ساعات الترقب التي سبقت إعلان البشير أظهرت إتجاهاً مقلقاً بعض الشئ في الوسائط الاجتماعية، و هو توقع عدد مقدر لتنحي البشير بهذه السرعة. هذا الإتجاه مقلق لأنه قد يعني أن جزءاً مقدراً قد يكون لديه إستعداد نفسي لتقبل صيغة ما تستولي فيها القوات المسلحة على السلطة ، بدون شغل أنفسهم بسؤال ما إذا كانت صيغة الإستيلاء هذه ستحقق أهداف هذه الإنتفاضة.
إذا إستمرت الإحتجاجات و هو المتوقع و المأمول فمن البديهي أن الخطوة الأولى في إنهيار النظام ستكون تدخل القوات المسلحة، لان الخيار الوحيد الاخر هو إزاحة النظام بقوة عسكرية غير القوات المسلحة، و هو مستبعد و غير مرغوب فيه أساساً. تدخل القوات المسلحة لن يحدث نتيجة للإستجداء و التحنيس، بل سيحدث لأنه سيكون الخيار الوحيد المتبقي لقيادة الجيش إذا تصاعدت الإحتجاجات و العصيانات بصورة تشل الدولة.
تدخل الجيش لتسليم السلطة يختلف تماماً عن إستلام الجيش السلطة لنفسه عن طريق تكوين مجلس عسكري إنتقالي يكون هو السلطة العليا. الأول هو نتيجة منطقية لتصاعد الإحتجاجات و الثاني هو خطوة أولى في سرقة الثورة و تمييع أهدافها و ليس بالضرورة أن يتبع الأول.
قيادة الجيش أو أي مجلس عسكري سيادي لن يكون جهة محايدة سياسياً أو منحازة للإصلاح الجذري. سيكون جهة لها إرتباطاتها بأجنحة الإسلاميين المختلفة ، و تشمل المؤتمر الشعبي ، و بشبكات النفوذ و الفساد ، و بأجندة دول أخرى بالذات الإقليمية. مصالح هذه الجهات بالضرورة ستتعارض على الأقل جزئياً مع أهداف هذه الإنتفاضة و منها إيقاف الحرب و الإصلاح الاقتصادي و محاربة الفساد و التحول الديموقراطي.
الخطاب المستجدي للقوات المسلحة ، بالذات ذلك الذي لا يميز بين تسليم الجيش للسلطة و إستلامه لها خطاب غير مسؤول، و يهدد مسار هذه الإنتفاضة في لحظات التغيير المفصلية التي يصعب التكهن بوقت حدوثها. يهدد مسار الإنتفاضة لأنه يهيئ جزءاً من الرأي العام نفسياً لتقبل مجلس عسكري إنتقالي.
بيانات تجمع المهنيين السابقة طالبت ب(حكومة تكنوقراط ) و (سلطة إنتقالية مدنية ) ، هذه الصيغة حمالة أوجه فيمكن تفسيرها من قبل البعض كحكومة تكنوقراط مدنية بينما تبقى السلطة السيادية لمجلس عسكري و بالضرورة سيكون للمجلس العسكري سلطة حل الحكومة و إستبدالها، و هي صيغة غير مقبولة لأنها ستجعل القرار النهائي بيد الجيش ، بصورة أسوأ من تلك التي أعقبت إنتفاضة أبريل 1985
لقد حان الوقت أن يطالب تجمع المهنيين صراحة بمجلس سيادي إنتقالي ، تكون الغالبية العظمى عضويته من تجمع المهنيين و القوى السياسية المتحالفة معه و شخصيات قومية ديموقراطية، و أن تخضع لهذا المجلس كل أجهزة السلطة الإنتقالية بما فيها حكومة التكنوقراط و القوات المسلحة نفسها.
قد يرى البعض أن سقف المطالبة بمجلس سيادي مدني هو سقف عال، أنا لا أرى ذلك ، و لكن حتى من أراد تحقيق سقف أقل فالإنبراش من البداية و المطالبة بالسقف الأدنى ليس الطريقة الأفضل لتحقيق أكبر قدر من التنازلات.
مصدر قوة تجمع المهنيين الأول هو تأثيره على الجماهير، المطالبة الواضحة من تجمع المهنيين بمجلس سيادي إنتقالي سيوضح سقف المطالب بصورة لا لبس فيها لهذه الجماهير، و سيحتفظ لتجمع المهنيين بزمام المبادرة ، و بالقدرة على تحريك هذه الجماهير ضد أي محاولة لسرقة الثورة بواسطة العسكريين و حلفائهم من مراكز القوى و الإنتهازيين عند الحظات المفصلية.
تجمع المهنيين يمثلني
(عدل بواسطة amin siddig on 02-24-2019, 03:15 PM) (عدل بواسطة amin siddig on 02-24-2019, 03:17 PM) (عدل بواسطة amin siddig on 02-24-2019, 03:20 PM) (عدل بواسطة amin siddig on 02-24-2019, 03:24 PM)
العنوان
الكاتب
Date
يجب أن يطالب تجمع المهنيين بمجلس سيادي مدني و ليس مجرد حكومة تكنوقراط
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة