مشهد دعم الشعب السوداني لإجراءات تعويم الجنيه، و الروح المعنوية العالية برغم الضائقة المعيشية، و الازمة الإقتصادية تذكرني بالمثل السوداني " يلمها النمل، و يوطاها الفيل".
لا نُنكر ازمة الضمير التي نعاني منها جراء عبث النظام البائد الذي لا تحده حدود، حيث ضرب مجتمعنا في اعز ما يملك عندما تشوهت القيّم، و الاخلاق، و اصبح سيّد القوم المنافق، و الكاذب، و الحرامي، و المرتشي، و الفاسد، متمثل في اقذر ما انتج المجتمع السوداني " الكوز".
قلناها مراراً و تكراراً ان ازمة البلاد الحقيقية هي امنية بالدرجة الاولى فإن لم توضع خطط سريعة، و واضحة، و صريحة لمخاطبة جذور الازمة ستكون كل افعالنا، و حركتنا تجاه التغيير هباء.
إحدى شركات الطيران العاملة في البلاد يقوم الطيارين، و الاطقم بتهريب الدولارات مقابل 10% و يتم التسليم في مكاتب الشركة في إحدى دول الجوار، ليصبح هذا الامر عادي فهو حديث المدينة همساً، و جهراً.
يجب الإسراع في معالجة خلل شركات الطيران التي قامت كنبت شيطاني، و لأجلها تم تدمير، و تجريف الناقل الوطني، الخطوط الجوية السودانية كاكبر، و اعرق شركة طيران في المنطقة.
يجب مراجعة ضوابط الامن في مطار الخرطوم، و إحداث تغيير شامل في منظومته الإدارية، و الامنية، و إدخال الراقابة الدقيقة بالاجهزة، و الكاميرات حتي لاطقم الطيارين، و المضيفين، و العاملين كما يحدث في كل دول العالم.
قصة حصلت لي حكاها لي واحد..
وانا في مطار الخرطوم صالة 2 في 31 ديسمبر الماضي وجدت كل الركاب في صالة ضيقة في المدخل قبل صالة المغادرة، فذهبت لموظف الامن الذي رفض الدخول الي الصالة قبل فتح إجراءات الرحلة.
جلست مع احد الاصدقاء علي مقعد بالقرب من كاونتر رجل الامن، كانت معي حقيبة واحدة زنة 7 كيلو، فإقترب مني شاب و قال لي : "عندي والدتي، و اختي عندهم وزن زيادة و شايفك ما معاك شنط ممكن لو تكرمت توزن ليهم معاك"
قلت له انا لا اعرفك فبالتالي لا اتحمل مسؤولية وزن لا اعرف ماهيته، في هذه اللحظة تدخل رجل الامن، و قال لي : " الزول دا زميلنا هنا في المطار، و زول معروف ما تخاف.
بعد حديث رجل الامن شعرت بالطمأنينة و اجبته بالموافقة، و قمت بمساعدة السيدتين و إستغلن وزني المستحق كاملاً.
تشاء الاقدار ان اجلس بجوار احدى السيدتان، و بدأت في الإعتذار و قالت لي " معليش يا ولدي والله لو عندنا قروش زيادة كنا اديناك الانت عاوزو بس يعلم الله الاربعة الف دي آخر قروش عندنا شكراً ليك انت ساعدتنا " وبدأت في الدعاء، و الثناء.
بعد ان خلُصت سألتها عن الشاب الذي عرفني بهن فقالت : " دا والله سمسار ادانا تلفونو ود جيرانا قال بعرفو، و ح يشحن لينا العفش الزيادة و هو قال انت زميلو و عايز 17000 في الوزن بتاعك.
قلت لها " انا لم اطلب مال و كل الذي فعلته بلا مقابل، فالشاب قال انتي والدته، و الاخرى اخته بشهادة رجل الامن .. قالت : " بري ما بنعرفو"
إنتهى..
يجب الإسراع في معالجة الخلل الامني في اهم منافذ البلاد، و بواباتها علي الإطلاق، فرجل امن بهذه الصورة يمكنه التعامل مع ايّ مُهرب، او فاسد، و الاكيد حقائب التهريب تدخل الطائرات بلا ضابط او رابط.
ايقنت ان كل المنظومة التي خلفها النظام البائد في كل مؤسسات البلاد مشوهة، و تحتاج إلي مراجعة دقيقة، و سريعة من الخفير الي المدير.
نحتاج بشدة الي منظومة امنية بشكل طارئ تُدير المرافق الحساسة في البلاد بكل صرامة، و عدم تهاون حتي تعبر البلاد من هذه المرحلة الخطرة في تاريخ السودان لتسهم في تسهيل عملية الإنتقال بشكل إيجابي.
ما يحدث من تهاون، و تهريب، و فساد عبر مطار الخرطوم لا يمكن ان تراه في دولة علي كوكب الارض.
واحدة من اسوأ مظاهر الشللية في التعيين، و التمكين الجديد بعد ثورتنا اليتيمة، ان تأتي بمدير لمؤسسة حيوية في البلاد كل خبراته في الغرب سائق تاكسي لمدة 25 سنة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة