهور العديد من الواجهات التى ترفع شعارات التنمية و الحرية و الديمقراطية المرتبطة بالسى اى ايه فكان تاسيس نيد NED فى العام 1983و تم توسيع انشطة المعونة الامريكية لتتجاوز توزيع القمح بغرض تغيير العادات الغذائية للشعوب الى الديمقراطية و المرأة و غيره. اتسع مجال اهتمام المؤسساءت الغربية ليشمل النقابات و الاجسام الثورية التى تعمل على الدفاع عن حقوق العاملين فظهرت مؤسساءت متخصصة على شاكلة مركز التضامن للارتقاء بحقوق العمال. و قد اولى النيوليبراليين اهتماما خاصا للنقابات لانهم و منذ منتصف القرن الماضى روا فى العلاقة بين العمال المنظميين ممثلين فى نقاباتهم و راس المال تهديد لاقتصاد السوق و السوق الحر. فقد بين فريدريش هايك(1) و هو من ابرز النيوليبراليين فى اجتماع جمعية موتنى بيرالين فى ابريل 1947 "اذا كان هناك امل لعودة الاقتصاد الحر يجب ان نهتم و نلتفت الى مساءلة الى كيفية تقيد سلطة النقابات بالقانون". النيوليبرال لا يرون فى النقابات مهدد اقتصاد و احد اسباب العطالة و التضخم فقط بل يحسبونها مهدد لسيادة الدولة و احد اهم المسببات التى تضعف سياسة الدولة. مركز التضامن هو احد المراكز التابعة لاتحاد العمال الامريكيين والمنظمات الصناعية American Federation of Labor and congress of Industrial Organizations (AFL-CIO) المسؤول عن تنفيذ سياسة الاتحاد الخارجية قد تم انشاءه فى العام 1997 بعد ان تم دمج المراكز الاربعة التعابعة لاتحاد العمال الامريكان. يرى كيم سايبى(3) ان هناك ثلاثة مأخذ على مركز التضامن و هو انه يريد ان يهمين و يسيطر على الحركات العمالية فى الخارج و فى البلدان النامية على وجه التحديد و يحدد مسارها لذا اعتبره احد ادوات الامبريالية ثانيا تتماهى مواقفه مع سياسة الحكومة الامريكية فهناك من يتهمه بدعم انقلاب ضد شافيز المنتخب ديمقراطىا فى العام 2003 كما انه كان يقدم دعمه لاتحاد عمالي واحد من بين عدة اتحادات لانه يقف مع الاحتلال فى العراق و يشارك فى الحكومة التى كونتها ادارة بوش فى العراق ثالثا معظم مصادر تمويله تاتى من الصندوق القومى للديمقراطية (NED) و المعونة الامريكية فعلى سبيل المثال فى العام 2004 استلم حوالى مليون و نصف المليون لبناء المنظمات العمالية فى العراق بعد الاجتياح. تجدر الاشارة الى ان الصندوق القومى للديمقراطية اسسته ادارة الرئيس ريغان فى العام 1983 للقيام بالانشطة السرية التى كانت تقوم بها السى اى ايه علنا و على رؤوس الاشهاد.و مركز التضامن هو احد الاضلع الاربعة التى تنفذ سياسة الصندوق القومى للديمقراطية التى تتكون من العهد الجمهورى التابع للحزب الجهمورى و المعهد الديمقراطى التابع للحزب الديمقراطى و مركز المشروعات الدولية الخاصة التابعة للغرفة التجارية الامريكية. هذه المقدمة مهمة لفهم الاهداف الاستراتيجية لهذه المنظمات التى نشطت فى الخرطوم بعد سقوط نظام الجبهة الاسلامية. فقد ابدت عدد من المنظمات الغربية و الامريكية اهتماما فائقا بلجان المقاومة و العمل النقابى. فقد قام مركز كارتر باعداد دراسة عن شباب السودان و مرحلة الانتقال كان القصد منها جمع معلومات و خلق قنوات اتصال مع لجان المقاومة و تم نشر تقريره كما قام المعهد الديمقراطى باعداد دراسة و تخريط و مسح لنشاط لجان المقاومة فى كل انحاء السودان الا ان تقريره لم يرى النور حتى الان. المؤسف ان من ساعد فى جمع المعلومات و تحليلها اسماء لافراد محسوبين على اليسار السودانى و كان لبعضها ارتباط بالحزب الشيوعى السودانى بل ما زال بعضهم مدرج فى سجلات الحزب الشيوعى السودانى. كذلك قدمت شركة ديتى قلوبل احد شركاء المعونة الامريكية دعم لجان للجان المقاومة من خلال ما يسمى بالمعمل المدنى الذى توجد عدد من المؤشرات التى تربطها بمحاولة تقسيم لجان المقاومة. لم يكن العمل النقابى اقل حظا من لجان المقاومة فقد خصصت المعونة البريطانية الاف الجنيهات الاسترلينية بزعمة دعم الحركة النقابية السودانية و النهوض بها تم تمريرها عبر المجلس الثقافى البريطانى و كان المنفذ لبرامجها مركز الايام. ترى هل هناك حوجة لهذا الدعم فقد تم تقديم هذا الدعم رغم انه لا احد من النقابيين او العاملين فى السودان طلب ذلك الدعم او سعى اليه اذن فهو من احد اولويات الحكومة البريطانية و يخدم اهدافه الاستراتيجية و اجندتها. اذا احسن الظن ينوايا المعونة البريطانية لا يمكن ان نتجاهل حقيقة ان هذا تخريب للعمل الطوعى و ترويج لمفهوم النضال و العمل العام المدفع الاجر. خلاصة القول ان هذا محاولة للتاثيرعلى مسار الحركة النقابية فى السودان و قولبتها لتتماشى و تتماهى مع اهداف الامبريالية. كذلك اجرت منظمة فردريش ايبرت دراسة عن العمل النقابى و الاحزاب السياسية فى السودان كما اجرى مركز التضامن التابع لاتحاد العمال الامريكيين دراسة عن حقوق العمل و سوق العمل و هو بصدد اجراء دراسة و خرطة للمؤسساءت النقابية المتواجدة فى الساحة السياسية و قد استجلب لها خبير اجنبى امريكى يساعده مستشار سودانى. لا شك ان اهتمام المنظمات الغربية بالعمل النقابى يرتبط بحرصهم على قيام حركة نقابية مدجنة مسلوبة حتى يتمكنوا من تمرير سياسات السوق الحر و الاصلاحات الاقتصادية المستندة على مفاهيم النيوليبرالية و كذلك اعادة انتاج تجربة الاتحادات العمالية الامريكية هذا على المدى البعيد اماعلى المدى القريب فهو بغرض دعم قوى الهبوط الناعم و التامين على سيطرتها على المنابر النقابية و استبعاد العناصر الثورية. فبينما استعان المجلس البريطانى و المعونة البريطانية بعضو بارز فى مكتب نقابات الحزب الشيوعى المركزى و احد مرافيد الحزب الشيوعى وظف مركز التضامن افراد ينتمون الى الوسط مثل الاتحاديين و المستقليين فاستعانوا فى دراستهم الاولى باستشارى كان ضمن حركة المحايدين فى جامعة الخرطوم بينما سيشارك فى الدراسة الجديدة شخص معروف بانتماءه للاتحاديين. من المفارقات العجبية ان كل الاستشاريين الذين وظفهم مركز التضامن بياطرة بينما احد استشارى مركز الايام بيطرى و قيادى فى تنظيمهم الشيوعيين وسط البياطرة. فى الختام نطالب كل المهتمين بالعمل النقابى و النقابات مقاطعة الواجهات الغربية و العمل على قيام نقابات تستمد شرعيتها و دعمها من القواعد و ليس من المنظمات الاجنبية و كذلك نطالب الاحزاب السياسية بضبط نشاط اعضائها و محاسبتهم. كما نطالب قوى اليسار و الحزب الشيوعى بالتصدى لهجمات اللنيوليبرال بتاهيل كادره و تثقيفة و التخلص من العناصر الانتهازية و العميلة. المراجع: Ben Jackson (2015) Neoliberalism, labour and trade unionism page 262 in “The handbook of neoliberalism” edited by Simon Springer. Yves Steine (2009): The Neoliberals Confront the Trade Unions page 181 in the road from mont pèlerin - The Making of the Neoliberal Thought Collective” edited by Philip Mirowski Dieter Plehwe Kim Scipes (2010) AFL-CIO' s Secret War against Developing Country Workers Solidarity or Sabotage؟ Cox, Ronald. W., and G. Nelson Bass. 2012. “The Foreign Policy of Organized Labor in the Context of Globalization.” In Corporate Power and Globalization in US Foreign Policy, ed. Ronald W. Cox. New York: Routledge Press. Programs professionalizing parties and trade unions: Friedrich-Ebert-Stiftung Sudan Office
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم السبت الموافق 19/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة