هذا المثل العربي القديم..غير صحيح بالكلية..أو وفي كل الأوقات.. علي الأقل عندنا نحن في السودان. والصحيح عندنا هو، جوع كلبك ..يعضك..ينهشك ويأكل لحمك لأن معظم الكلاب عندنا بشرية...تماما كما حدث لقائل المثل من ملوك حمير، زمن الجاهلية ، حيث ثأرت عليه القبيلة ، وأقرب الناس إليه، وقتلته عندما فكر في تجويعها وحبس الغنائم عنها ...وتلك قصة أخري. وهو ، أيضا، غير صحيح ، إذا كان المقصود منه ، قهر الشعوب بالجوع والحرمان ، حتي ترضخ لجبروت الحاكم وبطانته، وقد رأينا نتيجة ذلك في حكومة( الإنقاذ ) عندما جوعتنا وحبستنا في بيوت الاشباح..فالشعوب ليست كلابا..ولكن الجوع كافر. ما يحدث في السودان، منذ فجر الاستقلال، وحتي يومنا هذا الذي نستشرف فيه مستقبل أجيالنا القادمة بعد ثورة ديسمبر المجيدة ، هو سلسلة من المعاناة والعسر والشدة وقساوة في المعيشة وحدة في التعامل بيننا وتنافرا في التواصل واتهامات وتخوين في المقاصد ....وكل تلك المظاهر السالبة في مجتمعنا السوداني لا يمكن تصديقها بمعيار الصدق والموضوعية مقارنة بغيرنا من شعوب الأرض ونحن تزخر بلادنا بالخيرات التي تكاد ان تنطق وتصرخ وتقول : خذوني ...خذوني قبل أن أجف وأنضب ! ورغم كل الوفرة والبسطة في العيش والرزق الحلال..فنحن فقراء في أرضنا..ومساكين وأبناء سبيل ...واستهلكنا كل مقاصد الزكاة...بسبب الجوع والعطش والعطالة وقلة المال والحيلة ، وانعدام الأمن والأمان ويعاني بعضنا من التشرد والسرحان...فماذا بقي لنا من كرامة الإنسان؟ لا...لا...المسألة ليست مسألة كلب جائع..ولا حاكم مستبد...أو كتائب نائمة أو قائمة...ولاحكومة عميقة او فلول كيزان..!! هناك حلقة مفصلية مفقودة في الحالة السودانية يجب البحث عنها في الشخصية السودانية ذاتها..وليست في موارد البلد الطبيعية.. لدينا وطن رائع وجاذب للحياة.. ولكن ينقصه انسان وطني غيور يسكنه . ففي السودان كل شيئ يقطر سمنا وحليبا وعسلا...والارض ترشح وتفيض وتتدقف جداولا وانهارا وتنتج قمحا وخضرة وفواكه وحدائق ألبا..لنا ولأنعامنا ، وحتي الجبال والوديان والصحاري تزخر بالمعادن والذهب والفضة..وحتي رمالنا الذهبية الناعمة، أصبحت لها أسواقا دولية رائيجة..وعندنا الغنم والبقر والخيول والإبل، وكل مايزحف على الأرض أو يسبح في النهر والبحر....فما الذي ينقصنا ، اذن، حتي نكون ما نحن عليه الآن من تلك الحالة المحزنة؟ الحق ، أقول لكم، مجددا، لدينا وطن رائع وجميل ويزخر بالخيرات اينما حللت في ربوعه الشاسعة...وطن بهذا البهاء والجمال ...للأسف ينقصه المواطن الصالح..وطن تائه..يبحث عن انسان ، يعرف قدره ويستحق أن يسكنه ويعمره. د.فراج الشيخ الفزاري [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة