ما جلستُ يوماً لخبير زراعي أو حتى مزارع فطري إلا وحدثني باسهاب عن مشكلات الزراعة في السودان من مستوى البذرة حتى مرحلة التصدير. وما جالست يوماً خبيراً صناعياً أو حتى صنايعي على هامش المنطقة إلا وحدثني بإفاضة عن مشكلات الصناعة من مرحلة التركيب حتى مرحلة التغليف والتسويق. وما جالست خبيراً بيطرياً أو احد رعاة بلادنا إلا وحدثاني حديث العارف عن مشكلات الأنعام: التهجين والعلف والمسالخ والحليب واللحوم وصناعة الجلود من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التصدير. وما جالست عالم طب أو ممرض مجتهد إلا حدثني عن أزمة العلاج والتطبيب في بلادنا: انهيار البنية الأساسية وهجرة الكوادر وضعف الأداء وقلة الموارد. وقد اتفقوا جميعاً على قلة التدريب وضعف الكادر البشري وانعدام الوعي وحب المهنة، باختصار نحن عباقرة في التوصيف وأميين عند التكليف.. وفي هذا السياق تذكرت الحكاية البالغة الدلالة لصحفي قديم وناشر حالم أصدر صحيفة وفي كل يوم كان يطالعها عند الصباح فيقول في نفسه متحسراً: ليس هذا المنتظر. وفي كل يوم يعقد اجتماعا مطولاً مع المحررين ويصرخ فيهم مطالباً بالتجويد حتى يصيبه التوتر ويختفي صوته من الزعيق، وتخرج الصحيفة في اليوم التالي بذات السوء.. وفي أحد الأيام والاجتماع المخيف يسير بذات المنوال رفع أحد الصحفيين الشعراء يده مطالباً بفرصة للتعليق فقال بطريقة ما قل ودل للصحفي القديم والناشر الجديد: (لا ترهق نفسك يا سيدي ولا ترهقنا معك فأنت تطالب هؤلاء بشئ لا يملكونه). قال: وما الحل؟ قال الصحفي الشاعر: التدريب والتثقيف وحب العمل والوعي والإرادة. قال الناشر: حديثك صحيح لكنني لا أستطيع ذلك فهذه مهمة الدولة ومهمة الشعب والمؤسسات، وأغلق دار النشر والصحيفة وغادر بلا عودة. حدثت بها يوماً أحد الأصدقاء الجوابين في أقطار الدنيا فقال لي متحسراً: يا أستاذ أنا قد ذهبت إلى استراليا والبراري الكندية فوجدت أن القمح الذي يُصدر لنا رغم الأراضي والأنهار والأمطار التي نملكها ينتجه شباب من الجنسين (زي الورد)، فقلت له مبتسماً: نحن نملك ملايين الشباب الذين يملأون المدن والريف ينتظرون الإشارة من زعيم صالح أو ثائر ملهم ولكنهم لا يجدون هذا ولا ذاك.. أما قصة الورد والأزاهير فهي موجودة في أشعارنا وأغنياتنا ولكنها ليست على الأرض ولن تكون. واعلم أن الخير والكفاية والعدل أخوة للجمال ونحن في هذا البؤس لا نجد زمناً لنزرع الحدائق أو نحدق في النجوم ولا الغيمات المسافرة.. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلا..
أليس من العيب عزيزي القارئ أن يكون نجوم الراهن ربان سفينة قمح في البحر تنتظر الدولار .. ووزير تجارة ناشط بلا خبرة ينتظر الفرج؟ وصفوف من الرجال والنساء تنتظر قطعة خبز عجفاء؟
أليس من العيب عزيزي القارئ أن يكون كل هم ثورة ديسمبر هو في كيفية توزيع (قمح الشحدة ووقود الإغاثة بعدالة؟)!!!
02-03-2020, 02:18 PM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905
وانت عندك فضائية تنعق فيها 20 سنة مع حسين خوجلي بيه ما صنعت ثورة ثقافية حقيقية في السودان وغسيل الانقاذ القذر يلوث الاسافير من المستهيل عبدالرحيم حمدي وزارعة مشروع الجزيرة زهور الي الفاسد عوض الجاز ونهب موارد النفط ووضعها في بنوك هشك بشك في الخارج وليس بنك السودان لو انت سكت الله بنزل البركة في البلد الذى خبث وبعرف الشباب طريقهم الي الابداع السياسي والاقتصادي
02-03-2020, 02:20 PM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة