الروح ما بتروح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 12:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-06-2019, 09:59 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الروح ما بتروح

    09:59 AM August, 06 2019

    سودانيز اون لاين
    adil amin-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    الروح ما بتروح

    عادل الامين

    الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 15:59
    المحور: الادب والفن







    عندما جاءني هذا الخبر الجلل عبر التلغراف بان أخي الأكبر حسن ارتكب جريمة قتل في انداية بت بعشوم في بلدتنا النائية في أقصى الشمال ، نزل علي كالصاعقة،أخي حسن الذي تكفل برعايتنا بعد وفاة الوالد منذ أمد بعيد،أخي الذي دفعني لدراسة القانون في جامعة الخرطوم وتعهدني برعياته حتى أضحيت قاضي محكمة عليا،يرتكب جريمة قتل ، بهذه البساطة ودون دوافع حقيقية،يذبح رجل في الانداية من الوريد إلى الوريد بعد أن يسدد له خمس طعنات نافذة في القلب ،جريمة قتل من الدرجة الأولى ،لن ينجوا من الإعدام..دارت هذه الأفكار السوداء في عقلي المجهد وانا اقلب أوراق القضية أمامي في طريقي لزيارته في سجن المدينة..
    كان ينتظرني بهدؤه الحزين ونظرة الشعور بالذنب التي لم تفارق عينيه منذ أن كنا صغار في البلدة..نهض وسلم علي بالأحضان وجلست قبالته وحدقت في عينيه مليا وانبريت
    - حسن..أنا أخوك ولست قاضي محكمة عليا ،أصدقني القول ودعك من الإفادات المشوشة وغير المنطقية التي أدليت بها في كل مراحل التحقيق بأنك قتلت رجل لا تعرفه لأنه سبك وأهانك على الملا وبسكينك التي تحملها منذ عقود ولم نراك تذبح بها حتى خروف العيد...أنت لم تقتل الرجل..وقلبي أيضا يخبرني بذلك وأنا الأثير عندك دون سائر الأخوان والأخوات وأنت الذي دفعتني لدراسة القانون..أنت لا ترتكب جريمة بهذا الغباء والتهور... أليس كذلك ؟!
    حدق في حسن مليا وتنهد وردد كلمات غريبة بصوت هامس يقطر ندما "الروح ما بتروح يا احمد" وأردف
    - أنا لم اقتل الرجل..ولا اعرفه حتى..كنت اجلس في الركن اشرب نصيبي من المريسة وسكيني معلقة في مسمار جواري..وهم يتنازعون ..وهؤلاء أصلاً يعملون في سوق البهائم ويأتون لتصفية حساباتهم في الانداية، كان صياحهم المزعج مع امتلاء مثانتي بالبول السبب الأساسي الذي دفعني للخروج إلى الخور لأتبول وكما ترى..أن الخور يبعد مائة متر والتبول يستغرق وقتا بعد احتساء صفيحة مريسة ..سمعت الجلبة والصياح يزداد وشاهدتهم يتراكضون هاربين..قفلت راجعاً ووجدت سكيني الملوثة بالدم ملقاة عن الباب حملتها ودخلت ، لأجد رجل يتخبط في دمائه وخرجت صاحبة الانداية تولول..ورأت السكين في يدي والرجل عند قدمي يحتضر وأدلت بشهادتها على ضوء ما رأت ..هذا هو كل ما في الأمر.لم اقتله يا أخي وأنا اشهد لك أنت فقط..
    بدت لي فعلا أنها القصة الحقيقية وهذا أخي وإنا اعرفه جيدا لا يكذب ابداُ ولكن لماذا اعترف بقتله الرجل في كل محاضر التحقيق؟! ،ولماذا يعترف أخي بقتل رجل لا يعرفه؟!..تملكني غضب شديد
    - لماذا إذاً تريد تحمل جريمة قتل لم تقترفها..لماذا تريد أن تموت هكذا؟؟
    - الروح ما بتروح يا اخي
    قال ذلك وتهدج صوته،انبريت له
    - لماذا تردد هذا المثل بين الفينة والفينة ..ما علاقة هذا بالأمر الذي نحن بصدده الآن
    - نعم أنا لم اقتل الرجل والله على ما أقول شهيد ولكن هل تذكر يا أخي قبل عشرين عاما تلك العروس التي جاءت مع زوجها الغريب تقيم في بلدتنا واختفت وقيل خطفها التمساح وفقد زوجها عقله وجلس يناجيها جوار الشاطي سنين طوال؟!!
    قاطعته مستدركا
    - المرحومة محاسن وزوجها الطاهر !!
    فقد أربكني الأمر لوهلة وحدقت في أخي مليا ولم يسعفني طويلا وألقى باعتراف زلزل كياني
    - أنا قتلتها بنفس هذه السكين اللعينة يا أخي ونهبت حليها وذهبها ودفنتها جوار الطاحونة القديمة..ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش جحيم حقيقي..دفعني لمعاقرة الخمر..كل ما غمض عيني أراها تمسك بخناقي وتزعق في وجهي "لماذا قتلتني؟"و..
    صعقتني الدهشة وأطلقت سيال من التداعيات والشجون وبدأت الحقيقة تتجلى أمامي
    - و..ماذا .؟؟.هل اغتصبتها أيضا ؟!!
    قفز كالملسوع وكاد يصفعني وانبرى لي غاضبا
    - معاذ الله..لست بهذه الوضاعة..فقط كان ينقصني المال لشراء التراكتور من البنك الزراعي لفلاحة أرضنا وكما ترى أن موسم زراعة البصل آن ذاك هو الذي جعلني من الأثرياء، كنت صغيرا وفي ذلك العمر لا يقدر الإنسان فداحة ارتكاب الجريمة والأمور التي تقف أمام أحلامه المشروعة..
    أشعرني بالذنب لتسرعي فأردفت مهدئا خواطره..
    - آسف جدا يا أخي الحبيب..أنت أسمى من ذلك بكثير..نحن لا نعرف الزنا والاغتصاب وهذا النوع من الجرائم المشينة..
    بعد كل هذه السنين الطويلة التي تصل إلى عقدين ،حرر اعتراف أخي حسن كل المواجع واستطاع أن يجد ايجابيات لأشياء كثيرة استعصت على فهمي تماما آن ذاك...
    " ظل أخي يلي عناية خاصة بزوج المغدروة محاسن الرجل الغريب الطاهر الذي فقد عقله واتخذ ظلال الأشجار مسكنا وظل ينوح عليها عند الشاطئ..كان يجبرنا أخي نحن أخوانه وأبناءه بان نمسك الطاهر بالقوة ونأتي به إلى المنزل بأسماله البالية..كان أخي يقوم بحلاقة شعره وتحميمه وإلباسه ملابس نظيفة بنفسه..لازلت اذكر أن الرجل المختل والمفطور القلب يسب أخي بأقذع الألفاظ عندما يدخل الصابون الحارق في عينيه "أنت داير عندي شنو يا لوطي؟!!..أنت أمي !!أنت أبوي!! تحميني ليه ؟!!.. ما داير استحمى ..فكني انعل دينك !!"ويركله بقسوة ،وأخي يحتمل ذلك في صبر جميل ..واذكر أن ابن أخي مرة استاء من الطاهر عندما كنا نمسك به ونقيده لإحضاره إلى البيت..بعد أن ركله في مكان حساس، فلطمه في انفه وأسال دمه..غضب حسن وحمل سوطه وسكب جام غضبه علينا وعلى ابنه المسكين..وبعد قمنا بتقيد الطاهر في العمود،طفق حسن يمسح الدماء عن انفه في حنو بالغ..والرجل ويرغي ويزبد.."
    حدقت في وجه أخي الجليل الذي كساه الارتياح النبيل بعد أن أدلى باعتراف خطير انزل عن كاهله إصر انقض ظهر ه سنينا عددا، وفات علينا إدراكه ورعاية أخي المستمرة والغربية للطاهر دون سائر أثرياء البلدة أمام ناظرنا . ويثير حفيظتنا ،كنا تحت السخرة الحميدة ، مجبرين أن نحمل للطاهر الطعام عند الشاطئ،عند مرسى البواخر النيلية..ونتركه يأكل الطعام حتى أخر قطعة خبز ويقذفنا بالأواني الفارغة ،ثم يعود لنواحه المؤلم ،يناجي زوجته الراحلة محاسن التي خطفها التمساح وهي تتجول ليلا عند الشاطئ .. ولم يعثر لها على اثر ."
    - إذا أنت كنت تعتني بالطاهر لهذا السبب..
    - نعم فطرت قلبه المسكين..ليته يسامحني الآن..وأتمنى ان يطهرني الموت الآن وأقابل ربي بقلب سليم..
    نظرت إلى وجه أخي الطيب وتداعت شجون من نوع خاص
    " في يوم جاءت الباخرة كربكان من دنقلا تقل الحجيج في طريقها إلى كريمة ثم عطبرة إلى بورتسودان بالقطار في طريقهم إلى الأراضي المقدسة ، كان الطاهر يجلس ساهما في ظل شجرة اللبخة الظليلة يحدق في الأفق البعيد..نزل احد الحجاج الدراويش من أبناء جبال النوبة الذين يقيمون معنا في الشمال بملابسه الخضراء والمسبحة التي تتلوى حول عنقه وتقدم نحو الرجل المجنون دون وجل وجلس قبالته ووضع يده على رأسه واخذ يتمتم كلمات غريبة بلغة أهل الجبال ونحن نرقب عن كثب أن ينفجر الطاهر كالديناميت ويشمت بالرجل الغريب ولدهشتنا حدث العكس تماما..احتضن الطاهر الرجل وبكى بحرقة ونهض ممسكا بيد الرجل وعاد معه إلى الباخرة المؤذنة بالرحيل..تملكنا الرعب الشديد،كيف نواجه أخي برحيل الطاهر مع حجيج الباخرة..وعدنا إلى البيت نتخافت..نقدم رجل ونؤخر الأخرى ولكن ابن أخي الذي عانى الأمرين من الطاهر ،انبرى في تشفي قائلا..
    - أبي.لقد رحل الطاهر إلى الأراضي المقدسة..أخذه احد حجاج دنقلا معه..
    ولدهشتنا..انبسطت أساريره وأضاءت وجهه ابتسامة نادرة..
    - حسنا فعل.. ..الدنيا مقام غريب يا أولادي أكرموا الغرباء، لقد.جاء الطاهر غريبا ومضى غريبا كسيرا حزينا مفطور الفؤاد ، نرجوا أن يغفر لنا ما فعلناه به ويدعو لنا عند بيت الله الحرام...
    انتهى وقت الزيارة ،نهضت مودعا أخي بحرارة.. وخرجت اجر أقدامي إلى الخارج ،تحت ثقل الصدمة والأفكار التي اجتاحت كياني...والشعور البغيض الذي لم يجترحني طيلة عملي في وزارة العدل السودانية.. وأنا اصدر إحكامي الرادعة وفقا للقرائن والأدلة وإفادة الشهود ، دون الانتباه للعدالة العليا المهيمنة على كل ذرة في الكون بالقسط والقسطاس... والقضاء والقدر...
    ******
    جئت مع لفيف من أهلي المكلومين إلى محطة السكة الحديد لوداع أخي حسن الأخير ، الذي سيرحل بالقطار إلى السجن المركزي في الخرطوم لتنفيذ الحكم..كان يرفل في قيوده ويبدو ساكن النفس..ظلت الزغاريد والأهازيج المشجعة تعكر صفو المكان، اخذ يحدق إلي بعينيه النافذتين وغير آبه بأسرته وبقية أفراد العائلة..الذين غمرت أعينهم الدموع ، وهو يحدق في وجهي والقطار يتحرك مبتعدا يتلوى، اختفت كل مشاعر الذنب التي كانت تكسو وجهه النبيل ..وحل مكانها صفاء وسكينة ،لا تطل إلا من وجه إنسان..غير مجبول على ارتكاب جرائم مشينة أو تعايش معها ،كجريمة القتل العمد والقتل غير المبرر..نفس ذكية أرادت أن يطهرها الموت من دنس الحياة ومباهجها الزائفة وينقيها كالثوب الأبيض الذي يرتدي جل أهلنا في الشمال...عند جبل البركل العظيم، والحكمة المتجلية التي حفظتها الصخور وحملتها الصدور عبر العصور،وحضارة كوش العظيمة"
    إنني لا أكذب
    ولا اعتدي على ملكية غيري
    ولا ارتكب الخطيئة
    وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء
    إنني لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل
    ولا أقبل رشوة لأداء عمل غير شرعي
    ولا أدفع بخادم استجار ني إلى صاحبه
    ولا أعاشر امرأة متزوجة
    ولا انطق بحكم دون سند
    ولا انصب الشراك للطيور المقدسة
    أو اقتل حيوانا" مقدسا"
    خليوت بعانخي-معبد البركل"
    ****
    من مجموعة حفيف الاجنحة دار سندباد القاهرة








                  

العنوان الكاتب Date
الروح ما بتروح adil amin08-06-19, 09:59 AM
  Re: الروح ما بتروح adil amin08-06-19, 10:07 AM
    Re: الروح ما بتروح adil amin08-07-19, 04:34 AM
      Re: الروح ما بتروح adil amin08-07-19, 04:40 AM
        Re: الروح ما بتروح adil amin08-08-19, 05:31 AM
          Re: الروح ما بتروح adil amin08-08-19, 05:35 AM
            Re: الروح ما بتروح adil amin08-17-19, 03:32 AM
              Re: الروح ما بتروح adil amin01-01-20, 12:34 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de