نحاول في هذه المقالة تقديم قراءة تحليلية اولية مبنية على ما توفر من معلومات ، رغم شحها ، للمحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس حمدوك الساعة التاسعة صباح التاسع من مارس 2020 ، وهو في طريقه في موكب من ثلاثة سيارات ، من منزله في بحري الى مكتبه في الخرطوم . نختزل ملاحظاتنا في النقاط التالية :
اولاً : الامور بخواتيمها ،ونحمده سبحانه وتعالى على سلامة حبيبنا حمدوك ومن معه ، متمنين لهم دوام الصحة والعافية ، ليستمروا في خدمة الوطن ، وتفعيل شعارات الثورة في الحرية والتغيير .
ثانياً : في يوم قال اينشتاين ان الفضاء الخارجي والغباء الانساني لا سقف لكل منهما ، ولكنه ليس متاكداً من الفضاء الخارجي ... بمعنى انه متاكد ان الغباء الانساني لا سقف له . واكبر دليل على هذه الخاصية للغباء الانساني ، العملية الارهابية التي قام بها شرزمة من الانحداريين المنكفئين ضد رئيسنا حمدوك .
حمدوك واحد في مجموعة ، يمكن لاي واحد من مجموعته او خارجها ان يحل مكانه ، إذا قرر الانصراف ، طوعاً او مُكرهاً ، وتبقى الدولة وتستمر . حمدوك ليس ديكتاتوراً ، كالبشير ، يتهاوى نظامه اذا إغتالته ايادي آثمة . فالبشير كان يحاكي امبراطور فرنسا الذي كان يدعي انه الدولة ، والدولة هو ... وسوف تقع الدولة اذا وقع هو . بالعكس عملية إزاحة حمدوك بالقوة الغاشمة ، سوف تضع في مكان حمدوك من يستمر في إنفاذ سياسة الثورة المجيدة ، وسوف يرى الارهابيون منه غلظة . فهناك الف حمدوك جاهزون لملئ الفراغ .
إذن عملية إغتيال حمدوك عملية غبية لانها لن تؤثر في الدولة وسياساتها ، ولن تجعل الدولة تستجيب لمطالب الارهابيين ، بل سوف تجعل خلف حمدوك يغلظ في معاملته للارهابيين ، ويحاربهم بالقانون .
وبالتالي هي عملية غبية تضر الارهابيين وتنفع حمدوك ورهطه الثوار الميامين ، كما برهن الحدث .
ثالثاً : نعم ... رب ضارة نافعة . بعد محاولة الاغتيال الفاشلة ، سوف يتعامل الرئيس حمدوك مع الارهابيين بحسم ، ويضعهم في مواعينهم ، وبسيف القانون البتار .
قدم الارهابيون خدمة للثورة بعمليتهم الارهابية .
جلمود صخر حطته محاولة الاغتيال الفاشية من عل في بحيرة الثورة الساكنة ،فاحدث موجات عالية اعادت وهج وزخم الثورة لتكون ثورة مُستدامة كما بدأت في ديسمبر 2018 . ندعو الوزيرة الثورية ولاء البوشي لقيادة مظاهرة مليونية شبابية -نسائية تأييداً لحبيبنا حمدوك الذي صار يجسد الثورة . الهدف من هذه المظاهرة هي بعث الروح في الثورة التي هجعت واستكانت ، ولكي تظهر سنونها لاعداء الشعب والله والوطن من الابالسة الاخونجية المتاسلمين ، فهم العدو فاحذرهم ، قاتلهم الله آنى يؤفكون.
نعم ... رب ضارة نافعة . سوف تجبر محاولة الاغتيال الفاشلة قادة تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير على التماسك والاتحاد لإجتثاث الفيروس الاخطر الذي يهدد الفترة الانتقالية ، وهو فيروس الفتنة والخلاف والاختلاف بين مكونات تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير ، وبين التحالف والمكون العسكري في السلطة الانتقالية .
سوف تتيح محاولة الاغتيال الفرصة لوصول السلطة الانتقالية ، بشقيها العسكري والمدني ، لمشروع وطني ، يقود الى سلام عادل وشامل ، وتحول ديمقراطي كامل .
رابعاً :
ادانت حركات الكفاح المسلحة محاولة الاغتيال الارهابية ووقفت في خندق الرئيس حمدوك وحكومته ، الامر الذي سوف يُسرع من خطوات الوصول الى اتفاق سلام عادل وشامل في مفاوضات جوبا ، لان قوى الكفاح المسلح سوف تستيقن ان عدوها الحصري ليس ثورة ديسمبر 2018 ، لانها جزء فاعل وفعال فيها ، وعدوها ليس السلطة الانتقالية التي سوف تكون مكوناً اصيلاً فيها ... بل عدوها الحصري هو قوى النظام المُباد من الابالسة الاخونجية .
في يوم قال تشرشل انه لا يملك رفاهية ان يكون له اكثر من عدو واحد في وقت واحد ... وعدو قوى الكفاح المسلح الحصري هم الكيزان .
هنا يجب التفريق بين الكيزان الاخونجية المجرمين من جانب ، ومن الجانب المقابل الاسلاميين الذين لم يقتلوا ولم يسرقوا ولم يعذبوا ، بل آمنوا باهداف ثورة ديسمبر 2018 .
خامساً :
عقب كل جريمة جنائية ، يكون اول سؤال هو : من المستفيد ؟ وبعدها تركز قوى الامن والمباحث تحرياتها حول المستفيد . وفي المحاولة الارهابية التي نحن بصددها ، نضيف بسؤال : من هو المتضرر من ثورة ديسمبر 2018 التي يجسدها الرئيس حمدوك ، ويكون لديه دافعاً للانتقام والثار من الرئيس حمدوك لانه سلبه التمتع بسرقاته ، وسوف يفتح ملفاته القذرة النتنة ويلقي به في كوبر ؟ والجواب على السؤال واضح وضوح الشمس في رابعة نهار الخرطوم .
المستفيد من محاول الاغتيال ، والمتضرر من الرئيس حمدوك وحكومته هم الابالسة الكوزجويد الكيزان عليهم لعنة الله. وبالتالي هم قطعاً من خطط للعملية الارهابية ، ونفذها بواسطة كتائب الظل وبقية مليشياتهم التي تمرست على القتل طيلة الثلاثين عاماً المنصرمة . سأل شرلوك هولمز وهو يحقق في جريمة قتل : كيف كان تصرف الكلاب في منزل القتيل ليلة الحادث ؟ عندما عرف شرلوك هولمز إن الكلاب لم تنبح ليلة حادث القتل ، أيقن إن القاتل معروف للكلاب ، ولذلك لم تنبح فيه عند دخوله خلسة المنزل لإغتيال الضحية . وبعدها تم القبض على القاتل بسهولة . لم تنبح كلاب الخرطوم يوم الاثنين 9 مارس 2020 ، عندما حاول الارهابيون الانحداريون المنكفئون اغتيال حبيبنا الرئيس حمدوك . ببساطة لأن العقل المدبر والمحرض والمنفذ لعملية الاغتيال معروف للكلاب . صمت الباشمهندس الطيب مصطفى والاستاذ اسحق احمد فضل الله والاستاذ الهندي عزالدين لانهم يعرفون كتائب الظل ورئيسها وعرابها الذي يديرها من خلف قضبان سجن كوبر . ونزيدك كيل بعير . سادساً : رصد الارهابيون من كتائب الظل مسار موكب الرئيس حمدوك كل يوم من منزله في بحري الى مكتبه في الخرطوم . وضع الارهابيون سيارة من طراز هيونداي أكسنت بلون رمادي ، مملوؤة بالديناميت عالي الانفجار ، على جانب الطريق الذي يمر به موكب الرئيس حمدوك ، في حي الواحة وليس ببعيد من سجن كوبر . يمكن تفجير السيارة على البعد بالرموت كونترول . عندما مر موكب الرئيس حمدوك المكون من ثلاثة سيارات بجانب السيارة الاكسنت المفخخة ، فجر الارهابيون السيارة المفخخة بالرموت كونترول ، الامر الذي احدث دوياً هائلاً ، في حي الواحة وفي سجن كوبر . لم يكتف الارهابيون بالتفجير ، بل امطروا الموكب بوابل كثيف من الرصاص الحي ، في إنفاذ لاوامر عرابهم : Shoot to Kill اوردنا هذه التفاصيل لنؤكد ان عملية الاغتيال كانت عملية مخابراتية بدرجة عالية من المهنية والحرفية ، خصوصا الطريقة التي نفذت بها العملية ، ومكان العملية الخالي من المارة ، والتوقيت لمرور موكب الرئيس حمدوك كل يوم بصفة راتبة . هذه المهنية والحرفية العالية لا تتأتى إلا لمليشيات مدربة ككتائب الظل . استجوبت سلطات الامن الاستاذ هشام التجاني الأمين العام السابق لشباب حزب المؤتمر الوطني المحلول ، ومن حواري واولاد الاستاذ علي عثمان محمد طه ، والذي كان يقود سيارة ماركة هيونداي اكسنت بلون رمادي ، تماما كما السيارة المفخخة . كان الاستاذ هشام التجاني يقود سيارته في اعلى نفق كوبري كوبر ، وعلى مرمى حجر من السيارة المفخخة ، التي تم تفجيرها . بعد الانفجار ، وضع الاستاذ هشام التجاني على سقف سيارته لوحة تاكسي صفراء ، وكانه سائق تاكسي ، وحاول تخطي بسيارته التي صارت تاكسي رجال المرور فوق النفق . يمكنك التكرم بمراجعة عملية التفجير على الرابط ادناه : https://www.dw.com/ar/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9dw-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%83-%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D9%82%D9%81-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D9%87%D8%A7/av-52698294https://www.dw.com/ar/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9dw-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A...87%D8%A7/av-52698294
سابعاً : وبعد ما هو الدرس المُستفاد من العملية الارهابية ؟ نبؤني بعلم إنكم صادقون . يجب ان نستصحب معنا حقيقة أن الكل في فوهة خطر واحد، لا نجاة منه إلا بالتعاون والتضامن، وتأجيل النزاعات الممتدّة، والتداعي لمواجهة هذا الخطر بشكل جماعي، وخصوصًا أن هذا الخطر لابد في كل مفصل وفي كل كورنر من مكونات الدولة نتيجة مباشرة لسياسة التمكين التي ابتدعها الكيزان طيلة الثلاثينية الظلامية . لم ينج حتى خفراء الوزارات من فيروس التمكين والازالة لصالح المؤدلجين من الفراشين . وبمد الخط على استقامته ، تجد اننا امام عدو شرس كونه قد تغلغل من بين مسام الدولة وصار يجري مجرى الدم في العروق . نحتاح الى لقاحات فاعلة وفعالة وهي التماسك والتضامن والتحالف ضد وباء الكيزان ، ببساطة لاننا لا نملك رفاهية ان يكون لنا اكثر من عدو واحد في وقت واحد ... وعدونا اليوم وغداً وبعد غد هم الكيزان ... عليهم لعنة الله اينما ثقفوا . وقديماً كان يقال إن الأزمة تؤدى إلى ترقيق مشاعر البشر وتجعلهم أكثر قرباً من بعضهم البعض، وأشد تعاطفاً مع بعضهم البعض. ومواجهة فيروس الكيزان الذي يهدّد حياتنا ، تفرض علينا التآزر وليس التعارك. تفرض علينا التفكير العقلاني وليس التفكير الغرائزي ، فالتفكير الغرائزي فيروس يجعل عقل الإنسان يسير فى طريق الضمور، وأحاسيسه تتبختر على طريق التبلد. ومع ذلك وربما بسبب ذلك ، سوف نظل نحلم بوحدة مكونات تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير . ما أقرب الاحلام ليلاً، وما ابعدها نهاراً! مع ذلك سنظل نحلم.. ولا بد أن يأتي الفجر، ذات صباح!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ثروت قاسم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست