نفس المهزلة في عهد الكيزان تكررت عندما حكمنا تحالف الرأسماليين والعسكر. لذلك استمر رفضهم لسن قوانين تحكم المال العام. وخاصة قانوناً مفصلاً للكسب غير المشروع وإبراء الذمة. لو تم سن ذلك القانون، لكانت مكافحة الفساد حقيقية. في مؤتمر دعم حمدوك، قام احد المتسلقين، واخذ يمدح في الراسماليين (التماسيح) طالباً منهم دعم حمدوك، احد هؤلاء التماسيح (تبرع) بإيداع مليون دولار. ونحن لو عدنا به للوراء (قليلاً) وتتبعنا مصدر ثروته سنجد أنها ثروة غير مبررة Unexplained Wealth أي ثروة لا يمكننا أن نجد لها مصدراً مشروعاً، فأغلب هؤلاء التماسيح نشأوا في عهد الكيزان وكونوا ثرواتهم من خلال عمولات غير مشروعة، وعطاءات لم تراع فيها ضوابط قانون التخلص من الفائض. كوَّن هؤلاء اللصوص ثروات بمليارات الدولارات، وهم من سيطروا على المشهد بعد سقوط البشير، وتحالفوا مع العسكر. ولذلك لم يحاولوا سن قوانين فعالة لإبراء الذمة أو الكسب غير المشروع. وظل إقرار الذمة سرياً، ولا يعرف أحد عنه شيئاً، أقدم بالفعل ام لم يقدم؟ أتمت فيه محاسبات أم لا؟ هل هناك رقابة قضائية عليه أم لا (شغل كلفتة). ما حدث هو أن لجنة التفكيك أوهمت الشعب بمصادرة أموال الكيزان، ولكنها في الواقع كانت تفتح عينا وتغمض عينها الأخرى عن شركائها في الحكم من الفاسدين. في عام ٢٠٠٧ طالبنا الكيزان بوضع قانون مفصل ومحكم وحاسم فيما يتعلق بتنظيم إبراء الذمة والكسب غير المشروع، ومشروع القانون نفسه قمنا بطرحه في الإعلام، لكن تم تجاهله، واليوم أيضاً، سنجد تعتيماً على أي دعوات (حقيقية وليست وهمية) لسن قوانين لمكافحة الفساد. تجعل كل رجل دولة يضع يده في قلبه لو أخذ من الدولة قلم حبر بدون وجه حق هو أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية. القوانين جاهزة لدينا، ولكن دعونا أيضاً نشرك الصحفيين في المسؤولية، فالصحفيون للأسف أصبحوا بوقاً لمن يدفع من أصحاب المال، الكثير منهم خلفه تمساح يدعمه بالمال ليقوم الصحفي بتمجيده أو الدفاع عنه أو عمل لقاء صحفي لتلميعه. أصبحت الصحافة تجارة رابحة، في زمن قانون السوق. انهارت القيم، وأصبح المواطن السوداني يدافع بالحق والباطل عن الباطل، ويتجاهل المواطن الحق والحقيقة عندما لا تصب في مصلحة عاطفته العمياء. لقد أركس الله هذا الشعب في البؤس بما كسبت أيديهم، فإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون. ومع ذلك لا زالت دعواتنا مفتوحة لسن قوانين مكافحة الفساد وإبراء الذمة، وفقاً لمعايير العدالة الجنائية التي أرستها التجربة الدولية، والتي تحقق طموحات الشعوب المسروقة، ولكن هل سيسمح التماسيح بذلك؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة