أما مافي استقالة السيدة عائشة موسى ، فليس جديدا أبدا ، هو نفس ما كنا نقوله ويقوله غيرنا ممن حباه الله بقدر معقول من الوطنية والتجرد والبعد عن التحزب وعدم التطلع للمناصب والمكاسب . وكان آخر كلامي المنشور حول " حرب الكيزان التكفيرية للمجتمع السوداني " والمقال موجود في هذه الصحيفة لمن أراد الرجوع إليه . إنه نفس ما هو مطلوب وبإلحاح كبير لتخطي المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن ، ويمكن أن نلخصه في الآتي : اولا : حل مجلس الشركاء لأنه لم يقدم أي عمل يمكن أن ندرجه في خانة مصالح البلد ، ولأنه أصبح وكأنه البديل للمجلس التشريعي ، عند من لا يريد للمجلس التشريعي أن يقوم . ثانيا : قيام المجلس التشريعي وفي أقرب وقت . ثالثا : تغيير قوانين الإنقاذ المبادة التي تعطل العدالة ، وتمنع محاكمة المجرمين وأولهم القابعون في سجن كوبر ، اللذين يمدون لسانهم سخرية مما يجري حولهم من تخبط واضح في كل شؤون الحكم وأولها محاكمتهم هم بقوانين من صنعهم . رابعا : محاكمة القتلة للأستاذ أحمد الخير وتقديم تقرير فض الاعتصام للنائب العام بعد تحديد المتهمين ، وكذلك تقديم المتهمين بقتل الشهداء في إفطار رمضان الأخير للمحاكمة فورا . خامسا : اعادة الهيكلة للقوات النظامية والعسكرية والامنية وتقنين السلاح. سادسا : العمل على انتقال السلطة للمدنيين كما نصت عليه الوثيقة الدستورية التي تشهد اختراقات متعددة ومتعمدة من حين و آخر . هذه النقاط الستة هي أهم وليست كل ما هو مطلوب ولكنها هي الحد الأدنى الذي ستستقيم الأمور بها . هذا ما قالته الأستاذة عائشة موسى ، وهو ما دفع بها لتقديم استقالتها من المجلس السيادي مشفوعة بدموعها واعتذارها للشعب المغلوب على أمره والذي لا يعرف هل ينخرط في البكاء معها أم يبكي عليها أم كليهما . السؤال المنطقي للسيدة عائشة ولآخرين لم يجدوا الشجاعة مثلها ليفعلوا ما فعلت وهو لماذا تأخرت كل هذا الوقت لتقدم استقالتها ؟ هل كانت تعمل حقيقة للاصلاح وتحاول ذلك ، ولما الحال غلب اضطرت للاستقالة مكرهة بعد أن فاض بها الكيل ؟ يبدو أن هذا العذر لا يجد القبول من قطاعات كثيرة من الناس فقد علق الكثيرون بأنها لم تفعل ذلك يأسا من إصلاح لن يأتي ولكنها استقالة محسوبة في وقت محسوب مدفوعة من جهات تعمل الآن كما أعلنت لاسقاط الحكومة . وبكل وضوح يقولون إن خليفيتها الحزبية التي دفعت بها لمجلس السيادة هي التي أمرتها الآن بالانسحاب انسجاما مع موقف الحزب الحالي من الحكومة . الحزب المعني هو الحزب الشيوعي ، ولا أعلم أكثر من هذا ، ولكني لا أنفي ولا أثبت ، فقط أنقل ما قيل ويقال ، وليس كل ما يقال محض إفتراء فأهلنا يقولون " ما في دخان من غير نار " والشيوعيون شأنهم شأن كل حزب أيديولوجي يحلم بحكم مطلق للبلد تماما كالكيزان اللئام . ولا يستبعد ذلك منهم فهم ليسوا ملائكة . لا أرى أن هناك فائدة من البحث عن أي دافع وراء استقالة الأستاذة عائشة ، ولا يهمني ذلك كثيرا بقدر ما يهمني محتوى تلك الاستقالة ، وهو محتوى مهم ونتفق معه ، ونطالب به ، وهو قراءة جيدة للواقع ووضع النقاط على الحروف . الشيء الوحيد الذي يؤخذ على الأستاذة المستقيلة أنها تأخرت كثيرا في تقديم ما أقدمت عليه ، وإن كان هناك ما يجب أن تعتذر منه فهو أنها لم تقدم استقالتها في كل هذه الفترة ، وكأنها كانت نائمة أو تحلم بالمستحيل لتستقيظ على هذا الواقع الذي اكتشفت فجأة أنه لا يمكن التعامل معه . يا سيدتي الكريمة لقد بح صوتنا ونحن نتحدث عن هذه الاصلاحات وفاضت الصحف والاسافير ومواقع التواصل الاجتماعي بهذا الواقع المرير فلماذا تأخرت استقالتك إلى هذا الحد غير المقبول . لن نقبل بمقولة " أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأني أبدا " هذه مقولة تبريرية فاسدة . وأخشى ما أخشاه أن يصدق قولهم أن وراء استقالتك تلك والمحرك لها إنما هو حراك حزبي وليس دافع ذاتي من يأس أو احباط أو احتجاج على واقع مؤلم استيقظت فجأة واكتشفتيه . إننا لا نخون ولا نتهم ولكن نحقق لنصل للحقيقة التي أصبحت أندر من مستحيلات العرب الثلاثة . والله المستعان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زاهد زيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست