يذكرني المشهد العبثي الذي نعيشه الآن بحكومة الاخوان المسلمين في مصر، و إجتماعهم المشهور علي الهواء، و هم يناقشون شئون الدولة الإستراتيجية.
للأسف اصبحت حكومة الثورة مسخ قبيح يديره نشطاء، و عواطلية، نعرفهم جميعاً، و نعرف تاريخهم، لا يمكن ان تصبغ عليهم صفة رجال دولة بايّ حال، تنقصهم المعرفة بادوات إدارة الدولة، و مبادئ الحرية نفسها.
الآن يمكنني ان اذهب إلي امام البيت الابيض، و احمل راية، و اتهم ترامب بالعمالة إلي ايّ دولة تخطر علي بالي، و اتناول حياته من الالف الي ال " التيت" و لا يجرؤ ان يتخذ ضدي امر او يهددني بالقضاء، و إن كنا في دولة القانون.
ببساطة رجل الدولة يعرف ضريبة العمل العام، و وقته هو شأن عام لا يجب ان يضيعه علي الملايين.
للأسف عقلية النشطاء العواطلية حولوا معاني الحرية، و النقد، و التقويم إلي العداء، و الخيانة، و "الكوزنة" في احسن الحالات إن وصفناهم بالاسوأ.
كل ما يدور من إستقطاب، و تفلتات امنية هو نتيجة لقرارات صبيانية في تعين المسؤولين، و علي رأسهم الولاة، بالمحاصصة الحزبية، و الإثنية، و المناطقية بذات منهج النظام البائد، مخالفةً لمبادئ الثورة العظيمة التي مهرناها بدماء، و عرق، و دموع.
في الفترة الإنتقالية كان ينبقي ان تكون التعينات بشكل قومي، و إبعاد هذه العقلية القاصرة، و التي لا تعي خطورة الامر، و ضعف المرحلة.
تواصل معي عدد من الاصدقاء اقدرهم، و اجلهم بأن لابد من العمل مع الحكومة المدنية بدل النقد علي الميديا، و ذهب البعض و لسان حاله يقول " الفي البر عوام".
تواصلت مع إخوة قريبين من دوائر صنع القرار، و طلبت منهم ضرورة مقابلة حمدوك اثناء زيارته الاخيرة الي واشنطن لمناقشة إمور إستراتيجية يجب وضعها في الإعتبار، حتي لا تنزلق البلاد إلي المجهول، و اعددنا اوراق، و قضينا نقاشات عميقة لنخرج بتوصيات مقدرة حسب تعقيدات الوضع في البلاد، و حالة السيولة الامنية في الإقليم، و تقاطعات المصالح الدولية، و الإقليمية.
لتباعد المسافات في الولايات المتحدة قررنا ان تكون المقابلة بقيادة سعادة العميد ود الريح، و بعض الإخوة القادة الذين يقيمون في واشنطن، و فرجينيا.
لا احد يعرف ثمن الوقت، و زحمة المشغوليات، و الإلتزامات إلا من عاش، و يعيش في الغرب، برغم ذلك ظللنا مع الجميع علي خط التماس مع قضية الوطن، و الثورة المباركة كواجب علينا.
بدون محسنات لم يرد البعض ظناً منهم اننا نريد ان نتقرب من السيد حمدوك زلفى، او تملق للسلطان، و للأسف هذا مبدأ النشطاء، و من لفوا لف الكيزان في المفهوم القاصر للسلطة، و المسؤولية.
برغم ذلك لم نستسلم و عملنا بكل جهد بضرورة مقابلته حتي نضعه في الصورة، و نرى من الواجب علينا ان نصله بأي طريقة.
بعد جهد جهيد، و مجهود فردي تحكمه الصداقات، و اقرب الي السمسرة كمصطلح في عالم السياسة تمكن الإخوة القادة في واشنطن من ترتيب عشاء اقاموه له في مكان إقامته، و وصلته الفكرة، و تم تسليمه ورقة مفصلة.
اعتقد تركها في ادراج جناحه الفخيم و اضابيره، لأن الرجل مأخوذ بعقلية و منهج آخر تُديره المراهقة السياسية، و النواعم، و عواطلية القصر.
في و اقعة بسيطة من فرط الغباء تجاوزتها في حينها، و لم اعلق عليها، برغم اهميتها، جعلتني ابصم بالعشرة ان الدولة السودانية في "كف عفريت" عندما طالعت خبر إكتشاف وزيرة المالية الهمامة، و الانيقة! لنفق يربط بين وزارتها و القصر الجمهوري، و هلل و كبر النشطاء في بلاهة تضاهي بلاهة الكيزان، و تزيد.
في كل دول العالم توجد انفاق، و سراديب، و طرق سرية تربط مراكز القيادة، و مؤسسات إتخاذ القرار.
السؤال حتي لو توفرت سوء النية لوجود مدينة اشباح كاملة تحت الارض، ماذا فعلتم مع من انشأوها.. و هم الآن في عامهم الثاني يديرون المشهد من محبسهم؟
إنه الإعلام الشعبوي الذي تديره آلة معطوبة، تخدم اجندة، و تقاطعات لا علاقة لها بمصالح الشعب السوداني.
للأسف يتخذون من الامر سيئه، و تتأزم الاوضاع الامنية، و المعيشية، و تعلو اصواتهم بالولولة و العويل في الميديا، و يكيلون التهم و السباب، و الشتائم الي المؤسسة العسكرية، و الامنية، و يتهمونها بالتقصير، و التآمر.
هذا لا يعني الدفاع عن المؤسسة العسكرية، و الامنية، التي يسيطر علي مفاصلها سدنة النظام البائد، و بكل خبث يتم توظيف رعونة نشطاء الحرية و التغيير لرسم هذه اللوحة القبيحة، و المهترئة، التي لا تشبه قيّم، و مبادئ ثورتنا العظيمة.
لو لم توضع خطة واضحة و صريحة لتنهي هذا العبث، ستغرق البلاد في إتون حروب اهلية لا تبقي ولا تذر، و مزيد من الفرقة، و التشظي.
في صورة مشابهة لإجتماع مجلس الامن والدفاع، و رائحة الموت في كل اقاليم البلاد ليناقش امر سد النهضة.. دعى حمدوك المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ليسمع منه امر التطبيع مع إسرائيل ليبرئ نفسه امام وزير خارجية امريكا، حيث ينعدم الامن، و الخبز و الكهرباء، و الماء، و لم نسمع بإجتماع لمجلس السماسرة، و العواطلية.
للأسف سمعنا ذات الشعارات الفارغة التي ظللنا نسمعها منذ اكثر من سبعة عقود، فلم تقدم خبزاً، او طعام، و لم ولن تحرر فلسطين القضية التي اختطفتنا يميناً، و يساراً، إمعاناً في ملهاة عبثية لإستغلال عاطفة البسطاء، و قيادتهم كما القطيع.
من يعتقد اننا إنتقلنا إلي مربع آخر بعد الثورة المباركة فهو واهم، بل ظللنا في ذات المكان لتتغيّر الوجوه القبيحة بأخرى اقبح.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
خليل محمد سليمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست