غيبوبة من الحزن العنيف والانهيار الشامل تعصف بي ما أن يلوح لمسمعي صوتٌ يشبه صوت هتافات شبابنا الثوار المغدورين في ميدان القيادة. ولكن سرعان ما أُدرك أنه حال الكثيرين منا...
وأن ما ينتابنا من ألم هو غاية مبتغى من اقترفوا ذلك الجُرم وحّرضوا على اقترافه...
هي فجيعتنا بشباب في عمر الورد, يحملون أرواحًا نقية وقلوبًا تنبض بحب هذه الأرض التي أرادوها معطاء, فأرادتهم أشلاء؛ فجيعتنا بفقدهم فوق طاقتنا على الصبر والنسيان. تلك الصدمة التي أراد لنا أعداء الإنسانية الدخول فيها فقرروا أن تكون صافرة بدء انبعاث سموم أحقادهم على مشارف ما أردناه عيدًا وفرحًا وأرادوه مأتمًا لا يجد فيه أهل الميت معّزيًا. فسّولت لهم أنفسهم قتل الثوار غدرًا عند بوابات حامي الحمى في أقدَس أيام الله وشهوره... سولت لهم أنهم بجريرتهم تلك ستنفتح أمامهم أبواب السلطة التي راودتهم أحلامهم بها. أن الحزن سيثنينا عن انتزاع حقنا في الحرية والعدالة والقصاص من المجرمين مستحلي الدماء. أن الصدمة ستقتل آمالنا في دولة المؤسسات المدنية التي تختفي فيها الميليشيات المتفلتة, والإمبراطوريات التي لا تعرف القانون.
فمن يخبر البرهان أننا نصبح أقوى عند كل صدمة أن دماءنا ستحرق وجوههم وتقتلهم خوفًا. من يبلغ ذلك المختبئ خلف المدججين بالسلاح أنه لن يعدو قدره فقد احتل مكانًا مرموقًا في صفوف المجرمين الذين تنتظرهم ساحات المحاكم ومنصات المشانق. من يبلغ ذلك الكذاب الأشر أن الدماء التي أسالها لن تكون مهرًا لبدء مستقبله في حكم بلادنا حيث حّدثه والده بتلك النبوءة الكاذبة, فلن يحكمنا برهان بإرادتنا, ولا بغيرها. من يبلغه أننا شعبٌ لا تليق به الهزيمة ولا تصل إليه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة