لقد أدى عدم تناسق العملية التنموية في الأقاليم إلى نزوح ضخم من فجاج الأرض نحو العاصمة. تتكدس العاصمة بالسيارات، والمشردين، والنازحين من الأقاليم، ويتفتت النسيج المجتمعي، جراء أخطاء الحكومات المتعاقبة منذ الإستقلال. وهذه الكارثة كان يمكن تفاديها بعدة حلول، من أهمها، غلق العاصمة، التي تمددت تمددا رهيباً، مما جعل خدماتها الصحية والغذائية والتعليمية وغير ذلك؛ غير كافية. مع ضغط مروري مفرط overcrowded. جعل من العاصمة منطقة حساسية، ومنطقة الحساسية، هي التي يمكن أن تؤثر فيها أزمة صغيرة في قطاع صغير على كافة المنطقة. فحالة قفل شارع واحد تؤدي لضغط مروري من الجبل وحتى الجيلي. أما في الوسط فتتوقف الحركة تماما، مما يتطلب تدخلاً علاجياً سريعاً ومكلفا للدولة. هناك علم كامل يتناول دراسة تلك التكاليف الباهظة للعلاجات السريعة والمؤقتة، بحيث تكشف العمليات الحسابية، أن إنفاق الدولة يتضاعف عندما تؤجل المعالجات الشاملة والحاسمة. هناك اليوم أزمة خبز وبنزين طاحنة، والمحليات انتجت كروت لصرف الخبز، لكن المشكلة تكمن في أن هناك عاملين ونازحين وبائعين متجولين وبائعات شاي..الخ. وهؤلاء أكثر من سكان الأحياء. ويحدث الضغط، في حالات التنظيم الخاطئ أكثر من عدم وجود تنظيم. قبل أيام حدثت حالات قتل في صفوف الخبز. وكل يوم يتزايد الاستعداد النفسي للعنف، بما ينذر بارتفاع معدلات الجرائم. وتؤدي الجريمة إلى إلقاء مزيد من الأعباء المالية على الدولة، فجريمة طعن أو قتل واحدة تتم بسبب عشرين رغيف خبز، ستكلف الدولة الآلاف من الجنيهات داخل حزام بيروقراطية العدالة الجنائية، criminal justice، وهذا أيضاً يخضع لعلم التكاليف الجنائية. والذي يجعل من الوقاية من الجريمة أهم من العقاب عليها. في الولايات المتحدة الأمريكية، تم وضع برامج إصلاح العدالة الجنائية الوقائية، وكل بضعة سنوات تتم عمليات إعادة تقييم لتلك البرامج، وتعديلها، أو تعزيزها، أو إلغاء عناصر منها. ولذلك كان من المفترض على الحكومات المتعاقبة، أن تنظر لمسألة النزوح السكاني إلى المدن بشيء من الجدية. بل كان عليها ان تفعل قانون تجريم التشرد. وأن تعالج مشكلة الزيادة المهولة في أعداد المتشردين والمتسولين، وهم مقدمة لجرائم مستقبلية. فوق أنهم غير منتجين إقتصادياً. مع الإنفجار السكاني، ترتفع معدلات الجرائم، والتي اضعها في الترتيب التالي (عبر الملاحظة فقط): ١- جرائم الرشوة المرورية. ٢- جرائم النشل. ٣- جرائم الدخول إلى المنازل بقصد اقتراف جريمة. ٤- جرائم التعدي الجسدي والجنسي. وتنتج كذلك جرائم العنف بين السلطات والافراد، جراء الاحتكاك، والقلق والتوتر وعدم الثقة في الحكومة. إن وضع برنامج إصلاحي شامل سيزداد صعوبة بمرور كل يوم. لذلك على ولاية الخرطوم أن تشرع في عمل تلك الدراسات بأسرع ما يكون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة