السلام على مَنْ عرفتَ، وعلى منْ لمْ تعرِف...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 06:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2019, 02:45 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السلام على مَنْ عرفتَ، وعلى منْ لمْ تعرِف...

    02:45 PM August, 21 2019

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    السلام على مَنْ عرفتَ، وعلى منْ لمْ تعرِف
    سعادة المجتمع في الأخوة والمحبة بين أفراده، ونبينا صلى الله عليه وسلم أقام المجتمع الإسلامي الأول في المدينة المنورة على الأخوَّة والمحبة، والألفة والرحمة، حتى أصبح المجتمع بنياناً وجسداً واحدا، قوياً متماسكا، متآلفاً متحاباً، قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}(الفتح: 29)، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مَثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسَّهرِ والحُمَّى) رواه مسلم. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. ثم شبَّك بين أصابعه) رواه البخاري. قال القاضي عياض: "فيه الحض على تعاون المسلمين، وتناصرهم، وتآلفهم، وتواددهم، وتراحمهم"، وقال النووي: "هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وحثهم على التراحم والملاطفة، والتعاضد في غير إثم ولا مكروه".

    وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عند التقائنا بغيرنا في الطريق إلى كثير من السنن والآداب التي تؤدي للتآلف بين القلوب، وتشيع المحبة بين النفوس، ومنها :

    1 ـ الابتسامة :

    الابتسامة سنة نبوية، وهي أسرع طريق إلى القلوب، وأقرب باب إلى النفوس، ومن الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها، ونبينا صلى الله عليه وسلم مع علو منزلته وكثرة مسئولياته وهمومه كان أكثر الناس تبسُّماً وبشاشة في وجه من يلقاه، وكانت ابتسامته التي اتصف بها لا تفرق بين الغنيّ والفقير، والأسود والأبيض، والصغير والكبير، عرف ذلك وشهد به كل من صاحبه وخالطه، فعن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه الترمذي وصححه الألباني. وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذُ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسم في وجهي) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَحْقِرَنّ من المعروف شيئاً وَلَوْ أن تفرغ من دَلْوِك في إناء الْمُسْتَسْقِي، ولو أن تُكَلِّم أخاك ووجهك إليه مُنْبَسِط (عليه سرور وانشراح)) رواه ابن حبان وصححه الألباني.
    قال ابن علان في دليل الفالحين: "أي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين". وقال ابن بطَّال: "فيه أن لقاء الناس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة".

    أخو البِشْرِ محبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِهِ ولن يعدم البغضاءَ منْ كان عابسا

    2 ـ إلقاء السلام على من عرفتَ، وعلى من لم تعرف :

    إلقاء السلام من السنن النبوية التي تنشر وتزيد المودة والمحبة بين الناس، وقد جعله الله عز وجل من أسباب دخول الجنة دار السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم. قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا تؤمنوا حتى تحابوا) معناه: لا يكمل إيمانكم، ولا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحابب".
    وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، وعلى من لم تعرف) رواه البخاري. قال النووي: "معنى قوله: (تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) تسلم على من لقيته، ولا تخص ذلك بمن تعرف، وفي ذلك إخلاص العمل لله، واستعمال التواضع، وإفشاء السلام الذي هو شعار هذه الأمة". وقال: "وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، والسلام أول أسباب التألف، ومفتاح استجلاب المودة، وفى إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين".
    وقال ابن بطال: "في السلام لغير المعرفة استفتاح للخلطة وباب الأنس، ليكون المؤمنون كلهم إخوة، ولا يستوحش أحد من أحد، وترك السلام لغير المعرفة يشبه صدود المتصارمين المنهي عنه، فينبغي للمؤمن أن يجتنب مثل ذلك".

    3 ـ المصافحة:

    المصافحة عند اللقاء والسلام من الهَدْي النبوي، وهي تعبير عن المحبة والمودة بين المتصافحين، كما أنها تذهب الكراهية، وقد جاء في فضلها والحث عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِرَ لهما قبل أن يفترقا) رواه أبو داود وصححه الألباني. قال المناوي: "(ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان) ذكرين أو أنثيين، (إلا غفر لهما قبل أن يفترقا) فيُسن ذلك مؤكداً .. قال النووي: والمصافحة سنة مجمع عليها عند كل لقاء".
    وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا لقِيَ المسلم أخاه المسلم فأخذ بيدِه فصافحه تناثَرَتْ خطاياهما من بين أصابعهما كما يتناثرُ وَرَقُ الشجرِ بالشِّتاء) رواه الطبراني وصححه الألباني. قال ابن حجر: "الذي دلت عليه صرائح السنة وصرح به النووي وغيره: أنه حيث وُجِدَ تلاقٍ بين اثنين سنَّ لكل منهما أن يصافح الآخر".

    والأحاديث في فضل المصافحة عند اللقاء تشمل مصافحة الرجل للرجل، والمرأة للمرأة، أما مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عنه فيحْرم ولا يجوز، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام) رواه مسلم. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مع عصمته ترك مصافحة النساء في البيعة وغيرها، ونهانا عن ذلك، فعلينا أن نترك ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهانا عنه، لأنه أسوتنا وقدوتنا، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(الأحزاب:21 ). وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد (ما يخاط به من الإبرة ونحوها) خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني وصححه الألباني. قال الصنعاني: "ظاهره ولو بغير شهوة، وفيه تحريم لمس الأجنبية". وقال النووي: "وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه، بل المس أشد".

    4 ـ الكلمة الطيبة :

    الكلمة الطَّيِّبة الصادرة من فمٍ مبتسم وارِفة الظِّلال، حسنة الجمال، زكيَّة تعطّر أنفاس قائليها ومستقْبِليها، سواء كانت عند اللقاء أو المجالسة، وهي من السنن النبوية لكل الناس، وليس لأحد دون أحد، قال ابن القيم: "كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه". وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة) رواه البخاري. قال ابن حجر: "من كان حامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله قولاً بالخير، وسكوتاً عن الشر، وفعلاً لما ينفع، أو تركًا لما يضر".
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكلمة الطيبة صدقة) رواه البخاري، قال ابن عثيمين في شرح "رياض الصالحين": "كلمة طيبة مثل أن تقول له: كيف أنت؟ كيف حالك؟ كيف إخوانك؟ كيف أهلك؟ وما أشبه ذلك.. لأن هذه من الكلمات الطيبة التي تدخل السرور على صاحبك، كل كلمة طيبة فهي صدقة لك عند الله، وأجر، وثواب".

    لقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكثير من السنن والآداب التي تؤلف بين قلوبنا، وتعمق الأخوة في نفوسنا، وتنشر الحب فيما بيننا، عند التقائنا، وفي مجالسنا، وفي معاملاتنا، وفي حياتنا كلها، مثل: الابتسامة والبشاشة، وإفشاء السلام والمصافحة، والكلمة الطيبة والتهادي، والتواضع والرفق، وحسن الخلق والمعاملة، وزيارة المسلم وعيادته إذا مرض، والاهتمام بأمره والقيام بحقه، وقضاء حوائجه .. إلى غير ذلك من الحقوق والآداب التي أمرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم وحثنا عليها بقوله وفعله، والله عز وجل يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(الأحزاب:21) ويقول: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر:7).
    إسلام ويب...

    من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار...
    الكذب من رذائل الصفات وقبائح الأخلاق، وقد حرمه الله عز وجل في كتابه الكريم، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو من أقصر الطرق إلى النار، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) رواه البخاري. قال المناوي: "(وإيَّاكم والكذب) اجتنبوه واحذروا الوقوع فيه، فإنَّه مع الفُجُور. أي: الخروج عن الطَّاعة، وهما في النَّار يُدْخِلان نار جهنَّم". والكذب هو إخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، قال النووي في كتابه "الأذكار": "واعلم أن مذهب أهل السنة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء تعمدت ذلك أم جهلته، لكن لا يأثم في الجهل، وإنما يأثم في العمد".

    وإذا كان الكذب حرام على عموم الناس، فإن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد وأعظم، فإنه من أقبح المنكرات، ومن أكبر الكبائر، فمن خصائصه صلوات الله وسلامه عليه أن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن كذِبَاً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري. قال القاضي عياض: "وإذا كان الكذبُ ممنوعاً فى الشرع جملةً فهو على النبى عليه السلام أشد، لأن حقَّه أعظم، وحق الشريعة آكد، وإباحة الكذب عليه ذريعة إلى إبطال شرعه، وتحريف دينه".
    وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكذب عليه متعمداً بأشد العذاب، وقد تواترت الأحاديث في بيان عِظم حرمة وجريمة الكذب عليه صلى الله عليه وسلم, وأن الكذب عليه ليس ككذب على أحد، وأن من كذب عليه متعمداً فقد تبوأ مقعده من النار. فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن كذبا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري، ورواه مسلم في مقدمة صحيحه. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكذبوا عليَّ، فإنه من كذب عليَّ فلْيَلِجِ النار) رواه البخاري. وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أعظم الفِرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يُريَ عينه ما لم ترَ، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل) رواه البخاري. وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حدَّث عنِّي حديثًا وهو يرَى أنَّه كذِبٌ فهو أحدُ الكاذبَيْن) رواه ابن ماجه وصححه الألباني .

    فائدة :

    الوعيد الشديد الوراد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم على المتعمد للكذب، قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}(الأحزاب:5)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليَّ متعمدا) رواه البخاري. وقال القرطبي في كتاب: "المُفْهِم لما أَشكل من تلخيص صحيح مسلم" في شرح حديث عليّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكذبوا عليَّ، فإنه من يكذب عليَّ يلج النار)، قال: "صَدْرُ هذا الحديث نهيٌ، وعجزه وعيدٌ شديد، وهو عامٌّ في كلِّ كاذبٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومطلقٌ في أنواع الكذب، ولمَّا كان كذلك، هاب قومٌ من السلف الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كعمر، والزبير بن العوَّام، وأنس بن مالك، وابن هرمز رضي الله عنهم، فإن هؤلاء سمعوا كثيراً وحدَّثوا قليلاً، كما قد صرَّح الزبير رضي الله عنه بذلك لمّا قال له ابنه عبد الله رضي الله عنه: إني لا أَسْمَعُك تحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كما يُحَدِّث فلانٌ وفلان؟ فقال: أَمَا أنِّي لم أفارقْه، ولكنْ سمعته يقول: مَنْ كَذَب عليَّ، فليتبوَّأ مقعده من النار. وقال أنس: إنَّه يمنعني أن أحدِّثَكُم حديثاً كثيرا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كَذَب عليَّ... الحديث، ومنهم: مَنْ سَمِع وسكت، كعبد الملك بن إياس، وكأنَّ هؤلاء تخوَّفوا من إكثار الحديث الوقوع في الكذب والغلط، فقلَّلوا، أو سَكَتوا .. غير أنَّ الجمهور: خصَّصوا عموم هذا الحديث، وقيَّدوا مطلقَهُ بالأحاديث التي ذُكِرَ فيها: متعمِّداً، فإنَّهُ يُفْهَم منها أنَّ ذلك الوعيد الشديد، إنما يتوجَّه لمن تعمَّد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الطريقة هي المرضيَّة، فإنَّها تجمع بين مختلفات الأحاديث.. هذا مع أن القاعدة الشرعيّة القطعيّة تقتضي أن المخطيء والناسي غير آثمَيْن، ولا مؤاخذيْن، لا سيّما بعد التحرّز والحذر".

    وفي "فتح الباري" في شرح حديث عبد الله بن الزبير، قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ قال: أمَا إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار، ـ قال ابن حجر ـ: "وفي تمسك الزبير بهذا الحديث على ما ذهب إليه من اختيار قلة التحديث دليل للأصح في أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء كان عمداً أم خطأ، والمخطيء وإن كان غير مأثوم بالإجماع، لكن الزبير خشي من الإكثار أن يقع في الخطأ وهو لا يشعر، لأنه وإن لم يأثم بالخطأ لكن قد يأثم بالإكثار، إذِ الإكثار مظنة الخطأ، والثقة إذا حدَّث بالخطأ فحُمِل عنه وهو لا يشعر أنه خطأ يعمل به على الدوام للوثوق بنقله، فيكون سبباً للعمل بما لم يقله الشارع، فمن خشي من الإكثار الوقوع في الخطأ لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار، فمن ثم توقف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار من التحديث، وأما من أكثر منهم فمحمول على أنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبت، أو طالت أعمارهم فاحتيج إلى ما عندهم فسُئِلوا فلم يمكنهم الكتمان ـ رضي الله عنهم ـ".

    نبينا صلى الله عليه وسلم أكمل البشر في جميع أقواله وأحواله، فما تركه من قول وفعل فتركه أوْلى من فعله، وما فعله ففعله أكمل من تركه، ومن ثم فليحذر المسلم من أن ينسب ولو من قبيل الخطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حديثاً وكلاماً لم يقله، أما الذي يكذب عليه صلى الله عليه وسلم متعمداً فهو على خطرٍ عظيم، لقوله صلوات الله وسلامه عليه: (إن كذبا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري. ومن المعلوم أن من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على المسلم نصرته وتحقيق محبته واتباعه، ولا شك أن من صور ذلك: تحري الصواب والصدق في نقل أقواله وأخباره صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على نقاء شريعته وسنته ..
    إسلام ويب...
    معجزات نبوية في الإخبار عن أمور مستقبلية...
    أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية مستقبلية قبل وقوعها، ثم تحققت ووقعت كما أخبر بها. ومن المعلوم أن الغَيْب أمر وعلم اختص الله عز وجل به وحده، كما قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}(الأنعام: 59)، {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}(النمل: 65). ونبينا صلى الله عليه وسلم كسائر الأنبياء والبشر لا يعلم الغيب، فإذا أخبر عن شيء من الأمور الغيبية المستقبلية، فإنما يخبر بشيء من علم الله عز وجل الذي أطلعه عليه، وأوْحَى به إليه، ليكون برهاناً ودليلاً على نبوته رسالته، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}(الجـن:26: 27). قال البغوي: "{إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} إلا من يصطفيه لرسالته فيظهره على ما يشاء من الغيب، لأنه يستدل على نبوته بالآية المعجزة بأن يخبر عن الغيب".. ومن ثم فإخباره صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية مستقبلية وقعت كما أخبر بها بعد مماته وجهاً من وجوه الإعجاز، ودليلا وعلماً من دلائل وأعلام نبوته صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك كان حسان بن ثابت رضي الله عنه يقول :

    نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مشهد
    فإن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في صحوة اليوم أو غد

    والأمور الغيبية المستقبلية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بها، ووقعت بعد وفاته وِفْق ما أخبر به كثيرة، منها:

    1 ـ انتشار الإسلام :

    من الأمور الغيبية الدالة بتحققها على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم: ما أخبر عنه من انتشار الإسلام وظهور أمره، وبلوغه إلى الآفاق، وهو أمر غيب لا مدخل فيه للتوقع والظنون، فعن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله زوى لي الأرض فرأيتُ مشارقَها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زوي لي منها، وأعطيتُ الكنزيْن الأحمرَ والأبيض) رواه مسلم .
    قال النووي: "وهذا الحديث فيه معجزاتٌ ظاهرة, وقد وقعت كلُّها بحمد اللّه كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، قال العلماء: المراد بالكنزين الذّهب والفضّة, والمراد كنزَيْ كسرى وقيصر، ملِكي العراق والشّام، وفيه إشارة إلى أنّ مُلكَ هذه الأمّة يكون معظم امتدادِه في جهتي المشرق والمغرب, وهكذا وقع، وأمّا في جهتي الجَنوب والشَّمال فقليل بالنّسبة إلى المشرق والمغرب، وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحى يوحى".

    2 ـ فتح مصر:

    بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنهم سيفتحون مصر، وقد تحقق ذلك على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه في العام السادس عشر من الهجرة النبوية، أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم ستفتحون مصر، وهى أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحِمَاً ـ أو قال: ذمة وصِهْرا ـ، قال: فإذا رأيتَ رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها، قال: فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لبنة فخرجت منه ) رواه مسلم.
    قال النووي: "قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به، وأما الذمة فهي الحرمة والحق، وهي هنا بمعنى الذمام، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم، وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم ـ ابن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم، وفيه: معجزات ظاهرة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، منها: إخباره بأن الأمة تكون لهم قوة وشوكة بعده بحيث يقهرون العجم والجبابرة، ومنها أنهم يفتحون مصر، ومنها تنازع الرجلين في موضع اللبنة، ووقع كل ذلك ولله الحمد".

    3 ـ موت فاطمة رضي الله عنها :

    أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها بأنها أول أهله موتاً ولحوقاً به وكان الأمر كما أخبر، فعن عائشة رضي الله عنها: (أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا فاطمة ابنته فسارّها فبكت، ثمّ سارّها فضحكت، فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الّذي سارّك به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبكيتِ، ثمّ سارّك فضحكتِ قالت: سارّني فأخبرني بموته فبكيتُ، ثمّ سارّني فأخبرني أنّي أوّل من يتبعه من أهله فضحكت) رواه مسلم. قال النووي: "وفي الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع، فوقع كما قال، فإنهم اتفقوا على أن فاطمة عليها السلام كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه".

    4 - ومن ذلك إخباره صلوات الله وسلامه عليه بأن الحسن بن علي رضي الله عنه سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من أمته، فقال: (إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) رواه البخاري. وقد حصل ذلك بأن تنازل الحسن لمعاوية رضي الله عنه عن الحُكم وتم الصلح، وفي ذلك عَلم من أعلام النبوة، ومنقبة عظيمة للحسن بن علي رضي الله عنه .

    5 ـ أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم سيموتوا شهداء، وقد تحقق ما قاله وأخبر به. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عُمر رضي الله عنه قميصاً أبيضَ فقال: (ثوبُكَ هذا غسيلٌ أم جديدٌ؟ قال: لا، بل غسيلٌ، قال: البَس جديدًا، وعِش حميداً، ومت شَهيداً) رواه ابن ماجه، وقد قتل أبو لؤلؤة المجوسي عمر رضي الله عنه وهو يصلي الصبح إماماً بالمسلمين سنة ثلاث وعشرين للهجرة النبوية، ليكون مقتله رضي الله عنه علامة من علامات نبوته صلوات الله وسلامه عليه.
    وأما عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما استأذن عليه عثمان رضي الله عنه: (ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه) رواه البخاري، وقد لقي عثمان بن عفان رضي الله عنه ربه شهيدا .
    وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه: فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيموت شهيداً، ولعلم ويقين علي رضي الله عنه بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيقتل ويموت شهيداً، فإنه ما كان يخاف على نفسه الهلكة من أي مرض يصيبه، فعن أبي سنان الدؤلي أنه عاد (زار) عليًّا رضي الله عنه في شكوى له شكاها، فقال له: "لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكني والله ما تخوّفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول: (إنك ستُضرب ضربةً ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقة أشقى ثمود) رواه الحاكم وصححه.

    6 - ومن ذلك: تبشيره صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بالجنة، وما عُلِمَ أن واحداً من هؤلاء المبشرين ارتد عن دينه أو عمل عملا ينافي هذا التبشير. مثل قوله صلى الله عليه وسلم عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: (مَن سرَّهُ أن ينظرَ إلى شهيدٍ يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحةَ بن عُبَيْدِ اللَّه) رواه الترمذي .

    7 - ومن هذه الأمور الغيبية المستقبلية التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم: إخباره بأن النبوة قد انتهت، وأنه لا نبي بعده، قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(الأحزاب : 40)، وقال صلى الله عليه وسلم: (وأنا خاتم النبيين) رواه مسلم.. وقد مضى على ذلك أكثر من أربعة عشر قرناً، ولم يأتِ نبي ينقض قوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، اللهم إلا بعض من ادَّعاها كذباً وزورا، وقد حذر صلى الله عليه وسلم منهم، فقال: (لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله) رواه مسلم.

    السيرة النبوية مليئة بالكثير من الأمثلة في إخباره ونبؤته صلى الله عليه وسلم عن أمر غيبي مستقبلي وقع كما أخبر به، وهذه المغيبات التي أخبر بها صحابته الكرام نُقِلَت إلينا بأسانيد صحيحة ثابتة لا يرقى إليها أي شك أو شبهة، وفي ذلك دلالة واضحة وضوح الشمس على نبوته صلوات الله وسلامه عليه، وعلو قدره ومنزلته، و أنه رسول من عند الله لا ينطق عن الهوى كما قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}{النَّجم 4:3).
    إسلام ويب...








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de