مدير تلفزيون الســـــودان ـ المخرج اسماعيل عيساوي UPDATE

Quote: مدير التلفزيون يصدر قرارا هاما قبل كل شئ أود أن أوجه سؤالا لكل من يقرأ مقالي هذا: متي كانت آخر مرة جلست فيها لتشاهد تلفزيون السودان القومي؟ و عن نفسي أجيب: لا أذكر حتى ان معلوماتي عن توجه التلفزيون المتخلف عن مواكبة الثورة المجيدة و المعادي لإرادته الجماهير و طموحاتها استمدها من ما يكتبه الغاضبون في وسائل التواصل. و قناعتي الشخصية بأن السبب الرئيسي لهذا الغضب و الحنق على توجه التلفزيون المخزئ ليس بسبب تأثيره السالب على مسار ثورة التغيير، فالكل يعرف إنصراف الناس عن التلفزيون و يعرف ان دوره قد تضاءل و تقزم إبان فترة المقاومة و الثورة أمام دور الوسائط الاسفيرية داخليا و خارجيا. و نجحت الثورة العظيمة رغم أنف إعلام الدولة العميقة الذي يتحكم في التلفزيون القومي و القنوات السودانية الاخرى. لكني اعزي السبب الرئيسي للغضب العارم لفشل التغيير الذي طال قيادة أجهزة الدولة و الحكومة، في دك حصون الإعلام القومي خاصة التلفزيون الذي من المفترض أن يكون و اجهة للثورة و لسانا لهذا الشعب الأبي و معبرا عن إرادته. سؤال آخر أوجهه إليكم و إلى نفسي: من يقف وراء هذا الخبر الذي سري مثل النار في الهشيم و تناقلته الأسافير: (مدير التلفزيون يرفض الاستقالة و يحرض، أو يحرش، حمديتي) ؟ هل وراءه الخوف و الإشفاق من ان الثورة لا تمضي إلى غاياتها كما ينبغي و أن خطوات التغيير ما تزال متعثرة و غير مطمئنة؟ أم وراءه خبث و مؤامرة و قوى خفية تهدف لدق إسفين الفتنة بين جماهير الثورة و قادة قوى التغيير من جهة، و بين قحت و أعضاء المجلس العسكري سابقا من جهة أخرى؟ ((الاثنان معا)) .. أليست هذه هي الإجابة التي خطرت ببالك؟ أنا كذلك مثلك كنت مشفقا و خائفا، و أشتم رائحة المؤامرة و الخبث الكيزاني، و كنت أتعطش و لا اطيق صبرا في انتظار قرارا تاريخيا حاسما يزيح إدارة التلفزيون القومي و يقذف بها بلا رحمة و يحدث التغيير المنشود. هل استوقفتك صيغة الماضي في كلمة (كنت)؟ و هل سألتني في دواخلك: أتغير موقفي الآن؟ و لماذا؟ عن الشق الأول أجيبك: نعم تغير و عن (لماذا؟) أجيبك: لأنني كبحت جماح عاطفتي و فتحت عقلي على اتساعه و أنا أستمع إلى تصريحات الأستاذ فيصل محمد صالح و أقرأ كلامه حول هذا الموضوع. ليس هذا فحسب بل إنني عدت لقراءة الخبر الذي ذاع و انتشر عن (مدير التلفزيون يرفض الإقالة ... الخ) لأرى الجانب الإيجابي فيه. أولا: إذا كان الأستاذ فيصل يؤكد انه لم يصدر قرارا بالإقالة، بل إنه لم يصرح أو يلمح بأي قرار وزاري بالإقالة. إذا فإلي أي (إقالة) يشير الخبر؟ إنها حرب نفسية أيها السادة و إستغلال للحالة العاطفية للجماهير الثائرة المتعطشة للتغيير، حرب الهدف وراءها إثارة الخوف و الغضب في اوساطنا و دفعنا نحو التهور و تأليبنا ضد قحت و ضد الحكومة. فالخبر كما يبدو مصنوع بأيدي خبيثة (ذات غرض خبيث) تعلم مسبقا بأن الوثيقة لا تعطي الوزير الحق في الإقالة الفورية المباشرة، و تعلم ان هذه الحكومة - على عكس سابقتها سيئة الذكر - تحترم و تلتزم بتعهداتها. و برغم يقين الذين صنعوا الخبر بأن قرار الإقالة قادم لا محالة و أن التغيير سيطال إدارة التلفزيون، لكنهم عرفوا ان ذلك لا يتم إلا عبر إجراء محدد قد يأخذ بعضا من الوقت، لذلك أرادوا ان يستثمروا في هذا الوقت الحرج. فرئيس الوزراء في جوبا مشغول بقضية السلام التي تتصدر ترتيب الاولويات، و القرار المنتظر بتغيير إدارة التلفزيون حسب الوثيقة (الذي ذاكروها بحرص اكثر منا) لا يتم إلا بقرار منه شخصيا بعد توصية من الوزير المختص. في ظل هذه المعطيات أجد نفسي سادتي مشفقا على الأستاذ فيصل م. صالح الذي وجد نفسه مواجها لفوهات مدافع الشفقة و الحماس و الإندفاع الثوري الجماهيري. و لا اشك مطلقا في أنه لا بد قد جهز و أعد مسبقا توصيته و خطته للتغيير و التنظيف و الاصلاح، بل و دعمها بكل المبررات اللازمة منطلقا من روحه و إرادته الثورية قبل سلطته الوزارية، و متسلحا بثقة الثوار الذين قدموه لهذه المهمة الكبيرة. و أقول دعونا نكون واثقين من قوتنا و إرادتنا و ننظر إلى قرار مدير التلفزيون برفض الإقالة (سواء كان قراره فعلا ام كان خبرا من صنع أعداء الثورة) بايجابية و نعتبره قرارا هاما جدا لأنه سيعجل برحيله، بعد عودة رئيس الوزراء مباشرة إلي مكتبه بإذن الله تعالى. و ختام القول: إلتزامنا بالوثيقة التى إرتضيناها و وقعنا عليها، لن يمنعنا من إحداث التغيير و كنس آثار الماضي البغيض، لكنه في نفس الوقت هو إحترام لذاتنا و إحترام لمواثيقنا و إثبات بأن التغيير قد بدأ فعلا، منا نحن الشعب من فهمنا و وعينا.