يذكرني عنوان هذا المقال ، بكتاب مشهور في المكتبة العربية للمسرحي المعروف( محمود دياب) وعنوانه( الغرباء لا يشربون القهوة) وقد تحولت أحداثه الي مسرحية لاقت رواجا كبيرا في المنطقة بذات الاسم.و(دياب ) هو نفسه صاحب مسرحية ( الزوبعة) المثيرة للجدل خلال حقبة الستينات من القرن الماضي بأحداثها الصادمة للمجتمع. وفكرة مسرحية( الغرباء لا يشربون القهوة) فيها اسقاطات سياسية عميقة..حيث يكتشف الرجل الطيب الكريم صاحب الدار، بأن هؤلاء الزوار الغرباء لم يقصدونه لشرب القهوة، بل لسرقة داره ومصادرة أرضه وتشريد أسرته... ونحن في السودان ، شعب طيب وكريم مع الضيف الغريب ، وبدلا من شرب القهوة ثم يغادر...يمكنه المبيت معنا يوما ويومين، وربما شهرا...فنحن كرماء وبسطاء ولكننا لسنا سذجا و( ينضحك علينا) كما حصل في مسرحية ( محمود دياب) التي تحكي حال أهل فلسطين مع اليهود المهاجرين. أقول ذلك، وقد ظهرت علي السطح أصوات (زائرة) تتحدث عن ثورة ديسمبر العظيمة وهم ليسوا من أهلها...تقول وتقرر وربما ستأمر باختصار الفترة الانتقالية وتقصيرها لاجراء الانتخابات مبكرا قبل أوانها !! أصحاب الثورة وشبابها وصناعها والذين شاركوا في أحداثها وتثبيتها ، هم من يقرر ويختار مداها الزمني ، وعلي ( الغريب) أن يشرب فنجانه ويغادر. صحيح ، نحن شعب قلق ، وملول، ومشاتر ، ولا يعجبنا العجب ولا الصيام في رجب، ونستعجل النتائج ، وما يزرع في شهر نود حصاده في يومين ....ولكننا نمتلك في، ذات الوقت، حاسة فطرية وتدرك الخطر قبل أن يصلها...ولن تنطلي عليها حيلة ومحاولة تحويل الثورة الي انقلاب فما بينهما فروق كثيرة. تعديل الثورة الي انقلاب قد يحدث بطريقتين...وكلتاهما تحت رصد ومراقبة شباب الثورة. أما الطريقة الاولي فتحدث بما يسمي بالطريقة( البربتوريانية) وتعني التأثير المفرط لسلطة القوات النظامية( بتعدد مسمياتها ) علي الحكومة المدنية ...تضغط عليها من أجل الحغاظ علي نفوذها في النظام السياسي وتراقب القرارات التي تمس مصالحها وتسعي لتعديلها. والطربقة الثانية لتحويل الثورة الي انقلاب فهي بما يسمي( بانقلاب السوق) ويعني بذلك التغيرات المؤسسية التي تنتجها الضغوت الاقتصادية وذلك باستخدام آليات زعزعة الاستقرار والفوضي في الاقتصاد ..وهو ما يحدث الان تقريبا في المشهد السياسي والاقتصادي في السودان. ولكنني ، أعود وأقول، بان ( الغرباء) سيشربون قهوتنا ويرحلون...وتبقي الفترة الانتقالية ، كما خطط لها، بخيرها وشرها وتحدياتها ....تماما كما يريد أصحاب هذه الثورة المجيدة...وكما حددوا ، من قبل، زمانها ومكانها وغاياتها، فهم ،بلا ،شك، الأقدر علي تحديد مداها وخطاها طولا وعرضا، ولن يشرب ( الغرباء) من قهوة الثوار الا كرم الضيافة ليس الا. د.فراج الشيخ الفزاري f.4u4f@ hotmail.com
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة