يجب أن لا ننظر لقرار محافظ بنك السودان بإعادة الموظفين الذين شملهم قرار لجنة تفكيك التمكين بمعزل عن المشهد السياسي الحالي ، فالرجل استغل مناخ الإنقسام وعدم وضوح الرؤية لتمرير عودة الكيزان إلى الجهاز المصرفي ، هذه الثورة أطاحت بالبشير وزمرته على الرغم من تمسكهم بقرار المؤسسات ، فالبشير ، نظرياً، كان رئيساً منتخباً ويحظى باعتراف دولي ولكن قرار التغيير لم يمتثل لهذا البرتكول ، المخلوع البشير نفسه كان يرّوج لنظرية أنه في حالة سقوطه سوف تدخل البلاد في الفوضى ويكون لسودانيين نسختهم التجريبية من الفوضى الضاربة في كل من سوريا وليبيا ، ولكن الشارع المنتفض لم يستمع لتلك (الفزاعات ) ، وكذلك يروّج المحافظ الحالي لنفس المشروع وهو يستغل عملية الحملة الشعبية في التحويلات بالعملة بالعملة الصعبة من أجل بقاء الكيزان في مناصبهم ، ولكن الذي فات عليه أن السبب في أزمة تراجع التحويلات في عهد البشير هو النظام المصرفي الفاسد الذي يعج بالفاسدين ويتواطأ مع تجار العملة ، وقد دفع محافظ بنك السودان السابق حازم عبد القادر حياته ثمناً لنزاعات مراكز القوى داخل بنك السودان ، وفي ايام البشير راجت حتى تجارة العملة المحلية في بطون النظام المصرفي وكان هناك سعر للجنيه في حالة (الكاش ) وسعر مختلف في حالة ايداعه في الحساب ، وتلاعبت البنوك بحصيلة الصادر وفتحت الإعتمادات لصالح استيراد العطور والكريمات ومستلزمات الزينة .هذا الفساد كان وراءه الجهاز البشري للحركة الإسلامية ، وهم الذين يتشبث بهم المحافظ الحالي . فإن اردنا ترميم النظام المصرفي وجعله مواكباً للتغييرات الإقتصادية فمن المهم جداً فتح مجال الإلتحاق للجميع عن طريق معاينات عادلة وشفافة ، ثم يأتي دور التدريب والإشراف والتحول الرقمي ، ولكن أن يتحول بنك السودان إلى وحدة معزولة silo Unit عن الجميع ، وجهاز مترهل بالمحاسيب كما نرى الآن فهذه مخاطرة لايمكن القبول بها ، فالدفع التي طالتها لجنة تفكيك التمكين في بنك السودان عُرفت بدفعتي صابر محمد الحسن ود.مصطفى زكريا ، وهذه الدفع التحقت بالبنك عن طريق التمكين والوظائف التي وصلوا إليها لم يتم الإعلان عنها في لجنة الإختيار للخدمة المدنية ، وهذه الدفع هي التي قطعت (رزق الجميع ) عندما تخطت الرقاب ويكفي انها بقت لمدة ربع قرن داخل البنك بينما أُحيل آلاف المصرفيين إلى الصالح العام . لكن السؤال الحقيقي هو كيف دبر محافظ بنك السودان إنقلابه ؟؟ فهو لا يقوى على إصدار هذا القرار منفرداً فلا بد من وجود طرف ثالث ساعده في إتخاذ القرار ، فأصابع الإتهام تشير إلى عدة أطراف من بينهم المجلس العسكري بشقيه الجيش والدعم السريع ، فهما يعتبرون أموال بنك السودان وديعة سائلة عند الطلب ، كما أن البنك سوف يغطي نشاطهم الإقتصادي ويتستر على حركة تحويلاتهم ، لذلك كان لابد من وجود حارس آمين يرعى مصالحهم ، ثم الاتهامات تدور أيضاً حول الدكتور جبريل إبراهيم بسبب ماضيه مع الإسلاميين وموقفه السلبي من لجنة تفكيك التمكين .. لكن المساعد الاساسي هو ضبابية الجو السياسي وعدم وجود وحدة حقيقية بين مكونات الثورة كما كان في السابق ، فإذا نظرنا إلى الواقع في السودان فسوف نجد عدة ملفات عالقة بسبب الإرجاء او المماطلة مثل قضية التحقيق فض الإعتصام امام القيادة العامة ، ثم وقوع السودان تحت براثن الدول الإقليمية ومن بينها مصر ، النظرة لتلك الملفات ربما هي التي أوحت لمحافظ بنك السودان باتخاذ قرار الإنقلاب .. والمعركة القادمة بين بنك السودان ولجنة تفكيك التمكين هي معركة تكسير العظم بين أن نكون أو لا نكون ، فلو انتصرت لجنة تفكيك التمكين فيكون الإخوان قد خسروا آخر قلاعهم الدفاعية ، ولو انتصر محافظ بنك السودان فسوف نعلم من هي القوى التي تآمرت معه ، وبذلك تكون الثورة السودانية قد خسرت الجسم الذي ابقى الثورة حية رغم التآمر والتضليل
العنوان
الكاتب
Date
بنك السودان ... القتال أمام آخر قلاع الحركة الإسلامية بقلم بشرى أحمد علي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بشرى أحمد علي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست