لا يصدقك الناس حينما تقول بأن اوروبا لا تنفق أموال دافعي الضرائب في بلادها، على البشر خارجها. فطوال تاريخها، ظلت أوروبا تمارس الإحتلال وليس المساعدات الإنسانية، لا لافريقيا ولا لغير افريقيا. أتذكر انني على لينكدن، وجدت منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة، قد اوردت خبر توزيع بسكويت على تلاميذ المدارس بدارفور، فعلقت على هذا الاستخفاف بالعقل الافريقي وممارسة نوع من التحرش الساخر، بآلام الشعوب الفقيرة. فأطفال دارفور لا يحتاجون لقطعة بسكويت. بل يحتاجون لغذاء حقيقي، وجبات حقيقية. يحتاجون لامن، ويحتاجون لمنحهم وسائل الانتاج عملا بالمثل الصيني "لا تعطني سمكة". علقت على ذلك الاستفزاز، بالحقيقة. لكنني أعرف أن كل ما تقدمه اوروبا وامريكا مجرد وهم. وان اغلب المنظمات التي تتحدث عن دعم بالبسكويت، غرضها الاساسي هو التجنيد وكتابة التقارير عن مجمل الاوضاع في المنطقة المستهدفة. فتجنيد النشطاء أو زرعهم يتم عبر طرح مسابقة ما (وظيفية، او تمويلية..الخ). لكن شروط هذه الوظيفة او الدعم موضوعة بشكل معقد بحيث تنطبق على شخص أو اشخاص محددين. يتم اختيارهم بعناية مسبقا. لا يحدث هذا في المسائل العادية بل غير العادية؛ مثل المبادرة الأوروبية لدعم رواد الأعمال الشباب في افريقيا. انتبه: بمجرد ان تجد عنوان كبير بالخط العريض عن أن اوروبا ستدفع اموالاً، يجب فوراً ان تتذكر القاعدة العامة (المال=دافع الضريبة). يمكن ان تجد مبادرة دعم عربية، فهذا منطقي، لأن الحكومات العربية حكومات أشخاص وليست حكومات مؤسسات، ولكن عندما تسمع بمبادرة اوروبية او أمريكية: فقم بتعليم المانشيت باللون الأصفر. ستجدون اسفله رابط لمثل تلك المبادرات الاوروبية المشار إليها أعلاه، وأرجوا ان تراقبوا عن كثب من سينالوا تلك الحظوة الأوروبية. من لا يفهم الغرب فعليه ان يفهم. امريكا مثلا، يستحيل ان تقوم بتعذيب معتقلين داخل امريكا، حتى لو كانوا إرهابيين، لكنها تنشئ معتقلات خارج امريكا او ترسل معتقليها لدول أخرى مثل الدول العربية والأفريقية لكي يخضعوا للتعذيب. اما داخل اوروبا او امريكا فهذا مستحيل. فالغرب لا يقبل اي عمل غير قانوني داخل دوله. لكنه يدعم أي عمل غير قانوني خارج دوله. ولكي يتمكن من تقديم ذلك الدعم، فلا بد له من خلق مؤسسات خارجية، مثل منظمات حقوق الإنسان، منظمات نسوية، منظمات دعم الفقراء بالبسكويت..الخ. كلها واجهات استخباراتية، لديها ميزانيات محددة بشكل واضح، بحيث لا يكون هناك إهدار لمال دافع الضريبة على طفل في افريقيا بما يتجاوز بطاطين او بسكويت..الخ. فالغرب ليس ديوان زكاة. على سبيل المثال: لا تستطيع اوروبا طرد اللاجئين بسهولة، لذلك لجأت للسودان لبناء مستوطنة للاجئين الافارقة فيه. ولا شك بأن مجلس الأمن او الاتحاد الاوروبي سينسق لسن اتفاقيات دولية تسمح -حينها- بإعادة توطين اللاجئين في السودان. وهكذا تتجنب اوروبا إنفاق المليارات على اللاجئين في بلادها، لتنفق بضعة مئات من آلاف الدولارات على المستوطنات خارج اوروبا. وهذه ميزة تحمي دافع الضريبة الأوروبي. يمكن لامريكا ان تسرقك لكنها لن تسمح لك بأن تسرقها. دعنا مثلا نأخذ القروض التجسيرية الاخيرة. هذه القروض عليها فوائد عالية جدا قد تتجاوز الخمسين في المائة. فلو دفعت امريكا مليار وخمسمائة مليون دولار كقرض تجسيري. ففي أول قرض يقرضه صندوق النقد للسودان، ولنتخيل أنه (٢) مليار دولار. فأمريكا مباشرة ستأخذ المليار ونصف، ولكنها فوق ذلك ستأخذ فوق ذلك (فائدة) قد تبلغ مأتي مليون أخرى. وهكذا يحصل السودان على الباقي وهو ٣٠٠ مليون، ولكن السودان بعد هذا سيكون ملزم أيضاً بدفع فوائد قرض صندوق النقد. (هذه سرقة).. لماذا لا يسمح للسودان فقط بدفع ٣٠٠ مليون دولار وهكذا يتمكن من الحصول على القروض المستقبلية الاخرى، بدلا عن كل تلك اللفة الطويلة التي تنتهي بمزيد من أعباء الديون على دولة فقيرة كالسودان؟ اغنياء السودان امثال اسامة داوود ومو ابراهيم وابراهيم الشيخ (قيادات الثورة تقدس "سرهم"). لماذا لم يقترحوا دفع المليار بالتضامن لصندوق النقد، على الاقل كانت الفوائد ستبقى في السودان. ويستفيد الجميع. طيب أين جنيه حمدوك.. قبل ثلاث سنوات سمعنا بصندوق تبرعات لحمدوك، ورأينا موقع به (حسابة) بتحسب كل تبرع، وقالوا بأن التبرعات وصلت لأكثر من مليار دولار؟ أين ذهبت هذه التبرعات؟ المهم.. ما أود قوله هو أننا يجب أن نكون واعين بالحقائق. فاوروبا وامريكا كما قلت ليسوا دواوين زكاة. ولو كانوا كذلك لما احتلوا العالم ونهبوا ثرواته. إن وعينا بهذه الحقيقة مهم جداً. لكي لا نتلقى كل مرة الصفعات. ولكي نحمي انفسنا من الوقوع تحت سيطرة الدول التي لن ترحمنا إلا بقطعة بسكويت. بسكويت؟!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست