في يونيو لابد لنا من الحديث عن الانقاذ حتي نستلهم الدروس والعبر
كنت اظن انه بمجرد سقوط الانقاذ سيتم تسليم البشير والمطلوبين للجنائية ولكن نظرا لتعقيدات السياسة فالامور لا تتم بهذه الطريقة فكثير من الملفات تأخرت فغير تسليم المطلوبين للجنائية هناك ملف تحقيق السلام ملف محاكمة قتلة الشهداء استكمال مؤسسات الحكم دمج الدعم السريع وحركات الكفاح في الجيش اصلاح الخدمة المدنية تغيير المناهج وغير ذلك
الملفات لا يتم معالجتها بصورة سلسة هناك ممانعة كبيرة تحدث ولكي نحاول ان نفهم دعونا نتذكر ايام سقوط الانقاذ وما قبلها البرهان تم تعيينه من قبل ابن عوف والاخير تم رفضه لقربه من الرئيس السابق وابن عوف قال انه اختار البرهان بعد تدقيق وتمحيص واخشي ان الناس لم يدققوا في هذه العبارة وقبل الناس بالبرهان واكتفوا بتلك الخطوة ربما لان القيادات العليا في الجيش يصعب استبدالها بمثل تلك السرعة ولكن عموما كان التغيير سهلا وسريعا علي مستوي القيادة ولكنه كما ترون صعبا وسلحفائيا علي المستويات الدنيا
هناك قناعة لدي الكثيرين وانا منهم ان الجيش السوداني يمثل صمام أمان في فترات التحولات والمواقف المصيرية الدقيقة انا دائما اربط ما بين مذكرة الجيش في فبراير 89 وانقلاب يونيو وكون الانقلاب تم فقط بناءا علي توجيه من الحركة الاسلامية غير دقيق عندما ساءت الاوضاع في اخر سنة قبل سقوط الانقاذ استشعر البشير الحس القومي والوطني لقائد الجيش وحاول التخلص من الاسلاميين ففي اجتماع مغلق اوائل فبراير 2018 بمبنى التصنيع الحربي بكافوري مع 300 من ضباط القوات المسلحة حمّل البشير المدنيين مسؤولية الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب فسادهم وتكالبهم علي المناصب وصراعهم حول السلطة وقال البشير بنص العبارة: " الملكية غشونا واستمروا بغشنا طوال الفترة الماضية" وقال ان الفترة المقبلة من الواجب ان تكون للقوات المسلحة القيام بواجبها وتحمل مسئوليتها تجاه الوطن فالجيش هو صاحب الوجعة وانه النواة الصلبة التي لا يجب ان تنكسر او تلين مهما اشتدت الضغوط وقال ان ساعة قيامهم بواجبهم قد حانت تجاه اصلاح حال البلاد وانقاذها هذا هو الاجتماع الذي انخرط فيه البشير في نوبة من البكاء لذلك توقع الناس حدوث تغييرات مزلزلة وفي سبتمبر تسربت عن قوش معلومات تشير الي ذلك ان البشير سيتخلي عن المؤتمر الوطني ولكن اجتماعه في اللحظات الاخيرة مع المكتب القيادي للمؤتمر ربما جعل البشير يتراجع
دعونا نعود الي لحظات السقوط في ابريل 2019 لقد تم الاعلان عن التحفظ علي (رئيس النظام) من قبل رفيقه ابن عوف وذلك في (مكان آمن) وعندها رفض الثوار تولي ابن عوف زمام الامور وكان يمكن للبشير ان يغادر ذلك المكان الآمن في الداخل الي مكان آخر اكثر امنا في الخارج ولكن ذلك لم يحدث
البشير حوكم بتهمة حيازة الاموال وانقضت فترة العقوبة البالغة عامين ومكان العقوبة عبارة عن اصلاحية نظرا لكبر سنه وهو الآن يحاكم بتهمة الانقلاب مع بعض رفاقه العسكريين وقادة الاسلاميين وهم اثناء الجلسات يجلسون في مقاعد وثيرة ربما اكثر راحة من كرسي القاضي نفسه فكأنهم في اجتماع للمكتب القيادي للمؤتمر والتحريات وضحتت اشياء كثيرة كشف عنها المتهمون ما عدا البشير الذي رفض الادلاء بأي شئ فربما يريد ان يكون صاحب الكلمة الاخيرة
البشير معروف بعناده الشديد وقسوته حتي علي اهل بيته احيانا في فبراير 1989 قدم الجيش مذكرة شديدة اللهجة للحكومة وفي فبراير 2018 بكي قائد الجيش الذي قام بالانقلاب بكي بكاءا شديدا امام كبار قيادات الجيش ونحن السودانيون لدينا حساسية بالغة من بكاء الرجال ولا اظن ان ذلك البكاء كان سيمر مرور الكرام
وحتي لا اطيل عليكم اذكركم بقائد آخر في شرقنا الاوسط ثار عليه الشعب واطاح به ولكنه رفض ان يغادر البلاد وفي كلماته الاخيرة لشعبه قال حسني مبارك: "ان هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن كل مصري ومصرية فيه عشت وحاربت من اجله ودافعت عن ارضه وسيادته ومصالحه وعلى ارضه اموت"
وبالفعل لم يغادر مبارك مصر فكان يؤتي به الي جلسات المحاكمة ثم يرجعونه الي مستشفي المعادي العسكري حيث قضي معظم وقته بعد الثورة الي ان توفاه الله
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة