رُعاة الإبل (١) بقلم:عبدالرحيم محمد صالح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 08:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2021, 10:58 PM

عبدالرحيم محمد صالح
<aعبدالرحيم محمد صالح
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 15

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رُعاة الإبل (١) بقلم:عبدالرحيم محمد صالح

    09:58 PM August, 21 2021

    سودانيز اون لاين
    عبدالرحيم محمد صالح-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر




    رُعاة الإبل (١)
    عبدالرحيم محمد صالح
    [email protected]
    وددت أن استخدمَ مصطلح "سفينة الصحراء" لولا قول ويلكسون إنّه منجور أوربي نتج من ترجمة خاطئة لعبارة "مركب الصحراء" فتُرجِمت مركب من العامية المصرية إلى (ship) بدلاً عن (vehicle) وقد أيّده في ذلك ريتر(Ritter) رغم استخدام الفقيه القانوني المستشرق السير ويليام جونز (William Jones) للمصطلح في ترجماته الشهيرة بحجة رسوخ المصطلح في الثقافة العربية رغم خطأ ترجمة أصله. ولتبيان ارتباك معنى المصلح نكتفي بالسؤال ماذا لو أسمينا السفن "إبل البحر"؟! يقول النمساوي جوزف فون همر بيرقشتال في كتابه "الجمل"، لاغبار في استخدام " سفينة الصحراء" متى نظرنا إليها بغير عدسات الثقافة الأوربيّة فالعربية لغة الكناية والاستعارة وأن كلمة إبل تعني السُحب، ويمكن أن نطلق "إبل السماء" على السحب الماطرة في الصحراء! ليست الإبل وحدها بل الصحراء ذات نفسها لم تنجو من أخطاء ترجمات وجدل الرحالة والمستشرقين، فـ "بحر بلا ماء" لا تعني الصحراء بل تعني "السراب" أو مايسميه البدو "بحر الغزال". فالصحارى بلا ماء فقط للذين لايعرفون أبوابها ودروبها ووديانها وآبارها .
    خُلقت الإبل سريعة التأقلم قادرة على التكيّف والتحمل لتعيش في المناطق التي لا تستطيع أن تعيش فيها المفترسات ولا يوجد فيها سوى القليل من الماء والنبات، فالإبل لها نظام تغذية عالي الكفاءة. وما رأيتُ أكفأ من الجمل البشاري في نظام حفظ الطاقة وتحويلها بين المجترات، فقد ركبتُ الجمل في صحراء قاحلة 17 يوماً بالتمام والكمال فلم يشرب فيها غير مرة واحدة. وكانت تكيفيه حفنة (ملء يديَّ) من العليقة ليومه وليلته. فالجمل ليس كالثور أو الحصان أو الفيل، فجسده اقتصر فقط على ما لا غنى عنه، فله رأسٌ صغير نسبياً (شِدِق) ، أذناه صغيرتان، فهو تقريبًا بدون آذان خارجية مقارنةً بحجمه، مدعومًا برقبة بلا لحم. لقد تجردت فخذاه ورجلاه من كل عضلة ليست ضرورية لتحركاته، وتزود جسده الجاف والهزيل بالأوعية والأوتار اللازمة لربط هيكله ببعضه البعض. وله فك قوي لسحق أصعب أشواك الأشجار وأقواها ولكي لا يأكل كثيرا فقد ضاقت معدته وجعلته مجترا. نخشاشيشه (أنفه) يستطيع أغلاقها والتحكم فيها من دخول الأتربة والحشرات، فالإبل لا تلهث لأنّها لها القدرة على توسعة فتحات أنفها لتدخل كميات كافية من الأكسجين للتنفس دون لهاث. وللجمل نظر حاد وأهداب طويلة لعكس أشعة الشمس وصد الأتربة، وجفون مرنة وأعين تغسل نفسها. لقد خففت قدمه بكتلة من العضلات. أَخْفَاف الجمل تنزلق في الوحل وتتورط في الطين والوحل ويصعب التخلص منه. كذلك الإبل غير مهيأة للتسلق إلا بعد تدريب شاق يعرفه رواد التهريب، ولا تناسبه كل تربة ما عدا السطح الجاف المتساوي والرملي، مثل الصحراء. كنت في صغري أساعد والدي في تجارة الإبل وكنت أعبر بالإبل من الجزر وإليها داخل النيل بقصد الرعي وتسمينها للتصدير. وتبدأ الإبل بالخوض أولاً وحين يصبح الماء عميقا ولا تصل أرجلها الأرض تميل جهة اليمين بزواية ٤٥ درجة ويصبح الواحد منها كقربة ضخمة وتحرك أرجلها كمجاديف تحت الماء وتسبح بسهولة، وكنت اكتفي بأن أتعلق على ذيل أحدها لأصل للضفة الأخرى بسلام. الإبل لا قرون لها تدافع بها عن نفسها كالأبقار ولا سنابك لها كالخيل ولا مخالب لها كالأسود لتدافع بها عن نفسها، فهي تخبط بأرجلها علي ماتحتها وتقع عليه لتهرسه. وكما ذكرنا آنفاً، ومن أهم وسائل حمايتها أنها تعيش في مناطق يصعب على الحيوانات المفترسة العيش فيها، ولها قدرة على تحمل ظروف بيئية لا تستطيع الحيوانات الأخرى تحملها.
    للجمل 34 سناً منها 16 سناً في الفك الأعلى. أي له قاطعان اثنان (أسنان أمامية، واحد على كل جانب) وضاحكان (أي ناب واحد على كل جانب) واثنا عشر طاحناً في الفك الأعلى، ستة منها على كل جانب. أما في الفك الأسفل فله 18 سناً منها ستة قواطع وضاحكان وعشرة طواحن، والقواطع الستة الأمامية في الفك الأسفل هي التي يستخدمها العامة في تقدير عمر الجمل. القواطع السفلية على شكل أسافين، والأنياب مخروطية الشكل منتصبة وقوية، وله مشافر مختلفة في طولها وطبيعتها، فالشفة العليا مشقوقة إلي نصفين يعملان معا، كما يمكن أن يعمل كل نصف مستقلاً عن الآخر، ويساعده ذلك في التقاط الأوراق الصغيرة من أفرع النباتات الشوكية وسفّ العليقة وتصفية الماء عند الشرب. وكما ذكرنا فأعين الجمل بارزة وأذناه صغيرتان، والمسافة الصلبة بين الخياشيم (الأنف) والمدامع (العين) تُسمي العرنون (مكان الرسن). أما المنطقة المرتفعة بين الأُذنين فتُعرف بالهامة، كما يقال لأسفل الفك العلم. ووضع العيون في محاجر على جانبيّ الجمجمة تجعل الجمل لا يستطيع أن يري أعلى رأسه إلا إذا "صقنع" أي نظر إلى الأعلى أو نظر إلى السماء. والعين محميّة برموش طويلة تحد من شوشرة انعكاسات الضوء كالسراب وخلافه. المنطقة خلف أذنيْ البعير تُعرف بالدومات (جمع دومة) وهي مكان لإفراز العرق والهرمونات. أما المكان بين الغارب والرقبة فاسمه الدّفة (حيث يخلف الراكب رجليه). سنام الجمل في وسط الظهر وحجم السنام يزيد وينخفض حسب وجود الغذاء ونوعيته. أعلى السنام يسمى الذروة، أما الشعر أعلى السنام فيُسمى الشعَفة أو الشوشية، وبعضهم يُسمّيها "القُجّة" . أما الشعر على الكتف فيقال له "العُرفة، الجزء خلف السنام يُعرف بالردف. رِجل الجمل الخلفية تتكون من الورك في الأعلى ثم الفخذ ثم الساق ثم العرقوب ثم الكراع فالخف. ولكل خفٍ ظلفان صغيران متشابهان. أما الرِّجل الأمامية تبدأ من الكتف ثم الذراع (الضراع) ثم الركبة ثم الكراع ثم الخف، والأرجل الأمامية أقصر من الخلفية. الجزء الخارجي للرقبة اسمه الجُران والمكان الذي تلتحم فيه الرقبة بالجسم يعرف بالقَصرة وأسفل القصرة مباشرة يقع المنحر. للجمل خمس مَبارِك (برّاكات) اثنان في الأرجل الأمامية عند الركب و اثنان في الركب الخلفية بين الفخذ والساق وواحدة تحت الصدر. للجمل سرة تقع عند منتصف البطن، ولـِ "ضرع" الناقة أربع حلمات، وعادة صغير الحجم ويقع في شبه تجويف عند عمق مؤخرة البطن، وعندما تبرك الناقة فإن ضرعها لا يصل إلى الأرض وذلك لطول أفخاذ الإبل وأوراكها. وجلد الضرع يختلف عن بقية الجسم فهو مرن ويكسوه شعر ناعم. وذيل الجمل يبدو وكأنه جناحا طائر التصقا ببعضهما البعض.
    عند الإناخة يبرك الجمل على أربع مراحل، يميل قليلاً إلى الأمام، ثم يحني إحدى قدميه الأماميتن ويجثو فجأة على الركبتين الأماميتين، ويصبر للحظة، ثم يدفع قدميه الخلفيتين قليلاً، وينزل على المبارك الخلفية ويتم تثبيت الجزء الخلفي على أربع نقاط ارتكاز هي الخفين والمبركين الخلفيين ثم يدفع قدميه الأماميتين إلى الأمام ليعتدل على ثلاث نقاط ارتكاز، المبركيين الأمامين ومبرك الصدر ثم حركة أخيرة يزن نفسه على جميع مناطق الارتكاز على الأرض. عند القيام يتم عكس هذه الحركات، أول هذه الحركات هي الأصعب على الراكب عديم الخبرة فيمكن أن يُلقى على رأس البعير ما لم يثبت نفسه بالتمسك بقمريات السرج. أما الراكب الماهر فينزل من السرج ويصعد إليه، دون إناخة البعير.
    للجمال "كلام" تفهمه، كلمة "إخ" أو "هِخ" وهي أسماء فعل أمر لإناخة الإبل، وقد يقولون "إخ چا" إذا تردد البعير أو تماطل في الإناخة. الإبل ذات نفسها كلمة جمع لا مفرد لها. وتستخدم كلمة "هِس" أو إس ليقف الجمل البارك علي أقدامه . للزجر كلمة "هجّ" أو "هيج" ، وهناك كلمة "دي" وغالبا يتم ترديدها مرتين "دي دي" وهي أيضاً لنهي الإبل ، وأحياناً يُجمع بين الكلمتين هَجْ دي. ولاستدعاء الإبل للشراب نفول " وو" (wuu) ويتم ترديدها مع المد الإطالة. كلمة "عه" حرف العين مع الفتحة يتم ترديدها لا ستدعاء الناقة للحلب.

    عند الضراب يقول رعاة الإبل الجمل "قَرَّع" الناقة، ويقولون رمي فوقها الجمل. ومن عادات البدو أنهم لا يأخذون الجمل الفحل للناقة، بل تؤتي له. والجمل لا يُقرِّع الناقة إلا إذا فقع الهدّارة ورشَّ، والجمل حين يَرُشُ يتبول على ذيله ويضرب به ظهره، وتراكم أملاح البول والهرمونات يجعل له رائحة نفّاذه تحبها النياق فتتمسح به. وهناك الجمل "النياقي" أو "الإنتاوي" أي كالناقة لايهدر لا يرشّ ولا يُقرِّع (نياقي عند بدو كردفان وإنتاوي عند بدو الشمال). الناقة الحائل تكرف (تشم) ذكر الجمل، أما الجمل فيشم خُبط الناقة ويرفع رأسه إلى أعلى مع أمالة الرقبة إلى الخلف قليلاً وكأنه يستمتع برائحة الخُبط! الناقة التي لا تمسك من الجمل الفحل "يُطهِّرونها" أي يختنونها، وإن لم تمسك بعد الختان أو تهرب من الفحل يُقال لها عاقِر وأحيانا يستخدمون لفظة "أندوكرَّا" وتعني "الأنثى الذكر" في الدنقلاوية (إن صحت الترجمة) وعادة تباع هذه للجزارين. يقول البدو "الجمل فَدَر" اذا استغنى الفحل عن ضراب النياق وهو سلوك طبيعي عند انتهاء فترة التكاثر في القطيع. أحيانا يستمر هياج الفحل ويرفض الأكل وتتدهور حالته ويهزل جسده في غياب الحائل من النياق ويُسمى بالفحل في هذه الحالة بـ "الصائم"، وقد يضطر صاحب الفحل إلى "استنواق" الفحل فينكسر الفحل المستنوق ويصير كالنَّاقة في ذله، ويرى البعض عدم جواز ذلك وحرمته!
    البدو يسمون الجمل العجوز "جقوس"؛ ويسمون الناقة الهرمة "جقّة"، كان، في سابق الزمان، بعض سعاة الأبل يجزِّون الشوشية (وبر السنام) ويأخذونه الى الفقرا (الشيوخ) فيتم حرقه ووضعه ويكتبون به سور من القرآن ويصنعون منها محاية تضاف إلى حوض الأبل أو تضع في البئر أو حياناً تمائم تُعلَّق على قلائد الإبل. بعض البدو خاصة البشارية الهامك وبعض العبابدة يجرتقون الجمل الفحل بالقلادة ويسمونها الكِنتلة. قد يهدر الجمل لأسباب عدة منها رؤيته لجمل غريب أو ناقة غريبة فلابد للجمل الغريب من الإذعان والطاعة والابتعاد عن إناث الجمل الفحل فدون ذلك الموت! فلا يجتمع فحلان في ناقة. لكن حين يكركر هديره ويرش فذلك يعني أن الجمل مُقبلٌ على ضراب!
    رعاة الإبل لا يبعدون الناقة "الحُرة" (للسبق والركوب) عن الجمل الفحل الذي مسكت منه أي الجمل الذي قرّعها لأنها "ترافقه" عدة أشهر، وإن أبعدوها قد تهيف (تَحِن وتجزع) وتطرح (تُسقِط). أما ذلك النوع من الجمال الذي يذهب و"يقرِّع" أو "يروِّق" النياق في أماكنها يُقال له جمل "ندّار".لا يستقر مع ناقة واحدة! الناقة تلد بعد ١٣ شهراً تقريباً، ويقولون الناقة "تِقْلَت" (ثُقلت) عندما تصل أيام الحمل الأخيرة يظهر الحمل جلياً على (الصلا) عند المخروقة والصلا تتراجف وتهتز في حركة مستمرة. الناقة تلد الحاشي في كيس اسمه السباية، الناقة لا تلحس جنينها مثل الأنعام الأخرى، لذلك وجود الراعي مهم لكي يُخرج الحاشي من السباية. ويحك لهاة الحاشي ليبدأ تفعيل نظام التغذية الجديد بعد انقطاع الحبل السُّرّي. أولاً تخرج الحويلة كماهو معروف، وبعدها الفقاية وثم التبيعة (السِّلا). الحويلة كيس مائي شفاف يظهر أول شيء وعند ظهوره تبرك الناقة للوضوع، لأنّها لو وضعت واقفة ربما تنكسر رقبة الحاشي. وبعد خروج الفقاية تبرك الناقة مائلة على جانبها وبعدها تظهر رجلا الحاشي ورأسه معاً.
    لابد للراعي من أن يُلجي الحاشي (في الغنا جبرائيل بأيدو لجّا)، ومن الطبيعي أن يبحث الحاشي الوليد عن ضرع أمه متى ما استطاع الوقوف على أقدامه، وإذا تشوش الحاشي واتخلط عليه الأمر يُقال له "غَبَّن" ومن واجب الراعي مساعدته حتى يعتمد على نفسه في الرضاع، يقولون لأول لبن الناقة "السِويد" وهو لا يُشرب يليه لبن عالي التركيز وكثيف الغذاء يسمي "العِقا". والناقة التي يموت جنينها "ترفع" أي لاتدر لبناً لذلك يُعمل لها ما يسمى بـ "البَوْ" (يُحشى جلد الحاشي بالتبن لتظن أنه مازال حياً) وهو مكروه عند البدو ولا يفعل ذلك غير راعٍ "هوين ساكت" أو شخص فقير ما عنده شيء. ويسمي الصغير "حاشي" طالما يعتمد على أمه في التغذية والحماية فإن اعتمد على نفسه يُسمى "مَفرود".
    للإبل أمراضٌ مختلفة تختلف باختلاف المناطق والمواسم والأنواع والأعمار، وأكثرها انتشاراً الجرب والسعر والعر والجُفار والريح والنجمة، والحفا وهو يصيب أخفاف الأبل فيصنع الرعاة أخفاف من الجلد وغيرها لتقي من الأمراض. البدو يعرفون مرض الجمال من ريحة عرقها (الدومات والغارب) وريحة فمها ولون البول وشكل وهيئة الطُّور، والطور هو بعر الإبل. "عَبَس الجِمال" هو ما يبس عَلَى أَذْنابها من أَبوال أي بول الإبل على الأرجل الخلفية. رائحة بول الجمل المريض ولونه واضحة، وكذلك رائحة العرق. وعلاج الأبل الأول الكي، بالإضافة للشاي والمحريب والحنظل والحزا وغيرها من النباتات الطبية. هناك أمراض ليس لها علاج بلدي، وأكثر مرض يخاف منه تجار الجمال مرض يُقال له " أب لبين "وهو مرضٌ لا أعراض له ويبدو الجمل صحيحاً لكنه إذا برك لا يستطيع النهوض. التاجر الذكي لا يشتري الجمل واقفاً! يدع الجمل يبرك بعض الوقت ثم يستعجل الجمل القيام إذا عجز الجمل في أن "يهَبِر" أي يقوم فجأة وبسرعة فلا يُشرى أو يشرى بثمن بخس. الجمل السعران أو الجمل الذي قتل بشر أو الذي يأكل لحم الأبل الأخرى أو لحم أي حيوان آخر "يرصصونه" أي يقتلونه رمياً بطلقة واحدة بين دوماته من جهة الخلف فيقع جثة هامدة دون تعذيب. وهناك مرض آخر معروف بـ "أم كِتيكت" لا علاج بلدي له، حيث يعض البعير (عادة الذكور) نفسه وقد يستفحل الأمر فيقتل البعير نفسه عضاً. الناقة التي تهيف لفقد فحلها أو حاشيها يعزلونها ويتركونها في المراح ويكثرون من تغذيتها ثم يسرجونها ويركب عليها الراعي ويجري بها في مشوار طويل دون توقف حتى يتصبب العرق من دوماتها وظهرها، بعد أن ترتاح تُغسل بالماء والصابون أو الماء والعطرون وتعاد إلى القطيع. إذا انكسرت رجل الجمل، في أغلب الأحيان، يذبح خاصة إذا انكسر بعيداً في الصحراء، أو يباع للجزار وذلك لصعوبة علاح الكسر! ولذلك لا تُقطع العقبة بحمل واحد.
    إذا بلغ عدد الإبل أكثر من عشرة فهو مُراح، وإذا زاد عن عشرين فهو "دردور" أو "دور" .إذا أمتلك الرجل أكثر من مائة رأس من الأبل يقولون عليه هَنّد، أو هِنْدي، ولعل اسم الهندي في السودان لا علاقة له بالهند بل بامتلاك الإبل. يسافر البدو بالإبل في شكل قوافل وكلمة "قافلة" مفهومة لكنها غير مستخدمة ويستخدمون بدلاً عنها كلمة "دبّوكة" وحجمها 80 إلى 100 بعير. وكل دبوكة لها خبير ودليل وإنقيب وقاروع وراعٍ ولكل منهم "وصف وظيفي" دقيق حددته الأعراف. الخبير هو قائد القافلة التي تسافر في الصحراء ولا يعصي الرعاة له أمراً، الدليل هو الذي يسرح بالأبل ويعرف مكان الماء والكلأ، أما الأنقيب هو مساعد الدليل والقاروع أقل درجة من الإنقيب. الدليل يوسم ويجزّ، الإنقيب يعقل ويحلب، أما القاروع والراعي كل منهما يسوق ويسقي وكل واحد أجره يختلف عن الآخر، الراعي يُقال له (الأجير) حين يأخذ هو وأهله أجره عيناً أو نقداً ودائماً لفترة محددة.
    حسب التصنيف الشعبي فالإبل في وسط وشمال السودان وشرقه ثلاثة أنواع: البِشاري والعنّافي والجَهني. والإبل البشارية والعنافية معروفة عند أهل الإبل بالإبل "الحُرّة" وهي أعلى قيمةً من الإبل الجهنية (العربيّة). لمعرفة ما إذا كان الجمل بشاري أو عنافي أو جهني (عربي)، ننظر إلى أنف الجمل وطوله وتناسق جسده ؛ أنف الجمل اسمها النخاخيش، العنافي نخاخيشه صغيرة وله أرجل رقيقة وطويلة ورقبة عالية وجسده "مسلوب"؛ أما الجمل البشاري يشابه العنافي لكن رأسه صغير (جسده مثل النعامة من حيث الشكل مع اختلاف الحجم) نخاخيشه متوسطة الحجم وأقصر طولاً من العنافي وأقل وزناً وله أذنان صغيرتان. الجمل الجهني له رأس ضخم نخاخيشه كبيرة وله قرقاشة (مكان عمود النخرة) بين نخاخيشه. أذنا الجمل الجهني كبيرتان وله أرجل قصيرة ورقبة قصيرة. الإبل البشارية تمتاز بالسرعة وذكية وسهلة الترويض. الإبل البشارية تنتشر عند قبائل البشاريين بشرق السودان وقبائل العبابدة والقراريش. العنافي يوجد عند قبائل وسط وغرب السودان وشماله ويُسمي عنافي لأنه عنيف أثناء السير، أو لصعوبه ترويضه. أما الإبل الجهنية في منتشرة في معظم بقاع السودان وهي "جمال الشيل" وهي إبل قوية تستخدم في الترحيل وتُسعي للحومها وألبانها. هناك اسماء محلية مثل "الباشقندي" وهو هجين بشاري وجهني .
    تُسعى الإبل لأبانها ولحومها وجلودها وهذا مبحث منفصل في أبحاث الإبل، وكل شئ في جسم الجمل يُستفاد منه. في مذابح الأبل مصر مثلاَ، تباع اللحوم، أما جلود الإبل تجفف وترسل إلى المدابغ ويتم تصديرها. وعظام الإبل لها تجار متخصصون يأخذونها لمعالجتها واستخدامها في تنقية السكر وغيرها من الصناعات. أكثر ما لفت انتباهي هو استخدامات جلود الإبل عند البدو في السودان ، كثير من البدو يتشاءمون من جلد الجمل الذكر ويدفنونه عميقا وبعيدا عن أماكن سكنهم، إلا أن جلود الإبل لها استخدامات كثيرة في أشياء لا يمكن استخدام جلود الحيوانات الأخرى في صناعتها منها نوع خاص من القِرَب لا يسمح بخروج الماء منه. تعالج جلود الإبل بطريقة معينة لصناعة مثل هذا النوع من القرب والذي يستخدم في دفن مياه الشرب تحت الرمال في الأماكن القاحلة لحين الحاجة إليها. ومنها أن يوضع جلد الجمل أو جلد "بقر الخلا" (الوعل النوبي) في ماعون ويضاف إليه بواقي اللبن لمدة عام وبعدها يجفف وتصنع منه الدرقة.
    ****
    الجزء (٢) : ترويض الإبل ، العرف، الجَمّالة والأبالة، تجار الإبل ، طرق الصحراء، أنواع السروج والقِرب.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de