كان خروج الاستعمار البريطاني من السودان في العام 1956 اكبر خطأ ارتكبه جيل الافندية الذين استعجلوا نيل الاستقلال فالسودان كان في حاجة الي البناء والتعمير وهذا ما فشلت فيه كل الحكومات الوطنية التي تلت خروج الاستعمار فقد تسببت تلك الحكومات في تخريب كل ما قامت به سلطات الانجليز من مشاريع البنية التحتية مثل خطوط السكك الحديدية ومشروع الجزيرة وميناء بورتسودان ومشاريع النيل الابيض والنيل الأزرق وجبال النوبة في زراعة القطن والزيداب ودلتا طوكر والقاش والرهد والسوكي وغيرها من الكثير من المشاريع التي جعلت الجنية السوداني ذات يوم يعادل خمسة دولارات امريكية وكانت الخرطوم بالنسبة الي دول الجوار اكبر مركز تسوق تجاري ومن الطرائف بان الخرطوم شهدت قصة ميلاد حب بين اثنين من نجوم الفن والرياضة من جمهورية مصر العربية حيث تعرَّفت رجاء الجداوي على زوجها لاعب كرة القدم حسن مختار في السودان، إذ تصادف وجودها لتقديم عرض أزياء في العاصمة الخرطوم مع حضوره للمشاركة في مباراة هناك هكذا كانت عاصمتنا التي انشأها الانجليز المغضوب عليهم من البعض بدون اي مبرر وهنا اطرح سوال ماذا فعلت حكومات مابعد الاستقلال للسودان ؟ الاجابة لا تحتاج إلى شق عناء حيث لم تضيف تلك الحكومات جديد يذكر الا من محاولات خجولة في بعض اعمال الترميم او الطلاء للمباني القديمة او انشاء جسور بمواصفات دون عالمية فالجسور التي انشات في زمن الانجليز لا تزال تتمع بالقوة والصلابة عكس الجسور التي قامت خاصة في زمن النظام الضلالي المقبور الذي كان يتخذ من مشاريع التنمية لخدمة اهداف سياسية رخيصة بغية كسب الولاء من اصحاب المنافع الشخصية ومقارنة سد مروي بسدود الانجليز في الرصيرص وجبل اولياء نجد المقارنة معدومة فالاول لم يصل الي درجة الكفاءة التي توهل منه ليكون مشروع يفيد البلاد في نطاق الكهرباء التي لم تتوقف عن الانقطاع المتواصل عن المنازل بل وصل الامر احيانا الي قطع الكهرباء في فصل الشتاء الذي من المفترض ان تستقر فيه قوة التيار الكهربائي كان الاجدر استغلال ذلك المال الذي صرف في بناء سد مروي للعمل في تعالية سد الرصيرص ولو حدث ذلك لكان خير وبركة على البلاد ولكنه كما قلنا انه الفشل الذي ضرب الدولة السودانية وابسط شي علي ذلك الفشل الكبير هو اننا لم نستطيع حتي الان ورغم مرور اكثر من ستين عاما من نيل الاستقلال من اقامة شبكة مصارف حديثة علي الاقل لمدينة الخرطوم فالخرطوم عقب كل فصل خريف تصير اشبه بموقع تعرض بالقصف الجوي بالصواريخ بسبب تكدس المارة وسط الطين والوحل وافتراش الباعة الجائلين الخضر والفواكه وسط مياه الامطار الحقيقة المرة التي يجب ان نتقبلها هي اننا قد فشلنا في اقامة دولة يشار اليها بالبنان فنحن نعاني من القصور والاخفاق علي جميع المستويات المختلفة منها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها وبعد كل ذلك نحمل غيرنا فشلنا الذي هو من صنع ايدينا بسبب عدم الامانة وتفشي الجهوية والقبلية والحزبية الضيقة وتهميش راي الغير وعدم قبول الآخر والتسلط والقمع وغيرها من امراض الدهر وعلل الزمن نحن وبدون لف ودوران كما يقال باللسان المصري في حوجة الي خبراء من دول متقدمة تساعدنا في انشاه بنية تحتية متطورة وخير ما فعله السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك رغم اخفاقه في الملف الاقتصادي هو الاستعانة ببعثة الامم المتحدة لمساعدة السودان للنهوض والخروج من هذا المستنقع فالاعتراف بالفشل فضيلة لا يمارسها الا العقلاء فلم تنهض الدول التي سبقتنا في جميع المجالات الا بالاعتماد علي العلم ولو كان من الصين كما. اشار اليه الرسول الكريم (ص) ودولة الإمارات العربية المتحدة خير مثال لذلك فقد كانت لحكمة حكيم العرب المغفور له باذن الله الشيخ زايد بن سلطان دور كبير في نهضة دولة الامارات العربية المتحدة فقد استعان حكيم العرب بخبراء من جنسيات غير امارتية لتولي ملفات ادارية في الدولة نسبة لعدم وجود كوادر من ابناء الامارات العربية المتحدة في ذلك الوقت حيث حظي السودان بنصيب الأسد في الوظائف الحكومية في الامارات فقد كنا نتمتع ببقية ما ترك لنا الانجليز من تجارب وخبرات. ففي العام 1972 والشيخ زايد يحاول تغيير صورة الإمارات نصحه الإنجليز بأن يفعل ذلك عبر الاستعانة بالمهندسين السودانيين، وأكدوا له أن أفضل نظام للخدمة المدنية تركوه في السودان وعليه الاتجاه نحو بلاد النيلين وهناك سيجد ضالته. وقد بلغت ثقة الراحل الشيخ زايد بن سلطان بالخبراء السودانين بان اسند رئاسة بلدية امارة دبي الي السيد كمال حمزة سوداني الجنسية وقد إختاره الشيخ زايد – رحمه الله ليعمل مديراً لبلدية دبي في عام 1961 وطلب منه أن يجعل من دبي بلداً مثل الخرطوم . وظل يعمل بها لحين تقاعده عام 1985. لقد عمل بتفان ومهنية عالية ظلت إلى يومنا هذا رصيداً لسمعة السودانيين في جميع دول الخليج ولم يقتصر عمل دور السيد كمال حمزة علي العمل الاداري لبلدية دبي فحسب بل تولى ايضا رئاسة اتحاد كرة القدم بدبي عام 65، وتولى مواطنه محمد التيجاني منصب سكرتير الاتحاد الفني، فقد ساهم السودانيين في المنطقة في إثراء العديد من المجالات الرياضية سواء في التدريب أو اللعب أو التحكيم، دورهم كذلك في مسيرة العمل الإعلامي الرياضي، ويكفي أن نعلم أن البروفسيورعلي شمو من السودان، تولى منصب وكيل وزارة الإعلام والثقافة في دولة الامارات العربية المتحدة هكذا كنا في الماضي امة فريدة يشار اليها بالبنان واليوم اصبحنا اثر بعد عين فنحن الدولة الوحيدة التي ماضيها اجمل من حاضرها ومستقبلها في كف عفريت اذا علينا الاعتراف بالفشل فنحن ظللنا. ندمن الفشل منذ خروج الاستعمار ونعيش في تخبط وسياستنا تعتمد علي رزق اليوم باليوم ولا نملك استراتجية واضحة المعالم تقودنا للخروج من هذا النفق المظلم فلدينا مسلسل راتب ممل المشهد هو لعبة عسكر وحرامية او القط والفأر حكم مدني فانقلاب عسكري فثورة شعبية ويتخلها تمرد مسلح و تعقبها انتخابات فازمة اقتصادية و تسقط الحكومة عن طريق سحب الثقة او انقلاب عسكري والشي الموسف ان ذلك المسلسل السئ الاخراج يضم اعضاء منهم الاحياء والاموات ابناءهم امتداد لاباءهم وهكذا نظل نعيش في دوامة من الاحباط واليأس الي ان يرث الله الارض ومن عليها او تحدث معجزة بان يبعث الله فينا شخص ينهض بالسودان ذلك الوطن المارد العملاق الذي تخر له الجبابرة ساجدينا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
علاء الدين محمد ابكر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست