يوسف لبس: سيرة عطرة تروي ومآثر جليلة تستجلي مثلما كان مقدراً ليوسف أن يعفو ويتسامح فهل تغفر ذاكرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 05:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-02-2020, 06:58 PM

د.فتح الرحمن القاضي
<aد.فتح الرحمن القاضي
تاريخ التسجيل: 08-30-2016
مجموع المشاركات: 31

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يوسف لبس: سيرة عطرة تروي ومآثر جليلة تستجلي مثلما كان مقدراً ليوسف أن يعفو ويتسامح فهل تغفر ذاكرة

    06:58 PM October, 02 2020

    سودانيز اون لاين
    د.فتح الرحمن القاضي-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم
    يوسف لبس: سيرة عطرة تروي ومآثر جليلة تستجلي
    مثلما كان مقدراً ليوسف أن يعفو ويتسامح فهل تغفر ذاكرة التاريخ ؟!!
    د. فتح الرحمن القاضي
    E mail: [email protected]/ Tel: +249912219666
    إنتقل الي رحاب العناية الالهية راضيا مرضيا باذن الله اخانا العزيز المهندس يوسف لبس اثر تعرضه لحادث حركة مؤسف بحي العمارات بالخرطوم مخلفا في نفوس اخوته ومحبيه واصدقائه الماً وحسرة ذلك ان البلاد كانت تدخر يوسف وامثاله لادوار آنية ومستقبلية في تاريخ السودان بيد أن المشيئة الالهية أرادت ان تصطفي يوسفا مع الشهداء والصديقين والابرار باذنه تعالي وتلك حكمة يعلمها الله ولا راد لقضائه وحكمه النافذ.
    من دلائل التقدير والعرفان ليوسف وسيرته العطرة ذلك الاحتشاد الهائل الذي شهدته مقابر الصحافة سيئة الاعداد والتنظيم في امسية الدفن وهذا حديث اخر نتناوله فيما بعد حيث تقاطر للتشييع خلق كثير من مختلف الاطياف والاصعدة يعزون بعضهم البعض وقد ضاقت عليهم جوانب المقبرة التي لم يوجد فيها متسع لمركبة تسير . مشهد كهذا قلما نختبره الا في تشييع قادة الامة وعظمائها حيث اختبرناه في مشهد تشييع المرحوم الشييخ الترابي بمقابر المنشية ، وكانت لنا وقفة مشهودة من قبل بذات الحضور الكثيف مثلما جري في مشهد تشييع الشهيد الزبير وعبد السلام سليمان وصحبهم وما ذلك الا لان هؤلاء كانوا يمثلون البعد الشعبي للانقاذ وبرحيلهم تضاءل رصيد الانقاذ واضمحل حتي آلت الي زوال، ذات المشهد يتكرر في تشييع المرحوم مندور المهدي وزوجه نجاة صالح وشريفة ساتي زوج الشهيد عبيد ختم وما ذلك الا تقديرا لجهود هؤلاء في التنوير والبناء الوطني.
    يوم تابين يوسف كان يوماً مهيباً حيث تباري في كلمات رثائه فرسان للخطابة والسنان حيث كان في مقدمتهم الاخ المجاهد الناجي عبد الله رفيق يوسف في ميادين الجهاد وما سواهم من رفقاء يوسف من الاخوة والاخوات، وقد جاءت خطبهم تعبييرتً صادقاً عن سمو وعظم المكانة التي كان يشغلها يوسف في نفوس الكثيرين.
    ونحن اذ نتقبل قضاء الله وقدره بنفوس راضية لا يسعنا سوي ان نرفع الاكف بالدعاء بان يغفر ليوسف ويرحمه ويتقبله مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا، سائلين الله ان يلهم زوجه المكلومة وابنائه وسائر اهله وحبيه الصبر وحسن العزاء، وأن يلهم أمة السودان أمر رشد واستقامة علي طريق يوسف الذي قدر له ان يخلف سيرة عطرة تروي ومغازي قمينة بالتدبر تعتبر بها الاجيال في سجل تاريخ السودان.
    وحق للكثيرين من الاجيال الصاعدة ان يتساءلوا : تري من هو يوسف ؟ وما هي قصتة ؟ وما هي الاطوار العجيبة التي اختبرها وتقلب في ثناياها ؟؟.ولد يوسف في مدينة الطينة بولاية غرب دارفور وهو ينتمي الي قبيلة الزغاوة وله من زوجه آمال عبد القادر اثنان من البنين هما محمد وخالد وبنت واحدة هي سارة درس يوسف الثانوي في دارفور وتخرج من كلية الهندسة بجامعة الخرطوم.
    ويكاد المرء يحار في الاجابة علي الاسئلة بعاليه فمن اين نبدأ في تصفح السيرة العطرة واين ننتهي ، وفي هذا السياق دعوني استدعي الحديث الذي دار بيني وبين الاخ العزيز ادريس ابراهيم طه ذات يوم حول مأساة الحركة الاسلامية إذ توجه الي بسؤال يستطلع رايي فيما يجري بعيد انشطار المؤتمر الوطني الي مؤتمرين وطني وشعبي في ذروة المفاصلة وما تلي ذلك من خطوب جسام ما زالت تلقي باثارها وتفعل فعلها حتي يومنا هذا !! فأجبته قائلاً: لما عهد الي بتولي اعباء الامانة السياسية لتنظيم الاتجاه الاسلامي بجامعة الخرطوم منتصف الثمانينات تلفت حولي فوجدت اثنين من شباب الحركة وقع عليهم الاختيار لشغل مهمة المقرر للامانة السياسية وتدور للزمان دورة لنجد أحدهما حبيساً في سجن كوبر بينما نجد الاخر في موقع الاستوزار بمجلس الوزراء . حينها سالني ادريس ولكن ما هي قصة الاثنين فقلت له من وجد طريقه للسجن حبسا انما هو المهندس يوسف لبس اما من وجد طريقه للاستوزار فهو الدكتور محمد المختار حسن حسين ؟!!. طبيعة المالات التي اختبرها كل من لبس والمختار لهي واحدة من اظهر تجليات أزمة المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية التي لن يقدر لها الانجلاء في القريب بما حفلت به الاحداث من عسف وتظالم يحار العاقل في تفسير اسبابه ودواعيه اذا بقي للعقل من موضع لممارسة الفهم والادراك والتعقل ؟؟!
    تري ما هي الارادة السياسية والفكرية والمنطقية التي دفعت بيوسف لبس الي السجن بينما دفعت باخيه محمد المختار الي الاستوزار ؟ ولماذا حدث ما حدث ؟؟ هذه بالطبع اسئلة حيري لم تبق اجابة شافية بعد بين يدي مفاصلة الاسلاميين الشهيرة التي لم تزل تنداح دوائرها وتتسع مساحاتها بحيث يتسع رتقها علي الراتق وفي اثناء تلك المسيرة التي تعج بالظلم والمظالم انتقل الي بارئة شيخ الحركة الاسلامية المرحوم الترابي وفي نفسه شيئ من حتي وذهب لبس الي بارئه قبل أن يري مآلات كان يرتقبها وآذن الله بسقوط نظام الانقاذ وحق له أن يسقط دون أن يجد من يذرف عليه دمعه لا بل شارك الكثير من الاسلاميين في اسقاطه واستبشروا بانزياح الكابوس الذي جثم علي صدر الامة السودانية بمختلف اطيافها وتياراتها المتعددة .
    سوف يذكر التاريخ ليوسف لبس انه مكث في السجن لنحو اثنتي عشر عاماً ليصبح اشهر سجين سياسي يقضي هذا الزمن المتطاول في الحبس في تاريخ السودان في المرتبة الثانية بعد البطل عثمان دقنه الذي قضي زهاء عمره كله في السجن ثم يجئ من بعد ذلك في المرتبة الثالثة المرحوم الشيخ الترابي الذي قضي زهاء سبع سنوات في السجون في مختلف العهود.
    وفي أعقاب تخرج لبس من الجامعة تقلب في اطوار عديدة عملا وبذلاً وتفانياً وجهاداً في مختلف ساحات العمل العام والجهاد لاعلاء راية الوحدة والحق والخير لامة السودان. ولما آذنت الحركة الاسلتامية بانشطار ومفاصلة كان من الطبيعي أن يتبوأ لبس مقعداً متقدماً في صفوف المؤتمر الشعبي الي جانب الشيخ الترابي ملتزماً الخط الاصيل للحركة الاسلامية التي كانت تستهدف ارساء دولة الحقوق والحريات والديمقراطية الحقة في وجه عصبة متنفذة ركنت الي الدنيا واثرت التحكم في مفاصل السلطة والثروة وهي تزعم بانها لن تتخلي عن السلطة الا لسيدنا عيسي مستخدمة في ذلك ابشع الوان البطش والاذلال لجماهير الشعب وهو بطش لم يسلم من ويلاته حتي اخوة الامس بما فيهم يوسف لبس ورهطه ، وهكذا قدر ليوسف ان يمضي اثنتي عشر عاما هو ورفاقه علي خلفية ما اصطلح علي تسميته بالمؤامرة التخريبية الاولي والثانية بقيادة الدكتور الحاج ادم يوسف.
    حينها قدر لنا ان نلتقي مع لبس مرة ثانية في صروف الابتلاء حيث طالنا الاتهام بالضلوع في ذات المؤامرة التخريبية الانقلابية التي طالته بيد أن الارادة الالهية تلطفت بنا حيث مكثنا في السجن أخريات العام 2004 م زهاء ستة اشهر بينما سيق يوسف وصحبه الابرار الي السجن ليقضوا اماداً متطاولة لا تقل عن العشر اعوام ان لم تزد ، واذا فقد كانت فترة سجننا عبارة عن نزهة اذا ما قيست بفترة سجنه المتطاول . يومها لم تدخر الاجهزة الامنية وسعاً في توفير دليل إدانة يربطنا بالخلايا المسلحة لتنظيم العدل والمساواة الذي لم نتردد في مناصرة البعد الموضوعي لقضية دارفور التي استشهد من اجلها الاخ العزيز خليل ابراهيم واخوته مع كوننا قد ناينا عن حمل السلاح لخدمة ذات القضية التي لم تعد قضية لدافور وحدها وانما هي قضية موضوعية يتشاطر اهدافها اهل السودان قاطبة ويتنادون لنصرتها من باب أن (كل البلد دارفور) ، يوم ذاك فاجئني احد المعتقلين ويدعي (عبد الله البرقداوي) نسبة لقبيلة البرقد بالقول بان صورتي المتواضعة قد عرضت عليه مرارا وتكرارا ليشهد بانه قد رآني واجتمع بي وانني جزء لا يتجزء من خلية عسكرية ينتسب لها وقد الحوا عليه وتمنوا أن يتقدم بشهادة كهذه بيد ان امانة الرجل حصنته من الادلاء بشهادة الزور ؟!! ذلك انني لم التق بعبد الله البرقداوي في حياتي الا في زنزانة جهاز الامن في اعقاب اخضاعي بمعية الاخوة الاعزاء محمد النبهاني الشيخ وعثمان بوزتف واخرين للتحقيق في نيابة امن الدولة بواسطة المستشار محمد فريد وكيل النيابة الاعلي في الجرائم الموجهة ضد الدولة علي خلفية المؤامرة التخريبية الانقلابية ضد نظام الانقاذ، وهنا يتكشف عنصر الكذب والتدليس الذي اعتمدته الاجهزة الامنية لنظام الانقاذ في الكيد لخصومها والايقاع بهم وهو كيد طال سائر التيارات الفكرية والتنظيمية حيث لم يسلم منه لا يميني ولا يساري ولا شيوعي ولا مؤتمر سوداني ولا بعثي ولا اخ مسلم ؟!!.
    بعد مكوثه في السجن لاثني عشر عاما تم اطلاق سراح يوسف لبس استجابة للمساعي الحميدة التي قادها نفر من كرام القوم من بينهم الدكتور اسامة توفيق واللواء التيجاني ادم الطاهر وعبد الرحمن دوسة مما وضع نهاية لهذه المحنة المتطاولة، وقد هرعت علي اثر ذلك الي ضاحية السلمة ذلك الحي المتواضع في طرف الخرطوم الجنوبي الذي اتخذ يوسف لنفسه مسكناً متواضعاً فيه هو ورهطه من امثال عبد العزيز عشر وجبريل النيل بينما احتل اقرانه من حقبة الثمانينات بجامعة الخرطوم افضل المواقع وافخم المنازل في احياء العاصمة الاخري . هرعت لالقي السلام علي يوسف ومؤازرته حيث وجدت اثار الزمن والرهق المتطاول قد فعلت فعلها في هيئته الخارجية بيد أن روح يوسف زادت القاً وبهاءا فلم يتبين لي انه يحمل ضغينة او موجدة تجاه من ساموه طول السجن وسوء العذاب بيد أن ملامحه السمحة كانت تشيئ بشئ من العتاب تجاه بعض اخوته الذين خذلوه وتخلفوا عن نصرته ذلك انهم نسوا او تناسوا ان يبذلوا اي مجهود يذكر في الانتصاف لقضية يوسف مع حقيقة كونهم تشاطروا ذات التهم الباطلة مع يوسف، وهو مسعي كان مرجوا من قبل هؤلاء النفر سيما بعد ان قيض الله لهم الخروج من السجن والاصطفاف الي جانب سلطة الانقاذ المتنفذة وتبوأ أعلي المناصب القيادية في سدتها.
    لم تقتصر محنة يوسف علي السجن الطويل ذلك أنه احتمل الواناً من الابتلاء والتعذيب علي ايدي الاجهزة الامنية لسلطة الانقاذ قلما تعرض لها احد سواه . وقد تراوحت اشكال التعذيب التي لقيها يوسف بين الصعق بالكهرباء والخرمان من النوم لمدة اثني عشر يوما حيث يتناوب عليه مجموعات فما يكاد يغفو حتي يسلمونه الي وردية اخري تتفن في حرمانه من النوم ومن ثم سجنه مع عتاة المجرمين ومدمني المخدرات غير ان يوسف صبر علي هذه الابتلاءات كلها واتخذ من فترة سجنه مع عتاة المجرمين فرصة ليستهدفهم بالنصح والارشاد علي طريق الهداية واغتنم الفرصة لدراسة اوضاعهم لكي يستثمر ذلك في معالجة الابعاد الكلية لمشاكل السجن والمسجونين ابان تعيينه نائبا بالمجلس الوطني في اعقاب الحوار الوطني. وكانما كان قدر يوسف مربوط بشيخه الترابي سجناً واذلالا الترابي فلم تخلو سيرة الترابي نفسه من الوان والمعاملة القاسية والمهينة حيث اودع الترابي الزنازين المظلمة التي تعج بالهوام ليتعرض لعضات الفئران ، ثم اقتيد من بعد الي سجن بورتسودان امعاناً في الاهانة والاذلال ليختبر اوضاعا ماساوية في اسوا سجون البلاد حيث تقلب في بيئة قاسية
    في سجن بورتسودان بما عرف عنها من حر قائظ ورطوبة مهلكة وماء مالح مع كثافة الذاب والبعوض مما ترك اثاره علي صحة الشيخ الترابي علي المدي الطويل ، واذا شئتم الاستزادة في معرفة تفاصيل تلك الحقبة المؤلمة فاسلوا احمد الشين وعبد العال مكين فسوف يحدثونكم عن وقائع واحداث عجيبة لم يقدر للتاريخ ان يروي تفاصيلها بعد.
    ليس ثمة شك في أن المظالم التي اختبرها يوسف لم تجعله يحجم عن المشاركة الايجابية في الحياة الفكرية والسياسية عقب خروجه من السجن فقد انتظم يوسف في انشطة المؤتمر الشعبي في إطار الامانة السياسية حيث تبوأ منصب الامين السياسي بالانابة ليشارك في سائر انشطة الشعبي ويشمل ذلك حقبة الحوار الوطني ولا يقتصر عليها وحدها مدافعة ومناصرة ومصابرة وما تلي ذلك من أحداث جسام رغم تنكر المؤتمر الوطني واجهزته الامنية لعهد الحوار الوطني إذ كان دافع يوسف في ذلك بمعية اخوته المضي في طريق التغيير السلمي عبر الحوار رغم وعورته ولسان حالهم يقول من نكث فانما ينكث علي نفسه ان الله لا يهدي كيد الخائنين.
    فيما روي نقلا عن اسرة لبس الصابرة المحتسبة ان المهندس صلاح قوش مدير جهاز الامن والمخابرات قد قام بتسجيل زيارة الي منزل لبس عقب الافراج عنه باذلاً اعتذار بين يديه جراء ما لقيه اثناء فترة سجنه ، ولم يتردد يوسف فيما جبل عنه من نفس سمح لا يحمل ضغينة بقبول الاعتذار ، واذا ما صحت هذه الرواية فلا نملك الا ان نستحسنها ذلك ان الاعتذار يعني اول ما يعني الاعتراف بالخطا ومن ثم العمل علي تصويبه وهذه بادرة تلقي منا كل الاحترام والتقدير في وقت يحسن ان تتنادي الامة السودانية باكملها الي التعافي والتصافي والمصالحة والوحدة متجاوزة في ذلك كافة الوان المظالم الاليمة التي خلفتها حقبة حكم الانقاذ، بيد ان هنالك سؤال موضوعي ربما يجيب عليه التاريخ فيما اذا كانت هذه الممارسات الشائهة في عهد صلاح قوش تصدر عنه شخصياً ام انه هو نفسه لم يكن امامه من سبيل سوي الاستجابة لتوجيهات واوامر كانت ترد اليه (من عل) ولم يكن يملك دفعا لها بحكم وظيفة تحتم عليه الانصياع للاوامر التي ترد اليه من رؤسائه؟؟!!.
    ومع تقديرنا لحقيقة كون الكثيرين ممن وقع عليهم ظلم بائن في عهد الانقاذ قد عفوا وتساموا بيد ان الشق الموضوعي فيما وقع في حق الامة من مظالم كبري ينبغي ان يبقي محل نظر امام الية وطنية للحقيقة وللمصالحة تستهدف ارساء قواعد العدالة والانتصاف بحيث يستوي في ذلك ما جري لقتلي محاولة رمضان الثلاثين ، مرورا بحالة وفاة الدكتور علي فضل الاكثرايلاماً وترويعاً وصولا الي ما اختبره يوسف لبس وما سواه من النشطاء السياسيين من الوان المهانة والتعذيب .
    جميل ان تتنادي اطراف كانت تقبع في خانة الفتنة والعداء الي تشييع جثمان لبس بيد أن اطراف الحركة الاسلامية لن يقدر لها الاجتماع علي نحو صحي ما لم يقر أي طرف ارتكب بذنبه ويتوب الي الله ومن ثم تفسح الاطراف للتعافي فرصة جديدة اذ لا يمكن لجرح ان يرم علي فساد، وتبقي العبرة في ضرورة العفو والمصالحة والتجاوز مطلوبة اكثر من ذلك علي المستوي القومي من خلال الاعتراف بالاخطاء المرتكبة والتجاوزات في عهد الانقاذ، وطالما كان الكل يطمع في عفو الله ورضوانه فلم لا يعفو كل صاحب مظلمة عما لحقه من مظالم اما اذا اراد البعض القصاص بين يدي الية الحقيقة والمصالحة فلا نملك بالطبع ان نحرمه من هذا الحق ولكن يبقي العفو ابقي واعظم من باب فمن عفا واصلح فاجره علي الله...
    ومن ثم فان هذه مرثية استحضرنا فيها مشاهد ومواقف تتناول مناقب يوسف وفضائلة ، وهي مرثية لا تستهدف تكريس مظاهر الكراهية والانقسام بين الاسلاميين بخاصة او بني السودان بعامة بمختلف نحلهم واطيافهم ولكنها وقفة للذكري لاستلهام العبر والعظات. واذا كان ثمة من وقفة للاعتبار علي الاسلاميين ان يقفوها مع انفسهم بشفافية وتجرد وصدق فلتكن استلهام سيرة يوسف ومسيرته مما يحفزهم لاجراء سلسلة من المراجعات الكبري والتوبة الي الله والتماس العذر لما لحق بالامة من عسف وجور في عهد الانقاذ، حيث جرت تلك الوقائع وقد اكتفي عدد ليس بالقليل بالنظر اليها في عدم اكتراث وكانما الامر لا يعنيهم في شيئ وهم يديرون اذناً صماء للنصائح المخلصة التي لم ندخر وسعاً في بذلها لهم سرا وعلانية رفقا بامة السودان الصابرة علي البلايا والمحن، وقد كان في مقدور هؤلاء اللجوء الي انكار منكر الفئة المتنفذة في الحكم وترسيم طريق المعروف بيد انهم لم يفعلوا واثروا التزام الصمت رغباً في حظوة السلطة ورهباً من بطش اجهزتها الامنية التي لم تترك عدواً ولا صديقاً الا ونالته بيدها الباطشة ونكلت به اشد الوان التنكيل.
    تلك صور ومشاهد وشواهد من سيرة يوسف لبس ، وهي مواقف جليلة ناصعة قمينة بالاحتفاء والتقدير والتعريف للاجيال الجديدة التي ربما لم يقدر لها التعرف عن قرب علي يوسف وكسبه خلال سني حياته المباركة، وما هذه المخطوطة التي عكفنا علي اعدادها يعتصر قلوبنا الحزن والالم ونحن نسكب الدموع علي فراق يوسف الا جزء يسير مما حفلت به ذكري لبس من جلائل الاعمال وكريم الخصال واسمي ايات التواضع والفداء والبذل والعطاء ، وهكذا قدر لأنصع الصحائف أن تنطوي في سجل الخالدين باذنه تعالي.
    وإذا كان مجئ يوسف ومغادرته لعالم الفناء موشحاً باثواب التسامح والعفو والغفران لمن ظلموه علي نحو شخصي فهل يغفر تاريخ السودان تلك البشاعات اذا ما قدر للتاريخ ان يكتب بنزاهة عن سيرة الذين ارتكبوا مظالم جماعية في حق الوطن والمواطنين ومارسوا انتهاكات جسيمة مروعة في حق بنيه واهدروا كرامة الشعب واسلموا البلاد باكملها الي مرحلة الدولة الفاشلة التي يجهد الجميع في عهد الثورة في الارتقاء بها مجدداً واستعادة صورتها المشرقة بين الامم بعد اذ نالها قدر غير يسير من التشويه ؟!!.
    وفوق ذلك فان في سيرة يوسف والمبادئ التي امن بها وضحي من اجلها حتي يسعد السودان واهله في دنياهم واخرتهم لعبرة لكل معتبر ، ومع توالي المحن والابتلاءات علي امة السودان ، وتعاظم مصاعب سبل كسب العيش الشريف ، وتفشي مظاهر الفقر والجوع والمسغبة ، وتكاثف المهددات الداخلية والخارجية التي تحدق بالامة مستهدفة ثورة السودان وشعبه فقد آن الاوان لكي تسمو مختلف الطوائف والاحزاب والتنظيمات والحركات السلمية وتلك التي تحمل السلاح فوق الخلافات الجانبية وأن تتنادي لوفاق قومي جامع لا يستثني احدا الا من ارتكب جرما بائناً او ظلم نفسه او غيره من افراد الشعب، علي أن يجهد الجميع في احداث ارتباط التحامي حملاً للامانة التي عهد الله بها الي الانسان حتي تصل الفترة الانتقالية الي منتهاها في سلام ، ويبلغ الناس مرحلة الانتخاب في امان وفي ذلك فان السودان ليس استثناءا بين امم العالم المتحضر ...
    فهل تعتبر الامة السودانية وتمضي في مسيرة الشرف والصدق والعمل والانجاز ام ترتكس الي الارض وتفشل وتذهب ريحها هباءا منثوراً ، ذلك ما سوف نشهده في مقبل الايام ونأمل أن نشهد الخير العميم والتوفيق الاتم ... وما التوفيق الا من عند الله العزيز الحميد،،،

    الخرطوم في الأول من اكتوبر 2020 م























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de