هو أول رجل بذل مجهودا مقدراً في اللعب. ذلك الذي أخذ يطرق الحجارة لساعات حتى رأى الآلهة تخرج من الأرض بدلاً عن السماء. المغامرون الأوائل، ليسوا من اجتهدوا بجدية في جلب الطعام والشراب لأنفسهم وابنائهم في العصور السحيقة، بل هم اولئك الذين جلسوا ينظرون ويتفلسفون متهربين من الصيد الجماعي، وحينها فكر أحدهم في وضع حجر فوق حجر لكي يبني كوخاً من الحجر شبيها بالكهف. لقد فكر في نقل الكهف من مكانه. المغامر الأول، هو الذي كان ينظم شعراً وهو يراقب الأرض، ليكتشف الزراعة. إنهم كائنات كسولة لكنها مفكرة، ضعيفة عضلات الجسد قوية عضلات الفكر. لذلك رفعهم المصريون والصينيون القدامى إلى مصاف الآلهة. أطلق الصينيون اسماءً رمزية عليهم. وعبدوهم، لأنهم ليسوا كباقي البشر. فالمغامر، لم يكن أبداً مغامراً بجسده، بل بعقله. ومن تلك المغامرة الباردة الكسولة، انطلقت الحضارة البشرية. عبدت النيران، وتحولت الجدران الحجرية إلى معابد، وقدمت المحاصيل كتقدمات وقرابين، واختلق الإنسان قداسة لأعضائه التناسلية عن باقي أعضائه الجسدية فغطاها من العين والسحر، وظهر اللباس، وتحولت إلى عورة بعد مضي مئات السنين. خلال ذلك، كانت الفضيلة في ميلادها الأول، ثم تحولت إلى مؤسسات دينية، وسياسية، واجتماعية. وترابطت كل إنجازات المغامرين الأول، لتخلق فكرة الشعوب والقبائل والمدن والممالك والإمبراطوريات ثم الدول. خلقت المغامرة الأولى للإنسان كل حاضره، فتقدست تلك المغامرة في أصنام متنوعة المكونات. ثم انقذف الإنسان في لجة المعرفة، وطار، حتى نسي تلك المغامرات الأولى وامتلك قداسته الآنية المحايثة لذاته. فالمغامرة الأولى لم تكن اختلاق الأسطورة الدينية كما رأى فراس السواح، بل كانت ملحدة خالصة الإلحاد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست