سيظل تخبُّط العامة في ظلامية ما (يُحاك) خلف الكواليس من خِطط وبرامج وتوجُّهات تعمل عليها الحكومة الإنتقالية ، هو أصدق المؤشرات على (قصور) ما ندَّعي بنائه من قيَّم ومبادئ منسوبة للمسار الديموقراطي ، والدليلُ على ذلك تنامي ظاهرة الشائعات والسيناريهوات الدرامية التي (يُبدِعُ) في نسجها وإختلاقها الكثير من المتخصصين وغير المُتخصصين من أجل الوصول إلى (تحليل) منطقي يقودهم إلى فك (طلاسم) ما يحدث من تحرُّكات داخل منظومة الدولة الإنتقالية بشقيها المدني والعسكري ، فبالرغم من كثرة المنابر الإعلامية التي يعتليها معظم منسوبي الحكومة إلا أن (دائرة الخيال والتخمين) تظل هي المُسيطرة على ما يتم نشرهُ من معلومات ومُخطَّطات أو حتى وقائع تحدث أمام الأعين ولكن يحجبها ستار (الإقتضاب) والبُخل في بذل المعلومات العامة والتفصيلية.
لكل هذا كادت (بنات أفكارنا) ومحض (خيالاتنا الواسعة) ، أن تصبح المرجعية الرئيسية في محاولاتنا اليائسة (لتفسير) هذا الكم الهائل من التناقُضات والمُغالطات التي عادةً ما تُنبيء عنها الحكومة عبر مؤتمر صحفي لا يتعدى قراءة العناوين البارزة والوعود ( بما يمكن أن يحدث فيما لن يحدُث) ، مع تعمُّد عدم الخوض في التفاصيل التي من شأنها (فتح) أبواب للتساؤلات المُحرجة التي طالما تفادتها المؤتمرات الصحفية لمجلس الوزراء تذرُّعاً (بعدم كفاية الزمن) لقطع الطريق أمام إستمرار الإجابة عن تساؤلات الصحفيين ، وفي حقيقة الأمر فإن (شكل) و(مضمون) التصريح الإعلامي للحكومة هو الذي يُحدِّد قِلة أو كثرة الأسئلة وبالتالي ما يستغرقهُ المؤتمر من وقت ، من وجهة نظري تبدو معظم التصريحات الإعلامية المتواترة لمجلس الوزراء وأحياناً مجلس السيادة أقرب لمانشيتات الصحف وعناوينها الرئيسية ، من كونها (منبر) مُعتمَّد للإدلاء بالحقائق والمعلومات الوافية والمُجرَّدة.
ليس للمبدأ الديموقراطي الذي إعتلت به الحكومة الإنتقالية موقعها الحالي من (جدوى وقيمة حقيقية) طالما أصرَ النافذين وأصحاب المناصب على التقوقُّع خلف (سياج) الصمت وضبابية شكل ومضمون ما يُبذلونه من معلومات ، ففي ذلك مؤشرات ستدفع بهم إلى الولوج في دائرة الإتهام بالفساد أو على الأقل (التعالي) على الرأي العام والخوف من ردود أفعاله تجاه ما يعملون.
الحكومة الإنتقالية وحاضنتها السياسية إن لم يكونا على قدرٍ لا يُستهان به من الإيمان بأن العمل المفتوح والواضح المصادر والمُتسِم في ذات الوقت بقدرٍ عالٍ من الشفافية ، هو أهم (مكسب) ديموقراطي يمكن أن يجنيه الشعب ثمرةً لتضحياته وإنتصاره في ثورة ديسمبر المجيدة ، فأشهدوا عني بأن باب (المفاسد) وغول الإنهيار ومرارة الصعوبات الحياتية سيظل مفتوحاً إلى أن يقضي الله فينا أمراً كان مفعولاً.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة