وصلت إلي قناعة تامة بأن السودان لا يمكن ان يخرج من امرين.
* كل الشعب السوداني اصابته الكورونا، و اصبح يمتلك مقاومة ما يسمى إصطلاحاً بمقاومة القطيع.
* او الكورونا لم تدخل السودان بعد.
جئت من الولايات المتحدة الامريكية الدولة الاكبر تأثراً بالكورونا في العالم، حيث تجاوز عدد الإصابات الإثني عشر مليون مصاب.
ماذا تعرف عن امريكا، و الكورونا؟
إغلاق المدارس، و الجامعات، إغلاق المؤسسات الحكومية، الخدمات الضرورية عبر ال drive thru
إغلاق الكنائس، و المساجد، و دور العبادة، اخيراً يتم الدخول بتباعد خمسة اقدام في كل الإتجاهات، بالنسبة للمسلمين غير مسموح دخول المسجد بدون "مصلاية" و يوضع حذائك في كيس بلاستيكي، دخول ثم خروج دون ان تلامس ايّ سطح بشكل مباشر.
عدم إرتداء الكمامة جريمة يعاقب عليها القانون بصورة فورية، و رادعة.
دخول المتاجر، و المولات مقيّد بعدد المتواجدين لضمان التباعد المناسب.
متوسط بعد مسافة مراكز الفحص من ايّ مواطن امريكي لا تتجاوز الميل.
الثقافة العامة للشعب هي العمل بالموجهات، و القواعد التي تصدر من السلطات الصحية بنسبة 100%.
وسائل المواصلات.. سعة الباص 15 راكب فقط، التاكسي بجميع مسمياته تم فصل المقعد الخلفي عن السائق بحاجز بلاستيكي او زجاجي شفاف.
ثقافة عامة حيث التعامل بالكاش في نطاق ضيّق للغاية.
المطهرات في كل مكان، حتي عربات التسوق يتم تطهيرها بعد إستخدامها مباشرة.
عدد من الولايات مغلقة بشكل كامل منذ منتصف مارس، و منها الولاية التي اسكنها ميتشغان.
تخيل عزيزي القارئ دولة بهذا الحجم من الإحتياطات، و الإجراءات الصارمة التي تُعتبر مخالفتها كسر للقانون هي الاكبر في عدد الإصابات، و الوفيات علي مستوى العالم.
وصلت السودان، حيث لبس الكمامة نوع من الرفاهية، و في الغالب من يرتدي كمامة إما متعجرف، او متكبر، او عامل فيها مثقفاتي.
دخلت مطعم و رأيت كل الموظفين يرتدون الكمامة، و زبائنهم بلا كمامات، فسألت احدهم هل الكمامة ضرورية في المحل.. قال لا إتفضل.
ركبت مواصلات عامة و الناس "متشعبطة" علي الباب، ركبت تاكسي، و ترحال، و ركشة لم اجد سائق يرتدي كمامة.
دخلت متاجر، و مولات لا احد يرتدي كمامة.
السلام بالاحضان، و الزحمة في كل مكان.
دخلت بنوك، و مؤسسات حكومية لا احد يرتدي كمامة، لا موظفين، و لا زبائن، و لا توجد قواعد للتباعد الإجتماعي.
منذ تاريخ وصولي مرت ثلاث اسابيع بالتمام، من مطار الخرطوم ثم عبرت إلي ولاية سنار، ثم عدت إلي الخرطوم، و جبت معظم احيائها لم ارى حتي الآن خمسين شخص يرتدون كمامات.
اعتقد لا داعي للإغلاق الذي اصبح شماعة ممجوجة تُستخدم لأغراض سياسية.
حسب ما رأيت، و الواقع لا يمكن لأي إجراء هزيل للإغلاق ان يُجدي نفعاً بلا قوة قانون، و مؤسسات محترمة، و دولة ذات هيبة تبدأ بجدية موظفيها، و حكامها في التعامل.
الإغلاق في ظل هذه الفوضى، و العبث يُعتبر تضيق علي الناس في معاشهم، و ارزاقهم.
الإغلاق في بلد كالسودان في ظل غلاء الاسعار، و ندرة السلع الضرورية يُعتبر شماعة لأغراض سياسية قذرة لا علاقة لها بالمصلحة العامة.
اعتقد جازماً الدولة الوحيدة في العالم التي لم، و لن تصرف مليم واحد علي ايّ مواطن، او تقدم دعم بسبب الكورونا هي دولتنا الحزينة السودان.
الذهاب إلي مقاومة القطيع افضل من جحيم الإغلاق حيث الغلاء الفاحش، و الجوع، و الفقر، و المرض، و إنعدام الدواء بشكل كامل في كل صيدليات البلاد.
اتركوا الشعب يقاوم الكورونا كما يقاوم فقره، و فاقته، وعدمه، و قلة حيلته، وحيداً طريداً.
رغم الصورة القاتمة، فالكورونا حسب دراسات حديثة لا تصيب ضحايا مرض الملاريا.
فقط وفروا علاج الملاريا المعدوم في الصيدليات، حيث تجاوز سعر "الكورس" الالف جنيه إن وجد.
اخيراً.. زارني عدد من الاصدقاء فسألتهم عن ملحق عسكري "كوز" لي معه حكاية في دولة جارة، قالوا : الآن علي رأس وحدة عسكرية مهمة جداً، و كان يستخدم سيارته الخاصة لنقل المواطنين اثناء حظر الكورونا بالاجر حيث اصبحت تجارة في إستغلال السلطة، و النفوذ الوظيفي..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة