سهير عبدالرحيم تكتب في بيتنا شهيد .. علي لم يعد الى البيت #

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-20-2019, 11:17 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سهير عبدالرحيم تكتب في بيتنا شهيد .. علي لم يعد الى البيت #

    11:17 AM June, 20 2019

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر






    رسالة نصية تلقيتها على هاتفي لم تتجاوز أربع كلمات (أخوي الصغير استشهد ياسهير) تلك كانت كلمات الأخ والزميل والإعلامي والناشط في مجال العمل الطوعي يوسف الفاضل ، نعم لقد استشهد شقيقه علي الفاضل (٢٩) عاماً في مجزرة ساحة القيادة العامة . لم أفق من هول الصدمة إلا حين وقفت أمام منزلهم العتيق الكائن بحي الخرطوم (٣)، قابلني يوسف وهو لا يقوى على الوقوف أو الحديث تمالك نفسه قليلاً وأدخلني الى حيث يرقد والده ، عم الفاضل … يا الـله ….يالها من لحظات غريبة أن تقف أمام أب لتقول له الفاتحة على روح ابنه ، رأيته هناك عم الفاضل رجل سوداني أصيل يرتدي العراقي ويتجاوز عمره السبعين عاماً يرقد طريح الفراش يتوسد آلامه ، ويلتحف حزنه ، يغطي جسده بغطاء لا هو بطانية تدفئه ولا هو ملاءة تشعره ببرودة الغرفة . الرجل لا يعبأ بشيء ولا يهتم بدرجة حرارة الغرفة المنخفضة ، هو ينظر في اتجاه واحد فقط لا يحيل بصره عنه لحظة… تلك كانت صورة ابنه الشهيد (علي ) تزين الجانب الآخر من الحائط . حاول يوسف أن يخبر أباه أن هذه أستاذة سهير التي تحبها يا أبي وتعشق كتاباتها ، ولكن عم الفاضل اكتفى بإيماءة من رأسه لا يهمه شيء البتة، فقط صورة (علي) على الحائط . استدرت للصورة وجدت علي يبتسم فيها ابتسامة عريضة ، يتكئ على ما يشبه السور ، يضج شباباً وقوة وحيوية ولا يخلو من وسامة بادية للعيان . التفت لعم الفاضل وقلت له ربنا يرحمه ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، رد عم الفاضل بآهة عميقة كانت كافية لإحراق الغرفة وقال (الحمد لله ) ، ترقرقت الدموع في عينيه فسحب نظارته الطبية بيد مرتعشة ومسح تلك الدموع بكفه قبل ان تتجاوزه الدموع عنوة و تطفر الى وسادته الخالية . تمنيت لحظتها ان تنشق الأرض وتبتلعني ، ماهي العبارات المناسبة التي يجب أن أقولها لعم الفاضل لأخفف عنه لا أدري حقيقة ماذا أقول ؟ ولا ادري ما طبيعة تلك القلوب التي تقتل بدم بارد دون ان يرجف لها طرف ، أي قوم هؤلاء الذين جعلوا العيد ميتماً في بيت عم الفاضل .؟ أي قوم هؤلاء الذين لم يتركوا لخبيز العيد ان يفتل ، ولحلواه أن تغادر تغليفتها ولزجاجات العصير ان تعبأ ، اي قوم هؤلاء الذين أحاطوا صور علي في منزله بشريط الحداد الأسود وتركوا جلابية العيد في دولابه دون عطر وهاتفه دون شحن وسيارته دون ان يدار محركها . أي قوم هؤلاء الذين قرروا أن هذه نهاية حياته وأن شهادته الجامعية من كلية التقانة لا تعدو أن تكون مجرد ذكرى على الحائط، وان غرفته ومخدعه مغلق حتى إشعار آخر . أصعب اللحظات في منزل عم الفاضل سؤال أحفاده الصغار وين خالو علي ..؟؟

    2
    حين ودع (علي) ست الشاي (زمزم) التي تبيع الشاي قرب منزلهم لم يحمل حديثه معها إلا روح التفاؤل حين قال (بعد العيد بإذن الله ح نحتفل يا زمزم بالحكومة المدنية )، ثم دس في يدها بعض النقود قائلاً هذا باقي حسابي، وخلي الباقي عشان حاجات العيد وبكرة مافي داعي تجي للشغل الخرطوم ح تكون زحمة.
    حمل (علي) صينية افطار رمضان لبعض المشردين والمتسولين على ناصية شارع القسم الجنوبي كما أعتاد طيلة أيام الشهر الفضيل وحمل حقيبة المبيت المعتادة في القيادة العامة، تسامر قليلاً مع والده وأخواته، وغادر منزله الى حيث قضيته وثورته وتروسه، الى حيث الندوات والمحاضرات والمخاطبات والاهازيج والفرح.

    لم يكتف علي في ذلك اليوم بالمشاركة كتابة فقط على صفحته في الفيس بوك، بل أطلق لايف على صفحته بعد صلاة التراويح يدعو الجميع لصبها في القيادة، بعدها تلقى مكالمة من اخته تطلب منه ان يعودوا الى البيت ثلاثتهم علي وشقيقها الآخر يوسف وزوجها، قالت له: (الناس قالوا الجماعة دييل ناوين يفضوا الاعتصام).
    رفض (علي) العودة الى منزلهم وفضّل المبيت في القيادة، وطمأن شقيقته بأنه تناول وجبة السحور ويستعد لأداء صلاة الصبح، وان شقيقه يوسف بعيد عنه في الاتجاه الآخر بالقرب من قيادة القوات البرية ولكنه بخير.
    أضجع (علي) وهو يحلم بالمدنية، ونام قرير العين، وحين يتقلب يمنة ويسرى لا يشاهد إلا أسوار مباني القيادة العامة، ويرى في ما يرى النائم جنوداً أشاوس يحرسونه ويذودون عنه ويفتدون الوطن بالدماء …!!
    لم يكن يعتقد أن الرصاص سيحصدهم مثل سنابل القمح تتداعى عند قطفها دون ان تملك شوكاً او رائحة نتنة او عصارة قاتلة تدافع بها عن نفسها، مثلما تفعل سواها من شجر الصبار والعُشر.

    هؤلاء هم الشهداء حقاً تتمثلهم المقولة القديمة المتجددة شجرة الصندل تعطر فأس قاطعها، لا يحملون البنادق ولا يلتحفون الكلاشات ولا يتمترسون خلف الدوشكا، إنهم يحملون القضية ويلتحفون الديمقراطية ويتمترسون خلف حرية سلام وعدالة.
    حكى لي يوسف في ما حكى أنه وعند بداية الهجوم، تفاجأوا بقوات والرصاص ينهال عليهم من كل حدب وصوب مع ارتكاز واضح للقناصة على أسطح مباني مجاورة، قال يوسف: اتصلت فوراً على (علي) ولكن تلفونه لم يستجب وبعدها انقطع الاتصال، وفي تلك الاثناء حدث هرج ومرج، وكانت كل الاتجاهات تؤدي الى الرصاص، وجميعها مترسة بالموت.
    زحف يوسف على بطنه حتى وصل بوابة نادي الشرطة بري من الجهة الشمالية الشرقية للقيادة، فوجد سيارات مصطفة على كل الجوانب، وحسب وصفه كانت القوات على الأرض بكثافة، وقد انهالوا عليه بالسياط والعصى الغليظة، والرصاص العشوائي ظل يمطرهم بلا هوادة.. ركض يوسف وزحف على بطنه إلى أن وصل منزلهم بالخرطوم (٣) هنالك أدرك أن (علي) لم يصل البيت …!!
    خرج من المنزل يبحث عن شقيقه، ووجد أن كل الطرق لا تؤدي الى القيادة العامة، لم تعد القيادة هي القيادة ولم يعد الأمان هناك هو الأمان.
    توجه من فوره الى مستشفى المعلم.. بحث بقلب الأخ عن شقيقه بين الجرحى فلم يجده.. سأل أحد الأطباء عن بقية الحالات فأجابه الطبيب بأن هناك سبع حالات وفاة فورية في الغرفة المقابلة.
    دخل يوسف وهو يرفع الأغطية عن وجوه الشهداء الواحد تلو الآخر وهو يمني نفسه بألا يكون الوجه القادم وجه شقيقه، حتى جاء الغطاء الذي يرقد جثمان (علي) تحته.
    خارج السور

    استشهد علي وهو يحاول إسعاف أحد الجرحى..
    كان الجريح يتوكأ على كتف (علي)، وحينها قرر أحد القناصة على الأسطح أن الطلقة القادمة يجب أن تكون من نصيب هذا الشاب الشهم الذي رفض أن يجري ويترك خلفه جريحاً.








                  

06-20-2019, 06:45 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48793

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سهير عبدالرحيم تكتب في بيتنا شهيد .. علي لم (Re: زهير عثمان حمد)

    نسأل الله أن يتقبل الشهيد علي مع المقربين من عباد الله الصالحين وأن ينزل برد اليقين والرضا على قلوب والديه وإخوته وأهل وأحبابه، وأن يحسن خلاص الوطن الحبيب من أعداء الإنسانية وأعداء العدالة، أعداء السلام والمحبة.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de