إن جوهر حرية التعبير هي الحرية لمن يخالفك الراي لا لمن يتماهي معك في المواقف و الآراء . هذه هي الحرية التي تحدث عنها كبار منظرو الفلسفة السياسية في العالم . كل من يتابع ويراقب بعض صفحات منصات التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها والتي يديرها نشطاء محسوبين على الاحزاب السياسية الفاشلة التي سرقت الثورة سوف يلاحظ الكم الهائل من المنشورات التي تخون وتصف من يخالفهم بالكوزنة . هؤلاء يوزعون صكوك الوطنية لمن يتفق معهم وينزعونها من يختلف في الرأي معهم ، حتى تحولت الوطنية عندهم إلى سلعة رخيصة يتلاعبون بها ويوزعها لكل من هب ودب ويصبح المواطن عندهم أصم لا عقل ولا فكر ولا رأي له . من ليس مع هذه الحكومة الانتقالية ويقول رأياً يخالفها يتم استهدافه بشتى الطرق ومع سبق الإصرار والترصد واتهامه بالكوزنة التي أصبحت أكثر رواجاً . جريمة تخوين وكوزنت كل من يقول رايه بصراحة هي جريمة مركبة، من حيث التوقيت والأسلوب ، ويبدو أن التحريض وخطاب الكراهية المحمول على شبكات التواصل الاجتماعي سبباً في ذلك . وعلينا الاعتراف اليوم قبل كلّ شيء بأن مجتمعنا السوداني ، بمختلف ثقافاته وتياراته ومنابته وأصوله، هو مجتمع يقدس الاشخاص وليس المبادئ والانجاز ، ومن يخالف ذلك إنما يضع رأسه في الرمال. إذاً كيف نفسّر هجوم من سرق الثورة على موضوعات مثل السلام والعادلة والحرية ، كل من يقول القحاتة سرقوا الثورة وفشلوا بأمتياز فهو في نظر المطبلين كوز ! إنها ميكانيزمات دفاع تلقائية لما نعرف بأنه متأصل في الثقافة الاقصائية ، فالاتهام بالكوزنة لا يختلف عن عهد البشير الذي يتهم كل من خالفه بالعمالة والتمرد ، العقلية السياسية السودانية عقلية اقصائية ، هؤلاء الاشخاص لا يستطيعون ادارة احزابهم فكيف لهم ان يديروا دولة بحجم السودان . الثورة صنعت ابطال من ورق وعملت منهم الشهرة المزيفة على شبكات التواصل الاجتماعي نجوماً دون اعتبارات موضوعية لذلك، في وقت فشلت فيه الحكومة الانتقالية في إدارة الدولة ومؤسساتها . كلّ تغيير أو إصلاح يحتاج إلى أرادة سياسية ، ابتداء من الواسطة والمحسوبية التي باتت أساساً لكلّ الحسابات في العقل السوداني ، هنا لا بدّ من التذكير بأن مناقشة أفكار مثل الإصلاح أو التغيير قد تجابه من أولئك الذين يفكرون في الثمن أو النتيجة وفي كلتا الحالتين علينا أن لا نسمح لهم بذلك .. إذ أن تحقيق الأهداف يحتاج دائما إلى إرادة ونوايا نظيفة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة