جاء متدربا فى تلك الصحيفة التى تأخذ دعما دولاريا لاستيراد الورق وتطبع فى ورق رخيص تشتريه بمكون محلى بعد أن تبيع دولار المزارع والراعى والمعدن فى السوق الموازى!! كان المدير العام ورئيس التحرير ومحرر الصفحة الأولى والاخيرة و هو كل شئ فى اى شئ عندما أدرك ان القانون الذى درسه لن يكون ذلك السلم الذى يصعد به إلى شرفة المجد والشهرة فترك ذلك الليسانس معلقا على الجدار وظل متعلقا بيوميات نائب فى الأرياف على الرغم من انه لم يمارس النيابة العامة او القضاء!!! كان مفتونا بقيم العدالة والمساواة ويحلم بتلك الحقبة العمرية التى لايعرف لها وسائل سوى تلك القصص والاشعار التى تسربت الى خياله فلم تترك مجال لسؤال ولم تبحث عن اجابة!!! شغله سوق الورق وعرفه على مافيا وتماسيح تمضى على البر ولا تعرف البحر إلا لتخليص باخرة او قطع كبرى لمقابلة وزير لاجل تصديق واعفاء. جاء متدربا فى تلك الصحيفة ذات الأبعاد 4*4والتى لا تعرف الاصطفاف إلا فى برش الصلاة الذى يؤمه مدير كل شئ!!! كانوا ثلاثة هما وهى ومن هنا بدأ التعارك عليها وعلى من يدير من فى الانابة كانوا معه أربعة وخامستهم طابعة بعد ان انتهى زمن المصفوفة وبدأ عهد البروفة والطباعة!!! كان الوقت فراغ وذلك المكان لا يقبل إلا من تعطلت مواهبه وقصرت به درجاته العلمية صاحب خيال محدود لا يخرج عن مألوف وله باع فى قواميس الشتيمة فى المستوى الافقى أما الرئاسات الثلاثة فلا يجرؤ! !!! كانت تلك الصحيفة بالكاد تكسب من بيع المرتجع وفرق الدولار المركزى وتلك النسخ التى تكفل الحزب الشمولى بشرائها وتوزيعها على المصالح الحكومية حتى يقوم الموظفين بأكل وجبات السمك عليها فى الوزارات الايرادية المجنبة أما الوزارات الفقيرة فكانت لاستهلاك الوقت عبر مجموعات حل الكلمات المتقاطعة وبرجك اليوم وأحيانا للف الساندوتشات!!!! جاء إلى تلك الصحيفة بواسطة ابن منطقته الذى نزل عنده ضيفا فى بيت العزابة الذى كان بلا باب او نوافذ طالبا ان يتوسط له فى اى صحيفة للعمل فيها فهو لايعرف خط تحريري او ثوابت صحفية يريد ان يعمل ويكسب فقد عانى من الفاقة وأدرك تماما ان الوصول لن يكون إلا عبر الواسطة التى شكل عنها ذاكرة عبر مشاهدة التلفزيون الابيض والأسود عند واجهة المدخل فى النادى وقرب البوفيه الذى ماكان يرتاده إلا مستضافا!!! أما هو فقد جاء باكرا إلى العاصمة واعتصم فى مدارسها عبر الإعادة باكرا إلى ان فارقها باكرا فاكتسب مكرا ودهاء عبر عمليات السمسرة الخجولة التى كان يشارك فيها وربما انتهت فى اخر لحظة فتصبح أخبارا لليوم القادم!!! كان مميزا فى الإملاء المنظورة فقد كانت له عين تلتقط من زاوية مختلفة ثم اسعفته التقنية لاحقا بفنون فى انتحال المواضيع إلى ان صار يمكن ان يشيد عموما غير متماسك بشهادة زملائه الذين قبروا موهبة الشعر عنده أيضا باكرا!!! أما هى فكانت تمتلك رشاقة غطت على كل مواهبها العاطلة فصارت تمزج بين الكاتبة والسكرتيرة وكم ظهر لها مقال يحتوى على مواعيد وطلبات مدير كل شئ فى تلك الصحيفة ذات الورق الردئ! !! أما الطابعة فقد كان كل يومها بين أكوام الورق ومراجعة البروفة مع مدير كل شئ الذى هو مصحح ومراجع التبويب وغيره لذا لم يكن لديها وقت لإلقاء مجاملة او تحية او وقت شاغر للانصراف فى أحاديث جانبية كما هو وهو وهى!!!! أما هى فكانت تملك ذلك الفراغ العريض الذى رسم لها احاديث جانبية عند اللقاءات الثنايية اما عندما تكون على راس المثلث فهى تكون على الحياد كما لم تطبع مع احد من قبل!!! ظهر التنافس عليها من الاهتمام الذى لم يكن يؤهل إلى تقديم هدية ولم يكن مقدورا عليها ماليا من الطرفين فى ذلك الوقت!!! كان يقضى معظم وقته أمام ست الشاى لأنها لم تكن توصل الطلبات الآجلة الدفع ولكنه كان يتعلل ان الجلوس وسط عامة الشعب ملهم لكتابة واستحداث المواضيع لكنه لم يتجرأ بإعلان انها أيضا قد تكون ملهمة على الرغم من انها تشعل الفحم بمرتجع الصحيفة الذى كان يوفره لها خلسة!!! أما هو فكان طوال اليوم وصيفا وشتاء وحتى لحظات النوم يرتدى تلك البدلة ومعها ربطة العنق التى لم يفكها منذ ان ربطت له كأنها تميمة!!! الطابعة كانت ترتدى نظارة سميكة وتضرب على لوح المفاتيح بصوت اختلط مع صرير المروحة التى تعمل فى درجة واحدة فقط !!! بدأ صاحب ربطة العنق يتلمس طريقه للوزارات عندما سمع عن تفشي متلازمة المقال والمظروف فكان !!! أما هو فقد اتخذ منهج الكانون وصاحبته الملهمة من غير إعلان فقد اتخذ خط الهجوم على الوزراء وكل المسئولين دون الرئاسات الثلاثة فبدأ رحلته فى جلسات الصلح والهدايا إلى ان وصل إلى ذلك المبنى الذى لا يتردد عليه إلا المتسولين الجدد والنصابين !!! أما هى فقد وجدت رافعة أجنبية مبكرة فخرجت من غير ان تترك رسائل وانتهت موظفة مناولة فى قسم التحرير العربى!!!(1) الأمين مصطفى
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة