حتي القرآن تحدث عن التغيير: (ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم) وكل الاديان كانت تأتي ثورةً علي القديم والاسلام رُفض وحورب في البداية لانه جاء بما يخالف دين الآباء وحينما تمسك المسلمون بدينهم الجديد حاول سادة قريش ان يصلوا معهم الي حل وسط فقالوا للنبي (ص) نعبد الهك وتعبد الهتنا ولكن الله اوحي للنبي ان يقول لهم: (ولا انا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما اعبد لكم دينكم ولي دين)
اليوم هناك ثورة في السودان هذه الثورة طالبت بالتغيير لانه ثبت للكل بما لا يدع مجالا للشك ان القديم لم يعد ينفع بعض الناس يربط القديم بالدين حتي لا يتم التغيير وهؤلاء واهمون لان الناس يعرفون جيدا ان الدين اخلاق اولا واخيرا بل الاخلاق هي التي جاء الدين من اجلها (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) ونحن لا نقيم المجتمع بالشعارات التي يرفعها حتي لو كانت هذه الشعارات دينية فانا لا اقيم الانسان من شكله وانما من افعاله اذا كان احدهم يحمل مسبحة ويضع المصحف علي طبلون سيارته فليس هذا مقياس وانما افعاله هي التي ترفعه عند الله وعند الناس
الكل متفقون علي ان مجتمعنا السوداني اصبحت فيه الاخلاق منحطة يكاد لا احد يأمن لاحد تفشت الخيانة والانانية والمحسوبية وتفشت القبلية والجهوية والعنصرية وتفشت السرقة والنهب والحقد الاجتماعي حتي العلاقات بين الاسر انتابها العطب فقطعت الارحام وانتهت المروءة وانعدم الكرم وساد البخل
اعتاد المختصون ان يربطوا دائما بين اخلاق المجتمع والمناهج المدرسية لان المدرسة اصبحت هي المهد الاساسي للتربية في مجتمعنا الحديث فالطفل يمكث في المدرسة اكثر مما يمكث مع امه وابيه واخوته وهو في البيت يكون همه مقرراته التي يدرسها ولكن المقررات والبيئة المدرسية والمعلم اصبحت كلها متوجهة نحو تأهيل الدارسين للوظائف والمهن وليس تربيتهم وتهذيبهم وحتي ذلك التأهيل اصبح مزيفا لانه فقد النزاهة والامانة ونحن رأينا كيف خرّجت لنا المناهج السابقة اطباء انضموا للجماعات المتطرفة وخرجت لنا مهندسين حرامية غشاشين وشرطيون مرتشون وزعماء وسياسيون انتهازيون
تغيير المناهج ليس الهدف منه النيل ممن كانوا في صف النظام البائد لان هؤلاء كان يجب ان يراجعوا انفسهم ويعرفوا لماذا ثار الشعب كل تلك الثورة العارمة ولماذا ضحي الناس بابنائهم وشبابهم كل تلك التضحية
نعم قد يربط الناس الثورة بالجوع ولكن الجوع وتردي الخدمات كان مظهر من مظاهر الفساد و فساد المناهج هو بالطبع سبب ذلك الفساد كيف يجوع شعب متكاتف ومتعاون ومتعلم ومؤهل ومهذب الشخص الذي يعيش في مجتمع متحضر من حقه ان ينعم بالحاجيات الاساسية للعيش حتي يستفيد المجتمع منه والا سيتحول الي مجرم
المشكلة ان البعض يعتبرون ان تمسك الناس بمظاهر الدين هو غاية ولكن انما هي الا وسائل فقط فالدين غاياته ومقاصده كلها تراعي في النهاية مصلحة الفرد والمجتمع
المدرسة هي وسيلة حديثة للتربية والتعليم وهي تطورت عبر التاريخ وصارت مؤسسة لها فلسفة وغايات واهداف تتحقق عبر عملية معقدة تسمي العملية التعليمية المناهج هي مدخلات هذه العملية فاذا كانت فاسدة كانت المخرجات فاسدة ونكرر ان كل الفساد السابق كان نتيجة منطقية لفساد المناهج لذا فان تغيير المناهج هو الوسيلة للقضاء علي الفساد القديم وعليه فان معركة تغيير المناهج هي ام المعارك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة