مساكين نحن عندما نستنجد أو نستشهد أو حتى نُعلِّق الآمال "واهية" على "الدوليَّة"! فحقَّكُ تنتزعه نزعاً. *
علَّ العبارة أعلاه دارت في ذهن حكومتنا الإنتقالية - أو المكوِّن العسكرِّي فيها - كما و علَّها خطرت في فكر حكومة مصر الشقيقة في مسألة "سد النهضة" و مناقشة أمره و مآله في "مجلس الأمن".
لكنها حتماً أيضاً علقت في عقل و قلب الإخوة في حكومة أثيوبيا، مع ملاحظة أن السدَّ "المشروع" قد حضرته و باركته حكومات الدول الثلاث السابقة للحكومات الحالية!
فيا سُبحان مُقلِّب الأنظمة و الأمزجة و القلوب و الأحوال! *
في الحياة هناك أمور "تتشابك" بيننا لحكمة قد تغيب عنَّا أو عن بعضنا وقتها؛ لكنها ما كانت لتغيب الحكمة الإلهية فيها. و سبحان الله عندما يظلم الإنسان نفسه و غيره معه "مُتكبِّراً" و مُكابراً عن حقائق الأمور الواضحة أمامه!
فالدوليَّة التي نتحاكم إليها و "ننوُح" و نندُب عندها و في مجالسها هي في الأساس عبارة عن فكرة لقهر الدول و الشعوب ظالمة! أجازتها لنفسها و شرعتها عدد قليل من دول عظمى استعمرت العالم و شعوبه قهراً و غصباً و شكلت لهم هيئة أمم متحدة و مجلس أمن و احتفظت لنفسها فيه بحق النقد و الرفض "الفيتو" دون غيرها و ختمت على دوام ذلك بينها حتى القيامة!
*
نعم المصالح هي ما تحكم علاقات الدول و أنظمتها و الضعيف منَّا إلَّم يك له ظهر ضرب على بطنه و كُسِّرت عظامه كلها. عن أي دوليّة نتحدث و الحروب و النزاعات المسلحة و الإحتلال و التطهير العرقي و المذهبي و العنصرية تفوح و تفيض و تتفجر في مختلف الدول بيننا! و مجلس الأمن و خلفه "العظمى" لا يتحرك إلا فيما فيه مصلحة لها تضرَّرت أو هُدِّدت أو "دُفع" لأي منها! *
و سفريات تضيع سُداً لأن الأمر يحتمل وجهات نظر متعددة متفرقة متباينة و مختلفة! و لأنَّا وحدنا من نعلم المصير الحق إذاً وحدنا من سيواجه "الكارثة" إن تحققت و من يتوجب عليه فعلاً أن يتحرك مُدافعاً عن نفسه حاضره و ماضيه و مستقبله و مُنتزعاً الحق. صوت حكومة أثيوبيا كان واضحاً مثل تحركاتها لكسب الوقت و وضع الجميع أمام الأمر الواقع من السد. لكن السودان و حكومته الإنتقالية تجلَّى موقفه "رَديفاً" تابعاً لصوت و حراك الإخوة في حكومة مصر و "صدى" لهم! و هذا من الأسباب التي أضعفت حجَّة السودان أمام "نهضة" أثيوبيا فدوليَّة العظمى لا تحترم و لا ترى إلا من يقف أمامها و لها فتهابه و تحترمه حتى و إن قررت فيما بينها لحظتها أو بعدها سحقه و تدميره. *
من أهم الخلاصة في نزاع "سد الحبشة" و التي كانت أن تكون النقطة الجوهريَّة الأساس للعقلاء بيننا في مفاوضاتهم الماكوكيَّة "السَكلبيَّة" هي أن حجم الماء المخزَّن خلف السد المُراد الوصول إليه في حالة انهيار السد -لأيِّ سبب- سيمحي و يمحو السودان الأرض و الشعب!
فعلى أثيوبيا و مازال مراعاة حجم الخطر و الكف عن "الأنانيَّة" و "الطمع الجشع" في زيادة حجم التخزين. و الحفاظ على الأخوة مع السودان بعيداً عن "مناكفة" و عناد الأنظمة. *
قلنا قديماً أن السَّد -حتماً- سيُضرب. و رأينا كيف قامت مناورات "حماة النيل" المشتركة بين السودان و مصر لكن إخوتنا في أثيوبيا كانوا في علمهم أحكم و في الدراية بخصومهم أفهم! فهل النيل اليوم و قبل غد في حوجة إلى "عروس" تفديه!! و هل عروسه السودان أم الحبشة أم مصر؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة