رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-23-2024, 07:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-07-2019, 03:40 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)

    20
    هكذا وقف أمامي على التلة، حافياً حاملاً مصباحه المضيء بغير زيت، لابركة من مجيئة المبكر، ولا نبؤة عالقة بجلبابه المتسخ. الآن عدت بالقافلة على دروب صعبة، وأودية متعرجة، هلكت إبلهم، ودفعت بأرواحهم إلى الهاوية. تلك لم تكن حالة إستثنائية عما كان يفعل ساري الليل، فقد قضى أياماً وقروناً، يبعد القوافل عن مسارها. ويطيش بالركبان في الفلوات، فما عاد أحد يذكره بخير، يدعو في مناص من إجابته. ريح تنعقد أسفل التل. يغم بصري برهة. من القمة التي كان عليها. أين أنت ياساري الليل؟ عندما كنت أجييء في المنحدر لاح ثانية. عربدت ملامح وجهه. تريثت ربما كان حديثي معه، قد أعاده إلى ذاكرة الرمل، وأستطرد: - مازلت واقفاً مكانك - أين تراني سأسير؟ كنت أنتظر هديك، لكني ظلمت نفسي. فأنت في كل الأحوال غارق في المناجاة، وغافل عن حظوة الناجين في الظلمة. - أنا كما أريد لي أن أكون، أو كما أرادت نفسي أن تكونها. خال من الوعود، وطائش في الإختيارات، وممل كشأني في سائر الأوقات والصفات. تظنني أحمراُ وهاجاً، أو أصفراً برتقالياً. لك ماتشاء. لكن لا تتبعني حتى أطلب منك ذلك، أو حين لامناص سوى أن تكون معي، وأكون دليلك. حينها العاقبة لمن أتبّع، أو ألقى الذاكرة فارغة على قارعة الطريق. ماعاد يسمعك ياساري الليل إلا انا. رواحل توقفت في الظلمة. تبديت لهم في كل آن. بعثرت ذاكرتهم في الوصول. توقفت القافلة. أناخ قائدها بعيره، ريثما تهدأ العاصفة. وتدور أنت في الوثوق أن لا إتجاه. لا يخالطهم شك في أنه هو. كان الله قد تركهم يقررون مايريدون، وأوصد دونهم إختيارات المبيت حيث هم وقفوا للتأمل، دون فضيلة ظاهرة. يا ساري الليل أستغرب جداً أن يكون عملك الذي تعتاش منه، هو أن تضلل القوافل والناس والماشية في دهمة الليل. لايلين لك قلب، والقافلة تحمل المرضع والطفل والشيخ الهرم! أجاب دون تردد، وبحماسة كأنه توقع هذا السؤال: المرأة، قُلها ثانية. إنها التي شردتني من قائمة النهار إلى الليل. التي أبعدتني بسبب تفاحة لم تنلها. أشبقتني ولم أنل منها بغيتي. حيثما كانت هي تجدني، أدنو منها، متعلقاً بحبائلها. هل هو حباً إستوائياً غارقاً في البخور والعطر والنار، وشغب الآلهة؟ هل هو ثأر أبدي يفضح العري، ويغتال النذوة الساكنة؟ هل هو العمر الذي أعيشه يوماً وأغيب عنه أياماً؟ هل هي الحفل الذي أرقص على إيقاعه، حين تمشى القوافل بلا هُدىّ؟ وحين تصبح تكون قد وصلت إلى مكان لاعودة منه إلا بمجيء المساء التالي. هي أحد أسباب عذابي، وهروبي الليلي واليومي في الفلوات البعيدة. أخلع ثوبي لتبيت تحت خبائه. ناعسة أو نائمة. لايضير ذلك المهم أن تأتي قبل أن يلاحقها غبن مني. فأنا مشغول عن مكائد الأنثى بحرارة المدفأة. بدأ ثانية ناحية التلة، دنا قريباً مني، تبينت جلبابه المتسخ من قماش الدمور. نسيج خشن صُنع بأنوال يدوية، أو أظنه بدأ معه منذ الخليقة. تماهى النسيح مع خلاياه. قال يارفيق، الحياة عندكم مملة. ومعكم جحيماً. تصنعون الخبز مستديراً، ثم تلوكونه على إستحياء. وفود الجوعى يتقاطرون دونكم. في كل إتجاه. لم تأخذكم بهم شفقة. تفلحون في إصدار الفرمانات، واحداً تلو واحد. تبعثونها في الأنحاء. لم يعُد هُناك حراماً، مادام فقه الضرورة موجوداً. 21 قلت أسافر. هذا كان طلبي قبل سنوات كثيرة. أهرب من هذا المكان الذي صار يجافي الفطرة. الذي لا يُقدّر الحُب، ولايعير إهتماما للحبيبة التي سلبني منها(فضلو باقي)، ولعل لغتها تتغير، ولا تكون شبيهة بلغة صاحبتها حنان غرزه، (لو عايزني أشتري ليك عربية ذي الرجال ). يعنفني الصوت الآخر: مالك ومثل هذه، هناك غيرها كثير. لكن ماذا أقول للقلب الذي لا يريد إلاّ لأمنياته أن تتحقق؟ الحبيبة إنتزعها ذلك الجد. الرجل السبعيني الذي يتقمص أثواب شاب ثلاثيني. لعلها تهتم بي، تدير بالاً علي. سأسعد بك كثيرًا. أين سيمضي (فضلوباقي)، سيموت من الغبن. الحب إنقلابٌ أبيضٌ، ليس بضاعة يبيعها جندٌ بالمفرق. فتبين لهم قسمات وجهك. سترد له نقوده القليلة. يخلو لي الجو. سأظفر بمن أريد من الحسناوات. سترتفع أسهمي كثيراً. مغترب وحتى بلا مال، يملك قدسية في قلوب أمهات يردنّ تزويجك من بناتهن، يجيئك المدعووين حين تعزمهم لكرامة العودة. كل أم تأتي مصطحبة إبنتها في أجمل زينة، لتريكها. الله ، الله. ستبقى الأحلام رابضة في إنتظار التحقق. وتخيلت أني تركت الخرطوم خلفي، أسريت. خلفتها ورائي بغضّها وغضيضها وجنّجويدها!! ضابط الجوازات يتفحص إسمي ملياً، عبدو اللازم إسم واحد؟ نعم إسم واحد. الليل تهزمه إضاءات خافته فيتقهقر وراء طاولات بعيدة. حقيبة تنتظر نبؤة من عراب، قد يأتي فجأة بين حشد الضباط. يكفي أن يقول: (هذا الراجل قبضنا عنده منشورات في قرية الطارفة قبل ثلاث سنوات). حملت معي أسطوانة مضغوطة، تحوي شجن غربة وليل. مسافر في حقيبة. عبرت أمام عينيّ غمامتان لأختيّ الصغيرتان، رهق يومي، وثمن أرغفة ومرق، وفاتورة مياه وكهرباء، وقطع لحم وخبز خالي من بروميد البوتاسيوم. تتوقف في ذاكرتي لافتة مخبز مدينة الشجرة، حيث وجد حامد الدخري ضآلته، وتمكنّت منه غَمزة من عينٍ يُمّنى. وضع صاحبه في أعلاه لافتة كتب عليها، (أشهد أنا "كرجول الكبجابي" صاحب مخبز المودة، أن رغيفي خالٍ من بروميد البوتاسيوم، ومن أي مواد إضافية أخرى، والله على ما أقول شهيد). أتفقد في جيب بدلتي بطاقة أداء الخدمة الإلزامية، وتأشيرة زيارة. غادرت بالقليل من الملابس، وحقيبة أخرى هي بورتفوليو Portfolio بداخله رسومات، وإسكتشات لرسومات لم تنفذ بعد، وأرشيف لكتاباتي في صحف الخرطوم، وقصاصات من صحيفة إجتماعية ما إستمرت سوى شهور. ربطة عنقي كانت تحز في خاطري وفي رقبتي، تجعلني أسير وكأني رجل آلي. وتسحب ما أتنفسه بعدد وبإنتظام، لأن أي زيادة في إستنشاق الأكسجين، قد يفسرها ضابط الجوازات إهانة. ليل يتخنصر في أصابع مطار. الظلمة تُقبل علينا كلما إقتربنا من وسط أم درمان. ودعت إخوتي. سور يمتد إلى الأطول. تطل منه نخلات متفرقة، وصايا عشر. صندوق البريد الخاص بي في البوستة الرئيسية بالخرطوم، أرجو أن تدفعوا لي رسومه حتى لا يتم نزعه. حافظت عليه مدة عامين كاملين، عليك مقابلة الأستاذة فاطمة بالمجلس الأعلى بخصوص الكتابين اللذان أودعتهما للطباعة. سليمان البقال سدد له ما تبقى من مديونيته، صار يحدجني بنظراته كلما أقبلت أو إستدبرت. أحتفظ لي بصوري وكتبي، هناك آلة تصوير أبقيها داخل دولابي، بالله عليك أعط نسخة من كتابي للأستاذة الإذاعية سوسن، أوصيت الأستاذ زهير حسن أحمد المسرحي بتسجيل أخي الأصغر في حلقة الموسيقى بقصر الشباب والأطفال. وصايا لاهثة. مّر تعب بجسمي، تحلّل جزء من قلقي. حي المقرن، كان بعيداً عن الخرطوم. كنا نتكبد مشاق كثيرة حتى نصل بدايته. هذا كان قبل سنوات قليلة. وتسأل عن حبك القديم ونساءك القليلات اللائي بقين في عصمتك، تغادرهنّ بلا إستثناء، وبلا دموع، تبحث عن جديد بين ثياب مبللة بشبق. مارقات من سجن الغيب. تسافر من أجل واحدة منهنّ وأنت في قرارة نفسك تعرف إنها قد لا تستحق كل هذا العناء. يستعطفك الليل لو تلقي إليه أعقاب سيجارتك. كيّف ليس لك وحدك. حاولت أن تقابله،( يعني مسافر من عندنا، نعرف كيف سنأتي بك. سنعيدك إلى دارك لو طالت عليك السنين. (شيخ عثمان) قادر، يجيبك حتى لو كنت في قعر المحيط الهادي. أعرف ذلك، ستخلق لي أمل جديد، وأعيش في جو جميل، ويداي تصلصلان بحلي ذهبية وحناء وثوب، وصدر نافر لن أرضع منه طفلي. يكتفي بلبن مبستر. دراهم تسيل بين أصابعي. ولابد من أن ترسل تأشيرات أقامة لأخوي منصور وعلي، وأن تشتري إقامة لأبي، كي يرضى عنك، وأمي لكي تقف بجانبك). تُولّد البنت وهي تشبه أمها في كل شيء، حين تتزوج تلغي كل علم تعلمته في الجامعة. تكافح لتتعلم وترتقي لأعلي المدارج، وحين تتزوج تهبط بها عادات التشابه والتماثل التي إلتقطتها من أمها. عدت متعباً من العمل. وجدتها وقد غطت يدها ورجلاها بالحناء. وهنّ في جلسة أنس فاجرة . جنس مكشوف. أنظرنّ ماذا سأفعل في هذا الرجل؟ لتدركنّ كيف أنه مثل خاتم في يدي؟ (تعال وأغلق لي جرار قميصي). كم سأبقى هناك، سأحصد دراهم، أول الدراهم سأبعثها لكي تشتروا جوالات أسمنت، السور يحتاج مسحة. والغرفة الثالثة التي تلاصق المطبخ صارت شبه مكتملة، أسقفوها من ألواح الزنك، صحيح إنه ساخن صيفاً وبارد جداً شتاء مثل مناخ البحر الأبيض المتوسط، أفضل من أن تكون بلا سقف، واصلوا الإنارة من الوابور الخاص بالحي، صحيح أن صاحبه عنجهي بعض الشيء. مرّ ذات مساء، كنت أجلس أمام الدار، والقمر فاقع اللجين، وأمامي أكواب زجاجية وإناء ماء، تذكرني ساري الليل. جاء متوتراً، كفنان يرتضّع فناً من ثدي القمر. أين نورك يا صاح؟ أدفع أنت في هذه اللحظة. أنت تستفيد من ضوء القمر أمام منزلي، لتتفحص أسلاك وابورك العتيق. في لحظة والزمن يمضي بشهوة خروج وسفر. بقيت وحدي، تجولت بعيوني داخل صالة.ً عادت لي بواكير الخريف، تذكرت أني قد أديت الخدمة الوطنية مدرساً في ولاية النيل الأبيض المتاخمة لولاية الخرطوم. مرتب زهيد لم يتجاوز الخمسون ألف جنيه. كان شقيقي يدعمني بمبالغ أكبر منه بعشرة أضعاف. تلك المدرسة، تميزت بطالبات غريبات الطور، ينشدن إنتماءاً وجدانياً، يكتبنّ الأغاني على كراسة الواجبات. وتغني إحداهن بصوت جهير، فيه تطريب ظاهر (يا أب شرا، إن شاء الله راجل مره)! فصل طالبات السنة الثالثة. روائح من غُدد نشطة. وتعرقات تتراسم خرائطاً عند إبط الطالبات والطلاب. إحداهنّ تدق الأرض برجلان ملفوفتان، حين تمر فوق البلاط الأسمنتي. وأخريات يهزهزنّ أردافهنّ وهنّ عالقات بأغصان شجرة نبات صحراوي، وأشجار سدر. تغمز أحداهنّ(هي، ده أستاذ الفنوون)، ترد عليها طالبة عرجاء، بفم يجتمع ناحية اليمين من وجهها، وهي جالسة القرفصاء في فناء المدرسة:( هاي هوو، في فان؟). وأنا لا أملك إلا الأمل الذي يبقيني حياً ليوم الغد. لكي أعود بحلمي، وأعود مثل نورس، أو طيور لقلق في خريفٍ. موعدي مع سنابل يانعة لا تخشى إحاطة مُنجّل بتويجاتها. في هذه اللحظة يكون غريمي فضلو باقي، في نوم متقطع، وأحلام مزعجة. كوابيس لانهائية. يحصي نقوداً ممزقة، ويودعها خزانة متسعة، ويصحو بحسرة، أن الذي جابهه في النوم، كان حلماً. سرنمةً. كابوساً لا أرض له، ولا سماء. وأنا دون ذلك. حد بين معرفة وجهل كبير. يستطيع هذا الجهلول المثير أن يخطب في حشد كبير، ويقنعهم أن زوج الحمام به ثلاث حمائم، ويمكنه أن ينظم نصاً تتناقله الأمة، على مدى الدهور والأجيال، ويمكن أن يجد له لحناً. لعله أقنعهم من قبل، أظنه كان ملثماً يسبق الجند، وهم يفتشون البيوت. وأظنه أحسّ بأهميته، ففّكر أن يصارع شيخ عثمان في قبوله. حبيبان ينامان في أحضان بعضهما. وعجوز مشلخة تتأفف، مشهد لم تراه منذ أن ولدت إلاّ الآن. سنُقاد إلى يومٍ بهيمٍ أغبرٍ. برهابِ خلاء. بخت مائل، كوشم مستعرض يأخذ شكل سلم. أخرجت كراسة الرسم، مررت بقلم حبر أسود سائل على رسم باهت، إنتشر الحبر، وجري في خطوط موجودةً سلفا، بدأ ينبض بقلق وتوتر. برز من سطحه، جمع خيوط حبر حوله، بنى لنفسه شباكاً عنكبوتية، تماسكـ وتمدد. تململ وهو يعلو السطح رويداً رويدا. أتلفت لعل أحد رأي الرسم، خارج عن الورقة، ومرتفعاً إلى السقف. أشباحاً تتناسل، واحداً وراء آخر. تاركة الأرض وصاعدة إلى السماء. شيطان يكّون نفسه. يقطر منه حبر أسود على بلاط الصالة. تكبّر بقع الحبر، تنتشر في الرواق. تستدير وتذهب ناحية مخارج الطواري، كأنها تشكل أخطبوطاً بثمانية أطراف. يرشح في أمكنة مختلفة، يسيل تحت مقاعد المنتظرين. يتجمع الحبر، ويكتب من تلقاء حِبره، حروفاً متفرقة، تقترب من بعضها، تُشكّل عبارة آتية من بعيد، أغرس عيني فيها. أتجمّد من الرعب. كلمتان تشكّلتا على البلاط أمامي، سّاري اللّيل. هل يعقل ذلك يامسافرون؟ من الذي وشى بي عنده. قد يكون رسالة مفادها أني مدرك لنية سفرك، كيف تسافر دون إذن مني؟ يعجز المتحرون عن كشف ماهيته. يختفى الحبر، تدريجياً، قبل أن يُعمِلوا فيهو أدواتهم. أجهزة حواسيب علقت في صفير متواصل. لاح في الفراغ أمامي نسيجاً متشابكاً من إلفةٍ. إغروقت عيني دون أسى. لترابٍ أغادره مرغماً، قرأت من ديوان شعر أصطحبه في سفري. أيها الراحل في الليل وحيداً ضائعاً منفرداً، بالأمس زارتني بواكير الخريف، غلستني بالثلوج، وبإشراق المروج. أخرج من روحك. ولا أستأذن أن أعبر صمت. تقطعه بمدية أسف خالص في شعور. منجل عالق في بكور. تصحو لصورة حزن. إعتقال للضمير. ماذا لو البنادق كانت رفشاً، تزيل أقذار الطريق. لو طغى الحُب على لون المرايا. لوغرسنا أصابعنا، وأنبتنا الحُّب والحَّب معا. تكرر المشهد، وأدمنت سفراً كثيراً. تجدني قابعاً على كراس وثيرة في مطارات بعيدة. متكبداً مشاق سفري وحدي. روحي تلهج على سير حقائب متجهة، ناحية مكتب الجمرك، ونظرات أفراد الأمن الثاقبة. مسافرون قادمون من كل مكان. هل نسافر لنبحث عن حبيبة؟ عن مزيدٍ من الألم نحشو به قلوبنا وحقائبنا ثم نعود من جديد. ما مغزى أن نرحل بصورة الحبيبة على حافظة النقود؟ هل نبحث عن أكسيجين غير أكسجينها الذي تلفنا به حين تضمحّل الخطوب؟ أم تبحث لإبنتها عن عريسٍ مُغتربٍ. النقود ترصِف لك الطريق إلى السماء. تواصل أم العروس، تتحدث نيابة عنك إلى صويحباتها،( والله خطيب بتي (نهلة ) جاب ليها حقيبة عرس خمستاشر خمستاشر، وكان حالف كملها عشرين، لكن راجلي حماهو، وقال ليهو إنت ود بلد. وراجل فنجري، وإنت الزيك منو، وفي الشيلة جاب الموبايل الما خمج). (سيدة بت مغبون) خالة العروس، إمرأة كثيرة الكلام، وشديدة الملام. عين لا يملأها سوى التراب. كانت دكتاتوراً مصغراً، إستعانت بها أم العروس، لتجهض حلم عريس، وصلت شنطته ناقصة العدد. أخرج من إطار قديم، وأصيخ سمعي لأحاديث صبايا جوار النهر. ينقلنّ الماء بجرار من فخار. وأنفاس الطفولة في المرايا. أقبض عليك وفي الحنايا. رساميل تحناني وشوق الليل، حين أصطحبك للنهر، تجدين قافلة التحايا. تجوب البر. ويطفر دمع مشتاق أوان الفجر. أغنية المطر ذابت في تواصلنا. تقطر لحن عابرٌ وجلٌ، خلف زجاج أغنت مناظره، وأنعش عطر فؤديك أغنيات الهجر. فجأة تخللني السحاب. يرافقني شهود حب، يوقعون رسماً على خاطر. يصون الليل خوفي كثيراً، ويذوّب حزني عليكم، لأني تركتكم بلا ميعاد. تذوي الأعين. أغلق عليّ قميصي بأكمامه الطويله. إرتعاش يعاود بين فينة وأخرى. ليست الحمى وحدها تفعل ذلك. تذوّبنا أشياء كثيرة في الليل. نبحث عنها في همس مضيفات رقيق، وحركاتهنّ التي تشبه الفراشات في الممر، الذي يضيق بصدورهن وأوراكهنّ اللفاء. لا أدري من هذا السفر؟ هل أني أود أن أنظر اليك من خارج كوب شفيف؟ تتراقصين بالجرح، وتسقطين على ضوء شمعتك. وبعدها ألفت أن أكون معلقا بذيول تلك الطائرات. حكم علينا النظام بالحرمان من العمل، داخل الوطن. في ساعات الفجر الأولى. تتسلل إليّ الأشعة في ذاك الارتفاع قبل أن تسقط على أهل الأرض. أسئلتي تغويني على سرير من الريش. هل تعود قريبا؟ هل ستجدها تنتظر في المطار عند عودتك؟ خذها من حضن الليل إلى حضنك. ما عاد الدمع يبلل الوجن عند عصف الريح. الكمنجات عالقة بحبل الناي. تزفر شجوها الموهون، دفقاً من لحون. والمساء وخطته خيوط ضوءك والسنا. أهديك هذا النبض كم أبقيته بجوانجي، رهقاً، توسدت البنفسج، وإلتحفت خاصرة الوريد. شعل هنا وهناك. تُذّكِرني لافتهٌ مكتوبهٌ بأزهارٍ يانعةٍ باللغتينِ العربيةِ والإنكليزيةِ. ترتقي جِسراً عالياً :إبتسم أنت الآن في إمارة الشارقة. تتحسس فمك، تجده مفتوحاً. أي والله. كنت مبتسماً، ولا أدري! حمل معي هماً لازمني، تعبأت به من الخرطوم. تلك المرأة، كان يتجسد فيها كل البله والعتة. منّ من الناس يشتهي شراء مرارت الحياة بنقوده؟ أين كنت سأختبيء من هذا القبح. لو تدرين، ففي الضفة الأخرى، يأتلق المدى بغزلان ومهور.








                  

العنوان الكاتب Date
رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:39 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:54 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:59 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار خضر الطيب08-30-19, 12:55 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:02 PM
      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:07 PM
        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:11 PM
          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:25 PM
            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:53 PM
              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 02:07 PM
                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار جمال ود القوز08-30-19, 02:49 PM
                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:12 PM
                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:14 PM
                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 04:01 PM
                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار نعمات عماد08-30-19, 05:02 PM
                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-31-19, 12:53 PM
                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-01-19, 10:49 AM
                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-05-19, 04:10 PM
                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار النذير بيرو09-06-19, 07:58 PM
                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 02:54 PM
                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 03:16 PM
                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار تماضر الطاهر09-18-19, 03:39 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمار عبدالله عبدالرحمن09-18-19, 09:26 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:50 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:48 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Biraima M Adam09-22-19, 03:32 PM
                                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-23-19, 05:00 PM
                                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمر التاج09-23-19, 08:42 PM
                                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:24 PM
                                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:40 PM
                                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار adil amin10-08-19, 04:07 AM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Ahmed Yassin10-08-19, 04:42 AM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:51 PM
                                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar11-14-19, 05:01 PM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:52 PM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar12-07-19, 12:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de