|
Re: سلسلة خوازيق البلد (1 من 4): ترحيب بـ (البطل) (Re: مازن سخاروف)
|
(4) ثقوب في ذاكرة التاريخ: اختفاء كتشنر في فترة حرجة من حملة إنقاذ غردون
"باشا أحمر مليئ بالأوهام" (5). لو أن صاحب الإقتباس اجتهد أكثر في كشف الحقيقة لأضاف: باشا أحمر يرتعب خوفا. وفي تلك الأيام وُجد المئات من الرجال الإنجليز الذين شلهم الخوف وأطار صوابهم. خوفٌ لم يفرّق بين غردون الباشا الكبير و"طفبوع" إسمه كتشنر في العتبات الدنيا من سلم البرجوازية. متسلق ذو انتهازية كاملة الدسم سيصبح في مقبل الأيام باشا أحمر يطفح بالأوهام والحقد الإمبراطوري.
في سانحة من رمش التاريخ تسللت أقدام الغزاة. الفلاة صفراء من حده الأفق إلى حده. الموت مطرق في رحم الغيب والبحر متلكئ في انتظار محارة. هذه الأرض السوداء لا غالب لها حين يتحد أبناؤها. شديد بأسها على الأعداء. عين حورس المفتوحة على مقبرة حملة عسكرية أخرى مدججة بالسلاح تشهد لمدونة تاريخ تسجل بلا تزوير: بإستثناء هاييتي, لم يحدث من قبلُ في عصر الإستعمار الحديث أن ذهبت أمة سوداء إلى الحرب مع أمة بيضاء وانتصرت بجدارة واستحقاق بكل ما في الحرب من مكيدة وأهوال.
رغم أن كتشنر "المخوزق" "دخل بحمد ومرق بخوجلي في بداية الحملة", لكنه أخفق في مهمته بجدارة في الفترة الحاسمة .. أي بالتعبير الإنجليزي he was gone when it really mattered , وشرح ذلك أن هناك فرقا بين التسلل كجاسوس مغامر لتظيم قنوات الإتصال الخفي بين الحملة وغردون التعس في موازين ظروف الحرب؛ ,وبين تنفيذ ذات المهمة في ظروف استتثنائية حين تضيق الدائرة رويدا رويدا. when men are sorted out from the boys
المراجع تخبرنا أن كتشنر بعد أن وضعت الحرب أوزارها عبر عن رأيه "في دوائر خاصة" أن الحملة كانت "سيئة الإعداد" (6). لكن كتشنر الميمون لم يذكر شيئا عن فشل المخابرات. الفشل الذي كان هو بالطبع مركز الدائرة فيه. لكن في انجلترا (كما في بلدان أخرى) ليس من غير المألوف أن يصبح أنذال مثل كتشنر الراسب في امتحان الكفاءة أبطالا.
بعد موت الباشا الأحمر المليئ بالأوهام تحركت القوى خلف مسرح العرائس لتصنع من رجل تحته خط مجدا وسؤددا (7). لحسن الحظ أن كتشنر ظل في عين التاريخ أمدا فتسنى فضحه وتبيان خطل أمره وفساد سريرته. لا تقدم الرواية المهيمنة للتاريخ من سيرة كتشنر سوى أسطوانة مكرورة عن بطولات بعضها مبالغ فيه وبعضها مختلق لدرجة قف تأمل. وبعضها كما تقدم ما يجعل من التقصير مفخرة, قلبا لمنطق الحقائق بإعطاء الفضل لما ليس له, مثلما يجعل بعضها الآخر من الخيبة فتحا (مثل سيرة كتشنر الميمون في الأسابيع الأخيرة من حياة غردون). ولكن بقيت قصاصاتٌ عنيدة حين ترتب بعناية تفضح الرجل كإنتهازي مفتقد للمهنية ولأي شرف متفق عليه للعسكرية. وكتنشنر كمزور أيضا في الوثائق الرسمية . وفي كل ذلك حديث آت.
|
|
|
|
|
|