الناظر لتاريخ قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو " حميدتي " و صعوده السريع للأضواء والسلطة في السودان ، يجد تشابه كبير بينه وبين الزبير باشا رحمة في الطموح الجارف و المكر والدهاء . التعليم المحدود و الإحاطة بأبجديات القراءة والكتابة هو شئ اخر يتفقان فيه . القاسم المشترك بينهما هو امتهان التجارة في مرحلة الشباب ثم تكوين وقيادة المليشيات المسلحة لتحقيق الطموح الشخصي الذي لا يخلو من عمالة لجهات اجنبية . أما المسرح الذي ظهر فيه كل من الزبير وحميدتي فهو نفس المسرح القديم : دارفور المنكوبة و مناطق الهامش المجاورة لها . الزبير كان تاجر رقيق شجعته الأرباح التي تحصل عليها لتكوين مليشيات مسلحة تدين له بالولاء الشخصي . تكونت مليشيات الزبير في ظروف تشبه عهد الإنقاذ الا و هي عهد التركية السابقة : ظلم و ضرائب باهظة و فساد حكام . استعملتها التركية لضرب خصومها وتصفية حساباتها مع القبائل في دارفور . و قامت هذه المليشيات على تكاتف مجموعة من أقارب الزبير رحمة ومحاسيبه حوله مع جيش من الرقيق الذي يملكونه وقد ذكر ذلك الزبير في مذكراته و من أقاربه المعروفين ابن عمه عبدالقادر . بدأت مليشيات الزبير بالدعم الذاتي من تجارة الرقيق و دعم الاستعمار التركي لها بالرواتب لخدمة أهدافه الخاصة . ظهر الزبير باشا كقوة كبيرة في ديم الزبير ببحر الغزال ثم قاد مليشياته لغزو دارفور . هناك اعتدى على قبيلة الزريقات وغيرهم البقارة و هزمهم وغزا دار المساليت واستهدف قبائل التاما والقمر وغيرها من قبائل دارفور و روع الأهالي واهلك الحرث والنسل . مولته الخديوية المصرية بالسلاح فاعتدى على سلطنة دارفور العريقة وقتل السلطان ابراهيم قرض في معركة منواشي 1874 و خرب ملكها ثم سلمها للخديوي المصري . بنفس الطريقة حميدتي كذلك بدأ بتجارة الإبل والحمير و لو كان هناك تجارة رقيق في زمننا هذا لكان هو أول من اشتغل فيها . دفعه الطموح الشخصي لتكوين المليشيات التي استهدفت نفس القبائل التي استهدفها الزبير باشا في دارفور فقتل و شرد وسحل و احرق الأراضي .نفس المرحلة العمرية ، بداية الأربعينات و نفس التعليم المحدود والمكر وسوء الطوية جعلوا نظام البشير يجد فيه ضالته و يدعمه بالمال والسلاح . نفس الضحايا الأبرياء في دارفور و نفس السلطة الفاسدة المتعطشة للدماء في المركز هي التي شجعته كما شجعت الزبير في التاريخ . الارتزاق من العمالة للخارج هو وجه الشبه الأخير بين حميدتي والزبير باشا . حملات الزبير باشا لاصطياد الرقيق في بحر الغزال و جبال النوبة و دارفور هي التي مولت التركية بالجنود والعبيد . و تحدث الزبير في مذكراته عن مشاركته بجنوده في الحرب التركية الروسية 1877 وقبض الأجر على ذلك . اليوم حميدتي يعيد نفس التاريخ بتمويل الحرب الخليجية اليمنية بالرجال مقابل المال ويسعي لتكوين نفس الامبراطورية المبنية على الدماء و الجماجم . شئ اخير : الزبير باشا حاول غردون ان يستغله ليحارب به الثورة المهدية و لولا ان الإنجليز كرهوا ماضيه في تجارة الرقيق لوافق الزبير وعمل على اجهاض الثورة . النسخة المطورة من الزبير باشا هي حميدتي و الفكرة المشتركة هي محاولة اجهاض الثورات الشعبية بأموال الخارج والعمالة . التاريخ يعيد نفسه والقاسم المشترك : لوردات الحرب .
06-18-2019, 10:42 PM
Yasir Elsharif
Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782
Quote: ظهر الزبير باشا كقوة كبيرة في ديم الزبير ببحر الغزال ثم قاد مليشياته لغزو دارفور . هناك اعتدى على قبيلة الزريقات وغيرهم البقارة و هزمهم وغزا دار المساليت واستهدف قبائل التاما والقمر وغيرها من قبائل دارفور و روع الأهالي واهلك الحرث والنسل . مولته الخديوية المصرية بالسلاح فاعتدى على سلطنة دارفور العريقة وقتل السلطان ابراهيم قرض في معركة منواشي 1874 و خرب ملكها ثم سلمها للخديوي المصري .
06-19-2019, 02:19 AM
نادر الفضلى
نادر الفضلى
تاريخ التسجيل: 09-19-2006
مجموع المشاركات: 7022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة